منذ مطلع العام الحالي، تمارس الصين تخزين كميات كبيرة من الحبوب حتى باتت، حاليا، تملك احتياطيات تخزينية. أكبر مما يمتلكه العالم كله من القمح والأرز والذرة بمستودعات تخزينية بصورة تدعو للتساؤل. هل تحوطت من الأزمة الروسية الأوكرانية أم تعتزم بكين اتخاذ خطوة نحو تايوان؟
وزارة الزراعة الأمريكية أكدت أن المخزونات الصينية من المواد الغذائية تشهد نموًا في 2022. مضيفة أن العقود التي وقعها بكين تجعلها تمتلك نصف احتياطات الغذاء العالمي. من خلال تخزين 69% من إجمالي كمية الذرة و60% من الأرز و51% من القمح.
بحسب صحيفة “إزفستيا” الروسية، فإن شهية الصين الكبيرة لشراء الحبوب تؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الإمدادات العالمية. وتخلق ظروفا للارتفاع المطول في أسعار المواد الغذائية، بينما يؤكد تحليل صفقات الشراء الصينية تخليها عن كثير من محاذيرها السابقة. فيما يتعلق بنوعية القمح الذي تشتريه من روسيا.
وكالة الجمارك الصينية وافقت في 24 فبراير/شباط الماضي قبيل الحرب الروسية بأوكرانيا على واردات القمح من جميع مناطق روسيا. والتي كانت في وقت سابق تصدر لبكين كميات محدودة بسبب مخاوف الأخيرة من الفطريات.
يثير فطر “الإرجوت” الشائع في الحبوب، خاصة القمح، مخاوف المستوردين دائمًا وهي عبارة عن أجسام حجرية تتكون على حبوب القمح. يوجد هذا الفطر في أوروبا وتصيب في الأساس نباتات نجيلية تنمو وسط المحصول، تشبه “الشعير”.
تعطي المنظمة الدولية للصحة النباتية الحق للدول في تحديد النسبة المناسبة من فطر “الإرجوت” لحماية إنتاجها المحلى من القمح. حتى لو كانت النسبة صفر، وعلقت أكثر من دولة مستوردة شحناتها بسبب وجود نسب طفيفة من ذلك الفطر.
أعلنت الصين وروسيا، في 8 فبراير/شباط، عن اتفاق لاستيراد القمح والشعير الروسي. وقالت موسكو حينها إنها ستتخذ جميع الإجراءات لمنع التلوث بفطر تفحم القمح وستعلق الصادرات إذا تم العثور عليه.
الصين تستورد حبوب من كل مكان
منذ نهاية 2021، أجرى المشترون الصينيون عمليات شراء كبيرة للقمح والشعير الفرنسي بجانب الذرة والشعير الأوكرانية. مستغلين توقفًا مؤقتًا في ارتفاع الأسعار حينها، بحجة تغطية بعض احتياجاتهم من حبوب العلف.
التقديرات تشير إلى أن المستوردين الصينيين حصلوا على مئات الآلاف من الأطنان من الحبوب من فرنسا وأوكرانيا. كما قاموا أيضًا بشراء كميات كبيرة من القمح الأسترالي الذي لا يقل عن مئات الآلاف من الأطنان أيضا.
بالنسبة للقمح الفرنسي، حجزت الصين ما بين ست وعشر سفن، تعادل نحر 600 ألف طن. لشحنها بشكل رئيسي بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، كما استقبلت سفينتين أو ثلاث سفن في فبراير/شباط الماضي من صفقات، تم التوقيع عليها في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني.
المبيعات الأخيرة ترفع الصادرات التراكمية من القمح الفرنسي إلى الصين في 2021/2022 إلى مليوني طن. متجاوزة الكميات الكبيرة بالفعل في الموسمين الماضيين، كما أكدت مصادر حينها أن المشترين الصينيين يقومون بعمليات شراء آجلة لحصاد الشعير 2022 من فرنسا. وتم حجز حوالي أربع سفن من الشعير الفرنسي وما يصل إلى 10 شحنات من الشعير الأوكراني للشحن بشكل أساسي في يوليو/تموز وأغسطس/آب من 2022.
وقدر التجار أسعار الذرة الأوكرانية التي تم شحنها للصين في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط ـ قبل الحرب الروسية ـ إلى الصين بما يتراوح بين 270 و273 دولارًا للطن تسليم ظهر السفن. رغم أن الذرة الأوكرانية حينها كانت أغلى من الإمدادات الأمريكية.
