قرر البنك المركزي رفع الفائدة بمعدل 1% في اجتماع استثنائي اليوم. حيث قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 100 نقطة أساس. ليصل إلى 9.25% و10.25% و9.75% على الترتيب. وبالتبعية ارتفعت أسعار العملات الأجنبية في تعاملات البنوك الصباحية مقابل الجنيه بنسب قاربت الجنيهين. بعدما تقلصت قيمة الجنيه بعد قرار أشبه بتعويم عام 2016.
وقام البنك المركزي المصري اليوم برفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 9.75%. بعد تخارج استثمارات الأجانب وتوجهها إلى السوق الأمريكية التي رفعت الفائدة. وبالتالي كانت السوق هناك أكثر جاذبية من المصري. لذا حاول البنك المركزي المصري إعادة المستثمرين الأجانب برفع سعر الفائدة الذي بدوره قلص قيمة الجنيه -فكلما ارتفعت بالبنوك انخفضت قيمة الجنيه- لتبقى التساؤلات؛كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على قرار الرفع؟ وهل قرار الفيدرالي الأمريكي تسبب بشكل مباشر في التعجيل بالقرار محليًا؟.
ماذا يعني رفع أسعار الفائدة؟
ويعتبر قرار رفع الفائدة معيارا يحدد أسعار الفائدة على القروض التي تحصل عليها البنوك من المركزي. وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للعملاء.
وكلما ارتفع السعر الذي يضعه المركزي تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة بالعملات المقومة بعملة المركزي أو المرتبطة بها.
ويعني سعر الفائدة الحقيقي ما يحصل عليه المستثمر في حالة وضع الأموال في البنك. وأيضا في حالة قيامه بالاقتراض من البنك.
وفي حالة الجنيه فإن قيمة الإقراض سترتفع اعتبارا من اليوم على البنوك. وبالتالي على العملاء. وهذا مؤشر سلبي على الاقتصادات التي تبحث عن تحفيز الأسواق عبر وضع نسب فائدة منخفضة. بحيث سيدفع رفع قيمة الإقراض إلى تراجع وتيرة الإقدام على طلب التسهيلات الائتمانية في الأسواق.
ويرفع البنك المركزي أسعار الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد. “زيادة أسعار السلع والخدمات”. وبالتالي ترتفع قيمة المال وتقل نسبة الاقتراض ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم.
وفي حالة الركود الاقتصادي يقوم البنك بخفض سعر الفائدة. ما يخفض من قيمة الأموال فيزداد الاقتراض وينتعش الإنفاق الاستهلاكي.
توقعات رفع الفائدة
عدد كبير من الخبراء الاقتصاديين والمحللين ببنوك الاستثمار توقعوا قيام المركزي برفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية. والذي كان من المتوقع عقده الخميس المقبل. إلا أن اللجنة اجتمعت مساء يوم الأحد وأعلنت رفع أسعار الفائدة صباح الاثنين.
وتوقعت رضوى السويفي -رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار الأهلي فاروس القابضة- في تصريحات لـ”مصر 360″ قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة. وردت ذلك لقيام الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2018. بجانب الاضطرابات العالمية والحرب بين روسيا وأوكرانيا وما فرضته من ضغوط تضخمية.
وتوقع بنك ستاندرد تشارترد البريطاني أن يرفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة 1% (100 نقطة) ليصل إلى 9.25% على الإيداع. كما توقع البنك في تقرير بعنوان “رياح التغيير” أن ترتفع الفائدة إلى 10.25% بنهاية السنة المالية 2022 وإلى 11.25% بنهاية السنة المالية 2023.
وقال البنك إن هذه الزيادات “ستمحو الخفض بمقدار 300 نقطة. والذي قام به البنك المركزي في 31 مارس 2020 كأحد الإجراءات الأساسية لمواجهة تأثيرات جائحة كورونا”.
هل أثر قرار الفيدرالي الأمريكي على مصر بالنسبة للفائدة؟
وجاءت توقعات رفع الفائدة مباشرة عقب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) الأربعاء الماضي برفع سعر الفائدة قصير الأجل الرئيسي للمرة الأولى منذ عام 2018. حيث تسبب رفع الفائدة في أمريكا في تحريك أسعار الفائدة في مختلف دول العالم. لتأثرها مباشرة بتخارج أموال الأجانب وتوجهها إلى السوق الأمريكية التي باتت أكثر جاذبية.
وتوقع الخبراء أن يرفع البنك المركزي الفيدرالي أسعار الفائدة مرات عدة هذا العام. ولكن بزيادات صغيرة. في الوقت الذي رفعت فيه أيضًا بنوك مركزية في العالم العربي أسعار الفائدة بعد خطوة الفيدرالي الأمريكي.
