تترقب السوق المصرية اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المقرر انعقاده في 19 مايو القادم. وذلك لتحديد سعر الفائدة وسط تطورات الأوضاع محليًا وعالميًا خلال الفترة الماضية.
فما توقعات رفع سعر الفائدة في مصر وسط معدلات التضخم الحالية والتوقع برفع الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة؟. لقد فاجأ البنك المركزي المصري الجميع في 21 مارس الماضي بعقد اجتماع استثنائي للجنة السياسة النقدية. حيث قرر رفع أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس (1%) على الإيداع والإقراض لتصل إلى 9.25 و%10.25 على التوالي.
وقرر البنك الأهلي المصري وبنك مصر طرح شهادة ادخار بسعر عائد سنوي 18% وذلك لمدة عام. لاحتواء الضغوط التضخمية والتخفيف من آثار التداعيات الاقتصادية التي يمر بها العالم نتيجة المتغيرات والأحداث العالمية.
ماذا يعني رفع أسعار الفائدة؟
ويعتبر قرار رفع الفائدة معيارا يحدد أسعار الفائدة على القروض التي تحصل عليها البنوك من “المركزي”. وبناء عليها تضع البنوك خططها في آلية احتساب جديدة لأسعار الفائدة على القروض التي تقدمها للعملاء.
وكلما ارتفع السعر الذي يضعه “المركزي” تزيد نسبة الفائدة بشكل تلقائي على القروض القائمة والجديدة بالعملات المقومة بعملة “المركزي” أو المرتبطة بها.
ويعني سعر الفائدة الحقيقي ما يحصل عليه المستثمر في حالة وضع الأموال في البنك. وأيضا في حالة قيامه بالاقتراض من البنك.
وفي حالة الجنيه فإن قيمة الإقراض سترتفع اعتبارا من اليوم على البنوك. وبالتالي على العملاء. وهذا مؤشر سلبي على الاقتصادات التي تبحث عن تحفيز الأسواق عبر وضع نسب فائدة منخفضة. بحيث سيدفع رفع قيمة الإقراض إلى تراجع وتيرة الإقدام على طلب التسهيلات الائتمانية في الأسواق.
ويرفع البنك المركزي أسعار الفائدة عندما ترتفع نسبة التضخم في الاقتصاد. “زيادة أسعار السلع والخدمات”. وبالتالي ترتفع قيمة المال وتقل نسبة الاقتراض ويقل الإنفاق والطلب على الاستهلاك فينخفض التضخم.
وفي حالة الركود الاقتصادي يقوم البنك بخفض سعر الفائدة. ما يخفض قيمة الأموال فيزداد الاقتراض وينتعش الإنفاق الاستهلاكي.
هل يضطر المركزي لرفع الفائدة مجددًا في مايو؟
تشير توقعات خبراء الاقتصاد إلى أن الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية في البنك المركزي سيشهد قرارًا برفع أسعار الفائدة بين 1 و2%.
وقال هاني أبو الفتوح -الخبير المصرفي- إن البنك المركزي قد يرفع الفائدة بين 2-4% حتى نهاية العام. وذلك وفقًا لمعطيات السوق الداخلية المتعلقة بارتفاع التضخم المحلي.
التوقعات تشير إلى حدوث ارتفاع تدريجي مستمر في معدلات التضخم على مدى الأشهر المقبلة. لتسجل أعلى مستوى في شهر أغسطس 2022، عند 12% على أساس سنوي. ثم بعد ذلك ستبدأ في الانحسار وتعود مرة أخرى إلى ما دون مستويات 9% بحلول فبراير 2023. ما يعني أن مستويات التضخم ستجعل “المركزي” مضطرًا إلى رفع الفائدة مرة ثانية خلال النصف الأول من 2022 -وفق أبو الفتوح.
