يرسم تقرير التقييم السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ- الصادر في نهاية فبراير الماضي صورة قاتمة للمستقبل- وصف الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” التقرير بأنه “أطلس للمعاناة الإنسانية” و”دليل إدانة لفشل قيادة العمل المناخي”. يؤثر تغير المناخ بالفعل على كل ركن من أركان العالم، و إذا فشلنا في خفض الانبعاثات والتكيف العاجل مع تغيرات المناخ، فسوف تكون الآثار أكثر خطرا على البشر والطبيعة.
يعتمد التقرير الصادر في نحو 3799 صفحة على على 34000 دراسة، شارك فيها 270 مؤلفا من 67 دولة في العالم، ويقدم أحد أكثر التحقيقات شمولا للتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المتصاعدة لتغير المناخ، ويعرض التقرير بالتفصيل لثلاثة عناوين رئيسية هي: آثار تغير المناخ، طرق التكيف، الجماعات والأفراد والنظم البيئية الأكثر عرضة للخطر. لا تصدقوا كل من يدعي أنه قرأ التقرير كاملا، ولا حتى أنا، قرات ملخص صانعي السياسات 37 صفحة، وقرأت فصولا وموضوعات مختارة من التقرير، وفيما يلي عشرة ملاحظات على هذا التقرير الهام والمرفق على الرابط التالي :
https://www.ipcc.ch/report/ar6/wg2 /
1.الآثار المرصودة لتغير المناخ هي بالفعل أكثر انتشارا وخطورة مما كان متوقعا: يتسبب تغير المناخ في اضطراب واسع النطاق في كل منطقة في العالم. مع ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.1 درجة مئوية فقط، تهدد موجات الجفاف الشديدة والحرارة الشديدة والفيضانات القياسية الأمن الغذائي وسبل عيش الملايين من الناس. أجبرت الفيضانات والعواصف المدمرة أكثر من 20 مليون شخص على ترك منازلهم سنويا منذ عام 2008. منذ عام 1961، تقلص نمو إنتاجية المحاصيل في أفريقيا بمقدار الثلث بسبب تغير المناخ. ويواجه نصف سكان العالم حاليا انعدام الأمن المائي لمدة شهر واحد على الأقل في السنة.
حرائق الغابات تدمر مساحات أكبر من أي وقت مضى، مما يؤدي إلى تغييرات لا رجعة فيها في الغطاء الشجري والمناظر الطبيعية للأرض. درجات الحرارة المرتفعة تساعد أيضا على انتشار الأمراض المنقولة بالحشرات والمياه، مثل فيروس غرب النيل والملاريا والكوليرا. ويؤدي تغير المناخ أيضا إلى تهديد النظم البيئية وانقراض الأنواع الحية، انقرضت حيوانات مثل الضفدع الذهبي والقارض الصغير (Bramble Cays Melomys) بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتعاني حيوانات أخرى، مثل الثعالب الطائرة والطيور البحرية والشعاب المرجانية، من حالات نفوق جماعية، بينما انتقلت أنواع أخرى إلى مناطق خطوط عرض أعلى.
- مخاطر تغير المناخ على المدى القريب مؤكدة، حتى لو أزال العالم الكربون بسرعة، فغازات الدفيئة الموجودة حاليا في الغلاف الجوي، واتجاهات الانبعاثات الحالية، ستجعلان من بعض التأثيرات المناخية الكبيرة جدًا لا مفر منها خلال العقدين القادمين. ويقدر التقرير، أن تغير المناخ سيؤدي، خلال العقد القادم فقط، إلى دفع ما بين 32-132 مليون شخص إلى أقصى حدود الفقر المدقع، وأن يؤدي الاحترار العالمي إلى تعريض الأمن الغذائي للخطر، فضلا عن زيادة أعداد الوفيات المرتبطة بالحرارة وأمراض القلب والصحة العقلية. حتى في ظل سيناريو الانبعاثات العالية، يمكن أن تؤدي زيادة الفيضانات إلى حوالي 48000 وفاة إضافية بين الأطفال دون سن 15 عامًا في عام 2030 ، بسبب أمراض الإسهال، وستواجه الأنواع والأنظمة البيئية تغيرات جذرية أيضًا، مثل فشل أشجار المانجروف مع ارتفاع مستوى سطح البحر، وانخفاض الأنواع المعتمدة على الجليد البحري وموت الأشجار على نطاق واسع.
