تمثل مصر عمقًا استراتيجيًا لليبيا على جميع مستويات الأمن – الاقتصادي والاجتماعي – عبر التاريخ، ويهدد الاحتلال التركي بشكل مباشر ليبيا والدول المجاورة، وخاصة مصر.
وكانت مصر قد أعلنت أنها لن تتوانى عن التدخل عسكريا في ليبيا حماية لأمنها القومي، كما وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سرت الليبية بأنها “خط أحمر” ينبغي ألا تتجاوزه قوات الوفاق، ولوح بأن مصر قد تضطر للتدخل المباشر في حال تعرض المدينة لأي تهديد.
تفويض برلماني
وأجاز البرلمان الليبي لمصر التدخل حيث فوضها لرعاية المصالح اللليبية والمصرية.
ودعا البرلمان الليبي المتمركز في الشرق، مصر إلى التدخل المباشر في الحرب الأهلية في البلاد لمواجهة الدعم التركي لحكومة الوفاق ومقرها العاصمة طرابلس.
وقال مجلس النواب المتمركز في طبرق في بيان إن الدعم المصري ضروري لدرء ما وصفه بأنه غزو واحتلال تركي.
وجاء البيان البرلماني بعد أيام قليلة من تهديد تركيا مرة أخرى بمهاجمة مدينتي سرت والجفرة الليبيتين في صراع بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة فايز السراج ضد ليبيا.
طبول الحرب
أكد المتحدث بإسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري، أن الساعات المقبلة ستشهد معركة كبرى في محيط سرت والجفرة، مشيرًا إلى أن تحركات كبيرة لميلشيات الوفاق في محيط المدينيتن.
جاء ذلك، بعدما أكد المتحدث باسم فصائل الوفاق، محمد قنونو تمسكه بالسيطرة على مدينة سرت والجفرة.
وقال في تصريحات صحفية إن الوقت حان ليتدفق النفط مجددًا، قائلاً: “حان الوقت للضرب على أيدي العابثين بقوت الليبيين”.
وذكر تقرير صحيفة هارلد لايف، والتي تعتبر من أقدم الصحف في جنوب إفريقيا، أن التصعيد الجديد قد يؤدي إلى المجازفة بإشعال صراع في ليبيا.
ونقلت الصحيفة تحذير الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالفعل من الدخول لليبيا إذا جددت حكومة الوفاق وحلفاؤها الأتراك هجومهم على سرت، وهي المدينة الساحلية المركزية.
التدخل لهزيمة المحتل التركي
وبدورها قالت صحيفة جولف نيوز الإخبارية، إن البرلمان الليبي صرح لمصر بالتدخل وهزيمة المحتل التركي، مشيرة إلى أن البرلمان دعا الجيش المصري إلى التدخل وحماية الأمن القومي الليبي والمصري إذا رأى أن هناك تهديداً للبلدين.
وأكد البرلمان أن ليبيا معرضة لتدخل تركي صارخ وانتهاك لسيادتها بمباركة المليشيات المسلحة التي تسيطر على غرب البلاد وسلطة الأمر الواقع الخاضعة لها.
التصعيد العسكري يهدد أمن واستقرار ليبيا
وأكدت صحيفة آراب نيوز البريطاية، أن البرلمان الليبي رحب بخطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، داعياً إلى تضافر الجهود بين البلدين لتحقيق الأمن والاستقرار.
وأشارت إلى أنه يمكن أن يؤثر التصعيد العسكري الوشيك على أمن واستقرار ليبيا ويهدد دول شمال إفريقيا بشكل عام بسبب العدد الكبير من المرتزقة الذين أرسلتهم أنقرة إلى البلاد.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ستقوم باستكشاف النفط والغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط على الساحل الليبي.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين لم تكشف عن هويتهم، أنه كشف عن نوايا أنقرة في نهب الثروة النفطية الليبية.
وأضافوا أن النظام التركي خطط على ما يبدو لحل أزمته الاقتصادية التي تلوح في الأفق عن طريق سرقة ثروة الناس في البحر الأبيض المتوسط.
الاستعداد للمواجهة
وقال محمد الغباري ، الخبير العسكري والمدير السابق لكلية الدفاع الوطني، إن تركيا ليست على علم بالجغرافيا الشاسعة لليبيا، كما أنها لا تعلم بالأمور المهمة المتعلقة بدور القبائل الليبية.
وأضاف “الغباري” وفقًا لصحيفة آراب نيوز البريطانية، أن “القيادة العامة للجيش الليبي أعلنت أكثر من مرة استعدادها لمواجهة أي محاولات من تركيا للتقدم نحو سرت والجفرة”.
وقال إن قواته ووحداته العسكرية مستعدة لصد أي هجوم تشنه أنقرة من قبل المرتزقة والميليشيات التي تمولها حكومة الوفاق في طرابلس، كما سيصل الدعم المصري “في الوقت المناسب”.
وذكر “الغباري” أن الأتراك يجب ألا ينسوا أن تصريحاتهم الأخيرة جاءت في وقت كان الجيش المصري يقوم بتدريبات عسكرية تهدف إلى القضاء على المرتزقة من الجيوش غير النظامية “مما يعني أن مصر مستعدة للرد في أي وقت”.
الإخوان المسلمون
أحمد فؤاد أباظة، عضو برلماني مصري، دعم مطلب البرلمان الليبي ، قائلاً إن الفوضى السياسية في ليبيا سببها الإخوان المسلمون وأنصارهم تركيا “التي تسعى إلى استقرار منظمة الإخوان على الأراضي الليبية وتسعى للسيطرة على النفط الليبي لإنقاذ اقتصادها المنهار. ”
ونقلت الصحيفة البريطانية عن “أباظة” أنه بعد فشل تركيا وقطر في إحياء الإخوان في عدد من الدول العربية، يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى محاولة إحياء الإخوان داخل ليبيا.
وأشاد “أباظة” بالجيش الوطني الليبي في مواجهة “الأعمال الإرهابية والإجرامية التي قامت بها تركيا داخل الأراضي الليبية”.
وقال إن “الدم والدمار” موجودين في أي بلد أو مكان داخل المنطقة كان نظام أردوغان ورائهما.
استعراض تركي
وكتب جوناثان سباير، الخبير الاستراتيجي، أن تركيا تستعرض عضلاتها بشكل غير اعتذاري من العراق إلى ليبيا، في تحدٍ لأي توجه مؤيد للغرب وتحتضن حنين العصر العثماني بالكامل.
وقال سباير الخبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن،”يتحدى أردوغان اليونان وقبرص وإسرائيل للحصول على موارد الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط، ويمتد قوس الحزم العسكري التركي إلى قطر والسودان والصومال.
وذكر المحلل أن تركيا الجديدة تحمل طموحات الإسلام السياسي السني على غرار جماعة الإخوان المسلمين والتي ستظل دون رادع من قبل الناخبين الأتراك حتى الانتخابات المقبلة المقرر إجراؤها في عام 2023.
وكتب المحلل بحسب صحيفة أحوال التركية، أن أردوغان يتطلع إلى إبقاء رئيس الوزراء في حكومة الوفاق فايز السراج مدعومًا بالقوات المرتبطة بالإخوان المسلمين.