تعد كينيا دولة ذات طبيعة مجتمعية متعددة، تزخر بالتنوع الإثنى واللغوي والثقافي والديني، وفى الأونة الأخيرة زاد الصراع السياسي على أسس عرقية أو قومية، فكينيا لم تكن أوفر حظا من غيرها الدول الأفريقية فيما يتعلق ببناء دولة وطنية تجمع التركيبة الديموغرافية للسكان، وظلت الإثنية حاضرة وبقوة في الحياة السياسية في الدولة، وهو ما يفسر الصراع الذي يتفجر بين الحين والأخر.
تتسم كينيا بأنها دولة ذات طبيعة مجتمعية متعددة، تزخر بتنوع إثني ولغوي وثقافي وديني كبير، ويسكنها في المقام الأول سكان البانتو والنيلوتيكيون، مع بعض الأقليات الإثنية الناطقة باللغة الكوشيتية في الشمال. ولا تعترف الحكومة الكينية بالأقليات العرقية أو القومية، مثل النوبيين والصوماليين. وتعيش أقليات النوبيين في كيبيرا، وهي مستوطنة بشرية معروفة دوليًا بسوء الصرف الصحي وأماكن المعيشة الضيقة. ويواجهون عنفاً دورياً يضعهم في مواجهة أصحاب العقارات من مجتمعات الأغلبية، ويتعرضون لعمليات الهدم القسري، والإخلاء، ووضع الجنسية غير الواضح في كينيا.
الأقلية المهمشة
حدد دستور كينيا “المجتمع المهمش” على أنه يعني المجتمع التقليدي الذي لديه الرغبة في الحفاظ على ثقافته وهويته الفريدة من الاستيعاب خارج الحياة الاقتصادية الاجتماعية المتكاملة لكينيا ككل، أو مجتمع السكان الأصليين الذي حافظ على نمط حياة تقليدي ومعيشة واستمر في ذلك على أساس اقتصاد الصياد والمجتمعات الرعوية سواء كانوا من البدو أو المجتمع المستقر الذي لم يعانِ بسبب مشاركته الجغرافية النسبية إلا مشاركة هامشية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية المتكاملة لكينيا ككل.
لا حقوق للأقليات
لفت تقرير منظمة “ريلف ورلد” للحقوق الدولية للأقليات، إلى أن العديد من المجتمعات والسكان الأصليين في كينيا تم استبعادهم، مما جعل وضعهم اليوم أسوأ مما كان عليه في عام 2005.
منسقة برنامج الحكم في المنظمة، ماروسكا بيرازي، تقول رغم اعتماد الدستور في كينا في عام 2010، غير أنه لم يتغير إلا القليل جدًا في طريقة تعامل الدولة الكينية مع مسألة الأقليات”. وتضيف: “استمرت عمليات الإخلاء القسري وغيرها من أشكال المضايقات في إلحاق العديد من مجتمعات الأقليات والسكان الأصليين “.
اقرأ أيضا:
أقليات السودان.. السلاح وحده ينتزع الحقوق
وأشار التقرير إلى أن العديد من مجموعات الأقليات والسكان الأصليين الذين تم إجراء مقابلات معهم بشكل منفصل وفي مجموعات، يشعرون بأن القضايا التي تؤثر عليهم، مثل الجفاف وعدم ملكية الأراضي، لا تحظى باهتمام إعلامي كافٍ. التقرير يسلط الضوء على ارتفاع التعدي على الجماعات الرعوية في سامبورو ونايفاشا.
الجماعات العرقية
يعيش في كينيا أكثر من 70 مجموعة عرقية، تتراوح في الحجم من حوالي سبعة ملايين كيكويو إلى حوالي 500 لـ ” مولو” الذين يعيشون على شاطئ بحيرة توركانا. ويمكن تقسيم المجموعات العرقية في كينيا إلى ثلاث مجموعات لغوية واسعة: البانتو، النيلية، والكوشية.
ويشكل سكان البانتو والنيلوتيك معاً حوالي 97 في المائة من سكان البلد، كما يعيش في كينيا في حوالي 200 ألف شخص من الأصول الأوروبية والآسيوية. في حين لا تشكل أي مجموعة عرقية غالبية المواطنين في كينيا، فإن أكبر مجموعة عرقية، هي كيكويو تشكل 22 ٪ فقط من إجمالي سكان البلاد. وينتمي 97.58٪ من مواطني كينيا إلى 32 من مجموعات السكان الأصليين الرئيسية.
