قال آدم رجال -متحدث منسقية النازحين واللاجئين- لـ”الجريدة” السودانية معلقا على اغتصاب فتاة ثم شنقها إن الحادث وجد استنكاراً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأوضح أن مثل هذه الحوادث يتكرر. فالأطفال والنساء يواجهون أخلاقيات المليشيات التي تدار بواسطة الدولة. وهذا شيء محزن ويشعر ضمير الإنسان بالأسى. وتابع: اللجنة الأمنية التي تتبع نظام البشير لا تفكر في أن سلاح الاغتصاب الذي يستخدمونه كم ستدفع الأجيال ثمناً له حتى نزيل الآلآم التي تراكمت في قلوب الضحايا في المعسكرات. وحتى نؤسس دولة ونخلق سلاما اجتماعيا”.
وإلى نص الحوار الذي أجرته سعاد الخضر:
ما حقيقة تعرضكم لتهديدات في السودان؟
التهديدات التي تلقيتها بسبب العمل الذي نقوم به عامة. كمنسقية عامة لمنسقية اللاجئين والنازحين من توصيل الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها مليشيات الحكومة الانقلابية. من القتل والتشريد والتعذيب والاعتقالات التعسفية وفتح بلاغات كيدية للنازحين. نقوم بعكس تلك الانتهاكات للرأي العالمي والمحلي والمنظمات الحقوقية والإنسانية والمتابعين للوضع الإنساني في دارفور والناشطين والصحفيين الأحرار ونحن بالنسبة لهم عقبة ونهدد مصالحهم.
وهل هذه المرة الأولى التي تتلقى فيها تهديدات؟
المحاولات ليست جديدة وليست موجهة لي فقط. الملايين الذين استشهدوا ضحايا الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في دارفور. ومن يموتون يومياً من لجان المقاومة والكنداكات في الشارع السوداني يموتون يومياً من أجل أن نعيش في دولة القانون. دولة مدنية ليس فيها أحد كبير على القانون.
وكما ذكرت نحن في المنسقية نقوم برصد الانتهاكات التي ترتكبها مليشيات الحكومة الانقلابية. فهم يسعون إلى تخويفي حتى لا نقوم بتوثيق الانتهاكات ونحن كمنسقية سنواصل في ذلك لكن التهديدات لن تخيفنا ولن نقف ثانية.
أنا أكثر قوة وسأستمر في رصد الانتهاكات والجهات المتورطة في ذلك معلومة لدينا. لكن أصلاً بلد فيها كمية من الجيوش ومليشيات تتبع للدولة ومليشيات النظام البائد والجنجويد. لكن طالما نحن لدينا صوت وقلم نواجه أي شخص بالعمل السلمي وليس لدينا أكثر من ذلك لأننا مدنيين ونازحين وضحايا في المعسكرات.
ومن ضمن أسباب تهديدي أو محاولة اغتيالي لأننا كمنسقية لدينا تأثير فيما يتعلق بالأحداث والانتهاكات التي ترتكبها المليشيات في المعسكرات. حيث نقوم برفع كل التقارير الدورية والبيانات التي نصدرها في المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين. وهذا هو الطريق الذي يتخوف منه الجبناء والخونة الذين لا يستطيعون مواجهتك. لكن يمكن أن يغدروا بك. وهذه ليست أول مرة يقوموا بتهديدي. بل التهديدات أصلاً يتم توجيهها لأي شخص لديه تأثير والناشطين من قبلي وهم كثر. وهناك من تم اغتيالهم وأنا لست أشرف منهم ولا أفضل ممن استشهدوا. طبيعي أن أموت ويأتي غيري ليواصل مسيرة المطالبة بحقوق ملايين ضحايا المعسكرات. لا تهمني التهديدات وسوف أستمر في الدفاع عن حقوق الإنسان في السودان أو خارجه.
أوضاع النازخين في المعسكرات كيف تبدو؟
أوضاع النازحين مزرية ومتردية من الناحية الأمنية والإنسانية والصحية. فمن الناحية الأمنية الانتهاكات مستمرة بصورة يومية تتمثل في القتل والاغتصاب والنهب والتشريد وغيرها.
ومن الناحية المعيشية فهناك ارتفاع في الأسعار بصورة جنونية مع تخفيض الحصص الغذائية الآن. أكثر من 80% من النازخين خرجوا من دائرة صرف الحصص الغذائية بعد ما قام برنامج الغذاء العالمي بتصنيف القروض إلى أربعة أصناف. ما أدى إلى تردي أوضاع النازحين.
أما من الناحية الصحية فلا يوجد صرف صحي والأدوية غير كافية. حتى المضادات الحيوية داخل المراكز بالمخيمات وليس هناك أمل لمعالجة هذه المشاكل في مدى قريب. فهم ينتظرون رحمة السماء وأن يرفع ربنا البلاء والغلاء.
