قبل يومين، أعلن صندوق أبوظبي السيادي المملوك لدولة الإمارات عن الاستحواذ على كامل حصة بنك الاستثمار القومي المصري في شركة أبوقير للأسمدة والصناعات الكيماوية، والتي تعدّ واحدة من أكبر شركات إنتاج الأسمدة في مصر.
وفقًا لما هو متاح حول الصفقة، شملت اتفاقية البيع كامل الحصة البالغة 21.5%، فيما لم يُعلن عن قيمة الصفقة المالية، حيث تم تنفيذ البيع بشكل مباشر ونقدي، دون الإعلان عن ذلك في البورصة المصرية، كون الشركة مُدرجة في البورصة.
لم يكن هذا البيع الأول لحصص الحكومة في شركة أبوقير، إذ قبل أيام، باعت الحكومة جزءا من حصصها في 4 شركات من بينها أبوقير للأسمدة؛ لكن لم يتم الإعلان عن نسبة الحصص المُباعة وقتذاك، حيث تم تنفيذ البيع بعيدًا عن البورصة.
ويُلزم قانون إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية رقم 170 لسنة 2014، الشركات المُدرجة على قوائمها بالإفصاح عن حجم البيع من حجم الحصص المطروحة فيها.
لكن وفقًا لما نقلته وكالة بلومبرج عن مصدر لم تفصح عن هويته، فإن القيمة المالية للحصص المُباعة من الشركات الأربع بلغت نحو مليار دولار (18.3 مليار جنيه مصري)، وذلك من إجمالي الصفقة البالغة قيمتها ملياري دولار (36.6 مليار جنيه).
والشركات الأربع هم “شركة أبوقير للأسمدة، شركة موبكو للأسمدة، شركة فوري للخدمات المصرفية، شركة الإسكندرية لتداول الحاويات”، إضافة لنسبة 18% من حصة الحكومة في البنك التجاري الدولي بقيمة مليار دولار.
إلى ذلك، وبحسب إفصاح البورصة المصرية الصادر في ديسمبر الماضي، باع بنك الاستثمار القومي جزء من حصته “حوالي 3.36%” في شركة أبوقير في ديسمبر الماضي، ضمن صفقة بيع قامت بها جهات حكومية لنسبة 10% من أسهمها في الشركة مقابل 2.2 مليار جنيه.
وبهذا البيع الأخير، انخفضت نسب الحصص الحكومة المصرية في إلى 56.78%، بعدما كانت 78.30%، حتى نهاية مارس الماضي في شركة أبوقير للأسمدة التي تبلغ القيمة السوقية لها نحو 23 مليار جنيه، فيما يصل رأسمالها المدفوع 1.892 مليار جنيه موزعاً على 1.261 مليار سهم.
كما أنه وبهذا الاستحواذ الأخير، سيكون صندوق ثروة أبوظبي السيادي صاحب أكبر نسبة في أسهم شركة أبوقير للأسمدة، حيث سيبلغ نحو 21.52%.
متى سيُعلن الصفقات الإماراتية؟
كشف أيمن سليمان، رئيس صندوق مصر السيادي، إن تفاصيل استثمارات صندوق أبوظبي السيادي ستُعلن خلال أيام، قائلاً :”لدينا استثمارين جديدين حنعلن عنهم قريبا”.
وأوضح سليمان في تصريحات، أن صندوق مصر السيادي أبرم اتفاقيات مع صندوق أبوظبي سيستحوذ بموجبها الصندوق الإماراتي على حصص في شركات بقطاعات البنية الأساسية والصحة والتعليم، بالإضافة للشمول المالي، لكنه لم يذكر أسماء تلك الشركات.
لماذا شركة أبوقير للأسمدة مهمة؟
تعدّ الشركة التي تم تأسيسها عام 1976، والمدرجة على قوائم البورصة المصرية عام 1994، أول وأكبر شركة مصرية مُتخصصة في إنتاج الأسمدة النيتروجينية، إذ تقوم بتصنيع مجموعة متكاملة ومتنوعة من مُنتجات الأسمدة، بما فيها الأمونيا واليوريا ونترات الأمونيوم ويوريا نترات الأمونيوم، ومُنتجات الأسمدة التي تحتوي على النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم.
وبلغ إنتاج الشركة من الأسمدة خلال العام المالي 2021/ 2022، نحو 2.250 مليون طنًا. ووفقًا لاتفاق مصانع الأسمدة مع وزارة الزراعة، من المفترض توجيه نسبة 55% من هذا الإنتاج إلى الاستهلاك المحلي بسعر مدعم، فيما يتم توجيه النسبة المُتبقية إلى التصدير.
لكن وفقًا للموقع الإلكتروني لشركة أبوقير، فإنها تقوم بتوريد حصة شهرية لوزارة الزراعة تُقدر بنحو 77 ألف طن من اليوريا العادية واليوريا المخصوص ونترات النشادر، بإجمالي سنوي يصل إلى 924 ألف طن بنسبة 41% فقط من إجمالي إنتاجها، وذلك اعتبارا من نوفمبر 2016.
