خلال الأيام الماضية حظيت وفاة الإعلامي وائل الإبراشي باهتمام وسائل الإعلام. وتصدرت “الترند” لبعض الوقت. إلا أن اللافت اهتمام بعض النواب المختصين في لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان بهذا الأمر. والذي عادة ما تكون الجهات المعنية به هي لجان الصحة. ليفتح الباب حول حقيقة الأدوار التي يلعبها هؤلاء النواب عبر ملفاتهم الأساسية.
فقد طالب الدكتور أيمن أبو العلا -وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب- بأن يكون هناك هيئة أو جهة أو لجنة خاصة متخصصة لتوضيح الحقيقة كاملة في وفاة الإعلامي وائل الإبراشي. سواء حق المريض إذا كان هناك خطأ طبي. أو حق الطبيب إذا كان قد اتبع البروتوكول المتعارف عليه.
وأضاف خلال لقاء تليفزيوني أن اختصاص النيابة العامة في تلك القضية مرتبط بالشق الجنائي. موضحًا أن مصير القضية بيد الطب الشرعي.
وأشار إلى أهمية وجود جهة متخصصة توضح حقيقة ما حدث في حالة الإعلامي وائل الإبراشي. وقال: “أقدر اتخاذ الإجراء الجنائي من النائب العام. لكن في النهاية الطبيب الشرعي هو الجهة التي تفيد بما حدث”.
“أبوالعلا” قال “إن عدم ثبوت الجانب الجنائي بالقضية لا يعني عدم وقوع خطأ طبي”. مشددًا على أهمية “قانون المسؤولية الطبية” في تحديد ما جرى لكل حالة طبية. سواء كانت مضاعفة أم خطأ طبيًا. أم إهمالًا. وذلك عبر لجنة فنية متخصصة.
كانت النيابة العامة أصدرت بيانا لإعلان قرارها بشأن البلاغ المقدم من زوجة “الإبراشي” ضد طبيبه المعالج. مدعية تسبب الأخير في وفاة الأول.
وأفاد بيان النيابة أن زوجة المتوفَّى شكت في عريضة مقدمة للنيابة العامة طبيبا بـ”التسبب في وفاته”. وادعت أنه أعطاه أقراصا “غير متداولة مدعيا فاعليتها في علاج فيروس كوفيد-19”. وتابعت أن الطبيب كان “يدخن بشراهة في غرفة نوم المتوفَّى خلال ملازمته”.
وفي وقت حظيت قضية الأخطاء الطبية باهتمام وكيل لجنة حقوق الإنسان فإن كثيرا من التساؤلات تدور حول ما حققته لجنته في هذا الملف وفقا للأدوار المنوطة به.
اختصاصات لجنة حقوق الإنسان
بحسب اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة برقم 1 لسنة 2016 والمعدلة بالقانون رقم 136 لسنة 2021 حول اختصاصات لجنة حقوق الإنسان. ووفقا للموقع الإلكتروني للبرلمان المصري تتمحور في التالي:
– الحقوق والحريات
– التشريعات الوطنية والمواثيق الدولية المتصلة بحقوق الإنسان
-الموضوعات المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان
-تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان
-الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في تقارير المجالس القومية والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية
-الشكاوى التي تقدم من المواطنين والهيئات فيما يتعلق بحقوق الإنسان
-التشريعات المتعلقة بالعدالة الانتقالية وغير ذلك من المسائل الداخلة فى اختصاص الوزارات والأجهزة
ملف حقوق الإنسان ومحدودية عمل اللجنة
حول دور اللجنة وآلية عملها يرى مدحت الزاهد -رئيس حزب التحالف الشعبي- أن طريقة عملها “مجرد تحصيل حاصل”. وأضاف: “لا تمت للدور البرلماني الحقوقي بصلة. ظهر ذلك حتى عبر طريقة تشكيلها وتشكيل المجلس برمته. والذي يبدو في تكوينه مجلسا معينا يعكس إرادة وتفضيلات الأجهزة”.
وقال “الزاهد”: “بنظرة موضوعية تماما على الملف نجد أن اللجنة البرلمانية -بأغلب نسخها- لم تحرك ساكنا فيه. وطريقة عملها تعتمد على الجهات الأمنية والرئاسية فقط بعيدا عن السلطات الرقابية والتشريعية المحدودة أساسا”.
