يشهد مجال السياحة الذي يشكل 15% من الناتج القومي العديد من الضربات منذ 2011، يعود وينتعش ثم يأخذ ضربة تطرحه أرضا، وهو ما حدث بعد إغلاق تام منذ مارس الماضي نتيجة الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة للحد من انتشار فيروس كورونا، ومع بدء تطبيق خطة التعايش مع الفيروس، اتخذت الدولة قرارا بالفتح التدريجي للنشاط السياحي، في يوليو بنسبة اشغال 25% فقط، مع اتباع الإجراءات الاحترازية.
وبات الأمر للبحث عن حلول للنهوض من جديد وحث المواطن لدفع عجلة السياحة، بالإضافة الي تشجيع السياحة الخارجية بعد استئناف حركة الطيران بجميع المطارات المصرية اعتبارا من بداية يوليو الحالي، وفقا لضوابط وإجراءات وقائية واحترازية محددة تنفذها الدولة المصرية بالمطارات.
إضافة يوم جديد للعطلة
اقترحت هيئات السياحة في المملكة المتحدة ونيوزيلندا فكرة إضافة يوم عطلة آخر لدفع الانتعاش الاقتصادي في فترة ما بعد كوفيد-19، لكن هل يلاقي هذا المقترح قبولا بين العاملين بمجال السياحة؟
نائب رئيس جمعية مستثمري نبق جنوب سيناء والفنادق العائمة، وعضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية سابقاً، عبد الرحمن أنور، أكد أن الأمر سلاح ذو حدين، فبينما تستفيد المحال والمنشآت التجارية التي تظل مفتوحة وتشهد إقبالا، تتضرر تلك التي تظل مغلقة خلال العطلة بخسارة إنتاج يوم كامل مع التزامها بدفع أجور ورواتب العاملين.
وأكد أن إجازة الصيف بحسب طبيعة المصريين يكون أسبوع واحد فقط يحسب من الإجازة السنوية، موضحا أن مقترح إضافة يوم عطلة ليس مجديا إلا للمدن الساحلية القريبة من العاصمة مثل السخنة والإسماعيلية والإسكندرية وبورسعيد.
الخميس بديلاً للإجازات الرسمية
صرّح المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن قرار منح يوم الخميس إجازة رسمية لذكرى 30 يونيه، حيث كان سيوافق يوم ثلاثاء ، يأتي في إطار حرص الحكومة على إتاحة فرصة أكبر أمام المواطنين؛ لقضاء إجازة متصلة بعطلة نهاية الأسبوع، واستثمارها كيفما يشاءون، مشيراً إلى أن الفترة المقبلة ستشهد التوسع في تطبيق هذا النظام بحيث يُعتبر يوم الخميس التالي على المناسبة المقرر بشأنها الإجازة، إجازة رسمية، بدلاً من الإجازات التي تقع في منتصف الأسبوع، مع استثناء إجازات أعياد الفطر والأضحى، وعيد الميلاد.
وبسؤال “أنور” عن مردود هذا القرار الوزاري، وصف الأمر بأنه “خراب بيوت” بالنسبة لأصحاب شركات السياحة، حيث سيصبحون مضطرين لدفع هذا اليوم بقيمة ثلاثة أيام لأنه عمل في يوم العطلة بحسب قانون العمل الذي أقر هذا وسيتم إضافة 50 ألف لميزانية الرواتب عن إضافة هذا اليوم فقط، قائلا ” صاحب العمل يتحمل أيضا إقامة موظفيه كما هو المتبع في شرم الشيخ وغيرها من المدن السياحية”.
وأشار عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف السياحية سابقاً، الي أن غالبية أصحاب الفنادق السياحية لديها ديون منذ أزمة كورونا التي بدأت في مارس الماضي، فلدينا فاتورة كل شهر إيقاف للمرافق تقدر كالآتي:” 150 ألف جنيه للكهرباء، و160 ألف مياه، بالإضافة الي 300 ألف رواتب ” أي حوالي 700 ألف شهريا دون حجوزات أو رواج.
وتوقع “أنور” أن يكون أعداد المواطنين لقضاء العطلة الصيفية رقم قليل ومدة أيضا قليلة مقارنة بالصيف الماضي مع تبعات كورونا وغلق الطيران أمام السياحة الخارجية”.
إنفاق المواطن
في منتصف “يونيو” الماضي، أوصت شبكة “سي إن إن” الأمريكية بزيارة مدينة دهب المصرية، واصفة إياها بأنها تستحق الزيارة لا سيما وأنها خالية تمامًا من فيروس كورونا.
