تبحث أغلب الأسر المصرية من محدودي الدخل عن متنفس لهم ولأولادهم من التلاميذ والطلبة. وتدخل مراكز الشباب حلبة الصراع مع النوادي الخاصة لجذب الآلاف الأسر والشباب. لممارسة الأنشطة الرياضية والترفية خلال موسم الإجازة لكن الغالبية العظمي يصطدمون بالفوضى والعوائق والروتين. في الوقت الذي تبحث المراكز عن حل لازمتها من أجل المنافسة ورفع مستوى الخدمة دون بديل.
ويبلغ عدد مراكز الشباب علي مستوى الجمهورية 4371 بالمدن والقرى. بينما يبلغ عدد القرى 5655 قرية تحتاج كل قرية إلى مركز شباب واحد على الأقل يخدم سكانها والتوابع التابعة لها من نجوع وعزب. إضافة إلى المناطق والأحياء العديدة بالمدن والحضر المحرومة من الأنشطة الرياضية والاجتماعية بسبب عدم وجود مراكز شباب.
وتبلغ نسبة العجز بين عدد القرى التي تحتاج لمراكز شباب 1284 قرية. إضافة إلى التوابع والأحياء والمناطق المحرومة بالمدن والحضر التي يصعب حصرها.
وتحتاج غالبية مراكز الشباب لمعجزة لتعود إليها الحياة بعد محاصرتها بجملة من المشكلات والمعوقات. فهناك مراكز شباب صدرت لها قرارات إزالة لمبانيها منذ سنوات. ولم يتم إعادة بنائها حتي الآن وتمارس نشاطها في شقة صغيرة مؤجرة أو حجرة متهالكة وقديمة. إضافة لغياب الملاعب عن كثير من المراكز ونقص حاد في الموظفين والأخصائيين الرياضيين والعمال ونقص الأجهزة الرياضية وقلة الاعتمادات المالية مما جعلها تمارس أنشطتها على الورق.
أول مراكز الشباب
أنشأ أول مركز شباب في مصر عام 1958 هو مركز شباب الجزيرة بحي الزمالك وكان أول ملعب من نوعه للأطفال. ومعسكرات جمعيات الكشافة ويضم قاعة للاجتماعات وأخرى للسينما وثالثة للمكتبة، وقاعات أخرى للهوايات واللجان الفنية. وأول عيادة كاملة للطب الرياضى، ومعرضا للصور وضم المركز مبنى كبير هو عبارة عن غرف خلع الملابس والحمامات ويتسع لألفى شخص. وحمام سباحة يبلغ طوله 50 مترا .
افتتح مركز شباب الجزيرة عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بهدف تأهيل الشباب من أبناء الطبقات الدنيا وتربيتهم فكريا لتكون طبقة موازية لأبناء الأرستقراطيين السابقين.
رحلة حرمان تعانيها آلاف القري والنجوع من غياب مركز للشباب، وحتى في وجود مراكز، تتفاوت درجات الخدمات التي تقدمها هذه المراكز، فبعضها يعاني الإهمال وضعف الإمكانات المادية بالصعيد والدلتا والمحافظات المختلفة بين انعدام وجود نشاط شبابي أساسا ووجوده ولكنه يحتاج إلي إعادة هيكلة، وفي كل الأحوال مازالت الدولة بعيدة بمسافات مختلفة عن أبنائها في أخطر مراحلهم العمرية.
مخصصات مالية هزيلة
مركز شباب النهضة بمنطقة مصر القديمة يعتبر ملجأ أو جمعية خيرية أو “حمام عمومى”. حيث يعتبره الكثير من السكان المحيطين به مؤسسة اجتماعية تلبي بعض احتياجاتهم الإنسانية التي حرموا منها بفعل إغفال الحكومة. لتوصيل الخدمات الأساسية لسكان العشوائيات لسنوات طويلة ولا تتوفر في منازلهم كالصرف الصحي.
