على عكس المتوقع تمامًا، خرج منتخب الجزائر حامل لقب كأس الأمم الأفريقية، من بطولة الكان الحالية بالكاميرون 2021، بصدمة قوية ومفاجئة. ذلك بعد فشله في الدفاع عن لقبه واقصائه من دور المجموعات. بعدما خسر الخضر أمس الخميس 1-3 أمام كوت ديفوار، في ختام الدور الأول ليتذيل حامل اللقب المجموعة الخامسة بنقطة وحيدة.
رغم أن تشكيلة محاربين الصحراء كانت مدعومة بكل نجومها، بدءًا بالقائد رياض محرز نجم مانشستر سيتي الإنجليزي. إلا أن الأداء كان مخيبًا والمستوى لم يكن بالشكل المطلوب. ما دفع كثيرين للتساؤل عن سبب الخروج المر والمبكر.
تعود هذه الانتكاسة لأسباب كثيرة منها المستوى المتدني الذي ظهر به محرز نفسه. وكان ظلاً لنفسه في المباريات الثلاث. بينما لم يقدم الإضافة المطلوبة لمنتخب الجزائر. وقد تسبب بتصرفاته غير المحسوبة في التأثير على تركيز المجموعة.
حامل اللقب والثقة المفرطة
وصل منتخب الجزائر بثقة مفرطة إلى الكاميرون، بصفته حامل لقب كأس أمم أفريقيا 2019. وأيضًا بسبب سلسلة رائعة من 35 مباراة دون هزيمة. وهذان كانا السببين وراء هذه الثقة التي خدعت فريق الخضر. حيث فازت الجزائر بكأس أفريقيا في مصر دون أن تقدم بالفعل مباريات مبهرة. واستند نجاحها إلى الصفات الجماعية والرغبة في الفوز والحماس الشديد حينها.
ومن الصعب دائمًا نقل هذه الرغبة والحماس الشديد من منافسة إلى أخرى. كما أنه من النادر رؤية فريق يحتفظ بلقبه. بالإضافة إلى ذلك، فإن سلسلة اللاهزيمة التي كانت في جعبة الجزائر كان مبالغًا فيها. وهي تعكس قوة لا يتمتع بها الفريق الحالي في هذه السلسلة الرائعة. فلم تلعب الجزائر ضد أحد كبار القارة (الكاميرون، السنغال، غانا). وكانت أصعب المنتخبات التي واجهتها هي بوركينا فاسو ومصر دون تحقيق انتصار. فقط التعادل.
ظروف معاكسة وأمور سيئة
خاضت الجزائر مبارياتها الثلاث في دور المجموعات على أرضية ملعب جابوما في دوالا. وهو ملعب كانت أرضيته سيئة للغاية. علاوة على ذلك، كانت ظروف اللعب صعبة للغاية بشكل خاص على لاعبي الفريق الذين يمارس أغلبهم مسيرته في أوروبا، وعاشوا معظم حياتهم هناك، وفي هذا التوقيت من السنة هم معتادين على درجة حرارة منخفضة للغاية.
في مباراة الجزائر ضد سيراليون يوم 11 يناير الماضي، والتي لعبت في تمام الساعة الثانية ظهرًا، كانت درجة الحرارة 34 درجة بـ74% رطوبة في الهواء. ما أنهك لاعبي المنتخب الجزائري.
أيضًا، المدرب جمال بلماضي بعد أن أصبح رمزًا لنجاح الجزائر، تعرض لأول انتكاسة كبيرة له على رأس الإدارة الفنية للمنتخب الجزائري. لكن لا ينبغي أن تتأثر شعبيته بذلك. وسيتعين عليه أن يتجاوز هذا الإخفاق سريعًا والاستعداد للتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022.
محرز ونكبة حامل اللقب كبرى
لا يختلف اثنان على أن نجم مانشستر سيتي رياض محرز قدم واحدة من أسوأ مشاركاته مع المنتخب الجزائري. حيث قدم مردودًا متواضعًا في المباريات الثلاث. واكتفى بدور المتفرج خاصة في المباراة الأخيرة أمام منتخب كوت ديفوار.
وظهر محرز خارج تركيزه في مختلف مشاركاته مع المنتخب الجزائري. ما يؤكد أن وصوله المتأخر إلى معسكر المحاربين أثر على حالته البدنية، وتسبب في ظهوره المخيب.
وما يؤكد أن محرز لم يكن حاضرًا حتى من الناحية الذهنية مع منتخب الجزائر، رفضه الانضمام لمعسكر الخضر في الدوحة، إذ طلب إجازة لمدة أسبوع لعقد قرانه. وعكس بقية المنتخبات التي حاول نجومها الضغط على أنديتهم للانضمام إلى منتخباتهم، ضغط محرز على المدرب بلماضي حتى يمنحه رخصة بالغياب لمدة فاقت الأسبوع، فتأجل سفر المحاربين إلى الكاميرون.
يرى كثيرون أن وصول محرز المتأخر وتأجيل موعد السفر لأجل عيونه، كان السبب الأول والمباشر في المستوى الهزيل الذي ظهر به الخضر في كأس الأمم الأفريقية، خاصة أن أشبال بلماضي لم يتمكنوا من التأقلم مع الأجواء الكاميرونية سريعًا بسبب وصولهم المتأخر.
كما أنه بإجماع كل الفنيين وعشاق الجزائر فإن مستوى محرز تراجع كثيرًا مع المنتخب، وبدا أنه غير قادر على الظهور بالشكل المطلوب رغم أنه يعيش فترة توهج رفقة فريقه مانشستر سيتي، مما يثير المزيد من التساؤلات حول تغير دوافع اللاعب وظهوره بهذه الصورة، على العكس تمامًا من أدائه في النسخة السابقة من البطولة في مصر.
وما يزيد التساؤلات بشكل أكبر ما قاله المدير الفني للجزائر جمال بلماضي عقب المباراة، وربما كان يقصد محرز وبعض النجوم في تشكيلة “الافناك” حين قال إن “نتيجة مباراة اليوم (1-3) التي تسببت في الخروج المبكر “لا تتعلق بمسألة الإرادة، بل القدرة!”.