في بيان لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي، الذي أعلن فيه تثبيت أسعار الفائدة، كان محصول الطماطم الوحيد الذي ذكره البنك بالاسم في تحليل الفروق بين التضخم العام خلال شهري ديسمبر 2020 وديسمبر 2021.
أعلن البنك المركزي ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 5.9% في ديسمبر 2021. وكان 5.6% في نوفمبر 2021. ذلك بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع. لكنه أشار إلى انخفاض عن الفترة المقارنة في ديسمبر 2020. وقد كان هذا الانخفاض في أسعار الطماطم بوتيرة أكبر من وتيرتها الموسمية خلال ديسمبر 2020.
عادت الطماطم لتتحكم -مجددًا- في مؤشر التضخم المتوقع للشهر الحالي. ذلك بعدما أثرت موجة الصقيع والبرد القارص التي مرت بها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة على المحصول. وقد دفعت به إلى مستويات سعرية غير معتادة في هذا التوقيت من العام، بحسب شعبة الخضروات والفاكهة في الغرفة التجارية.
تحتاج الطماطم لجو دافئ معتدل. بالإضافة إلى درجة حرارة تتراوح بين 15 و30 درجة. فيما يقف النمو إذا انخفضت درجة الحرارة عن 10 م، ولا يحدث عقد درجة حرارة أقل من 13 مئوية، إلا نسبة العقد البكري. وتؤدى الحرارة المرتفعة عن 35م لفشل عملية التلقيح وعدد العقد. كما تؤدي لتذبذب التلوين ومناطق غير متجانسة في الثمرة، بحسب الإدارة المركزية للإرشاد الزراعي.
اقرأ أيضًا: ارتفاع أسعار النفط يكبد الموازنة المصرية 71.3 مليار جنيه
تأثير الطقس على محصول الطماطم
ارتفع سعر عبوة الطماطم وزن 18 كيلو بنحو 50% الأسبوع الحالي. ووصل في بعض المناطق إلى 125 جنيهًا. بينما قفز الكيلو عند باعة التجزئة في بعض الأماكن حسب الجودة إلى 8 جنيهات، مرتفعًا بمقدار الضعف.
حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، يقول إن الارتفاع الكبير بالأسعار جاء بسبب سوء الأحوال الجوية التي ضربت البلاد وأدت إلى بطء نضج ثمار الطماطم وسقوط الأزهار وقلة عقدها. ويصل إجمالي الإنتاج الكلي لمصر من الطماطم إلى أكثر من 6 ملايين و500 ألف طن. وهي تشمل زراعات الصوب الزراعية والزراعات المكشوفة، بحسب تقديرات وزارة الزراعة.
ويبلغ إجمالي مساحات الطماطم نحو 400 ألف فدان. وتزرع في ثلاثة عروات؛ أولها العروة النيلي (تزرع في يونيو) التي تصل مساحتها إلى مساحة 49.3 ألف، والعروة الشتوي (تزرع نهاية شهر سبتمبر) وتصل إلى 141.07 ألف فدان. بالإضافة إلى الصيفي (تزرع في نصف الأخير من فبراير) بنحو 192.3 فدان بمتوسط الإنتاجية ما بين 15 و18 طنًا للفدان.
لكن المساحة المزروعة والإنتاج الکلي للطماطم يتسمان بالتذبذب في جميع العروات لمحصول الطماطم. ذلك حسبما تؤكد دراسة تتبعت المحصول خلال الفترة من (2000- 2017)، التي أكدت عدم استقرار المساحات وتقلبات واسعة النطاق للکميات المعروضة، طبقًا لسياسة آليات السوق، وتظل الأسعار حرة تتحدد تلقائيًا، وفقًا لتفاعل العرض والطلب.
