مثّل الذهب استثمارًا مفضلاً للمصريين. خاصة العائدين من الخارج. ذلك لانخفاض درجة المخاطرة في هذا النوع من الاستثمار، مقارنة بباقي الأنماط الأخرى من الأصول. إلى جانب الارتفاع الكبير المستمر في أسعار هذا المعدن الثمين. ما يجعله وسيلة جيدة، لحفظ القيمة وتنميتها.
يعيش مستثمرو الذهب، حاليًا، قلقًا بعد تصريحات الدكتور على المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، عن اعتماد دمغة الليزر للمشغولات الذهبية. ما يمثل تمهيدًا لوضع مرحلة انتقالية لمدة عام، لإعادة دمغ المشغولات القديمة المدموغة بالقلم اليدوي عبر الليزر.
الذهب.. 5 مرات من تضاعف الأسعار في 12 عامًا
الصعود المتتالي في أسعار الذهب على مدار العقدين الأخيرين ضم لصفوف مؤيديه قطاع عريض من المستثمرين. فعيار مثل عيار 21 -الأكثر رواجًا في السوق المحلية- قفز من متوسط 165 جنيهًا في 2010 إلى 298.3 جنيه في 2012. قبل أن يسجل قفزات متتالية إلى 792 بنهاية تعاملات 2021. بمعنى أن أسعاره تضاعفت نحو خمس مرات في 12 عامًا.
يخشى التجار والباعة حاليًا، أن ينتج عن القرار حركة بيع في اتجاه واحد. فالمعروض للبيع يتزايد ولا حركة شراء حالية. كما أن الراغبين في الشراء قرروا إرجاء قرارهم لحين اتضاح الرؤية حول مستقبل الأسعار بالسوق.
محمد خالد، بائع في أحد المحال، يقول إن عدد كبير من الزبائن يفدون إليه للبيع لا الشراء. حتى أنه يعرف شبابًا مقبلين على الزواج، قرروا إرجاء موعد شراء الشبكة، لحين معرفة مصير السوق والأسعار.
“الكيو أر كود”.. تقنية غربية في الدمغة والتصميمات الإبداعية
تعد وزارة التموين لمشروع الذهب منذ ثلاث سنوات. ومن المقرر أن تستخدم تقنية “الكيو أر كود” على جميع المشغولات. وهي تقنيات سارية في الدول الغربية منذ عقود، ليس في الدمغة فقط، ولكن في التصميمات الإبداعية لقطع المجوهرات.
قبل ثلاثة أعوام، تلقت الوزارة عرضًا من 4 شركات من ألمانيا، وفرنسا، وأمريكا، وإنجلترا، لتنفيذ مشروع دمغ المشغولات الذهبية، والمعادن الثمينة بالليزر. وأجرت الوزارة جولات من التفاوض للتأكد من ووجود الإمكانات التي تؤهل الشركاء المحتملين لتنفيذ المشروع. لكنها لم تعلن عن الشركة الفائزة.
من المفترض أن يتم ختم الذهب بأرقام توضح مدى نقائه. وتجرى كتابة هذه الأرقام بالألف، على أن يتم تحريك الفاصلة العشرية في مسافة واحدة، من أجل معرفة الجودة.
علي سبيل المثال، 750 تعني 75.0% ذهب خالص (أو 18 قيراط). بينما 833 تعني 83% ذهب صافي، بما يعادل (20 قيراط). أما 999.9 تعني ذهب خالص أو جودة “3 تسعات” بنسبة كاملة تقريبًا أو (عيار 24 قيراط).
غالبًا، ما ستكون علامة النقاء مصحوبة بعلامة ثانية تدل على اسم الصانع، وتضم في بعض الأحيان أحرفًا أو أحرفًا أولى ورموزًا مزخرفة. وتلك العلامات من الصعب على الزبون العادي معرفتها أو مطابقتها مع الشركة الأصلية.
ووفقًا للوزارة، فإن الطريقة الجديدة التي ستتبعها تقضي بتسجيل اسم الصانع وبيانات القطعة الذهبية. وتشمل هذه البيانات: تاريخ الصناعة والدمغة في مصلحة الدمغ والموازين، وفق تسجيل في ملف كامل يتاح الرجوع إليه وقت الحاجة.
اللغط الذي تسبب فيه الوزير بشأن دمغة الذهب
أثارت طريقة عرض الوزير لغطًا حينما حدد عامًا كفترة انتقالية في سوق تعتمد على الثقة بين التاجر والمشتري. خاصة أن غالبية المشغولات صغيرة الحجم مثل الخواتم لا تحمل ختمًا، حال تضييقها لتتوافق مع أصابع الزبائن. كان ذلك اللغط حاصل إلا أن صرح الدكتور ناجي فرج، مستشار الوزير لصناعة الذهب، بالتأكيد على أن الدمغة الجديدة لا تلغي القديمة التي ستظل معتمدة. ذلك كونها دمغات حكومية سليمة.
