بعد الإعلان عن صفقة ضخمة. انسحب بنك أبوظبي الأول -أكبر بنك في الإمارات العربية المتحدة- مطلع الشهر الجاري، من خطة للاستحواذ على المجموعة المالية-هيرميس. أكبر بنك استثماري في مصر. حيث قالت مصادر مصرفية استثمارية، إن العديد من مقترحات الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر من دول مجلس التعاون الخليجي- بما في ذلك صفقات الاندماج والاستحواذ – قد توقفت بشكل كبير. في أعقاب انخفاض قيمة العملة، وتدفقات رأس المال الهائلة إلى الخارج.
تظهر بيانات البنك المركزي المصري CBE انخفاض صافي الأصول الأجنبية NFA. بمقدار 13.7 مليار دولار إلى سالب 5.1 مليار دولار في مارس/أذار. وسط تدفقات رأس المال غير المقيمة الخارجة، بسبب الوضع في أوكرانيا.
في مذكرة حديثة، قالت مؤسسة MOODY’S للأبحاث والدراسات الاقتصادية أنه “مع احتياطيات النقد الأجنبي السائلة عند 29 مليار دولار في نهاية مارس/أذار. فإن سحب مماثل قدره 13.7 مليار دولار، سيقلص المخزون الاحتياطي إلى حوالي 15 مليار دولار”. مشيرة إلى أن هذا المستوى “من شأنه أن يقوض تغطية خدمة الدين الخارجي على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة. والتي نقدرها بنحو 30 مليار دولار.” وأوضحت المذكرة تدفقات رأس المال الخارجة سلبية ائتمانيًا للحكومة المصرية “مستقر B2 “، التي يرتبط احتياطي النقد الأجنبي السائل بها -الخط الأخضر في العرض- ارتباطًا وثيقًا بوضع NFA للبنك المركزي -الخط الأزرق في العرض.
مع احتياطيات النقد الأجنبي السائلة في 29 مليار دولار في نهاية مارس/أذار. سيؤدي سحب مماثل قدره 13.7 مليار دولار إلى خفض المخزون الاحتياطي إلى حوالي 15 مليار دولار. سيؤدي هذا المستوى إلى تقويض تغطية خدمة الدين الخارجي على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة. والتي نقدرها بنحو 30 مليار دولار. بما في ذلك 13 مليار دولار من الديون قصيرة الأجل، و17 مليار دولار في آجال الاستحقاق المتوسطة / طويلة الأجل في السنة المالية 2022. والتي تنتهي في 30 يونيو/أيار، المُقبل.
اقرأ أيضا: بعد سحب العرض الإماراتي: هل شركة هيرميس ليست للبيع؟
انخفاض آخر للجنيه
الشهر الماضي، أعلنت البورصة المصرية استحواذ صندوق الثروة السيادي في إمارة أبوظبي “أديا”. على نحو 18% من البنك التجاري الدولي CIB، أكبر بنك خاص في مصر. ذلك إلى جانب حصة غير محددة بشركة التكنولوجيا العملاقة “فوري“. إضافة لحصص في ثلاث شركات أخرى. لكن، لم يتم الإعلان عن حجم تلك الاستحواذات.
جاءت الصفقات إثر زيارة أجراها محمد بن زايد ولي عهد دولة الإمارات إلى مصر. حيث التقى بالرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي في قمة ثلاثية بشرم الشيخ.
حسب وكالة بلومبرج المتخصصة في الاقتصاد، فإن مصر تسرع في عملية بيع أصول إلى المستثمرين الخليجيين. بما في ذلك الصناديق السيادية الخليجية. ذلك بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها البلاد؛ والتي اضطرت البلاد إلى رفع يدها عن الجنيه. ما تسبب في هبوط مفاجئ في سعره أمام الدولار، حتى وصل إلى قرابة الـ 18.54 جنيه أمام الدولار. ونقلت الوكالة عمن وصفتهم بمصادر مطلعة، أن قيمة استحواذات صندوق الثروة في أبوظبي، سيصل إلى نحو ملياري دولار.