- المخاطر مركبة معقدة ومتزامنة: يقول التقرير أن كل عشر درجة إضافية للاحترار العالمي، ستؤدي إلى تصعيد التهديدات على البشر والأنواع الحية والنظم البيئية. ارتفاع درجات الحرارة يزيد المخاطر والتي ستؤدي في كثير من الأحيان إلى آثار لا رجعة فيها. الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري دون 1.5 درجة- وهو هدف مشترك لدول العالم في اتفاقية باريس- حتى هذا الحد ليس آمنا للجميع، على سبيل المثال، يتوقع التقرير، أنه مع ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط، فإن العديد من الأنهار الجليدية في العالم إما ستختفي تماما أو تفقد معظم كتلتها من المياه، وسيعاني 350 مليون شخص إضافي من ندرة المياه بحلول عام 2030. وسيواجه ما يصل إلى 14% من الأنواع البرية مخاطر الانقراض.
وإذا تجاوز الاحترار 1.5 درجة مئوية، ستحدث تأثيرات أكثر خطورة ولا رجعة فيها، مثل العواصف القوية، وموجات الحر والجفاف الأطول، وزيادة معدلات الأمطار، والارتفاع السريع في مستوى سطح البحر، وفقدان الجليد البحري في القطب الشمالي والصفائح الجليدية، كما أن زيادة درجة الحرارة تزيد من احتمالية الموت الجماعي للغابات، مما قد يحول مصارف الكربون إلى مصادر للكربون.
يتوقع التقرير أن تتفاعل الأزمات المناخية وغير المناخية مع بعضها البعض، ويمكن أن تحدث مخاطر مركبة ومتعددة ومتتالية، في نفس الوقت، وفي نفس المناطق. على سبيل المثال، في المناطق الاستوائية، قد تؤدي التأثيرات المشتركة للحرارة والجفاف، إلى خسائر كبيرة ومفاجئة في المحاصيل الزراعية، في الوقت نفسه، ستزداد الوفيات المرتبطة بالحرارة، وتنخفض إنتاجية العمالة، ولن يتمكن الناس من العمل لتجاوز الخسائر المرتبطة بالجفاف. تتضافر كل هذه العوامل لتؤدي إلى خفض دخل الأسر، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهو مزيج مدمر يعرض الأمن الغذائي للخطر، ويزيد من تفاقم سوء التغذية والمخاطر الصحية.
- العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية هي التي تحدد مدى التعرض لمخاطر تغير المناخ، وكذلك القدرة على اتخاذ تدابير مناسبة للتكيف. يعيش حاليا ما بين 3.3- 3.6 مليار شخص في بلدان شديدة التعرض لتأثيرات المناخ، والمناطق الأكثر عرضة-أو ما يسمى النقاط الساخنة- تتركز في الدول الجزرية الصغيرة، والقطب الشمالي، وجنوب آسيا، وأمريكا الوسطى والجنوبية، والكثير من أفريقيا جنوب الصحراء. إن الفقر وعدم المساواة ومحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية وغياب المسائلة وطرق التنمية، لا تزيد فقط من الحساسية للمخاطر، لكنها أيضا تقيد من قدرة المجتمعات على التكيف مع التغيرات المناخية.
خلال الفترة من 2010-2020 كان معدل الوفيات بسبب الجفاف العواصف والفيضانات في الدول الأكثر تعرضا أكبر بمقدار 15 مرة من البلدان الأقل تعرضا. زاد التعرض لتأثيرات تغير المناخ بشكل كبير خاصة في المدن خلال السنوات الماضية، وحدثت أسرع الزيادات في مناطق المستوطنات العشوائية في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، حيث يعيش حوالي 60% من سكان الحضر في مستوطنات عشوائية، وفي آسيا، حيث يعيش حوالي 529 مليون شخص في هذه المناطق المعرضة للخطر.