ويخدم مركز شباب النهضة منطقة اسطبل عنتر وزهراء مصر القديمة وعزبة خير الله ودار السلام. ويعاني كغيره من ضعف الميزانية المخصصة له سنويا والتي لا تتجاوز 25 ألف جنيه فقط فيما يقترب سكان المنطقة من مليون نسمة.
يحتاج المركز إلى دعم إنشائي للمباني وإقامة صالات لياقة بدنية وغرف لتغيير ملابس الأنشطة الرياضية وتطوير المرافق الأساسية. وتجديد السور المحيط به ويحتاج إلى عمال نظافة وأمن ووحدة إسعاف وطبيب وعيادة صحية حسب تصريح مدير المركز كابتن مايسة محمد حسن. موضحة: “انتى ليه مستغربة من اللي بقولهولك الناس هنا بيجوا يستحموا ويملوا ميه من المركز علشان معندهمش حمام. الناس هنا بيناموا بتناوب.. العيال بتنام بالليل والصبح ييجوا المركز يعدوا طول النهار علشان الباقيين يعرفوا يناموا. فيه أسر هنا عايشين كل 11 فرد فى حجرة واحدة بدون حمام.. الغرفة مابتخدهمش وهما نايمين”.
وتضيف مايسة أن الإقبال غير العادى على المركز يضاعف من حجم الاستهلاك اليومي للمرافق الأساسية. فحنفيات المياه والحمامات تحتاج إلى قطع غيار وصيانة باستمرار مما يزيد العبء المالي عليه.
مشاجرات ونزاعات
وتشير مايسة إلى أن المركز يلعب دورا كبيرا في فض المنازعات والمشاجرات بين الأهالي عن طريق جلسات الصلح بينهم في قاعاته دون مقابل. لأنهم فقراء ولا يستطيع أحد منع مواطن من هذه الخدمات لأن الناس البسيطة لا تعي أن مكان مخصص للنشاط الرياضي والتثقيفي قائلة: “ظروف حياتهم الصعبة تجعلنا نتعاطف معهم وصرنا بمرور الوقت أكثر تقبلا لهذه الأوضاع”.
وتكشف مايسة أن ميزانية المركز المالية تبلغ 120 ألف جنيه سنويا على الورق فقط. ما يصل النادي منها فعليا هو 25 ألف جنيه فقط. وعلى المركز تدبير باقي الميزانية من موارده الذاتية لدرجة أن هناك أشهرا لا يستطيع فيها الوفاء برواتب العاملين.
وتواجه إدارة المركز العجز المالى بين خطة الوزارة المالية البالغة 105 ألف جنيه عن طريق تأجير قاعة الأفراح والملاعب. وتنظيم دورات تدريبية على استخدام الحاسب الآلى بأجر رمزى واشتراكات الأعضاء.
يحتاج مركز شباب النهضة إلى تأمين من جانب الشرطة حيث يتعرض الوافدون إليه. لمضايقات البلطجية فى المكان بجانب قيامهم بتناول المخدرات على أبواب المركز.
مراكز بدون مرافق
ويعد مركز شباب الشلالات من أعرق مراكز الشباب فى الإسكندرية ويصل سعر العضوية لمبلغ 800 جنيه والتجديد 160جنيه. ويرفض أهالي المنطقة ارتفاع أسعار العضوية في الوقت الذي لا يتوفر فيه أي من الإسعافات الأولية الطبية. في حالة إصابة أحد اللاعبين وقد أصيب لاعب ولم يتحرك أحد إداري المركز، فتطوعت سيدة من أولياء الأمور. لنقل اللاعب المصاب واضطرت لرهن قرطها الذهبي من أجل إنقاذ اللاعب ووصول والده.
ويشكو الأعضاء من سوء حال الحمامات والمرافق فلا توجد بالمركز غرفة خلع ملابس للاعبين فيضطر اللاعبين لخلع الملابس بالطرقات وممرات المركز وسط الأعضاء.