تتوقع Capital Economics أن ينخفض الجنيه المصري بنسبة 25% مرة أخرى بنهاية عام 2024. ويبدو أن المستثمرين قد شعروا بالقلق من تأثير ضعف العملة على الدين الحكومي بالعملة الأجنبية في مصر. والذي يعادل حوالي 24 جنيهًا مصريًا لكل دولار. بينما قال جيمس سوانستون من المؤسسة: “إن تخفيض قيمة الجنيه خطوة جيدة لجعله يتماشى تقريبا مع قيمته العادلة. ويمكن أن تمهد هذه الخطوة الطريق إلى اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي”.
وأضاف: “كان من المهم أن يقرر صناع السياسة الآن. هل يسمحون بتعويم الجنيه بحرية أكبر، أو يستمرون في إدارته والسماح بتراكم الاختلالات الخارجية مرة أخرى. مما قد يؤدي إلى تخفيضات قيمة العملة في المستقبل مثلما حدث اليوم”.
المخاطر على البنوك
تلفت Gulf News إلى أن القطاع المصرفي في مصر كان على طريق الانتعاش مقارنة بالعام الماضي. مدعوماً بالانتعاش الاقتصادي القوي الذي أدى إلى تحسين الأرباح وجودة الأصول للشركات التابعة للبنوك الإماراتية في مصر. وكانت بنوك “الإمارات دبي الوطني” و”أبوظبي الأول” و”أبوظبي التجاري” و”مصرف أبوظبي الإسلامي” و”المشرق” لها شركات تابعة في مصر.
تحسنت ربحية العمليات المصرية بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية. مما عكس التحسن العام في ظروف التشغيل. مع ذلك، مع زيادة هروب رأس المال، وتقلب العملة، والضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار الفائدة. من المتوقع أن تواجه البنوك انخفاضًا حادًا في نمو القروض، حيث من المرجح أن ترتفع القروض المتعثرة.
كذلك، من المرجح أن يرتفع التضخم وأسعار الفائدة أكثر. أدى ارتفاع أسعار النفط والغذاء إلى زيادة التضخم. وارتفعت أسعار المستهلكين الإجمالية بنسبة 12% على أساس سنوي في مارس/ آذار.
تتوقع وكالة التصنيف الائتماني Fitch تسارع ضغوط الأسعار بشكل أكبر بعد انخفاض سعر الصرف في مارس/أذار. مما يرفع التضخم الإجمالي إلى 10%في عام 2022. و12 % في عام 2023. ورجحت أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بشكل أكبر. للحفاظ على معدلات الفائدة الحقيقية الإيجابية، وتهدئة التضخم، ودعم الجنيه المصري، وجاذبية الأصول بالعملة المحلية. مع افتراض زيادة 300 نقطة أساس أخرى في سعر الفائدة بحلول عام 2024.
اقرأ أيضا: خريطة توسع الاستثمارات الإماراتية في مصر
الإصلاحات ودعم الجنيه
لبعض الوقت، حصل الاقتصاد المصري على بعض الراحة من الاضطرابات الحالية. بسبب الدعم الدولي السريع، وآفاق النمو القوية للاقتصاد. وقدمت دول مجلس التعاون الخليجي –مجتمعة- تعهدات بقيمة 22 مليار دولار لمصر. وقدمت السعودية 5 مليارات دولار وديعة بالعملة الأجنبية لدعم احتياطيات مصر من النقد الأجنبي بشكل مباشر. بالإضافة إلى 10 مليارات دولار أخرى مخصصة للاستثمارات. وخصصت الإمارات 2 مليار دولار من الاستثمارات. كما تجري مصر مناقشات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويل جديد.
يُشير تقرير MOODY’S إلى احتمالية أن يساعد ذلك في تمويل العجز الأوسع في الحساب الجاري. والمقدر عند 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2022. مقابل 4.6%في السنة المالية 2021. وأضاف: على الرغم من القروض الكبيرة بالفعل لمصر من صندوق النقد الدولي والتي تبلغ حوالي 19 مليار دولار. نتوقع أن تكون الحكومة قادرة على الوصول إلى تمويل إضافي بموجب معايير الوصول الاستثنائية لصندوق النقد الدولي.