قال فرج، في تصريحات تليفزيونية، إن المواطن يستطيع بيع الذهب بالدمغة القديمة في أي وقت حتى بعد تطبيق الدمع بالليزر وتعميمه. ويفضل أن يكون المواطن أثناء البيع بحوزته فاتورة الشراء، لتسهيل العملية، وفقًا لعرف السوق. لكن حتى حال عدم وجود فاتورة، لا يوجد مانع للبيع.
وفقًا للشعبة العامة للذهب والمجوهرات، فإن كل المشغولات الجديدة ستدمغ بالدمغة الجديدة بصورة تلقائية. ذلك عبر إعادة تدوير الذهب القديم، وتسييله في مشغولات جديدة مدموغة بالليزر.
الإجراء يستهدف عصابات التزييف
نادي نجيب، عضو شعبة الذهب في الغرف التجارية، يقول إن السبب الرئيسي وراء الدمغة الجديدة المعتمدة على تقنية الليزر مواجهة كثرة الغش وتقليد الأختام الصلب والتلاعب في أحجام أعيرة الذهب من قبل بعض التجار في السوق.
يعبّر تجار الذهب عن الجرامات بما يسمى الدِرهِم. وهو يعادل 3.125 جرام، أي أن كيلو الذهب يساوي عندهم 320 درهما. كما أنهم يستخدمون كثيرًا كلمة “سهم” للدلالة على نسبة الذهب في العيار. فعيار 21 يكون فيه نسبة الذهب 850 جرامًا، أو سهمًا. بينما الباقي من النحاس الذي تتم إضافته لتسهيل تشكيل المعدن في المشغولات.
في ديسمبر الماضي، ضبطت الجهات الأمنية ورشة ذهب في منطقة الجمالية تصنع منتجًا مغشوشًا. عثر داخل الورشة حينها على كمية كبيرة من السلاسل والمشغولات، جميعها مغشوشة ومخلوطة بمعدن النحاس.
وتشكو المحال من التداول غير المباشر من خلال البيع الإلكتروني أو شراء الأفراد من بعضهم البعض. وهو أمر أثبت في بعض المرات وجود تلاعب في مكونات الذهب المباع.
نجيب يؤكد أن صدور قرار وزير التموين لا يعني أن حامل المشغولات القديمة عليه التخلص منه خلال عام. فأي مشغولات مدموغة رسميًا وتوجد بها فاتورة لمحل البيع، سيتم بيعها بنفس السعر دون مشكلة.
تسهل الطريقة الجديدة من عمل مصلحة الموازين والدمغة التي لا تستطيع حاليًا دمغ أكثر من 50 ألف قطع مشغولات ذهبية يوميًا، بحسب وزارة التموين.
مشتريات المصريين في 9 أشهر
بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، سجلت مشتريات المصريين من الذهب خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي 32 طنًا. ذلك بحجم إنفاق على المجوهرات نحو 19 مليار جنيه خلال الفترة ذاتها.
لكن نادي نجيب، يشكو من ركود سوق الذهب، فمبيعات المشغولات عام 2021 بالكامل لا تتجاوز 15 طنًا من بين 40 طنًا تم بيعه. ما يعني أن الخام مثّل 25 طنًا من إجمالي المبيعات. وهو نشاط هدفه الاستثمار بالمقام الأول.
بصدور القرار الجديد، بات لزامًا على حملة السبائك حاليًا التوجه لمصلحة الموازين والدمغة لتسجيل ما بحوزتهم مقابل دفع رسوم، تقول وزارة التموين إنها ستكون طفيفة. وأنها لا تسري على حملة الجنيهات الذهبية.
المستثمرون يفضلون شراء السبائك والجنيهات الذهبية (الجنيه يعادل ٨ جرامات). على اعتبار أن المشغولات يتم تحميلها بالضريبة والمصنعية. ولم تحدد وزارة التموين قيمة رسوم الدمغة الجديدة. وقد حاول موقع “مصر 360″، التأكد من قيمة هذه الرسوم من الوزارة. لكن تبين أنه لم يتم تحديدها بعد. كما أن المشروع برمته من الممكن أن يتجاوز إتمامه العام. لكن الثابت أن رسوم الدمغة الجديدة لن تتأثر بتغير سعر الذهب. فهي عملية تقنية جديدة تكلفتها ثابتة، بصرف النظر عن ارتفاع أسعار الذهب أو هبوطها.