إلى ذلك، تقول دراسة صادرة عن المعهد المصري للدراسات، إن بيع الحكومة حصصًا من أسهمها في مصانع الأسمدة إلى المستثمرين الأجانب، سيكون سببًا في زيادة أسعار الأسمدة محليًا، نتيجة تفضيل المستثمر تصدير الإنتاج عن البيع في السوق المحلي للاستفادة من ارتفاع أسعار الأسمدة في السوق العالمي.
وقد زادت أسعار سماد اليوريا بنسبة 50%، بعدما بلغ سعر طن 1200 دولارًا (21.9 ألف جنيه)، بدلاً من 600 دولار قبل غزو روسيا لأوكرانيا، كما أن أسعار الغاز واصلت الارتفاع حيث بلغ سعر الألف متر مكعب إلى 1500 دولار.
وبحسب اتفاق الحكومة مع مصانع الأسمدة، فإنها تورد طن الأسمدة إلى الجمعيات الزراعية بسعر 4500 جنيه فقط، فيما يصل سعر طن المصدر إلى نحو 17 ألف جنيه.
وتُرجع الدراسة الصادرة أواخر ديسمبر الماضي، إلى حاجة الأراضي الزراعية إلى الأسمدة الكيماوية أكبر من غيرها عالميًا، بسبب حرمان التربة الزراعية المصرية من طمي النيل بعد إنشاء السد العالي وتأثيره على تراجع خصوبة التربة.
فضلاً عن كل ذلك، فإن شركة أبوقير أحد شركات القطاع العام الرابحة، حيث حققت العام المالي الماضي صافي ربح قدر بنحو 3.516 مليار جنيه، بعدما بلغ حجم المبيعات إلى 8.839 مليار جنيه. كما وصلت مبيعات صادرات الشركة إلى 350 مليون دولار خلال العام المالي الماضي، بزيادة 84 مليون دولار على الفترة المثيلة، وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الأسمدة عالميًا.
كما أن شركة أبوقير أحد أبرز المستثمرين في عدد من الشركات المصرية الأخرى، وهم الشركة العالمية للميثانول ومشتقاته بنسبة 35%، وشركة حلوان للأسمدة بنسبة 17%، وشركة الإسكندرية للأسمدة بنسبة 15%، وشركة الوادي للصناعات الفوسفاتية والأسمدة بنسبة 10%، وشركة أبوطرطور لحامض الفوسفوريك بنسبة 9.5%.
كم عدد مصانع الأسمدة في مصر؟
وفقًا لبيانات قطاع الشئون الاقتصادية بوزارة الزراعة، يوجد في مصر 8 مصانع للأسمدة تنتج 22.5 مليون طن 15% آزوت تمثل 8% من الإنتاج العالمي من الأسمدة.
يتم توجيه 10 مليون طن إلى الاستهلاك المحلي، فيما يتم تصدير 12.5 مليون طن، وتُمثل تكلفة الأسمدة الكيماوية من 12 إلى 15% من تكلفة إنتاج المحصول، حيث يرفع استخدام الأسمدة بالمعدلات المُقررة لكل محصول إنتاجية زراعة الفدان بمعدل 35%، وفقًا لوزارة الزراعة.
وعلى الرغم من وجود فائض للتصدير، إلا إن أسعار الأسمدة بدءا من عام 2014 وحتى الآن ارتفعت 5 مرات بسبب الزيادات في أسعار الغاز الطبيعي المورد إليها من جانب الدولة، حيث وصل سعر المليون وحدة حرارية بريطانية 5.75 دولار.
ومن المتوقع مراجعة هذه السعر خلال الأيام المقبلة، وفقًا لمعادلة سعرية تم الاتفاق عليها بين مصانع الأسمدة والحكومة. ووفقًا للقرار الوزاري المُنشأ للجنة تسعير المواد البترولية في نهاية 2018، فإنه يتم مراجعة أسعار الغاز للقطاع الصناعي بشكل دوري كل ثلاثة أشهر.
وحدثت الزيادة الأولى في أسعار الأسمدة عام 2014، حيث رفع مجلس الوزراء الأسعار من 1400 جنيه للطن إلى 2000 جنيه، بزيادة قدرها 600 جنيه في الطن. أما الزيادة الثانية فكانت في 15 يناير 2017، حيث رفع مجلس الوزراء أسعار الأسمدة للمرة الثانية من 2000 جنيه إلى 2959 جنيهاً للطن، بزيادة قدرها 959 جنيه في الطن.
وحدثت الزيادة الثالثة في أكتوبر 2017، حيث رفع مجلس الوزراء الأسعار من 2959 جنيه للطن إلى 3200 آلاف جنيه بزيادة قدرها 241 جنيه في الطن. وفي شهر يوليو 2018، رفع مجلس الوزراء سعر الطن من 3200 جنيه إلى 3290 جنيه بزيادة 90 جنيهًا، وهي الزيادة الرابعة.
أما الزيادة الخامسة فحدثت في نوفمبر 2021، حيث رفع مجلس الوزراء الأسعار من 3290 جنيهًا إلى 4500 جنيهًا بزيادة قدرها 1210 جنيهًا في الطن الواحد.
في النهاية، تصف منى مصطفى مُحللة الاقتصاد الكلي، سياسة بيع الأصول الحكومية بـ”المسكنات”، وحل غير مُستدام.