آثار قرار الحكومة المصرية بفتح باب استيراد القمح رغم ارتفاع الأسعار العالمية تساؤلات خاصة في ظل تأكيدها على وجود احتياطي كبير يكفي 8 أشهر. وبدء التوريد المحلي من المزارعين، وفتح باب التعاقد على القمح الهندي لكميات قد تصل لـ 3 ملايين طن يبدأ توريدها في مايو.
حصلت مصر في أحدث مناقصة لشراء القمح على 350 ألف طن أغلبيتها من القمح الفرنسي بجانب شحنتين فقط من بلغاريا وروسيا. بمتوسط سعر 490 دولاراً للطن بعد احتساب الشحن، ويمثل ذلك السعر ارتفاعاً بنسبة 44% عن المبلغ الذي تم دفعه في منتصف شهر فبراير الماضي. قبل اندلاع الحرب مباشرةً، والأعلى في 6 سنوات على الأقل.
كما أعلنت هيئة السلع التموينية عن إجراء مناقصة قمح مستورد من مناشئ أوروبية على أن تقدم العروض على أساس “إف أو بي” (تسليم ظهر السفينة). أو “سي أند إف” (السعر شاملاً كل المصروفات وتكاليف عملية الشحن والتأمين) على أن يكون توقيت الشحن. خلال الفترة من 20 إلى 31 مايو 2022 بالنسبة “إف أو بي” ومن 1 إلى 15 يونيو 2022 بالنسبة لـ “سي أند إف”.
الجودة والشحن.. عراقيل أمام دخول القمح الهندي مصر
يأتي ذلك وسط توقعات بمواجهة الهند عقبات في تصدير القمح إلى مصر بمقدمتها الجودة وتكلفة الخدمات اللوجستية والشحن. والتي قد تجعل نيودلهي قادرة فقط، على توريد نحو مليون طن في موسم 2022/2023، وأن تأخذ حصة محدودة من منطقة البحر الأسود. التي تعتمد عليها مصر خاصة روسيا وأوكرانيا، اللتان تمثلان معًا أكثر من 80٪ من مشتريات القمح المحلي.
شركة ديا تمثل ذراع الحكومة الهندية اليمنى في تحقيق خططها لزيادة الصادرات إلى مصر لحوالي 3 ملايين طن متري في 2022-23. بعد أن حصلت على موافقة على وضعها ضمن مصادر التوريد في 15 أبريل الحالي. لكن توجد مخاوف من الجودة بمرض فطر النخر الهندي والإفراط في استخدام المبيدات الحشرية. التي أصابت سابقًا صادرات القمح الهندي لكنه خيارًا أرخص لمصر أكبر مستورد في العالم.
ووضعت وزارة الزراعة حينما وافقت على الهند كمصدر لاستيراد للقمح، عدة شروط بما في ذلك التفتيش على الآفات قبل التصدير. واستخدام مبيد حشري معين فقط، بينما يقول أحمد العطار. رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي التابعة لوزارة الزراعة المصرية: “مجرد موافقتنا على الأصل لا يعني أننا نقبل أي شيء. فهناك شروط فنية وضعتها إدارة الحجر الزراعي.
لكن التجار والمسؤولين الحكوميين في الهند قالوا إنهم لم يتلقوا أي شكاوى عند تصدير كميات كبيرة هذا العام إلى دول مثل بنجلاديش وكوريا الجنوبية وسريلانكا وعمان وقطر وغيرها.
وتشتري مصر الحبوب عبر الهيئة العامة للسلع التموينية التي كان لديها 16 جهة توريد معترف بها. في مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا، وذلك قبل إدراج الهند في القائمة أخيرا.
القمح الهندي
معظم القمح الهندي من النوع الصلب المرتبط بالأماكن الحارة أو المشمسة ويحتوي على نسبة بروتين 10٪ -13٪. وكذلك جلوتين أكبر من القمح اللين، الذي يكون مناسبا أكثر من المنتجات المخمرة مثل الحلويات وأيضا في إنتاج من المكرونة الطازجة.
وفقًا لخبراء الزراعة، يحتاج القمح الهندي إلى 120 كجم من النيتروجين و60 كجم من الفوسفور و30 كجم من البوتاسيوم لكل هكتار (2.471 فدان). لتحقيق إنتاج مثالي، ومع ذلك فإن جودة القمح الهندي تعاني بسبب نقص المغذيات الدقيقة مثل الزنك والحديد والنحاس والكبريت.
لا تتوقف المخاوف فقط عند مخاطر الجودة، فبحسب تجار هنود فإن تكاليف الشحن ستشكل تحديًا للموردين الهنود. مضيفين أن أقل تكلفة شحن يوم الثلاثاء بلغت 70 دولارًا للطن.. وقال راجيش باهاريا جين، وهو تاجر مقيم بنيودلهي. إن تكلفة شحن القمح الهندي إلى مصر ستكون حوالي 70 دولارًا للطن مقابل 30-40 دولارًا للإمدادات من منطقة البحر الأسود.