ما رأي النازخين في انقلاب البرهان على الحكم في السودان؟
الضحايا في معسكرات النزوح واللجوء يرفضون رفضاً قاطعاً الانقلاب الذي قام به رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر. وأصدرنا بياناً ضد هذا الانقلاب. وأكدنا في بيان آخر أعلنا فيه وقوفنا مع الشعب السوداني ولجان المقاومة والكنداكات والراستات والجيل الراكب راس وكل القوى المؤمنة بالتغيير الحقيقي الجذري. سواء كان منظمات المجتمع المدني نحن معها ومع الشعب السوداني حتى نستطيع إسقاط الانقلاب ونقذف به في مزبلة التاريخ.
ما تصوراتكم لما بعد سقوط الانقلاب؟
بعد إسقاط الانقلاب نقوم بتكوين حكومة من كفاءات مشهود لها بمحاربة النظام البائد ويتمتعون بوطنية عالية لديهم عقلية إدارة البلاد في الفترة الانتقالية.
ويتم إجراء حوار سوداني سوداني أو مؤتمر دستوري لكل أبناء الشعب السوداني بكل أطيافهم. سواء كان المزارعين أو الرعاة أو النازحين أو أساتذة الجامعات أو القانونيين -الصحفيين- القوى المؤمنة بالتغيير الحقيقي. سواء كان حركات الكفاح المسلح أو الأحزاب السياسية. نجلس في طاولة واحدة نضع لبنة أساسية لبناء الدولة السودانية من جديد.
مهمتنا الأساسية كيف يحكم السودان وليس من يحكم السودان ثم بعد ذلك نعمل على إعادة هيكلة المؤسسات السودانية. سواء كانت مدنية أو عسكرية بما فيها إعادة هيكلة الجيش السوداني حتى يكون جيشاً وطنياً لديه عقيدة قتالية موحدة مهمته الأساسية حماية حدود البلاد وغيرها من مكتسبات الوطن. الشرطة تكون موحدة مهمتها توفير الأمن لكل المواطنين السودانيين حتى نصل لدولة المؤسسات والمواطنة سيادة حكم القانون.
لماذا استمر تدهور الأوضاع الأمنية في دارفور؟ وهل يعني أن النظام البائد ما زال متجذراً فيها؟
استمرار انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم التي ترتكبها مليشيات النظام البائد أمر طبيعي. لأن الوضع في السودان متردي لوجود جيوش كثيرة. ليس هناك تحكم في المليشيات التي ترتكب الجرائم. والسودان لم يؤسس دولة قانون وهذا هو الذي أدى لاستمرار الانتهاكات بعد سقوط نظام البشير 2019م. ثم جاءت الحكومة الانتقالية برئاسة د. عبد الله حمدوك على الرغم من إخفاقات قوى الحرية والتغيير كان الوضع أفضل. بعد انقلاب البرهان الوضع رجع كما كان في عهد البشير لأن البرهان وحميدتي جزء من اللجنة الأمنية ونشطت الأجهزة الأمنية بما فيها جهاز الأمن والمخابرات الذي كان يعذب أبناء الشعب السوداني ويتم تصفيتهم بالتعذيب. رجعت كوادر الجهاز بعد منحهم حق الاعتقال والتحفظ وغيرها من الأشياء غير الإنسانية. لذلك الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ.
ما مطالبكم كنازحين للعودة إلى قراكم الأصلية؟
تتمثل مطالبنا في توفير الأمن ونزع السلاح من قوات الجنجويد بكل مسمياتها المختلفة. وتقديم مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وتقديم مرتكبي جرائم الحرب للمحكمة الجنائية الدولية. وعلى رأسهم المجرم عمر البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين وغيرهم من الجناة السودانيين. وتسليم المجرمين حق قانوني وليس منحة من أحد والقانون الدولي كفل لنا ذلك. وطرد المستوطنين الجدد من أراضي وحواكير النازحين واللاجئين حتى يتسنى لهم العودة إلى أراضيهم الأصلية بعد تعويضهم فردياً وجماعياً. التعويضات الفردية لأننا كنا في قرانا آمنين سالمين والدولة جيشت المليشيات وجاءوا قتلونا وشردونا ونهبوا أموالنا وممتلكاتنا التي ورثناها عن أجدادنا. مليشيات الدولة سلبتها لا بد أن يتم إعطاء كل شخص تعويض فردي لأي شخص حتى يبدأ به حياته ويعود لممارسة حياته الطبيعية ويتمتع بنفس الخدمات. أما التعويضات الجماعية تتمثل في توفير مدارس نموذجية والمستشفيات والمياه وخدمات الصرف الصحي وكل الخدمات التي يتمتع بها الشعب السوداني وبقية شعوب العالم أسوة بالآخرين. وهذه هي من أهم مطالب ملايين الضحايا في معسكرات الذل والهوان وهذه مطالبنا الأساسية وقضيتنا الأساسية.
