خلال جولة واسعة في الشرق الأوسط، يسعى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للتنسيق مع حلفاء بلاده في المنطقة. بشأن اتفاق نووي محتمل مع إيران وأزمة الغزو الروسي لأوكرانيا. حيث يلتقي بلينكن بقادة الإمارات والجزائر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل. وكذلك وزراء خارجية البحرين والإمارات والمغرب. في أول قمة من نوعها يستضيفها وزير الخارجية الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد.
أيضًا، يخطط وزير الخارجية الأمريكية للقاء الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان خلال وجوده في المغرب. من المقرر أن يناقش الاثنان مجموعة من القضايا. بما في ذلك أسواق الطاقة العالمية، وإيران، والصراعات في اليمن وإثيوبيا. بالإضافة إلى تعزيز اتفاقات إبراهيم، حسبما قال مسؤول الشرق الأوسط بوزارة الخارجية
يأتي الاجتماع بين بلينكن وبن زايد في الرباط بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى أبو ظبي. حليف روسيا المنبوذ من الغرب بسبب أداء نظامه القمعي خلال الحرب الأهلية في البلاد منذ 2011. وهو ما أثار القلق في واشنطن. لذا، أوضحت القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يائيل ليمبرت غرض الاجتماع. قالت: “نحن نستغل الفرصة”. وأضافت: هذه علاقة استراتيجية مهمة حقًا بالنسبة لنا. وهي لحظة مناسبة لهذا الاجتماع. هناك الكثير للمناقشة.
خلال الزيارة التي بدأت بالفعل بزيارة الوزير الأمريكي للقدس المحتلة، يضغط مسؤولون إسرائيليون وإماراتيون على إدارة بايدن للحصول على تطمينات. وسط مخاوف من أن تخفيف العقوبات على طهران “قد يترك الحرس الثوري الإيراني مليئًا بالمال”. وفق تحليل مختصر منشور في Al-Monitor.
اقرأ أيضا: الأسمدة وحرب أوكرانيا.. خطر جديد يهدد الإنتاج الزراعي العالمي
تعزيز أمن إسرائيل
وفق حديث رئيسة الشؤون السياسية بوزارة الخارجية، فيكتوريا نولاند. يسعى المسؤولون الأمريكيون إلى طمأنة الحلفاء العرب وإسرائيل وكذلك أعضاء الكونجرس. قالت نولاند لأعضاء مجلس الشيوخ في وقت سابق: إننا نعمل بجد قدر المستطاع في صياغة هذه الصفقة. لضمان استخدام الأموال لصالح الشعب الإيراني وليس للعدوان الخارجي.
وفي المؤتمر الصحفي الذي تم عقده بالقدس المحتلة، أمس الأحد. وجه وزير الخارجية الإسرائيلي الشكر لنظيره الأمريكي لدعم نظام الدفاع الصاروخي -القبة الحديدية- والموافقة على المساعدة الأمنية لإسرائيل. والتي وصفها بأنها “مكونات حيوية لأمننا القومي”. وقال لبلينكن: أنت تجعل حياة أطفالي أكثر أمانا يا صديقي.
أوضح الوزيران أنهما ناقشا موضوعين رئيسيين. هما الغزو الروسي لأوكرانيا والاتفاق النووي المحتمل مع إيران. قال لابيد: تدين إسرائيل الغزو وتقدم مساعدات عسكرية لأوكرانيا منذ اليوم الأول للحرب. تخاطر الطواقم الطبية الإسرائيلية في هذه اللحظة بحياتها في المستشفى الميداني الذي أنشأناه في أوكرانيا. وتواصل إسرائيل نقل الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية، ومساعدة اللاجئين بكافة الطرق.
تابع: أما بالنسبة إلى موضوع إيران، فليست إيران مشكلة إسرائيلية فحسب. إذ لا يستطيع العالم أن يتحمل أن تمتلك إيران أسلحة نووية. لا يستطيع العالم أن يتحمل أن يواصل الحرس الثوري الإيراني نشر الرعب في مختلف أنحاء العالم. لدينا خلافات حول أي اتفاق نووي وعواقبه، ولكن الحوار المفتوح والصادق هو جزء من قوة صداقتنا. وستواصل إسرائيل والولايات المتحدة العمل معا لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية.
وأشار الوزير الإسرائيلي إلى أن “إسرائيل مستعدة للقيام بأي شيء نعتقد أنه ضروري لوقف البرنامج النووي الإيراني. أي شيء”.
أما بلينكن، فأشار إلى أن زيارته للشرق الأوسط جاءت مباشرة بعد رحلة الرئيس جو بايدن إلى أوروبا. قال: شهدنا أوضح دليل على الوحدة والعزم بين حلفائنا وشركائنا. فيما يتعلق بإنهاء العدوان الروسي على أوكرانيا، والوقوف إلى جانب الشعب الأوكراني. مشيرًا إلى أنقمة حلف شمال الأطلسي -الناتو- وافق فيها الحلفاء على زيادة تعزيز الجناح الشرقي للحلف “حتى نتمكن من الدفاع عن كل شبر من أراضي الناتو”، حسب تعبيره.
ارتفاع الأسعار وغياب القمح
تأتي مشاورات بلينكن المخطط لها في المنطقة وسط ما يمكن أن تكون الأيام الأخيرة من المفاوضات في فيينا حول الحد من برنامج طهران النووي. في الوقت أدى فيه الاستياء من ردود الفعل الأمريكية على تصاعد هجمات الطائرات المسيرة على الإمارات والسعودية من قبل جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن. إلى حدوث خلاف بين قادة الخليج والغرب بشأن تنظيم أسعار النفط العالمية، وسط الحرب في أوكرانيا.