ولفت لـ”مصر 360″ إلى تأثير المؤشرات الخارجية وعلى رأسها قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة على القرار المنتظر للمركزي المصري في مايو المقبل. موضحًا أن الاتجاه الحالي الذي يشير إلى احتمالية قيام الفيدرالي المركزي بإقرار رفع آخر للفائدة خلال شهر مايو. ومن ثم سيتعين على المركزي المصري رفع الفائدة.
تأثيرات التضخم على الفائدة
وقال محمد فتح الله -العضو المنتدب لشركة بلوم القابضة- إن البنك المركزي سيتجه إلى رفع أسعار الفائدة بنسبة قد تصل لـ2%. وذلك لكبح جماح التضخم من جهة والحفاظ على استثمارات المتعاملين الأجانب في أدوات الدين.
وأضاف لـ”مصر 360″ أن التضخم ناتج حاليًا عن زيادة في المعروض النقدي وقلة السلع والخدمات. وبالتالي فالحل الأسهل للدولة هو زيادة أسعار الفائدة بينما الحل الأصعب هو زيادة السلع والخدمات.
وقال إن تلك المؤشرات ستدفع البنك المركزي إلى اتخاذ قرار آخر برفع الفائدة في السوق بداية من 19 مايو المقبل. تأثرًا بمعطيات السوق سواء الداخلية أو الخارجية.
وتوقع محمد أبو باشا -كبير محللي الاقتصاد الكُلي بالمجموعة المالية “هيرمس”- زيادة أسعار الفائدة بمعدل 2% خلال الفترة المقبلة. وذلك من أجل إحداث توازن في السوق مع الزيادة المتوقعة في الأسعار بشكل عام.
وأشار إلى أن الزيادة في مستويات التضخم المحلي كانت متوقعة على غرار ارتفاع وتيرة التضخم العالمي. وهو ما نتج عنه زيادة كبير في أسعار الغذاء. لذا قامت الحكومة بضبط الأسواق عبر ضبط سعر الخبز وتوفير السلع الأساسية.
ولفت إلى ارتفاع التضخم خلال أبريل الجاري ووصوله إلى 10.5% على أساس سنوي. وهو ما كان متوقعًا نظراً لارتفاع أسعار السلع العالمية وارتفاع مدخلات الإنتاج. ما أثر بشكل مباشر على ارتفاع أسعار السلع للمستهلك.
هل يؤثر قرارر الفيدرالي الأمريكي القادم على الفائدة في مصر؟
وعلى مستوى التأثيرات العالمية ترتبط توقعات رفع الفائدة داخليًا بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
فمن المنتظر أن تعقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التابعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعها يومي 3 و4 مايو المقبل. وذلك للنظر في مصير أسعار الفائدة وسط توقعات تشير إلى رفعها بنسبة 0.25% أو 0.50%.
وكان الفيدرالي الأمريكي قد قرر آخر اجتماع في مارس الماضي رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2018 بنسبة 0.25%. للتصدي إلى التضخم الذي ارتفع لأعلى مستوياته نحو 40 عاما.
وقال محمد أبو باشا إن احتمالية رفع البنك المركزي أسعار الفائدة يتوقف أيضًا على مراقبته التطورات في الأسواق العالمية وقرار الاحتياطي الفيدرالي.
وواصل: “حال رفع الاحتياطي الفيدرالي للفائدة بواقع 0.5% سيتجه المركزي المصري إلى رفع الفائدة 1% للحفاظ على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة ومواجهة الضغوط التضخمية”.
من جانبه قال الخبير الاقتصادي عادل عامر إن قرار الفيدرالي الأمريكي يؤثر بشكل مباشر على الأسواق الأقل قوة. وبالتالي تزيد التوقعات حول قيام المركزي المصري باتخاذ قرار مباشر برفع الفائدة للحفاظ على السوق من التقلبات. بعد الصدمات السعرية كبيرة التي حدثت نتيجة الزيادة في أسعار المواد الخام والطاقة والغذاء.
