بمحاولات خجولة خلال العام 2021، تحرّك قطار الأحزاب المصرية ببطء على قضبان السياسة الداخلية، عبَر خلالها محطات، كان الاشتباك فيها ضعيفًا ومحطات أخرى حاولت الحالة الجزبية ترك بصماتها، لكنها تبقى رحلة تستكمل المسير في العام 2022.
حالة الموت البطئ للأحزاب التي ارتسمت في سنوات الأخيرة. لم ينتشلها إلا تفاعلات محدودة مع قضايا حيوية مثل مفاوضات سد النهضة، وقضية تصفية شركة الحديد والصلب، مع تفاعل حقوقي مستمر مع الأحكام القضائية القاسية التي صدرت بحق قيادات حزبية وصحفيين ونشطاء في الربع الأخير من العام.
أداء البرلمان في ميزان المعارضة
رغم كل العقبات أرى أن أداء البرلمان كان جيدًا وإن كانت الأغلبية تسيطر على القرارات، بحكم العدد.
الملامح الإيجابية في هذا المجلس، تتمثل في استدعاء الوزراء لمقر البرلمان والاستماع لخططهم ومناقشة ميزانياتهم على حدة. كما امتد الأمر إلى إجبار وزراء على الحضور بعد تخلفهم عن الاستجواب أكثر من مرة. على غرار ما جرى مع وزير التعليم طارق شوقي. وهي ظاهرة إيجابيبة لم تكن موجودة في برلمان 2015 الذي اتهم كثيرًا بعدم ممارسته الدور الرقابي.
ومع ذلك، هناك العديد من الملاحظات على أداء هذا المجلس، تتعلق بالعمل التشريعي. إذ إن ما أنجزوه غير مرض، فالقوانين معظمها من الحكومة والطبيعي أن يشرِّع البرلمانيون ويدافعون عن مصالح ناخبيهم. البرلمان يحتاج إلى أدوار أكثر فاعلية في سن القوانين، ويجب ينفي عن نفسه صفة التأييد الحكومي التام.
ليس طبيعيًا أن يتساهل البرلمان مع زيادة الأعباء الاقتصادية. فالحكومة تستسهل طرق تحصيل الأموال من المواطنين. نأمل أن تصب القوانين في صالح الشارع وليس في صالح البرلمان، ومزيدا من تخفيف الأعباء.
أحد إيجابيات المجلس الحالي السماح للمعارضة بالحديث بحرية في ملفات لا يود الأغلبية فتحها. رغم أن أكثر المتحدثين من الأغلبية بطبيعة الحال نظرا لنسب تمثيلهم.
كما أن هناك قوانين فشل الحزب في تمريرها مثل مشروع قانون مساواة أسر ضحايا كورونا مع أسر الجيش وضحايا الإرهاب. أنهم اعترضوا على تجديد حالة الطوارئ مرتين قبل تعطيلها من رئيس الجمهورية. كما فشلت المعارضة في تعطيل قانون محاكمة المدنيين عسكريًا في قانون حماية المنشآت.
بخلاف هذه القوانين، يسعى حزب المصري الديمقراطي، مثلاً، إلى طرح قوانين حرية تداول المعلومات. وإضافة تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية للمساهمة في حلحلة ملف الحبس الاحتياطي.
عضو الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي
ماذا ينتظر 2022؟
كان البرلمان أكثر حرصًا على الحكومة ومصالحها أكثر من حرصه على الشعب، وقصَّر في الأعمال الرقابية وإقرار القوانين المكملة للدستور. كما زود من أعباء المواطنين مثل رسوم مخالفات المرور.
كما لم يحافظ البرلمان على الأصول الإنتاجية للدولة مثل شركة الحديد والصلب. كذلك لم يلعب دوره في تحقيق الاستقرار الاجتماعي، حيث لم يتدخل لإثناء وزارة التربية التعليم عن فرض رسوم على الامتحانات.
أما أبرز الملفات التي تنتظر عام 2022، فسوف تتعلق بنوايا السلطة نفسها من خلال تبني مشروع قانون للانتخابات. وذلك من أجل تحرير الانتخابات من نظامها الحالي بالقوائم المغلقة، الذي يتحكم في تشكيل مجلس معين. وعقد انتخابات المحليات التي تشهد فراغا كبيرا منذ 2010.
هناك فرصة أمام الرئيس لتطبيق بنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، بتعزيز المشاركة والتنوع ومفهوم المواطنة الكاملة. وترجمة كل ما جاء في الاستراتيجية.
ويمثل ملف الدعم أولوية كبيرة في عام 2022، خصوصًا مع إصرار الرئيس على فلترة بطاقات التموين والاكتفاء بفردين فقط. مع الإشارة إلى الرغبة في زيادة سعر الرغيف. فيجب أن لا تتخلى الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية تجاه مواطنيها بهذا الشكل.
ولا نملك إلا أن نحذر من خطورة استمرار هذا الوضع السياسي المأزوم على استقرار النظام نفسه. وما قد يحدثه هذا الغضب المكتوم من انفجارات سياسية واجتماعية. وبناءً عليه يجب على أجهزة الدولة تفعيل حديث رئيس الجمهورية أن مصر باتت اليوم واحة للأمن. ولم يعد هناك ما يهدد التحول السياسي، كما هو الحال بعد 30 يونيو 2013.