وقد قامت إدارة النادي بهدم ملعب الكرة الصغير لتنشأ ملعب تنس برسوم مرتفعة. فلم يجد الأعضاء مكان سوى الممرات لممارسة لعبة كرة القدم.
أما مركز شباب القباري غرب مدينة الإسكندرية فقد تآكلت أرضية ملعب كرة القدم واستولت مديرية التموين على عدة غرف من مساحة النادي وخصصتها لمراجعة بطاقات التموين والخبز .
وأصبح المركز في حالة يرثى لها وهجره كل الأعضاء والشباب بعد توقف النشاط لعدم توافر أي إمكانيات رياضية ومالية للأنشطة.
وفى مركز شباب سموحة تحول النشاط الرئيس فيه إلى معارض لبيع السلع. وازدحم النادي بالراود بشكل غير مسبوق حتى أصبح مستحيلا العثور على كرسى للجلوس أو مكان لأسر الأعضاء.
مراكز الشباب بقرى ومدن المحافظة تلفظ أنفاسها الأخيرة وتحتاج لمعجزة لتعود إليها الحياة بعد محاصرتها بجملة من المشكلات والمعوقات. فهناك مراكز شباب صدرت لها قرارات إزالة لمبانيها منذ سنوات ولم يتم إعادة بنائها حتى الآن وتمارس نشاطها في شقة صغيرة مؤجرة أو حجرة متهالكة وقديمة.
وتعاني أغلب مراكز محافظة الإسكندرية من نقص حاد في الموظفين والأخصائيين الرياضيين والعمال. ونقص الأجهزة الرياضية وقلة الاعتماد المالية مما جعل الأنشطة مجرد خطط على الورق.
أنشطة على الورق
أكثر من 40 قرية بمحافظة المنوفية محرومة من مراكز الشباب إضافة إلي وجود 30 مركز شباب. صدر لهم قرارات إزالة وكان البديل هو تأجير شقق كمقر مؤقت مثل مراكز (الخضرة وهيت وبخاتي).
وطبقا لخطة وزارة الشباب والرياضة يتم إدراج 3 مراكز سنويا للإحلال إضافة لوجود إشكالية بأراضي مراكز الشباب المؤجرة من الإصلاح الزراعي مثل مركز شباب ( أشليم، وطبلوها) حيث تضع المراكز يدها على الأراضي منذ 40 سنة بإيجار اسمي، ويرفض الإصلاح عمل عقود ويغالي في أسعار المتر حيث يرغب الأهالي في الشراء وتصل المبالغ المطلوبة لأكثر من 700,000 ألف جنيه وهو ما يقف حجر عثرة أمام المركز أو أعداد الملاعب.
وتعاني غالبية المراكز من عجز بالموظفين والعمال لوقف التعيينات من سنوات طويلة حيث تعمل غالبية المراكز بموظف واحد أو اثنان فقط ببعض المراكز بينما تحتاج لـ10 موظفين .
وتواجه أزمة عجز الأخصائيين والمدربين بالسماح لمراكز الشباب بالتعاقد معهم بمكافآت. كما وتلجأ مراكز الشباب إلى تأجير الملاعب أو صالات الأفراح أو محلات بالأسوار لتوفير موارد مادية لها فلا تتجاوز ميزانية المراكز أكثر من 5 ألاف جنيه في السنة. وفقا لعماد الدين العبد وكيل وزارة الشباب والرياضة بالمنوفية سابقا الذي يقول إن هناك 65 مركزا يقوم بتأجير ملاعبه لزيادة موارده لتدبير ميزانيته. والتي تصل لنصف مليون جنيه وذلك لتأجير العمالة المطلوبة وتشغيل الأخصائيين والصيانة.
الحاجة إلى ملعب
قرية “قرقارص” التابعة لقرية المطيعة بمركز ومدينة أسيوط ، بها مركز شباب منذ 30 عاما. لكن لا يوجد به ملعب لكرة القدم، وعلى الرغم من تقديم أكثر من طلب تخصيص لمديرية الشباب والرياضة وتحويل قطعة أرض فضاء من أملاك الدولة. مجاورة له إلى ملعب لكن لم يتم الاستجابة حتي الآن.