وقال محمد ماهر -العضو المنتدب لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية- في تصريحات خاصة إن قرار الفيدرالي الأمريكي يعد أحد العوامل المهمة التي يضعها البنك المركزي المصري نصب عينيه وهو يقيم مسار سياسته النقدية. ومنها قرار رفع الفائدة لمواجهة تخارج الدولار من السوق المصرية.
وأوضح أن قرار الفيدرالي يعد من العوامل المهمة بالنسبة لقرار أسعار الفائدة بالمركزي المصري. في ظل أن البيئة الحالية تعد غير مثالية على الإطلاق لأصول الأسواق الناشئة. موضحًا أن تغيير الفيدرالي الأمريكي سياساته تؤثر بشكل مباشر وواضح على الاقتصادات الأخرى وتدفعها لتغيير سياستها.
لماذا رفع المركزي سعر الفائدة؟
وقد رد عدد من الخبراء قرار رفع الفائدة إلى الموجة التضخمية العالمية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا. وبالتالي كان البنك المركزي مطالبا برفع الفائدة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية التي انسحبت من السوق مؤخرًا. لكن ذلك الإجراء يتبسبب بالتبعية في خفض قيمة العملة المحلية “الجنيه”.
وقال الخبير الاقتصادي عادل عامر إن المستثمرين الأجانب تخارجوا من السوق الفترة الماضية. لاستثمار أموالهم في سندات خارجية -أكثر جاذبية- لذا كان على البنك المركزي توفير حزمة تحفيزية للمستثمرين لمنع استمرار تخارجهم. وكان أبرز تلك الحوافز هو تشجيعهم على العودة من جديد وتقليص سعر الفائدة.
وتابع لـ”مصر 360″ أن موجة التضخم التي ضربت كثيرا من الأسواق ومنها مصر أحدثت حالة تقلب شديد بالسوق. فيما بدأ الأجانب سحب كميات من الدولار من البنوك لتوفير مستلزمات المصنعين من الخارج وغيرهم. وذلك بعد سلسلة الأزمات التي ضربت الأسواق العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية.
وأكد وليد ناجي نائب رئيس البنك العقاري أنه رغم تأثير قرار رفع الاحتياطي الفيدرالي برفع الفائدة على تحريك أسعار الفائدة المصرية فإن التأثير على السوق المصرية سيكون محدودا ومحكما من قبل سياسات البنك المركزي. مقارنة بكثير من الدول ستتأثر بنسبة كبيرة من قرار رفع الفائدة الأمريكية.
وأشار إلى أن هناك صدمة سعرية كبيرة نتيجة الزيادة في أسعار المواد الخام والطاقة والغذاء. ما تسبب في حالة من التقلب بالأسواق العالمية ومنها السوق المصرية وظهور حالة إحجام عن القدرة الشرائية للمواطنين. وقال إن قرار الفيدرالي الأمريكي يؤثر بشكل مباشر على الأسواق الأقل قوة. وبالتالي زادت التوقعات الفترة الماضية حول قيام المركزي المصري باتخاذ قرار مباشر برفع الفائدة للحفاظ على السوق من التقلبات.
ضغوط عالمية تسببت في القرار بعد بوادر التعافي
وعقب رفع الفائدة مباشرة صباح اليوم كشف البنك المركزي أن الفترة الأخيرة بدأت الضغوط التضخمية العالمية في الظهور من جديد. وذلك بعد بوادر تعافي الاقتصاد العالمي من الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا. وذلك بسبب تطورات الصراع الروسي الأوكراني. حيث ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمي نتيجة هذا الصراع.
ويأتي على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ في الأسعار العالمية للسلع الأساسية واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن. بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية في الدول الناشئة. مما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط علي الميزان الخارجي -وفق بيان-.
وحرصًا من البنك المركزي على الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ومكتسباته. فإن البنك المركزي يؤمن بأهمية مرونة سعر الصرف لتكون بمثابة أداة لامتصاص الصدمات والحفاظ على القدرة التنافسية لمصر.
وبالنظر إلى معدل التضخم المستهدف للبنك المركزي والبالغ 7٪ (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2022. فقد قررت لجنة السياسة النقدية رفع أسعار العائد الأساسية لدى البنك المركزي بمقدار 100 نقطة أساس.
وأكدت لجنة السياسة النقدية أن تحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة على المدى المتوسط شرط أساسي لدعم القوة الشرائية للمواطن المصري وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة.