لكن السعر الأرخص يعطي القمح الهندي أفضلية إذ تم توقيع صفقات التصدير الأخيرة من الهند بما يتراوح بين 330 دولارًا و335 دولارًا للطن. على متن السفينة، وهو أرخص بأكثر من 100 دولار من العروض الأوروبية المشتراه. من قبل الهيئة العامة للسلع التموينية في أحدث مناقصة لها من روسيا وبلغاريا وفرنسا.
وبلغت صادرات القمح الهندية 7.85 مليون طن في السنة المالية المنتهية في مارس. وهو أعلى مستوى على الإطلاق فالفترة المناظرة من العام الماضي شهدت تصدير 2.1 مليون طن في العام السابق. وبحسب قسم الخدمات الزراعية الخارجية التابع لوزارة الزراعة الأمريكية في القاهرة. فإن واردات مصر من القمح سجلت نحو 11 مليون طن متري في 2022-2021 بانخفاض مليون طن عن العام المالي 2021- 2020.
القمح المحلي.. منافسة مع القطاع الخاص
يقول نادي عزام، الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تتحوط حاليا من طول أمد الحرب الروسية. التي تسببت في مشكلات لجميع الدول المستوردة، خاصة أن موسم زراعة القمح الأوكراني تكون في الربيع. ما يعني إمكانية حدوث نقص في التصدير الأوكراني.
يضيف أن الحكومة تسعى حاليا لزيادة المخزون دون تضييق على حكم الاستهلاك المحلي بجانب ضبط التضخم. خاصة أن القمح السلعة الأكثر أهمية في قائمة غذاء المواطن المصري.
وأعطت مصر إشارة بدء موسم حصاد القمح في 3,65 مليون فدان ومن المتوقع أن تكون الانتاجية 10 ملايين طن. وتشير التقديرات لموسم الحصاد لهذا العام إلى أن معدلات الحصاد ستكون حوالي 17% في شهر أبريل. و75% خلال مايو والمتبقي سيكون في شهر يونيو، ومن المستهدف استلام من 5.5 إلى 6 ملايين طن من المزارعين.
اتخذت الحكومة عددًا من الآليات لدعم محصول القمح لهذا العام تمثل زيادة المساحة المنزرعة بحوالي 250 ألف فدان. وإعلان السعر قبل الموسم إنفاذاً للزراعة التعاقدية مع تقرير حافز استثنائي. كما اهتمت بالمشروع القومي للصوامع بزيادة السعات التخزينية وزيادة الحقول الإرشادية. لتصل لأكثر من 21 ألف حقل وزيادة نسبة التغطية من التقاوي المعتمدة والتوسع في استخدام الميكنة في الزراعة والحصاد بهدف تقليل الفاقد.
لكن تواجه الدولة تحديًا في وجود طبقة من التجار الراغبين في الشراء والتخزين انتظارا لتحرك أعلى للأسعار. ففي محافظة المنوفية، تم ضبط 2 من تجار تجميع غلال القمح يقومون بتجميع المحصول من المزارعين بصورة غير قانونية. وبالمخالفة للضوابط والقرارات الوزارية المنظمة بهذا الشأن والتي سبق وتم الإعلان عنها.
إتجار غير مشروع
ضبطت مديرية تموين الفيوم أحد الاشخاص قام بتجميع الأقماح بقصد الاتجار بها بعيداً عن الجهات المسوقة للقمح. والتي أقرها وزير التموين والتجارة الداخلية، وتم مصادرة الكمية مع التاجر والتي تصل إلى 6 الاف طن ووضعها بصومعة طامية بالمحافظة.
وتوقع حسين أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، وصول حجم التوريد إلى نحو 6 ملايين طن من الأقماح للجهات الحكومية. مع دعم مزارعي الأقماح وصرف الحكومة مستحقات المزارعين خلال يومين على الأكثر تقريب نقاط تجميع الأقماح. لتخفيف الأعباء على المزارعين ومنع التزاحم أمام الصوامع وتقليل أعباء الشحن.
وأكد تقرير لقسم بحوث القمح بمعهد المحاصيل الحقلية التابع لمركز البحوث الزراعية. أن متوسط إنتاجية الفدان 20 إردبا بما يعادل 3 أطنان للفدان. موضحا أن الموسم الحالي شهد زراعة صنفين جدد من القمح هما سخا 95 ومصر 3. في حين أن الموسم المقبل سيشهد صنفين آخرين هما مصر 4 وبني سويف 8. كما يتم حاليا تسجيل أصناف نوبارية 2، وشندويل 2 وهما مازالا تحت الإكثار.
يقول أبو صدام إن الموسم الحالي أفضل مواسم إنتاج القمح من ناحية المساحات والإنتاج والأسعار بعد وصول المساحات المنزرعة إلى 3.6 مليون فدان. بزيادة نحو 400 ألف فدان تقريبًا عن الموسم الماضي. متوقعًا أن يصل الإنتاج الكلي لمصر من القمح لأكثر 10.5 مليون طن. نظرًا لزيادة المساحات المنزرعة وخلو الموسم من الأمراض وملاءمة المناخ. بجانب أن أغلب مساحات القمح في مصر تمت زراعتها بأصناف عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض وتتحمل التغيرات المناخية.