حتى مع إدانة الولايات المتحدة لوابل الطائرات المسيرة الحوثية التي استهدفت منشأة أرامكو في مدينة جدة السعودية. تسعى واشنطن لمعالجة المخاوف الاقتصادية والأمنية في جميع أنحاء شمال أفريقيا. مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وسط حرب روسيا ضد أوكرانيا، وهو عامل “يمكن أن يسهم في تجدد عدم الاستقرار بعد عقد من فشل الربيع العربي”، حسب تعبير محللي Al-Monitor.
هنا، أوضحت القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى: “غزو بوتين يتسبب بالفعل في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة القمح. نحن نعلم أن هذا الألم محسوس بشدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستورد معظم البلدان نصف قمحها على الأقل.”
رغم وصف الوزير الإسرائيلي العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال بأنها “غير قابلة للكسر”. لكن بلينكن أشار إلى أنه في حين أن إسرائيل لم تفرض عقوبات على روسيا. إلا أنها تعمل على منع موسكو من التملص من العقوبات الاقتصادية.
اقرأ أيضا: كيف تفاعلت دول الشرق الأوسط مع أزمة أوكرانيا؟
حسابات الشركاء ومحاولات الحياد
وفق ما ذكرت لارا جاكس، في مقالها أمس الأحد في The New York Times. حتى الآن، لم ترسل إسرائيل أسلحة إلى أوكرانيا، ولم تنضم إلى تحالف واسع من دول العالم -بما في ذلك الدول الصناعية البع الكبرى- في فرض عقوبات اقتصادية قاسية. تهدف إلى عزل روسيا وإعاقة قدرتها على الحرب.
تشتري إسرائيل حوالي مليار دولار من الفحم والقمح والماس الروسي وسلع أخرى سنويًا. وفي عام 2020 أرسلت حوالي 718 مليون دولار من المنتجات الزراعية إلى روسيا. وفقًا لمرصد الفرص الاقتصادية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. كما تنسق إسرائيل أيضًا مع روسيا لمنع الدخول في صراع عسكري مباشر. ولكن غير مقصود في سوريا. حيث تهدد القوات السورية المدعومة من روسيا، والمقاتلون المدعومون من إيران. الأمن الإسرائيلي.
أمّا المغرب، التي يعتزم وزير الخارجية الأمريكي أن تكون محطته الأخيرة في زيارة المنطقة. فتستورد من روسيا بضائع أكثر من التي تستوردها إسرائيل. تصل قيمتها إلى حوالي 1.35 مليار دولار من الفحم والنفط والمواد الكيميائية في عام 2020. حاول المغرب أن يظل محايدًا منذ الغزو. مع الإصرار على أنه يريد المساعدة في التوسط في الأزمة. من خلال الحفاظ على اتصال مفتوح مع كل من روسيا وأوكرانيا.
في الوقت نفسه، يريد المغرب منع روسيا من تسليح جبهة البوليساريو مباشرة -الجماعة المؤيدة للاستقلال في الصحراء الغربية.
الخليج.. توتر العلاقة مع واشنطن
أشار تحليل سابق نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن الغزو الروسي “يمكن أن يكون له آثار اقتصادية واسعة على المنطقة”. من الطلب على تصدير المزيد من النفط والغاز إلى أوروبا، إلى النقص المحتمل في القمح ومنتجات أخرى من أوكرانيا. وخلصت إلى أن معظم منطقة الشرق الأوسط “قد تكون عالقة في الوسط مع تطور الصراع في أوكرانيا”.
وخلص التحليل إلى أن “المزيد من التداعيات قد تزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وخارجها. وسط مخاوف واسعة النطاق بشأن تقليص واشنطن تركيزها على الشرق الأوسط، يمكن أن تشكل استجابة الولايات المتحدة للأزمة الأوكرانية تصورات حول المصالح الأمريكية في المنطقة.”
تجنبت الإمارات طلبات الولايات المتحدة لزيادة إنتاج النفط للأسواق الأوروبية، التي تعتمد على الطاقة الروسية. حيث تشتري الإمارات أسلحة عسكرية من موسكو. ومنحت ملاذاً لأفراد من الأولجيشارية الروسية ممن على صلة وثيقة بالرئيس بوتين، الذين “انتقلوا إلى دبي هرباً من لدغة العقوبات الدولية”، كما تقول جاكس.
ويمثل الخلاف بشأن روسيا أحدث علامة على العلاقات المتوترة بين واشنطن والإمارات. والتي بدأت في البرودة عندما أوضح الرئيس بايدن أن “الشرق الأوسط لن يكون على رأس أولويات السياسة الخارجية” لإدارته. بل سعت -بدلاً من ذلك- إلى التركيز على العلاقات المعقدة للولايات المتحدة مع الصين. ومؤخراً، على ردع روسيا.
أيضًا، تحدث السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة عن استئناف إدارة بايدن المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. والنزاع حول صفقة أسلحة بقيمة 23 مليار دولار. بأن الولايات المتحدة كان من شأنها أن ترسل طائرات حربية متقدمة إلى الإمارات. قال: الأيام القوية التي تكون فيها العلاقة صحية للغاية. وأياما تكون فيها العلاقة محل تساؤل”.
على الدرب نفسه، سعت البحرين -أحد الموقعين على اتفاقيات إبراهيم- إلى الحياد. صوتت المملكة الغنية بالطاقة لصالح قرار مجلس الأمن الذي شجب الغزو. لكنها تواصل أيضًا التحدث مع روسيا على أمل إيجاد مخرج من الحرب. بما في ذلك في مكالمة هاتفية بين السيد بوتين والملك حمد بن عيسى آل خليفة قبل أسبوعين.