يقول علاء مبروك أحد أبناء “قرقاص” القرية نحتاج اهتمام من الشباب والرياضة بالأنشطة الرياضية والترفيهية. حيث نلجأ إلى تأجير ملاعب بمراكز الشباب من القري المجاورة تكلفنا نفقات عالية لبعدها عن المكان. مشيرا إلى أن ملعب كرة القدم أهم ملاعب الأنشطة الرياضية وبدونه يكون النادي بلا قيمة تذكر.
وأشار أندرو من أهالى قرقارص إلى حاجة القرية لملعب كرة قدم بدلا من اللعب فى الشارع والتسبب فى مشاكل بين الأهالى. إضافة إلى ممارسة أنشطة متعددة من الألعاب ومنها ألعاب فردية وقوى وأنشطة ثقافية واجتماعية.
وأضاف أشرف كمال: تم التقدم بأكثر من طلب إلى مديرية الشباب والرياضة لإقامة ملعب كرة قدم على قطعة أرض مساحتها 5 قيراط و21 سهما مستغلة منذ أنشاء المركز لملعب بقرية قرقارص لكن مديرية الشباب والرياضة بأسيوط ترفض.
موظفون غائبون
تقتصر وظيفة مراكز الشباب بمحافظة سوهاج على حضور الموظفين. حيث يقسمون الأيام فيما بينهم بالتناوب ويقومون بوضع خطط الأنشطة على الورق ولا يتم تنفيذها. ويتم تأجير الملاعب لتوفير موارد مالية لتدبير مرتبات الموظفين. ولا يستفيد منها أعضاء النوادي ولا يجدون أماكن لممارسة الرياضة وهواياتهم وفقا لهيثم شعبان احد العاملين بمراكز الشباب بمدينة طهطا.
يقول هيثم: كانت مراكز الشباب تعقد ندوات تثقيفية وتوعوية أو تعرض أفلام ترفيهية وتسجيليه لتوعيتهم. حاليا لا يوجد إلا مشاجرات الشباب مع بعضهم البعض والسبب أن كل منهم يريد حجز الملعب قبل الآخر وكل الأنشطة مجرد خطط على الورق”.
وطالب محمد سالم المسؤولين الاهتمام بمراكز الشباب الموجودة في جميع مدن وقرى محافظة سوهاج. وتفعيل الأنشطة الرياضية من مختلف الألعاب، ورفع الميزانية المخصصة .
ويوجد أكثر من 200 قرية وتابع وعزبة محرمون من ممارسة النشاط الرياضي بمحافظة القليوبية لـ19مركز شباب. كانت معظمها تمارس أنشطتها من خلال مواقع مستأجرة عبارة عن شقق صغيرة. ودكاكين وكافيتريات تمثل نحو 20% من إجمالي عدد المراكز بالمحافظة البالغ عددها 471 مركزا.
ضرورة التطوير
فيما أعلنت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية عن إنشاء وتطوير 122 مركزا للشباب. بهدف الارتقاء بأدائها وتحويلها إلى مراكز خدمة مجتمعية يستفيد من خدماتها أبناء المناطق المحيطة بها علاوة على ما تقدمه من أنشطة وبرامج متنوعة.
منها تطوير وإنشاء ٢٨ مركز شباب بمحافظة القاهرة، تطوير وإنشاء ١٩ مركز شباب بمحافظة الجيزة. تطوير ٣ مركز شباب بمحافظة الشرقية وواحد بمحافظة أسيوط و16 بمحافظة الفيوم و3 بالغربية. ومثلهم بالبحيرة والغربية، إضافة إلي تطوير 2 بشمال سيناء. ومثلهم بأسوان وواحد بقنا والبحر الأحمر وعدد آخر بباقي المحافظات.