لدى صناعة الأثاث المصرية فرصة لاقتحام السوق الأوروبية بقوة مع ارتفاع تكاليف الشحن من مناطق آسيا التي رفعت سعر حاوية الكنب والكراسي لـ20 ألف دولار حال شحنها من الصين للمملكة المتحدة.
وقال ستيف كارسون -الرئيس التنفيذي لشركة “إس سي إس”- إن نقل الأثاث من الصين للمملكة المتحدة يكبد شركته حاليا 20 ألف دولار مقابل 1500 دولار قبل جائحة كورونا. ما يمثل مشكلة للمستوردين خاصة مع ضعف الطلب على المنتجات.
زادت شركة” إس سي إس” تصنيعها في المملكة المتحدة من 50% إلى أكثر من 60% من الإنتاج في العام الماضي. بينما تعمل شركة “دي إف إس” لتجارة الأثاث بالتجزئة التي تصنع 40% من الأثاث على رفع الإنتاج المحلي أيضًا.
بسبب تكاليف الشحن ارتفعت أسعار الأثاث المنزلي في المملكة المتحدة بنسبة 12.5% في ديسمبر على أساس سنوي. وفقًا لمكتب الإحصاء الوطني بسبب الاعتماد الأوروبي الأمريكي على الصين في تصنيع الأثاث الرخيص سواء للمنازل أو الحدائق.
وارتفعت واردات الأثاث من الصين من 50 مليون دولار عام 1993 إلى 4.3 مليار دولار عام 2020. وفقًا لبيانات التجارة للأمم المتحدة. فيما تحاول الشركات المستوردة حاليا نقل بعض عمليات التصنيع الخاصة بهم إلى مكان أقرب إلى الوطن وعملائهم.
تأخر طويل في سلاسل الإمداد
تجار التجزئة الأوروبيون الذين تأثروا بفترات التسليم الطويلة من آسيا نقلوا الإنتاج إلى بلدان قريبة من الوطن مثل بولندا وليتوانيا ولاتفيا. والتي تتمتع بمزايا بسبب انخفاض تكلفة العمالة والوصول إلى المواد الخام مثل الخشب.
رئيس سوق الأثاث بمدينة توبيلو الشمالية بالولايات المتحدة يقول إن تأخيرات الشحن أدت إلى تأخير أوقات التسليم للعديد من الشركات المصنعة من 30 إلى 60 يومًا لما يصل إلى ستة أشهر.
ومن المتوقع حدوث تأخيرات في الأثاث المشحون لأمريكا حتى عام 2023. رغم بقاء الطلب على أثاث المنزل مرتفعًا خلال 18 إلى 24 شهرًا القادمة. وذلك بسبب تأخير الشحن من فيتنام -أكبر مصدر للأثاث للولايات المتحدة.
سلسلة متاجر التجزئة العملاقة في الدنمارك “إل واي إس كيه” لا تزال تحافظ على نصف إنتاجها في الصين. ومتجر الأرائك المُدرج بالمملكة المتحدة “ميد. كوم” الذي تضرر من إغلاق المصانع الفيتنامية بعمليات الإغلاق الصيف الماضي تصنع 75% من منتجاتها خارج أوروبا تقوم بتخزين أثاث بكميات كبيرة.
لا تستطيع بريطانيا توفير احتياجاتها محليًا للحاجة إلى آلاف الوظائف لشغلها. فضلاً عن الحاجة للمنسوجات أيضًا، وفقًا لجوناثان هيندل –رئيس اتحاد المفروشات البريطاني– الذي يقول إن الضغوط الأخرى تشمل الاعتماد على المواد المستوردة ما قد يؤدي إلى مشكلات في الإمداد.
هل تستفيد السوق المحلية؟
وسط هذه الظروف تعاني دمياط من عدم القدرة على تصريف منتجاتها وركود كبير في السوق. ما يحتاج فقط إلى وسيلة لتقريبها لأسواق التصدير. خاصة أن تكاليف الشحن في مصر أقل من الصين لقرب المسافة.
تنتج دمياط نحو 66% من الأثاث الخشبي بمصر لكنها تعاني ارتفاعًا بأسعار الخامات. ما يهدد بخروج منتجين من السوق بسبب عدم القدرة على تصريف المنتج.
بحسب شعبة الأثاث بالغرفة التجارية بدمياط فإن المكاتب التجارية المصرية في جميع أنحاء العالم يجب عليها التسويق لصناعة الأثاث وفتح آفاق جديدة لها. فضلا عن العناية بالمعارض الخارجية لتوصيل المنتج المصري للخارج.
وطالبت الشعبة بإعادة تفعيل دور مركز تكنولوجيا الأثاث فيما يخص عمليات إصدار واعتماد جودة المنتجات ودعم خامات المستوردة. خاصة الأخشاب بعدما ارتفع سعر متر الخشب الزان الأساسي في الصناعة لسهولة نحته وتشكيله لما يتراوح بين 8 و9 آلاف جنيه. والخشب البياض الأكثر استخداما إلى 4600 جنيه لكل متر مكعب.
تستورد مصر الأخشاب بنسبة %100 ووقت أزمة كورونا عانت أزمة الشحن واضطرت المصانع للعمل بنسبة تتراوح بين 30 و50% من طاقتها حينها لعدم وجود الخامات الكافية.
أثاث دمياط.. نقاط القوة والضعف
وقد أكدت دراسة للدكتور عبدالنبي عبدالمطلب -الخبير الاقتصادي- أن صناعة الأثاث المصرية تتضمن نقاط القوة. متمثلة في الموقع الاستراتيجي القريب من الاتحاد الأوروبي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بالإضافة إلى الخبرة بالنجارة التقليدية وانخفاض تكاليف العمالة الماهرة ومرونة الإنتاج وقصر الفترة الزمنية.
لكن الدراسة أشارت إلى نقاط ضعف منها محدودية المدخلات والمواد الخام. بخلاف انخفاض الإنتاجية. وتكنولوجيا ومعدات غير حديثة مع ضعف حماية حقوق الملكية وممارسات خاطئة لبعض المصدرين أسهمت في تكوين صورة سيئة عن المصدر المصري.
في ديسمبر 2019 افتتحت الحكومة مدينة دمياط للأثاث بمنطقة شطا على مساحة 331 فدانا عند تقاطع الطريق الدولي الساحلي مع طريق بورسعيد/دمياط. وتشمل المدينة جميع متطلبات صناعة الأثاث من مصانع وورش متنوعة لصناعة الأثاث والصناعات التكميلية ومراكز خدمية ومناطق إدارية واستثمارية.
تضمن مدينة دمياط للأثاث 54 هنجرًا يحوي 1348 مصنعًا وورشا لتصنيع الأثاث والصناعات ومركز تكنولوجيا الأثاث. بالإضافة إلى ٥ مراكز خدمية تشتمل على ورش مركزية لخدمة صغار الصناع لكنها حتى الآن تعاني عدم إنشاء شركات للتصدير داخلها. فضلا عن عدم التسويق للمنتج النهائي بشكل جيد ونقص العديد من خامات الإنتاج.
بحسب دراسة للمجلة العلمية للدراسات والبحوث المالية والتجارية تعد الصين أکبر المنافسين لصادرات مصر من الأثاث في أکبر 10 أسواق عربية بحصة 32% من الواردات. تليها ترکيا بنسبة 13%. ثم إيطاليا بنسبة 10% فالولايات المتحدة والإمارات بنسبة 6% لکل منهما وألمانيا بنسبة 5%.