لم يمر يوم على المفاوضات الثلاثية بين مصر وأثيوبيا والسودان، بشأن أزمة سد النهضة، تحت رعاية الاتحاد الإفريقي، حيث خرج وزير الري الأثيوبي لإثارة البلبلة وخلق حالة من الجدل، بعد أن أعلن أن أديس ابابا بدأت في ملء خزان سد النهضة، تأكيدًا للصور التي تم التقاطها عبر الأقمار الصناعية، والتي توضح ارتفاع منسوب المياه في السد، ثم عاد الوزير لينفي ما قاله بنفسه.
تراجع منسوب المياه في السودان
أعربت وزارة الري السودانية، عن رفضها القيام بإجراءات أحادية في قضية سد النهضة، بعدما قالت إثيوبيا إنها بدأت مرحلة الملء رغم تعثر الاتفاق مع كل من الخرطوم والقاهرة.
وأوردت الوزارة، في بيان، أنه بعد تناقل أنباء وصور بالأقمار الاصطناعية حول الشروع في ملء السد، تم الإيعاز للأجهزة المختصة بقياس منسوب النيل الأزرق، لأجل التأكد من صحة المعلومات.
وأضافت الوزارة، أن قياس تدفق المياه في محطة الديم الحدودية مع إثيوبيا، كشف تراجعا في مستويات المياه بما يعادل 90 مليون متر مكعب يوميا، وهذا التطور يؤكد إغلاق بوابات سد النهضة.
وقالت وزارة الري والموارد المائية، إنها ترفض اتخاذ إجراءات أحادية الجانب يتخذها أي طرف، خصوصًا مع استمرار جهود الاتحاد الإفريقي ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا.
وأردفت أن التوافق حول النقاط الخلافية العالقة أمرٌ ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية، مضيفة أن الحكومة ستتابع هذه التطورات بما يؤمن المصالح القومية السودانية.
تضارب الآراء الأثيوبية
ذكر التليفزيون الرسمي في أثيوبي، أن وزير المياه الأثيوبي سيليشي بيكيلي، أعلن بدء ملء خزان سد النهضة، ويأتي هذا الإعلان بعد تعثُر الجولة الأخيرة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسوان، التي توسط فيها الاتحاد الأفريقي.
وأوضح بيكيلي، في تصريح صحفي، أن المرحلة التي وصل إليها سد النهضة في إثيوبيا، تُمكن من بدء عملية التخزين الأولي المقدر بـ4.9 مليار متر مكعب.
وأضاف أن ما وصلت إليه أعمال البناء في السد تتيح بدء الملء لبحيرة السد، بشكل طبيعي، قائلًا إن المفاوضات التي اختتمت بين الدول الثلاث؛ إثيوبيا والسودان ومصر وبحضور مراقبين وخبراء أفارقة، شهدت اتفاقا حول بعض النقاط، مشيرًا إلى أن بلاده تحفظت على بعض النقاط، وأن عمليتي بناء وتعبئة سد النهضة تسيران بشكل طبيعي.
نفي بعد تأكيد
نقلت وكالة “أسوشيتد برس” عن وزير المياه الإثيوبي سيليشي بيكيلي نفيه لتقارير أفادت بأن حكومة بلاده بدأت في ملء خزان سد النهضة على النيل الأزرق.
وكانت وكالة “الأسوشيتد برس” الأمريكية، نشرت تقريرًا يشرح الخبراء من خلاله سبب ظهور صور الأقمار الصناعية لسد النهضة وهو ممتلئ بالمياه، وذلك في تقرير تحت عنوان “صور الأقمار الصناعية تظهر اتساع سد النهضة”، قبل إعلان إثيوبيا عن البدء في ملء السد.
وأشارت الوكالة خلال التقرير إلى أن صور الأقمار الصناعية الجديدة تظهر عملية البدء في ملء الخزان وراء سد إثيوبيا الكهرومائي المتنازع عليه، ووفقًا لما قاله محللًا إنه من المحتمل أن يكون بسبب الأمطار الموسمية وليس بسبب الإجراءات الحكومية.
وأكد التقرير، أن تلك الصور ظهرت مع إعلان كل من إثيوبيا ومصر والسودان إن المحادثات الأخيرة حول المشروع المثير للجدل انتهت يوم الإثنين الماضي دون اتفاق، وقالت إثيوبيا إنها ستبدأ في ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي تبلغ قيمته 4.6 مليار دولار هذا الشهر حتى من دون اتفاق، وهو ما سيزيد من حدة التوترات.
قال ويليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن الخزان الكبير، الذي التقطه القمر الصناعي “سينتينل -1” التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في الصور من المحتمل أن يكون “تراكمت طبيعية للمياه خلف السد” خلال موسم الأمطار.
مصر والعودة لمجلس الأمن
عن إعلان أثيوبيا بدء سد النهضة، عقب المهندس محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، قائلًا إن الإجراء التالي من مصر سيكون سياسيًا ويعود لوزارة الخارجية.
فيما ذكر المستشار أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن مصر طلبت إيضاحًا رسميًا عاجلًا من الحكومة الإثيوبية بشأن مدى صحة هذا الأمر، مؤكدًا أن مصر تواصل متابعة تطورات ما يتم إثارته في الإعلام حول هذا ملء سد النهضة.
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أكد أن جميع الجهود المبذولة للتوصل إلى حل لم تأت بأي نتيجة، مُحذرًا من أن مصر قد تضطر إلى مناشدة مجلس الأمن الدولي مرة أخرى للتدخل في النزاع، وهو احتمال ترفضه إثيوبيا، مفضلة الهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي للتوسط.