تعتبر الصين مستوردا رئيسيا للذرة والشعير الأوكرانية، وبلغت تقديرات واردات الصين من القمح للعام التسويقي 2021/2022 (يوليو/تموز-يونيو/حزيران) 9.5 مليون طن متري، بزيادة 48.9٪ عن متوسط السنوات الثلاث الماضية. وذلك رغم توقعات وزارة الزراعة الأمريكية بأن يبلغ إنتاج الصين من القمح 136.95 مليون طن في 2021-22. بزيادة 2.7 مليون طن عن العام.
لكن وزير الزراعة والشؤون الريفية الصيني تانج رنجيان قال في الخامس من مارس/آذار. إن محصول القمح الشتوي في الصين في 2021-22 من المتوقع أن يكون “الأسوأ في التاريخ”. بسبب هطول الأمطار الغزيرة خلال موسم الزراعة.
حوافز كبيرة لإنتاج الحبوب الصينية
ذكرت وزارتا الزراعة والشؤون الريفية والمالية الصينية أن بكين طرحت سلسلة من السياسات لحفز إنتاج الحبوب خلال العام الجاري، وأضافتا أن البلاد ستخصص المزيد من الإعانات لمرة واحدة، لدعم المزارعين في مواجهة النفقات المتزايدة الناجمة عن الأسعار المرتفعة للإمدادات الزراعية.
تحتل الصين المركز الأول في إنتاج القمح عالميا بنحو 135 مليون طن تعادل 29% من الانتاج العالمي. كما تحتل المرتبة الأولى في الأرز أيضا وفي عام 2018/ 2019 أنتجت وحدها أكثر من 148 مليون طن. بفضل الأرز السوبر الذي تم استخدامه في الأراضي الجافة المالحة والقلوية.
وتواصل الوزارتان دعم تطوير 6.67 مليون هكتار من الأراضي الزراعية مرتفعة المعايير، وتوفير إعانات لشراء وتشغيل الآلات الزراعية. كما سيتم تخصيص الإعانات لزراعة الذرة وفول الصويا، مع رفع سعر الشراء الأدنى للأرز والقمح بشكل مناسب لحماية مصالح المزارعين بشكل فعال.
في الوقت نفسه، دعت الوزارتان إلى بناء مجمعات ومراكز صناعية لإنتاج الحبوب والزيوت، لتشكيل سلاسل صناعية شاملة. وذكرت أنهما ستزيدان من الأموال المخصصة لأعمال الإنقاذ في حالات الكوارث. لدعم جهود الوقاية والسيطرة على الآفات والكوارث، مع تعزيز التأمين المالي عليها.
زادت الصين مساحة الأراضي الزراعية عالية المستوى حديثا بما لا يقل عن 5.33 مليون هكتار هذا العام. وبلغت مساحة الأراضي الزراعية بإمكانية الري الفعال حوالي 68.7 مليون هكتار، كما أطلقت حملة للحفاظ على الأراضي الزراعية بشمال شرقي البلاد. حيث تغطي المشاريع التجريبية الأولى مساحة 3.07 مليون هكتار.
وقفز معدل مساهمة التقدم العلمي في الزراعة الصينية إلى أكثر من 60% هذا العام، ومنها ساهمت البذور الجيدة بشكل أكبر في زيادة إنتاج الحبوب. لتمثل 45% من الحجم الإجمالي، ومن البذر إلى الحصاد، تم تحقيق الإنتاج الآلي الكامل في عملية إنتاج القمح والأرز والذرة بشكل أساسي.
هل تستعد الصين لضم تايوان؟
تأتي المخزونات الصينية وسط خطاب تصعيدي بخصوص تايوان، وتأكيد وزارة الدفاع الصينية، أنّه لا وجود لقوة تستطيع منع إعادة توحيد الصين وتايوان.
قال مكتب شؤون تايوان في مجلس الدولة الصيني، إن الحزب الديمقراطي التقدمي يتنصل من المسؤولية عن تقويض السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان، والاستفزاز المستمر للسعي للاستقبال، ومحاولة إنكار حقيقة انتماء جانبي المضيق إلى صين واحدة
ومنذ أيام، وصف الجيش الصيني عبور المدمرة الأمريكية “رالف جونسون” مضيق تايوان، بأنه تصرف استفزازي من جانب الولايات المتحدة، و”بعث برسالة خاطئة إلى القوى المؤيدة لاستقلال تايوان”.
تقول الصين إن تايوان أكثر القضايا حساسية وأهمية في علاقاتها بالولايات المتحدة. وليس لواشنطن علاقات دبلوماسية رسمية بتايوان لكنها أهم داعم دولي لها، وأهم مورد سلاح إليها.