وتبلغ مساحة محصول الطماطم في الأراضي الجديدة حوالي 256,60 ألف فدان. ذلك بما يعادل حوالي 40,34% من إجمالي المساحة المزروعة بمحصول الطماطم في الأراضي القديمة والجديدة على الترتيب. فيما تمثل مساحة الطماطم من إجمالي مساحة الخضروات الأخرى حوالي 21,18% من الأراضي القديمة و31,33% من إجمالي مساحة الخضروات الأخرى، البالغة حوالي 173,48 من الأراضي القديمة و256,60 ألف فدان من الأراضي الجديدة.
توقعات بارتفاع أسعار الطماطم حتى مارس
ويتوقع نقيب الفلاحين أن تواصل الأسعار الارتفاع خلال الشهر الحالي وحتى/أو مارس المقبل. ذلك مع ارتفاع درجات الحرارة ونضج المحصول وبداية إنتاج العروة الصيفية.
وقد تكبد مزارعو الطماطم خسائر كبيرة في العروات السابقة. وكان ذلك نتيجة تدني الأسعار مع ارتفاع تكاليف الإنتاج. خاصة استيراد تقاوي الطماطم. وهو يؤدي إلى زيادة تكلفة زراعتها. بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأسمدة ومستلزمات الزراعة الأخرى.
تطالب نقابة الفلاحين الحكومة بسرعة إنتاج تقاوي الطماطم محليًا. مع توفير المبيدات والأسمدة بأسعار مناسبة. ويقول أبو صدام إن وصول الصوب إلى التداخل بين العروات الإنتاجية يجعل مصر الخامس عالميًا في إنتاج الطماطم. لكن المشكلة في كونها منتج حساس لا يتحمل التخزين وسريع التلف. لذا خسارته نسبتها كبيرة، ويتطلب زيادة اهتمام بالتصنيع والتجفيف.
خلال ديسمبر الماضي، تراوح سعر طن اليوريا أو النترات بين 8000 إلى 8200 جنيه للطن الحر، بينما تسجل الشكارة الواحدة بين 400 إلي 450 جنيها. وتنتج مصر نحو 23 مليون طن سماد أزوتي، يتم استهلاك 9 ملايين طن منها محليًا.
اقرأ أيضًا: كيف تتأثر واردات مصر من القمح بالأزمة “الروسية-الأوكرانية”؟
سجلت المبيدات زيادة بأكثر من 70% حتى أن مبيد مكافحة الحشائش قفز من 70 جنيًها إلى 150 جنيهًا ومكافحة الذباب من 140 إلى 210 جنيهات، وأنزيمات الألمونيوم من 300 جنيه إلى 450 جنيهًا. وأغلب تلك المنتجات مستورد من الخارج وارتفع سعره بسبب أزمة الشحن العالمية.
يعاني بعض المزارعين في خبرتهم معلوماتيًا بالأصناف المناسبة واحتياجات كل صنف من الأسمدة وأعراض الإصابة بالأمراض والآفات وكيفية مقاومتها. هذا فضلًا عن عدم وجود تنوع في الأصناف أو هجن تتحمل درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة.
الهندسة الوراثية ضرورية لمواجهة التغيرات المناخية
تدعو دراسة، نشرتها المجلة العربية للعلوم الزراعية، إلى زراعة الأصناف عالية الإنتاجية، وتوفير البذور المحسنة وتوزيعها علي الزارعين. مع تشجيع الإنتاج من أجل التصنيع والتصدير. وكذا تطبيق أحدث الأساليب في الزراعة، وتخصيص مناطق لهذا الإنتاج. ويفضل أن تکون بالأراضي الجديدة التي تتميز بإمکان توفير الحيازات الکبيرة نسبيًا، وتتوافر بها مزايا الإنتاج الکبير.
وقد أكدت الدراسة ضرورة تفعيل دور جهاز الإرشاد الزراعي نحو استيعاب التکنولوجيا الحديثة في زراعة الطماطم وتوصيلها للزارع عن طريق الدورات التدريبية بهدف زيادة الإنتاج، هذا فضلًا عن الاهتمام بوضع سياسة سعرية مناسبة لمستلزمات الإنتاج. بما يساعد في خفض تکاليف الإنتاج وزيادة صافي العائد منها، والتشجيع على زراعة الطماطم.