- طرق التنمية الحضرية والريفية غير المستدامة وغير المتكافئة تزيد من مخاطر المناخ، وتجعل النظم البيئية أكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ. تغيير استخدام الأراضي، وتدمير الموائل، والتلوث واستغلال الأنواع، يؤدي إلى إضعاف مرونة النظم البيئية، والذي يؤدي بدوره، إلى زيادة ضعف الناس. توسع المدن عبر الأراضي الرطبة والساحلية، يؤدي إلى تدهور النظم البيئية، التي كانت تساعد في حماية المناطق الساحلية من ارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف والفيضانات. وتواجه العديد من المجتمعات الريفية أيضًا مخاطر مناخية متزايدة، لا سيما الشعوب الأصلية وأولئك الذين تعتمد سبل عيشهم على القطاعات المعرضة بشكل مباشر لمخاطر المناخ، مثل الزراعة وصيد الأسماك والسياحة. مع اشتداد التأثيرات المناخية، قد لا يكون أمام بعض الأسر خيار سوى الانتقال إلى المدن، وتتوقع الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أنه بحلول عام 2030، ستؤدي موجات الجفاف الشديدة عبر الأمازون إلى زيادة الهجرة الريفية إلى المدن.
- تدابير التكيف الفعال: يؤكد التقرير أن سياسات المناخ في 170 دولة على الأقل تتضمن خطط للتكيف مع تغير المناخ، لكن العديد منها لم ينتقل بعد من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، وجهود التكيف الحالية لا تزال محدودة، ويتركز معظمها على الاستجابة للآثار الطارئة أو المخاطر على المدى القريب، ويعترف التقرير، بأن هناك فجوة بين مستويات التكيف الحالية والمستويات المطلوبة، وأن السبب الرئيسي في ذلك، هو الدعم المالي المحدود. ويقدر التقرير أن احتياجات التكيف للبلدان النامية وحدها تصل إلى 127 مليار دولار بحلول عام 2030، وأنها سترتفع إلى 295 مليون دولار بحلول منتصف القرن. يمثل التكيف حاليا ما بين 4-8% فقط من تمويل المناخ المتتبع، والذي بلغ إجماليه 579 مليار دولار في عام 2017-2018.
الخبر السار هو أن خيارات التكيف المناسبة يمكن أن تقلل من مخاطر تغير المناخ إذا تم تمويلها وتنفيذها سريعا. ويفتح التقرير آفاقا جديدة من خلال تحليل جدوى تدابير التكيف وفعاليتها وإمكانية تحقيق منافع مشتركة مثل تحسين الصحة أو الحد من الفقر. ويعرض التقرير لثلاث مقاربات للتكيف المناسب والفعال مع تغير المناخ: الأولى، تركز على إعادة تصميم برامج الحماية الاجتماعية، مثل التحويلات النقدية وبرامج الأشغال العامة وشبكات الأمان الاجتماعي، بحيث تشمل التكيف، وتكون هذه التدابير فعالة، عندما تقترن بتحسين الوصول إلى البنية التحتية والخدمات الأساسية، مثل المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية.
الثانية، التكيف القائم على النظام الإيكولوجي، وتشمل مجموعة واسعة من الاستراتيجيات، من حماية وترميم النظم البيئية وتنويع المحاصيل والزراعة المستدامة وزراعة الأشجار في المراعي. ويمكن للتكيف القائم على النظام الإيكولوجي أن يقلل من مخاطر المناخ، وأن يقدم خدمات جليلة للتنوع البيولوجي والصحة والأمن الغذائي. نجاح مثل هذه التدابير، يتطلب مشاركة المجتمعات المحلية والسكان والشعوب الأصلية، وتعاونهم شرط ضروري لنجاح تدابير التكيف. الثالثة، تركز على تطوير التقنيات والبنية التحتية الجديدة. حيث تشير الأدلة، إلى أن اقتران الحلول القائمة على الطبيعة بالخيارات الهندسية، مثل قنوات التحكم في الفيضانات، يمكن أن يقلل من المخاطر المتعلقة بالمياه، كما أن تطوير تقنيات أفضل، وزراعة أصناف محاصيل أكثر مرونة، وتربية الماشية المحسنة، أو الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كلها عوامل تساعد في تقليل المخاطر.
