مع الإعلان عن سينما موسم عيد الفطر بأسبوعه الأول الذي انتهى. شاهد الجمهور دعايا عدد قليل من الأفلام تسد حاجته بالرغم من زيادة إقبال الجمهور على السينما نوعًا ما مرة أخرى منذ كورونا. تصدّر هذه الأفلام فيلم الفانتازيا الكوميدي“واحد تاني” وبطله أحمد حلمي. بإيرادات تصل إلى 25 مليون جنيه حتى الآن فقط. لماذا؟ وما الذي يمكن الحديث عنه سريعًا في سياق الموسم والبطل؟ هذا ما نريد الحديث عنه هنا والآن.
باتت منافسة غير شرسة بوجود فيلم ضعيف في كافة جوانبه مثل “زومبي” وفيلم أكشن ينافسه. لكن على مستوى أوسع لأحمد السقا ومنى زكي في “العنكبوت” إلى جانب فيلم أشباح أوروبا. الذي تم منع عرضه في مصر ويعرض في دور العرض السينمائي بدول الخليج. رغم منعه هنا إثر الخلافات القانونية بين بطلته هيفاء وهبي والمنتج محمد الوزيري والتي أدت لمنع إصدار تراخيص عرضه تجاريًا.
موسم عيد فطر ضعيف فنيًا يلحق موسم رمضاني متواضع. كذلك بالرغم من كافة الإمكانات التي نملكها ولا نفهم من يستفيد من جلوس كل تلك المواهب والأفكار في الغرف المغلقة. دون عرض والاكتفاء بأقل القليل بين كل شيء!.
عنصر نجاح
يروي مؤلف الفيلم هيثم دبور لمصر 360 أن ثمة شيء ينبغي أن يتم التركيز عليه في كل مرة. وهي اختيار الأشخاص الذين يشبهون مشروعك. يجب التركيز على ذلك لاستغلال الأمر كعنصر نجاح أكثر جوهرية من أي شيء آخر.
وربما يمكننا من خلال ذلك أن نتناول الحديث حول واحد تاني تحديدًا في شخص بطله. الذي أصبحت اختياراته الأخيرة تعبر عنه بوضوح وقوة وعلى ما يبدو لن يتراجع عنها أبدًا. ما الذي يمكن الاستفادة منه من خلال ذلك؟ ولماذا قرر حلمي أن يذهب إلى الفريق الفائز دائمًا؟. يعبر حلمي عن فهم واضح للسوق وما يمكن الخوف منه بالرغم من كل شيء.
ثمة شيء فلسفي يمكننا توضيحه والتساؤل بشأنه بدأ عندما أصبحت السينما تحتل مكانها. كوسيلة للفن المعاصر ووقف بعض المفكرين في أوروبا وأعلنوا الحداد على الثقافة الرفيعة والفن الرفيع. ليعلن عن طيب خاطر بلهجة يائسة حزينة يقول: “لقد انتهى العصر الذي كان الفنان فيه أستاذًا للجمهور. يعلّمه ويربّيه وبدأ عصر جديد، يلعب فيه الجمهور بالفنان مثل العروسة التي يلعب بها الأطفال”.
لقد أصبح على الفنان أن يقف على ناصية الحياة الصاخبة وينصت لمطالب الجمهور ثم يعود إلى مكتبه وبيته ليكتب ما يريده هذا الجمهور. إذا كان يريد شيئًا عن الحب فيكتب شيئًا عن الحب، إذا كان يريد حديثا عن السياسة والجنس فليكتب. وهكذا أصبح الجمهور يصنع الفنان بعد أن كان الفنان يفرض ما يريده على عصره وجمهوره.
في ذلك ما يمكن التساؤل بخصوص الاستعلاء على الجمهور بشأنه. لا نعتقد أن السينما وسيلة أقل سوى في حالات قليلة ربما يمثلها تصورات حلمي ومشروعاته الأخيرة. التي لا يحاول أن يبذل فيها مجهود يذكر، يقدمها بدون نِفس تمامًا بالرغم من وجود بذور يمكن استغلالها أكثر من ذلك بكثير.