شعوب البانتو
“بانتو” هي أكبر تقسيم سكاني في كينيا، ويشير مصطلح بانتو إلى الشعوب المشتتة على نطاق واسع، ولكن ذات الصلة التي تتحدث لغات جنوب وسط النيجر والكونغو.
بدأ الـ “بانتو”، الذين كانوا في الأصل من غرب ووسط أفريقيا، سلسلة من الهجرات التي استمرت آلاف السنين، ومعظم البانتو هم من المزارعين، وتشمل بعض جماعات البانتو البارزة في كينيا مثل كيكويو، والكامبا، ولوهيا، وكيسي، وميرو، وميجيكندا.
الشعوب النيلية
الشعوب النيلية (نيلوتس) هي ثاني أكبر مجموعة من الشعوب في كينيا. يتحدثون لغات “نيلو” الصحراوية وجاءوا إلى جنوب شرق أفريقيا عبر طريق جنوب السودان. ويشتغلون بالرعي، ومن أبرز هذه المجموعات اللو، والماسي، وسامبورو، والتوركانا، والكالينجين.
وتبنّى الشعوب النيلية بعض من كثير عادات وممارسات من الكوشيتيك، بما في ذلك نظام تحديد العمر من التنظيم الاجتماعي، الختان، ومفردات العبارات.
الشعوب الكوشية
تشكل الشعوب الكوشية أقلية صغيرة من سكان كينيا، وهم يتحدثون لغات تنتمي إلى الأسرة الأفريقية الآسيوية، وقد جاءوا أصلا ً من إثيوبيا والصومال في شمال شرق أفريقيا، ومعظمهم رعاة مسلمون. ويتركزون في محافظة نورثرنموست شماليّ شرقيّ كينيا مجاورة الصومال.
وتنقسم الشعوب الكوشية إلى مجموعتين: الكوشيت الجنوبي والكوشيت الشرقي.، وكان الكوشيت الجنوبيون ثاني أوائل سكان كينيا بعد مجموعات الصيادين وجامعي الثمار من السكان الأصليين، وأول الشعوب الناطقة بكوشتيك التي تهاجر من وطنها في القرن الأفريقي قبل حوالي 2000 سنة. وتشمل الكوشيت الشرقية أورومو والصوماليين، فالصوماليين هم آخر الوافدين إلى كينيا.
الأوروبيون
ينتمي الأوروبيون في كينيا في المقام الأول إلى نسل المهاجرين البريطانيين خلال الفترة الاستعمارية. وكثير منهم من أصل أرستقراطي ولا يزالون يتمتعون بنفوذ كبير، لا سيما على النخبة السياسية في كينيا.
ومنذ استقلال كينيا لا يزال البريطانيون وغيرهم من الأوروبيين في كينيا يسيطرون على مجتمع الأعمال المحلي، وفقا لتعداد عام 2009، يبلغ عدد الأوروبيين الكينينين 35 ألف شخص، في حين يبلغ عدد الأوروبيين الذين لا يحملون الجنسية الكينية 32 ألف شخص.
العرب
الأقلية العرقية غير الأصلية هي العرب، وتشكل مجموعة إثنية صغيرة، غير أنها تشكل تاريخياً كبيراً في كينيا، ويعيش معظمهم في مقاطعة الساحل ومومباسا. وأكثر من 99٪ من السكان العرب يحملون الجنسية الكينية ويتحدثون اللغة السواحيلية بدلاً من العربية.
يعد العرب مجتمعا مسلما، جاءوا في المقام الأول من عمان وحضرموت في اليمن، ويشاركون في التجارة. ويطلق عليهم محلياً ” واشيهيري”، وفقا لتعداد عام 2009 يبلغ عدد العرب الكينينين 40,760 شخص.
الآسيويين
عندما طردت أوغندا 80 ألف آسيوي عام 1972، اشتدت الضغوط على كينيا لإجبار الآسيويين غير الكينينين على المغادرة. وبموجب قانون التراخيص التجارية، حُرم غير المواطنين من تصاريح امتلاك أو إدارة منشآت تجارية.
وبدأت الهجرة الآسيوية الكبيرة إلى كينيا بين عامي 1896 و1901 عندما تم توظيف حوالي 30 ألف عامل من الهند البريطانية لبناء خط السكك الحديدية بين كينيا وأوغندا.
وفقا لتعداد عام 2009، يبلغ عدد الآسيويين الكينينين 46,782 شخص، في حين يبلغ عدد الآسيويين الذين لا يحملون الجنسية الكينية 35,009 أفراد، وفي عام 2017، تم الاعتراف بهم رسميا في قبيلة 44 من كينيا.