تتكرر تجربة النمور الاقتصادية الآسيوية في منطقة شرق ووسط إفريقيا حاليًا بمجموعة من الدول طوت صفحة الماضي بحروبه الداخلية ونزاعاته القبلية وتمردت على واقعها الصعب، فوجهت دفتها صوب الاهتمام بالتنمية البشرية وتحسين مناخ الأعمال وأصبحت تتصدر التصنيف العالمي في معدلات النمو الاقتصادي.
لا يخطر على بال الكثيرين أن بعض الدول الإفريقية التي كانت حتى وقت قريب مجرد قبائل تقليدية تحافظ على ملابسها العارية ونمط عاداتها الغريبة، أصبحت مهًدا للشركات الناشئة في التكنولوجيا عالميا أو أنها سبقت الكثير من الدول في منطقة الشرق الأوسط ومنها الدول الخليجية بثرائها في الشمول المالي وتقليل استخدام النقود الورقية ووضع قوانين مشجعة للاستثمار الأجنبي تسهل المعاملات في دقائق معدودة ومن شباك واحد فقط.. لم تعد جهورية للشاي.. كينيا الحاضن الأول للتكنولوجيا المالية في إفريقيا.
آمنت بعض الدول وسط إفريقيا بالبشر كعنصر لتحقيق النمو الاقتصادي رغم ثرائها بالموارد الطبيعية وأنفقت وفق المستطاع على تأهيلهم للقيادة تعليميا وصحيًا، فجنت المكاسب سريعًا دون أن تهجر الحرف التقليدية الدارجة لتضع المستقبل بجوار الماضي في خطة واحدة هدفها الانطلاق نحو الأمام..
تحررت دول جنوب الصحراء الإفريقية من إرث الاستعمار السحيق والخضوع لذوي البشرة البيضاء، وعرفت قيمة نفسها ومواردها وطاقتها، فغيرت التوزيع الجغرافي لصادراتها خلال العقد الأخير من التركيز على الاتحاد الأوروبي لصالح التجارة الإقليمية أو التكتلات الاقتصادية الجديدة، وبدأت تغير في أفكارها تجاه التصدير من المواد الخام إلى الخدمات التي باتت تشكل قيمتها 50 مليار دولار، وتتضمن خدمات مثل برامج الكمبيوتر ومراكز الاتصال.. تنزانيا.. الحرب على الفساد وضبط النفقات يصنع اقتصادًا قويًا.
تثير إفريقيا حاليًا لعاب الدول الغربية الساعية للاستثمار المباشر عبر عمليات الاندماج والاستحواذ التي وصلت 5.3 مليار دولار في 2019 مقابل 1.6 مليار دولار في 2018، بعدما تغيرت صورتها الاقتصادية كثيرًا خلال العقد الأخير، أصبح عدد سكانها الضخم عنصر إيجابيًا بالنسبة لرأس المالي الأجنبي لضمان تصريف منتجاته، وباتت تضم دولاً مرشحة لاحتلال مرتبة ضمن أقوى 10 اقتصاديات في العالم كنيجيريا التي ترسم لها التقارير المالية الدولية مستقبلاً باهرًا.. نيجيريا.. الدولة الفاشلة على أعتاب احتلال المرتبة العاشرة في الاقتصاد العالمي.