ولفت “الزاهد” إلى أن ما جرى باللجنة سابقا أدى لمحدودية عملها. مشيرا إلى واقعة فصل النائب السابق ورئيس اللجنة محمد أنور السادات. كذلك تولي رئاسة اللجنة بعض الشخصيات الأمنية المعروفة والتي تتعارض خلفيتها مع عمل مثل هذه الملفات.
وفي عام 2017 تم اتهام “السادات” في تقرير أعدته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب بـ”القيام بإرسال بيانات مترجمة إلى الغة الإنجليزية إلى جهات ومنظمات أجنبية. من بينها الاتحاد البرلماني الدولي. وتتضمن وتتناول أوضاعا داخلية للبرلمان المصري من شأنها الحط من قدر المجلس وصورته”.
واستقال “السادات” من رئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب قبل ذلك بشهور. وقال إن البرلمان والحكومة لا يبديان تعاونا معه في رفع مظالم عن مواطنين اشتكوا إليه بصفته رئيس اللجنة.
لجنة حقوق الإنسان.. نواقص
من جانب آخر اهتمت اللجنة بالرد على التقارير الدولية الحقوقية. وكذا الترويج للمبادرات الحكومية. وأمس عقدت لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان اجتماعًا مع المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام للرد على الادعاءات والتقارير “الكاذبة” التي تتناول أوضاع حقوق الإنسان في مصر “بصورة مغلوطة”.
وقد أكد النائب طارق رضوان -رئيس اللجنة- أهمية دور المجلس في إبراز ما تقوم به الدولة المصرية من مبادرات رئاسية وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
كما أكد أنه يلمس تغييرا إيجابيا في خطة عمل المجلس. وتابع: “لكن نحتاج إلى مزيد من التحرك لتغيير لغة الخطاب الموجهة لتناسب الأعمار المختلفة على مستوى الوسائل والوسائط التكنولوجية الحديثة”.
وتكرر موقف اللجنة الرافض للانتقادات الدولية حول حالة حقوق الإنسان في مصر. واصفة إياه بـ”تدخل في الشأن المصري”. لكنها في الوقت نفسه لم تشارك في المبادرات الخاصة بهذا الملف. كما أن ما تحقق أخيرا من إعلان مصر استراتيجيتها جرى عبر السلطة التنفيذية.
وغاب عن اللجنة الدفع بالعديد من القضايا الحقوقية، التي نصت عليها استراتيجية الوطنية. مثل مشكلة الحبس الاحتياطي ومكافحة التمييز. أو حتى قوانين حماية الشهود والمبلغين.
كذلك الشق الرقابي الذي أظهر مدحت الزاهد ضعفه. بحيث يدرك النواب حقيقة وضع حقوق الإنسان والوقوف على قوانينه وما يمكن تعديله منها. وذلك عبر الحوار المجتمعي ووسائل الإعلام المختلفة.
مشهد الفوضى وتداخل الصلاحيات
أكد “الزاهد” أن قضية مثل وفاة الإعلامي وائل الإبراشي لا يجب الفصل فيها إلا عبر جهات متخصصة كلجان الصحة والوزارة. وذلك بالتعاون مع نقابة الأطباء أو حتى الأطباء شهود الواقعة. مع حفظ حق الأسرة في الإدلاء بأقوالها والبحث عن حقوق فقيدهم. بدلا من أعضاء لجنة حقوق الإنسان والذي لا يبشر الملف منذ توليهم إياه بأي انفراجة حقيقية فيه. “إذ تبلور أداء أعضاء اللجنة في التباري للدفاع عن المواقف الحكومية” –بحسب “الزاهد”.
الدكتور علاء غنام قال: “دا موضوع لتسلية الرأي العام وكله جنان رسمي. لجان فاضية بتتسلى وتسلينا طول ما فيه نظام صحي ملوش معايير”. وتابع: “هذا النظام الذي يسمح بالممارسة الخاصة بلا رقابة”.
ورد “الغنام” تلك “الفوضى” إلى غياب تشريع خاص بالمسؤولية الطبية. وعليه ستظل الممارسات الخاصة والآراء الفردية “مليئة بالدجل والدخلاء على المهنة” حسب قوله.
واعتبر “الغنام” أن مجال الطب أصبح بلا معايير. وتابع: “الحل يكمن في نظام صحي تأميني شامل ومتكامل يراقب الممارسة الخاصة الطبية. سواء في المنزل أو العيادات أو عبر المستشفيات الخاصة. وهو الدور المنوط بوزارة الصحة التي تخلت عنه منذ فترة” حسب قوله.