انا الفنان حسين بيكار، طالما أثريت أخبار اليوم بأشعاري ورسوماتي، اعتقلت 1985سنة بسبب عقيدتي البهائية لمدة عشرة أيام، و كان معي من البهائيين دكتورة سوسن محمد حسني وزوجها الأستاذ عبد العزيز، وأفرج عنا اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية الأسبق. غادرت الدكتورة سوسن إلى الصين، وأصبحت أستاذة الأدب العربي هناك، أما أنا فقد ولدت، وعشت، ومت، ودُفنت في مصر. كنت أزور الصالون الثقافي بالمعادي لكاتب هذه المقالة، وكنت أقول له: أنت تقوم وحدك بعمل مؤسسة ثقافية. وكنت ألتقي عنده بأعلام مصر منهم د. سمير سرحان، ود. عادل إمام، الفنان عادل إمام، د. فرج فودة، وكنت أعزف على آلتي الموسيقية المفضلة البزق، وهي آلة وترية لها رقبة طويلة، و أصغر من العود، وعدد أوتارها من أربعة إلى ستة، وكنت أعزف عليها: أعطني الناي و غني… فالغنى سر الوجود.
أريد أن أتقدم بالشكر لرئيسكم المحبوب لأنه أعلن أن الوطن يسع الجميع حتى من يعتنق حرية الاعتقاد، وكأنه يُعلن: أنا لا يهمني اعتقادك، ولكن يهمني أن تكون وفيا لمصر و أن تُعطيها أفضل ما عندك، وسوف تعطيك مصر أفضل ما عندها.
هل تعلمون أن الدكتورة سوسن في الأوراق الرسمية المصرية مسجلة آنسة بالرغم من أنها أم لثلاثة أبناء وجدة لعشرة أحفاد، ذلك لأنهم لا يعترفون بزواجها، بل اتهموها بالتزوير لأنه في الباسبورت مكتوب أنها “زوجة”، وبالبطاقة “آنسة”! وهي لا تستطيع أن تبيت في فندق مع زوجها لأنها لا زالت آنسة! وقد عرض هذا الموضوع كاتب هذه السطور حين كان عضوا في لجنة الخمسين، وكان ذلك على الهواء مباشرة من مجلس الشعب.
نحن في مشكلة كبيرة الآن، لدينا مدفن واحد في الجمهورية كلها في البساتين قرب المعادي، أنا دُفنت فيه في 2002. والبهائي أو البهائية، من يمت منهم في أسوان أو الإسكندرية يُحمل هذه المسافة لأنه ممنوع علينا شراء قطعة أرض في المحافظات حتى تكون مدافن لنا! وصوت أبي العلاء يأتي من وراء ألف عام:
وَيُحمَلُ مِن أَرضٍ لِأُخرى وَما دَرى
فَواهاً لَهُ بَعدَ البِلى يَتَغَرَّبُ
هل من المعقول أن ثماني دول عربية تسبق مصر في إلغاء خانة الديانة منها سوريا، لبنان، تونس، السعودية، حتى تركيا غير العربية، ومصر مهد الحضارة صاحبة إقرار كل مصري أمام محكمة العدل الإلهية: كنت أحترم عقائد غيري، وكان ذلك من آلاف السنين، حين كانت عقائد غيره، إله الأوليمب في اليونان، مردوخ في أرض الشام صاحب حرق المقابر من الإنسان للحيوان.
د. إسماعيل أدهم يؤلف كتابا: لماذا أنا ملحد، يُدفن مكرما في مصر منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وجماعة تؤمن بالإله الواحد وإن اختلف الطريق إليه، لا تجد مكانا في وطنها تدفن فيه موتاها اللاجئون من سوريا والعراق والسودان يعاملون كمواطنين مصريين كما أعلن الرئيس، وأبناء فريق من الوطن لا يجدون أرضا تريحهم بعد الموت، مرفوضون في دنياهم وبعد موتهم!
في الإمارات معابد للبوذي والهندوس، ماذا جرى لمصر؟!
في مقال للأستاذ طارق حجي: لو كنت بهائيا! لأخبرت العالم كله أن وزير التربية و التعليم لا يقبل أبناء و بنات البهائيين لأنهم بهائيون، كما تحدث عني: لو كنت بهائيا لأخبرت العالم كله أنهم حبسوك عشرة أيام في السجن و أنت في سن السبعين!
هل صحيح ماقاله المتنبي:
وكم ذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكا!!