- يحذر التقرير من سوء التكيف- أو التكيف السيء- (maladaptation) واتباع طرق غير مناسبة قد تؤدي إلى تفاقم المشكلات في المستقبل، ويؤكد أنه ليس هناك طريقة موحدة في التكيف مع تغير المناخ تناسب جميع البلدان، ولا حتى تناسب المناطق المختلفة داخل نفس البلد. ويذهب التقرير إلى أن بعض تدابير التكيف يمكن أن تكون ضارة، إذا تم تصميمها بشكل سيء، أو تنفيذها بطريقة غير مناسبة. ويضرب التقرير مثالا، بتوسيع أنظمة الري، يمكن أن يعالج بعض مخاطر تغير المناخ على المدى القصير، ولكن يمكن أيضا أن يؤدي إلى استنزاف احتياطيات المياه الجوفية. ومثال آخر واضح من أمريكا الشمالية، هو بناء الجدران- أو المصدات- البحرية لحماية الشواطيء من التآكل.
يقول إدوار كار، الجغرافي الأمريكي في جامعة كلارك، ومحرر الفصل 18 من التقرير أنه “يمكن لهذه الجدران البحرية أن توفر الحماية فقط لمن يعيشون خلف هذا الجدران مباشرة، لكنها لا توفر الحماية للآخرين الذين يقفون على الجانب الآخر من الشاطيء”..”الجدران والمصدات البحرية لا تحل المشكلة، بل تنقلها إلى الآخرين الذين ليس لديهم جدار بحري”. الجدران والمصدات البحرية، فقط، تستبدل الضحايا.
وفي فصل آخر، يعرض كوامي داكو، مثالا من غانا. استخدمت غانا المصدات البحرية لحماية إحدى المناطق الساحلية من التآكل، ونجحت بالفعل في حماية المنطقة، المشكلة هي أن المنطقة أصبحت جاذبة للمستثمرين كونها قابلة للتطوير، اشترى المستثمرون الأراضي لبناء مشروعات سياحية وتجارية، في المقابل، أدى ذلك إلى نزوح مجتمع محلي من سكان الشاطيء، بعد أن وجدوا أنفسهم بدون الأرض التي كانوا يمتلكونها.
- للتكيف حدود، ومع زيادة الاحترار، وصلت بعض النظم البيئية والأفراد والجماعات إلى حدود ما يمكن التكيف معه، وأصبحت بعض تأثيرات تغير المناخ شديدة للغاية، لدرجة أنه لا يمكن التكيف معها، لذلك يحتاج العالم إلى إجراءات عاجلة لمعالجة الخسائر والأضرار.
في بعض المناطق، وبعض والقطاعات، تكون هذه الحدود مرنة، أو ناعمة، بمعنى أنه توجد تدابير فعالية للتكيف، لكن التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تعرقل تنفيذها، لكن في حالات آخرى، يواجه الناس والنظم البيئية حدودا صارمة- أو حادة- للتكيف، بحيث تكون التأثيرات شديدة لدرجة أنه لا توجد تدابير فعالة يمكن أن تمنع الخسائر والأضرار. على سبيل المثال، فقدت بعض المجتمعات الساحلية في المناطق الاستوائية أنظمة بيئية كاملة للشعاب المرجانية، كانت في السابق تساعد في الحفاظ على أمنها الغذائي وسبل عيشها، ومع ارتفاع مستوى سطح البحر، اضطر آخرون إلى هجر الأحياء المنخفضة والمواقع الثقافية.
وسواء كانت حدود التكيف مرنة أو حادة، ناعمة أو قاسية، فالنتيجة بالنسبة للمجتمعات واحدة، ومدمرة، وفي كثير من الأحيان، لا رجوع فيها. ومع ارتفاع درجات الحرارة ستزيد الخسائر والأضرار، على سبيل المثال، إذا ارتفعت درجة حرارة العالم إلى ما بعد 1.5 درجة مئوية، ستواجه المجتمعات التي تعتمد على الجليد وذوبان الجليد نقصًا في المياه لا يمكنها التكيف معه، وعند درجتين مئويتين، سيزداد خطر الفشل المتزامن في إنتاج الذرة عبر مناطق النمو الرئيسية في العالم، وفوق 3 درجات مئوية، ستواجه أجزاء من جنوب أوروبا في فصل الصيف درجات حرارة مرتفعة بشكل خطير.