شبه تعويم جديد وتخفيضات سابقة للجنيه
مع نهايات 2016 تأزم الوضع الاقتصادي وانهار سعر الجنيه أمام الدولار. وانتعشت السوق السوداء بشدة. وعاني رجال الأعمال من عدم حصولهم على مبالغ متاحة من العملة الأجنبية. مما جعل خيار تعويم الجنيه هو الحل الوحيد والأمثل للقضاء على السوق السوداء وتحرير سعر الصرف.
وقبل صدور قرار التعويم كان سعر صرف الدولار مستقرا في البنوك المصرية عند مستوى 8.88 جنيه. وبمجرد صدور قرار التعويم وضع البنك المركزي المصري سعراً استرشادياً لصرف الدولار عند 13 جنيهاً. لتشهد السوق حالة من الارتباك وقيام التجار بالمضاربة وتحقيق مكاسب ضخمة خلال أول فترة من التعويم لينتهي العام 2016 وقد قفز سعر صرف الدولار إلى مستوى 19.60 جنيه.
وبحلول 2017 بدأت السوق تدخل مرحلة الاستقرار ويشهد الدولار تراجعاً ليسجل مستوى 18.30 جنيه. ثم واصل التراجع إلى مستوى 17.25 جنيه خلال 2019 لينتهي سعر صرف الدولار إلى مستوى 15.64 جنيه حتى بداية مارس الجاري.
وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن السوق السوداء للعملة كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم. وهو ما تسبب في خسائر عنيفة وكبيرة للبنوك التي ابتعد عنها المتعاملون في ظل أسعار صرف كبيرة في السوق السوداء مقارنة بالأسعار التي تطرحها البنوك.
وبالتالي فإن تعويم الجنيه كان من أبرز التغييرات التي طالت الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة. إذ تم البناء عليه لينعكس على شتى مناحي الاقتصاد. وهو ما أثبتته المؤشرات في السنوات التي لحقت هذا القرار.
وفي 9 مارس الماضي قال بنك “جي بي مورجان” إن الجنيه المصري بحاجة إلى تخفيض قيمته أمام العملات الأجنبية. مقدرًا أن الجنيه المصري أعلى من قيمته الحالية بنحو 15٪.
ويرى “جي بي مورجان” أن الحكومة المصرية كان عليها اختيار أحد السيناريوهين. الأول إبقاء سعر عملتها عند المستويات الحالية دون تغيير. والآخر خفض قيمة العملة المحلية أمام الدولار مثلما حدث في عامي 2014/2015 حينما خفضت قيمة الجنيه كجزء من التزامها باتفاقها مع صندوق النقد الدولي.
ومثل معظم دول العالم شهدت الأسعار في الأسواق المصرية ارتفاعا مؤخرا مع وجود مشكلات في سلاسل التوريد وارتفاع أسعار الوقود. خاصة مع سعي الحكومة لتقليل الدعم المقدم على السلع والخدمات التي كانت توفر دعما لها في الماضي.
ارتفاع سعر الدولار واليورو بعد رفع الفائدة
ونتيجة لرفع الفائدة ارتفعت أسعار العملات الأجنبية بالبنوك المصرية. بعدما تراجعت قيمة الجنيه جراء الخفض. في الوقت الذي يتجه فيه المستثمرون الأجانب للاستثمار في العملة الأجنبية بالبنوك المصرية استغلالاً لزيادة الفائدة وجاذبيتها بالنسبة لهم -رفع سعر العملات الأجنبية لتجميع أكبر كم من السوق.
وأكدت مصادر مصرفية أن رفع الفائدة تلاها زيادات سعرية طبيعية في سعر العملات الأجنبية. وذلك كي يتمكن البنك المركزي من تجميع الدولار الموجود بالسوق. ومنع خلق سوق سوداء تسبب مزيدا من التقلبات السعرية في بيع المنتجات. خاصة المستوردة من الخارج والمتأثرة بالأوضاع العالمية -الحرب الروسية الأوكرانية.
وخلال التعاملات الصباحية قفز سعر الدولار مقابل الجنيه في البنوك بنحو جنيهين مرة واحدة بعد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة صباح اليوم بمعدل 1%.
وارتفع سعر الدولار في البنك الأهلى المصري إلى 17.40 جنيه للشراء و17.50 جنيه للبيع. وسجل سعر الدولار في بنك مصر 17.40 جنيه للشراء و17.50 جنيه.
وقفز سعر اليورو اليوم الاثنين في صباح تعاملات البنوك المصرية بنحو 2.1 جنيه. حيث سجل سعر اليورو اليوم في البنك الأهلي المصري 19.20 جنيه للشراء و19.35 جنيه للبيع.