وماذا عن المشاورات الأولية التي يقودها فوكلر؟
فيما يتعلق بالمشاورات الأولية التي يجريها فولكر. لم تتم مشاورتنا كضحايا أو كنازحين في معسكرات النزوح واللجوء. وعلى ضوء ذلك نحن أصدرنا بياناً أوضحنا فيه أننا لسنا جزءاً من هذا الحوار الذي يجريه فولكر. لأنه لم يعطنا اعتبار. سار في نفس المنهجية التي سارت عليها بعثة اليوناميد التي انسحبت في 30 ديسمبر 2020م. أحياناً في أخطاء لأنهم يأخذون أشخاصاً من المدن بالوكالة عن الضحايا. بدلاً من أن يذهبوا لمقابلة النازحين في المعسكرات كما تم في سلام. لذلك مشاورات لا تعنينا. خاطبنا أساتذة جامعة الخرطوم في مبادرة المؤتمر الدستوري أو ما يسمى بالحوار الدستوري لكن حتى الآن لم نرد عليهم.
ما أسباب استمرار أعمال العنف؟
من أكثر الأسباب التي أدت الى العنف اتفاقية سلام جوبا. التي قسمت البلاد إلى مسارات. وسن سنة جديدة لم تكن موجودة وما بني على باطل فهو باطل. واتفاق جوبا لا يعنينا ولم تتم مشاوراتنا فيه. هي اتفاقية جزئية تم بموجبها محاصصات ومنح الحركات مناصب وليست اتفاقية تلبي تطلعات النازحين الذين لديهم حقوق وواجبات متمسكين بها.
زاد التنافس الدولي حول موارد دارفور
هذا صحيح فقد تم توقيع اتفاق إماراتي روسي تركي لاحتلال جبل مرة. عقدته اللجنة الأمنية بالفاشر على هامش الاجتماع الذي انعقد في فبراير الجاري بين رئيس مجلس السيادة -البرهان- وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وحاكم إقليم دارفور. وذلك بغرض استخراج اليورانيوم والذهب والمعادن النفيسة على أن يتم استثمار الأراضي الزراعية والسياحية بجبل مرة لمصلحة تركيا والإمارات بصفة خاصة.
كيف تنظرون لاتجاه الحكومة تعيين أمراء على الحواكير؟
فيما يتعلق بتعيين الأمراء في أراضي النازحين واللاجئين. نرفض جملة وتفصيلا مثل هذه القرارات الارتجالية التي لا ليس لها أساس. لأنها قرارات غير مدروسة وغير مخططة. فالأراضي التي تفكر الحكومة الانقلابية بالخرطوم بتعيين الأمراء عليها هي ملك للنازخين. ومن تريد الحكومة تعيينهم عبر إدارات الأهلية والولاة ليس لهم ناقة ولا جمل فيها لأنها أراضي أصلا تتبع للملايين من الضحايا الموجودين في معسكرات النزوح. وهذه آلية جديدة لشرعنة التغيير الديمغرافي بعد تنفيذ مخططات الإبادة الجماعية والتشريد القسري. والسيطرة على أراض بطريقة رسمية عبر الدولة. وهذا يعتبر واحداً من الطرق التي تمكن الانقلابيين من سرقة الموارد الطبيعية في إقليم دارفور. نحن كضحايا سنقاوم بكل الطريق السلمية التي تمكننا من منع هذه الإجراءات الاستيطانية الجديدة.
للمرة الثانية والثالثة نطالب ولاة ولايات دارفور والإدارات الأهلية عدم تنفيذ القرارات التي تصدر من الحكومة الانقلابية. لأن الوضع في دارفور لا يستحمل خلق أي بلبلة جديدة من شأنها أن تؤدي إلى انفجار الأوضاع.
وجدت حادثة اغتصاب فتاة في دارفور والتي تم تعليقها على شجرة وشنقها
بالنسبة لحادثة الفتاة التي تم اغتصابها وشنقها فق وجدت استنكاراً واسعاً في وسائط التواصل الاجتماعي. ومثل هذا الحادث يتكرر من فترة لأخرى. فالأطفال والنساء يواجهون أخلاقيات الدولة عبر المليشيات أو اللجنة الأمنية التي تتبع لنظام البشير. خذا شيئ محزن. وهم لا يفكرون أن سلاح الاغتصاب الذي يستخدمونه كم ستدفع الأجيال ثمناً له حتى نزيل الآلآم التي تراكمت في قلوب الضحايا في المعسكرات. وحتى نؤسس دولة ونخلق سلاما اجتماعيا.