تدرس الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، حاليًا، طلبًا من الغرف التجارية، قدمته وزارة المالية، حول إمكانية تعامل التوكيلات الملاحية مع شركات تداول الحاويات بالعملة المصرية بدلًا عن الدولار. ومن ثم وإيقاف التعامل بالعملات الأجنبية في سداد مصروفات التداول المحلي داخل مصر. الأمر الذي يهدف إلى تقليل الطلب على الدولار، في ظل ارتباطه برسوم الأرضيات وأعمال التفريغ والحراسة. ما يقلل الأعباء على المستوردين بتوفير الدولارات. كما يقلل الضغط على الاحتياطي النقدي من العملات بالبنوك. علاوة على تقليل أسعار السلع.
عملة التحصيل وأزمة الدولار
توجد 3 محطات حاويات أجنبية في شرق بورسعيد “ميرسك”، والعين السخنة (موانئ دبي)، والشركة الصينية في الإسكندرية. إذا رست السفينة في أي منها، فإن التوكيل الملاحي يحصل بالدولار. لأنه يسدد رسوم التفريغ لهذه المحطات بالعملة ذاتها.
يقول عمرو السمدوني، سكرتير شعبة النقل واللوجستيات بالغرف التجارية، إن الخطوط الملاحية تحصل المبالغ بالدولار لأغلب مصروفاتها من عوائد تفريغ وحراسات وغرامات ومصاريف الشحن بشأن الشحن البحري الصادر. في حين تعاني البلاد أزمة نقص حادة في مواردها الدولارية نتيجة تراجع أداء مصادرها الرئيسية وهي الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبي. فضلًا عن ارتفاع سعر الدولار الفترة الماضية وصعوبة تدبيره.
والتوكيل الملاحي هو وكيل السفينة لديه الحق في إدراج البيان المقدم إلى الجمارك عن حمولة السفينة. ويختلف عن وكيل الشحنة الذي يتم تفويضه من قبل صاحب الشحنة نفسه للتعامل وإنهاء كافة الإجراءات نيابة عنه.
من مهام التوكيل الملاحي دفع وضمان المصروفات الخاصة بالتداول لشركات الحاويات، والتي يقوم بتحصيلها نيابة عنها في حالة “فري أوت”، وإدراج البيان المقدم إلى الجمارك عن حمولة السفينة، وتسهيل المستندات الجمركية المرتبطة ها.
المستوردون يعانون لتدبير العملة الصعبة
أضاف السمدوني أن التوكيلات الملاحية أعطت نفسها الحق في تحصيل عوائد التفريغ بالدولار بحجة أنها تتعامل مع محطات حاويات أجنبية، وهذه المحطات تحصل منها بالدولار، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحال إذا كانت تتعامل مع محطات شركات محلية المفروض إنها تقوم بالتحصيل بالجنيه.
طالب السمدوني بإلزام شركات الحاويات الأجنبية العاملة في مصر بالتحصيل من التوكيلات الملاحية بالجنيه المصري وليس الدولار، كما هو الحال حاليا بالنسبة لشركات الحاويات المصرية.
شركات الحاويات الأجنبية تؤكد أنها تدفع للحكومة مقابل الحصول على امتياز عملها في الموانئ المصرية بالدولار. ولذلك يحق لها أن تحصل مقابل خدماتها بالعملة ذاتها. لكن ذلك يؤثر على استنزاف الدولار في السوق. خاصة أن تلك المبالغ يتم تحويلها لخارج البلاد في حسابات هذه الشركات الأجنبية.
المستوردون يعانون من أجل تدبير العملة الصعبة لسداد قيمة البضاعة المستوردة من خلال الاعتمادات المستندية، في ظل إحجام البنوك عن توفيرها لهم، وعليه فإن دفع رسوم تفريغ الحاويات والحراسات والغرامات بالدولار يزيد العبء على المستوردين ويرفع ثمن السلعة المستوردة على المستهلك.
خلط قد يسبب أزمة لخطوط الشحن
يقول الدكتور عبدالمنعم السيد، الخبير الاقتصادي، إن الخدمات نوعان؛ خدمات مؤداة في الخارج ويؤجل سدادها مثل النولون وغرامات التأخير. وهذا النوع من الخدمات يستحيل سداده بالعملة المحلية.
أما النوع الثاني، فهو خدمات مؤداة داخل الموانئ بمعرفة التوكيل الملاحي أو شركات التداول للحاويات والبضائع مثل نشاط التخزين. وهذا النوع من الخدمات يمكن بحث سداده بالعملة المحلية. والحكومة تدرس هذا النوع من الخدمات وتشمل التداول والتخزين على الأرض المصرية.
ويؤكد السيد أن الخطاب يطلب من هيئة الاستثمار بحث ودراسة ذلك، وليس إيقاف التعامل بالدولار. وأي خلط بين هذه الخدمات في طريقة سدادها واستبدال العملة الاجنبية بالمحلية، ربما يدفع أصحاب الخطوط الملاحية إلى تجنب العمل في الموانئ المصرية.
رغم مزايا استبدال الدولار بالجنيه في الخدمات المؤداة داخل الموانئ بمعرفة التوكيل الملاحي أو شركات التداول للحاويات والبضائع، مع رفع الجنيه المصري بزيادة الطلب عليه، وتقليل أعباء التضخم المستورد على السلع القادمة من الخارج. لكنه يحتاج لدراسة قوية.
تمنع تلك الدراسة وجود ثغرات تسبب مشكلات تصر بمناخ الاستثمار أو تقلل من الجدوى الاقتصادية لتلك الاستثمارات، إذ يجب الموازنة بين تخفيف الضغط على العملات الصعبة وفي الوقت ذاته الاستثمارات الأجنبية، خاصة ان الدولة تسعى حاليا لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تفضل وجود مناخ تشرعي مستقر.
إجراء لن يؤثر على سعر الجنيه مقابل الدولار
يقول الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادي، إن الخطاب المرسل من وزارة المالية للهيئة العامة للاستثمار لا يزال مجرد طلب من الغرف التجارية لبحث مدى لتسهيل سداد التزامات المستوردين، لكنه لا يحمل دور كبير في التأثير على سعر صرف الجنيه المصري.
يوضح أن عملية تحويل مستحقات التوكيلات الملاحية لن تتضمن إلزامًا في التعامل بمعنى أنها يمكن أن تحصل على الرسوم بالدولار وتحول ما تريده منها للخارج أو ان تحصل عليها بالجنيه على أن تتعامل مع بنك محلي يقوم بالتحويل لها بالدولار لحساباتها.
يوضح أن المتعاملين مع التوكيلات يريدون السداد بالجنيه علي أن يقوم التوكيل بالتحويل، والتوكيل يفضل الرسوم بالدولار، وحجم التعامل في مجال الرسوم الملاحية لا يمكن أن يكون مؤثرا علي سعر الصرف، والأمر لايزال قيد الدراسة حتى الأن.. لا توجد إحصائيات رسمية بحجم الرسوم الملاحية في مصر، فكل توكيل يضع الرسوم التي يراها مناسبة.