- يعطي التقرير حيزا كبيرا لمناقشة موضوع الزراعة الذكية مناخيا، وكيف ستتكيف الزراعة مع تغيرات المناخ. يقول التقرير أن تغير المناخ سيزيد من انعدام الأمن الغذائي بسبب الجفاف وتحمض المحيطات وتملح دلتا الانهار والأراضي الساحلية، ويتوقع أن تفاقم عوامل الثروة وعدم المساواة من هذه المخاطر. وكمثال على أثر الثروة وعدم المساواة في التكيف مع تغير المناخ، يشرح كار موضوع تكنولوجيا البذور، فيقول:
“غالبًا ما يقوم الرجال والنساء أو الأعراق المختلفة أو الأشخاص المختلفون داخل المجتمع الواحد بزراعة أنواع مختلفة من المحاصيل والمنتجات، فما هي البذور التي يتم توفيرها للناس؟ وهل تتوافق هذه البذور الجديدة مع أنظمة الأسواق التي يعيش فيها الناس؟
تحتاج البذور المهندسة وراثيا، في كثير من الأحيان، إلى الكثير من المدخلات المختلفة، فهل هذه المدخلات متاحة؟ من يستطيع تحمل تكاليفها؟- يسأل كار، ويجيب: هنا غالبا يظهر تأثير الثروة وعدم المساواة. يمكن إتاحة البذور على نطاق واسع، لكن عندما يتطلب الأمر الأسمدة والمبيدات والمكملات والمدخلات، التي لا يستطيع جميع المزارعين الوصول إليها، سيستفيد فقط مجموعة من الأثرياء، ولم تقدم شيئا للمزارعين الفقراء والأكثر فقرا.
- لقد تأخر العمل لمواجهة تغير المناخ واتخاذ تدابير للتكيف معه، وكلما طال انتظارنا قل عدد الخيارات التي ستكون متاحة، وقد نضطر إلى اختيارات أكثر تكلفة وأقل فاعلية. نحن بحاجة إلى تغيير جذري في المسار، تغيير يتجاوز التكنولوجيا الجديدة، وأسواق الكربون، والصفقة الخضراء الجديدة، ويتضمن إجراءات تحويلية كبرى في المجتمع وفي الاقتصاد، ولا يمكن تحقيق ذلك، في غياب الناس، خصوصا هؤلاء الأكثر تعرضا لتغيرات المناخ وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية. لا يمكن اختزال أزمة تغير المناخ في مجرد توفير التمويل اللازم للتكيف، ولا يمكن أن تجح أي تدابير للتكيف، دون مشاركة فعالة من الفئات والجماعات والأفراد الأكثر تعرضا للمخاطر. الخبر السار، يقول التقرير، هو أن هناك الكثير من الخيارات، لكن في هذه المرحلة، من الواضح تماما أن التغيير التدريجي لن ينجح.
وتعد قمة المناخ السابعة والعشرون (COP27)- والمقرر انعقادها في مصر في نوفمبر القادم- فرصة سانحة للحكومات لإحراز تقدم على كل الجبهات، وللبلدان المتقدمة لإظهار تضامنها مع الدول الضعيفة، وأن يستمع الحكام والوزراء وممثلو الشركات والمنظمات الدولية إلى أصوات الناس، خصوصا هؤلاء الأكثر تعرضا لمخاطر تغير المناخ، الفلاحين والصيادين وسكان المناطق الساحلية والقرى والمناطق المنخفضة بالقرب من مخرات السيول، سائقي السيارات والشاحنات، والعاملين بالسياحة، وغيرهم من الفئات الأكثر تعرضا لمخاطر تغير المناخ.
لا أريد أن أبالغ بالقول أن قمة المناخ القادمة في مصر هي الأمل الأخير لتدشين هذا التحول الكبير والضروري، لكن نوافذ الأمل لن تظل مفتوحة إلى الأبد، والإنتظار إلى القمة الثامنة والعشرين، أو التاسعة والعشرين، سيكلفنا الكثير من الخسائر، التي يمكن تجنبها إذا شارك أصحاب المصلحة في صنع القرار ومتابعة تنفيذه والمسائلة.