شهادات الـ 18% تدعم التثبيت
وعلى الجانب الآخر توقع مصرفيون أن يكون قرار المركزي الأقرب للتثبيت. حيث يرى البعض أن قرار لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي قد يتجه إلى التثبيت في اجتماع مايو المقبل.
وقال الخبير الاقتصادي أحمد معطي إن قرار البنك المركزي الخاص بسعر الفائدة خلال الاجتماع القادم سيكون الأقرب للتثبيت. على أن يكون هناك رفع خلال الاجتماع التالي له للحفاظ على وضع السوق الداخلية بعد الزيادات السعرية الأخيرة.
وتابع: وفيما يتعلق بقرار الفيدرالي الأمريكي حتى وإن قام برفع سعر الفائدة سيكون الرفع بنسبة ضئيلة لن تجعل المركزي المصري في حاجة إلى الرفع الاجتماع المقبل.
وكذلك توقع ماجد فهمي -الخبير المصرفي- أن يبقي البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل. موضحًا أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية سيجعل هناك زيادة مستمرة في الأسعار العالمية، ما يؤدي بدوره لتضخم محلي. مشيرًا إلى أن استمرار شهادات الـ18% يجعل من المستبعد توجه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل.
حصيلة شهادات الـ18%
وواصلت حصيلة بيع بنكي الأهلي ومصر للشهادات ذات العائد المرتفع الصعود لتقترب من مستوى 600 مليار جنيه. وذلك خلال أقل من شهر من تاريخ طرحها في السوق المصرية.
ووفق بيان أعلن بنكا الأهلي المصري ومصر ارتفاع حصيلة شهادات الادخار ذات العائد المرتفع 18%. والتي أطلقها البنكان في 21 مارس الماضي عقب قرار البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة 1%. حيث بلغت إجمال الحصيلة نحو 581 مليار جنيه.
وجاء إصدار هذه الشهادة في إطار تحركات البنك المركزي للسيطرة على معدلات التضخم التي لامست مستويات قياسية خلال مارس الماضي. ووفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
تخفيضات سابقة للجنيه
ومع نهاية 2016 تأزم الوضع الاقتصادي وانهار سعر الجنيه أمام الدولار. وانتعشت السوق السوداء بشدة. وعانى رجال الأعمال عدم حصولهم على مبالغ متاحة من العملة الأجنبية. ما جعل خيار تعويم الجنيه هو الحل الوحيد والأمثل للقضاء على السوق السوداء وتحرير سعر الصرف.
وقبل صدور قرار التعويم كان سعر صرف الدولار مستقرا في البنوك المصرية عند مستوى 8.88 جنيه. وبمجرد صدور قرار التعويم وضع البنك المركزي المصري سعراً استرشادياً لصرف الدولار عند 13 جنيهاً. لتشهد السوق حالة من الارتباك وقيام التجار بالمضاربة وتحقيق مكاسب ضخمة خلال أول فترة من التعويم لينتهي العام 2016 وقد قفز سعر صرف الدولار إلى مستوى 19.60 جنيه.
وبحلول 2017 بدأت السوق تدخل مرحلة الاستقرار ويشهد الدولار تراجعاً ليسجل مستوى 18.30 جنيه. ثم واصل التراجع إلى مستوى 17.25 جنيه خلال 2019 لينتهي سعر صرف الدولار إلى مستوى 15.64 جنيه حتى بداية مارس الجاري.
وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن السوق السوداء للعملة كانت تسيطر على ما يقرب من 60% من إجمالي التعاملات بالدولار قبل التعويم. وهو ما تسبب في خسائر عنيفة وكبيرة للبنوك التي ابتعد عنها المتعاملون في ظل أسعار صرف كبيرة في السوق السوداء مقارنة بالأسعار التي تطرحها البنوك.
وبعد قرار رفع الفائدة الأخير وصل سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري لنحو 18.52 جنيه للشراء، و18.58 جنيه للبيع.