مسلسلات إذاعية
كان آخر فيلم حقيقي صالح به حلمي جمهوره في 2011 هو فيلم “إكس لارج” بعدها انتقل حلمي بقوة إلى عمل مسلسلات إذاعية أكثر. وظهر صوته في عدد من الأفلام كراوي فقط أو ضيف شرف، لكن أصبح تركيزه بعد ذلك على العمل في سينما المواسم الأكثر خفة. وربح وتصادمية مع الجمهور وربما تجاهل عن عمد النقاد وما يلقوه على كاهله من مسؤولية.
لم يترك حلمي فرصة للرهان على أي جديد فيلم خفيف الظل خفيف التلقي في قلبه أغنية راقصة جميلة وإيحاءات ساخنة عديدة. يمكنها جذب المراهقون الذي يملأون صالات السينما، رهان رابح تمامًا.
الفيلم من إخراج محمد شاكر خضير وتأليف هيثم دبور وبطولة أحمد حلمي، روبي، سيد رجب، أحمد مالك، عمرو عبد الجليل، نسرين أمين. عدد كافي من النجوم الذين يمكنهم إغراء جمهور واسع بالمراهنة على مشاهدته.
يذهب الفنان أحمد حلمي في” واحد تاني” ليقدم شخصية “مصطفى” رجل يمثل نموذج شديد الندرة. من مصابي الأمراض النفسية لرجل مريض اضطراب الهوية التفارقي أو المعروف باضطراب تعدد الشخصيات.
يعمل مصطفى كموظف روتيني تقليدي يغريه الأخ الأصغر (أحمد مالك) لصديقته القديمة (روبي) أن ينفذ عمليه تلقي اللبوسة السحرية. بهدف إعادة شغفه وحيوته للحياة الذي كان يلهم الصغار بعيدًا عن الروتينية التي يعيشها الآن.
لسوء الحظ أو حسنه ينقسم مصطفى بعد العملية إلى شخصيتين أحدهما مصطفى الروتيني والأخرى تحمل اسم “إكس” المجهول. الذي يعبر عن مرحلة شبابه بكل عيوبها وجموحها وأنانيتها المفرطة تجاه الحصول على كل شيء. مهما كان نتيجة ذلك التي ربما تضر بالآخرون.
الاختيار الأبسط
الاختيار الأبسط قد لا يكون الأنجح نقديًا لكننا شاهدنا سينما ممتلئة بتلك الخفة وشاهدنا على كل حال رهان رابح ومضمون. اختار حلمي الرهان الأخير في العيد يبدو عدم إيمان بالرهان في الأوقات الحرجة واللعب مع الأسهل والأكثر ربحًا وتلقي تمامًا. مثلما ظهر آخر مرة مماثلة في فيلم “لف ودوران” بالخفة والاستسهال نفسها.
ضمانة البقاء على القمة من قبل أحمد حلمي لا تغفر الاستسهال والتبسيط. والاعتماد على الخلطة المعروفة من أغنية ورقصة ورتم متعجل للاحداث في فيلم جيد كان يمكن استغلاله أكثر من ذلك.
هل نشاهد نقد لتمثيل أحمد حلمي الذي ضيع القصة الجيدة؟ أعتقد لا. يظل حلمي على القمة في فيلم آخر ويتحمل الكتاب والمخرجون معه مساويء كل شيء. لم نجد تفصيله في فيلم واحد تاني متواضعة باستثناء تمثيل حلمي الباهت وربما في ذلك. ما يجعل بعد المفكرون يوصموا السينما بلعبة الأطفال إلا أن يعاقب حلمي بعدم تحمله لمشروعات كبيرة لا يعطيها القدر الواجب من الاجتهاد فيها. ولا يصبح في ضمانة متكررة للبقاء على القمة بأقل مجهود.