أما بالنسبة لأحزاب الحركة المدنية الديمقراطية التي ينخرط فيها حزب التحالف الاشتراكي إلى جانب كل من الكرامة والتيار الشعبي والمحافظين والعيش والحرية تحت التأسيس، فقد حاولت منذ 2014 بأكثر من وسيلة التواجد على الساحة سواء بحملات أو صياغة مواقف في قضايا، مثل تيران وصنافير وسد النهضة والدفاع عن بقاء شركة الحديد والصلب، حتى لا تترك مكانها، وترسخ نظرية التواجد السياسي. لكنها قوبلت بحملات تشويه وزج شبابها إلى السجون واتهامهم بدعم كيانات إرهابية وتحقيق أغراض جماعات محظورة.
رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
مزيد من التضييق.. قليل من الآمال
بعد انتخابي رئيسًا للحزب كانت تحدوني آمال كبيرة رأس مالها شباب الحزب لضخ الدماء في شرايين متصلبة. إلا أن العام انتهى بإحباطات كثيرة، يجسدها صورة عامة مفادها أنه لا توجد رغبة حقيقية لدى السلطة في وجود عمل سياسي حقيقي.
صور التضييق على أحزاب المعارضة برزت في ملاحقة شباب الحزب بدون قضايا لأشهر وأحيانا سنوات. ومنع الحزب من تنظيم مؤتمراته السنوية في أماكن عامة أو خاصة. وامتداد ذلك إلى الضغط على قيادات بالحزب للاستقالة من مناصبهم، حتى لا ينالوا جزاء الآخرين.
ويعد نموذج قضية تحالف الأمل، المتهم فيها نواب سابقون وكوارد حزبية كانوا ملأ الأسماع والأبصار إبان ثورة 25 يناير. بالإضافة إلى صحفيين ومحللين اقتصاديين لم يثبت تورطهم في أي عمال عنف أو دعم كيانات إرهابية. مثالاً صارخاً على ضيق أفق السلطة من أي ممارسة سياسية.
ما تسبب في إحباط الكثيرين من شباب الحزب، وصعبت من مهمتي كرئيس حزب لإعادة تنظيم البيت من الداخل. ومن ثم خروجه من دائرة المنافسة.
نأمل تغيير هذا الواقع خلال العام الجديد. فشأننا كشأن كيانات سياسية تنتظر احترام العمل السياسي وتطبيق ما نص عليه الدستور. ننتظر تطبيق مفهوم النظام السياسي بشقيه السلطة والمعارضة. نريد نظاما سياسيا يتسع للجميع كوسيلة للتغيير الديمقراطي، ما يحدث دفع الناس للاستسلام والتاريخ يقول ذلك لكن تظل هناك فئة ترفض الاستسلام.
أما الملف الذي ننتظر حسمه في 2022، هو التوقف عن المماطلة في قضية سد النهضة. الذي يعد أهم قضية تواجهها الدولة عبر تاريخها كله، إلى جانب استدراك كل التجاوزات التي حدثت في الفترة الماضية. وذاك بهدف استعادة دولة القانون والمؤسسات.
النائب السابق ورئيس حزب الكرامة
قضايا الحريات الشخصية
رغم أنَّ 2021 كان حافلاً على مستوى قضايا الحريات الشخصية، وتحديدًا تلك المتعلقة بقضايا النساء والعنف الجندري. إلا أن أغلبية الأحزاب كانت غائبة عن هذه الساحة التي ينظر لها البعض على أنها معارك هامشية. في ظل انشغالها بقضايا الديمقراطية والحريات السياسية.
إلا أنَّ حزب العيش والحرية تحت التأسيس لا يغيب عن أجندته أبدًا تقديم السياسات لمناهضة العنف ضد المرأة. وذلك في مختلف المؤسسات الرسمية والمستقلة. لكن الأمر بالتأكيد يحتاج إلى تطوير الأدوات الحزبية في هذا الشأن.
وبشكل عام لا تتبنى أحزاب السلطة هذا الخطاب الذي يرتكز على الحريات الشخصية، كونها ليست من قضاياها الأساسية. بالإضافة إلى سيطرة الخطاب الذكوري على هذه الأحزاب. أما الأحزاب المستقلة الأقرب بطبيعة الحال إلى تبنى خطابات أكثر انحيازا للحريات الشخصية والمرأة، بدت بعيدة، لسيطرة قضية الحريات السياسية على نشاطها.
وضع الحريات السياسية المتأخر يجبر الجميع على الانشغال بها أكثر من تطوير قضايا المجتمعية، مثل المواطنة، والنساء، والتمييز الجنسي والديني.
وبطبيعة الحال، فإن المناخ السياسي يجبر الجميع على التراجع خطوات إلى الوراء في هذه الملفات. وللأسف لسنا في مجال ديمقراطي صحي يسمح بالتنافس في مساحات أخرى والتمييز بين الخطابات، لابد من الاعتراف بأن الأحزاب تحتاج إلى تطوير رؤيتها بخصوص هذه القضايا باستمرار.
لكن هذا أيضًا، يحتاج إلى حريات عامة وحرية حركة، كي يستطيع الحزب نشر أفكاره واجتذاب داعمين له. فالحركة الآن مقيدة والأنشطة محكوم عليها سلفًا، إلى جانب خوف أعضاء كثيرين من مصير زملائهم الذين فقدوا حريتهم.
التحديات في 2022 كثيرة، ولكن يحدونا آمال متعلقة بحلحلة ملف الحبس الاحتياطي والإفراج عن أعضاء الحزب المحبوسين. بالإضافة إلى إشهار الحزب. تتمثل مهمتنا خلال اللحظة الحالية في توفير بيئة مناسبة لأعضاء الحزب تدفعهم للتغلب على حالة الخوف والإحباط التي تسيطر عليهم بسبب المضايقات التي يتعرض لها المحسوبون على أحزاب المعارضة، وبالنهاية مستمرون ولكن ببطء شديد.
وكيل حزب العيش والحرية تحت التأسيس