ذكر الموقع، أن “دهب” تعد وجهة مغرية لدرجة أن البعض اختاروا جعلها وطنهم بعد وقت قصير من زيارتهم لها، وكانت دهب بلدة صيد بدوية صغيرة قبل أن تصبح الآن واحدة من أفضل منتجعات الغوص في البحر الأحمر، وتجذب الباحثين عن الإثارة وعشاق الطبيعة، ومؤخراً ينتظر السياح والمحليون انتهاء جائحة كوفيد 19 لزيارتها.
من ناحيته، قال أحمد علي، مالك لإحدى شركات الحجز السياحي بمدينة دهب جنوب سيناء، أن أي قرار مرهون بتوافق المواطنين عليه، موضحا أن بالطبع اضافة يوم عطلة جديدة لنهاية الأسبوع يعطي فرصة أكبر لعمل يوم إضافي لرحلة الفوج السياحي، ويقوم بعمل تشغيل لعدد من المحال التجارية، قائلا “الناس بس تيجي”.
يتحدث “أحمد” بيأس شديد عن الخوف المنتشر بين المصريين وغير المصريين في الذهاب لدهب رغم إعلانها بلد آمن من فيروس كورونا، بالإضافة الي أنها ساحرة، قائلا ” لدينا ديون 4 شهور نفقات مرافق ورواتب العاملين، بالإضافة إلى أننا عائدين بنصف العمالة وإيجارات متأخرة”.
من ناحيته، يعلق الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، قائلا إن السياحة في الأصل فائض مالي لديك وزائد عن دخلك كمواطن، معللا أن هذا بات غير موجودا منذ سياسات التعويم التي فرضت منذ ،2016 والتي اثرت على دخل المواطنين. والأزمة عادت من جديد بتسريح وفصل العديد من الموظفين بسبب أزمة كورونا وإيقاف نشاط عدد من المحال التجارية ووقف كل الحجوزات في الفنادق.
وأشار “النحاس” إلى أن نموذج إضافة يوم للعطلة الرسمية غير مرحب به في مصر، خاصة أن كافة المؤسسات لا تعمل بكامل طاقتها ولديها نسبة 25% فقط، وتم خفض الرواتب الي الثلث أو النصف، مشيرا الي انه بفرض أنه تم إعطاء هذا اليوم سيتم إضافة ساعة عمل لبقية أيام الأسبوع ويبقي العائق هل دخل المواطن سيغطي هذا؟
لا عروض ترويجية
في مطلع يناير الماضي أعلن البنك المركزي المصري عن مبادرة جديدة لدعم قطاع السياحة بقيمة 50 مليار جنيه وبفائدة متناقصة 10 في المئة ووقف المبادرة السابقة والتي كانت قيمتها 5 مليارات جنيه. وتأتي تلك المبادرة استكمالا لمبادرات البنك المركزي المصري الخاصة بالقطاع السياحي ودعم الشركات والمنشآت السياحية المنتظمة.
وفي منتصف يونية الماضي وافق مجلس الوزراء المصري على إعفاء السائحين الوافدين على متن رحلات الطيران المباشر إلى المحافظات السياحية، من سداد رسوم التأشيرة السياحية، حتى 31 أكتوبر 2020، نهاية الموسم السياحي الصيفي.
وبحسب بيان صدر عن المجلس، تأتي هذه الحوافز بهدف دفع حركة الحجوزات للمقصد السياحي المصري لمنح ميزة تنافسية لمصر تساعد على تشجيع التدفق السياحي إليها، في إطار الاستعداد لعودة حركة السياحة الوافدة إلى مصر بعد إنهاء قرار تعليق حركة الطيران، وتنفيذ الخطة الترويجية لجذب السياحة الوافدة خلال الفترة المقبلة.
تقصير شركات السياحة
ويتساءل “النحاس ” ويطرح جدال أخر لشركات السياحة عن كونها لم تقم بعمل عروض لجذب السائحين، وهو الهدف المرجو مع إغلاق الطيران، قائلا ” أن أغلى المصايف في أوروبا وروسيا يعطي 10% فقط كعرض من تكلفته الأساسية ويتم الحجز والتسديد عن طريق البطاقات “الائتمانية” لمدة سنتين وهذا أحدث رواجا في تشجيع السياحة، أما هنا في مصر لا يوجد تلك العروض وتنعدم المنافسة وبالتالي يساهم أصحاب رؤوس الأموال في السياحة بعمل انحدار كبير والمساهمة في صنع أزمة”.
بخصوص تشجيع السياحة الداخلية أضاف النحاس “كمصري يصبح حجز الغرفة في فندق يتراوح ما بين 800 الي 1800 جنيه، مقارنة بالسائح الأجنبي الذي يقضي أسبوعا كاملا بـ “45” يورو أي ما يعادل 900 جنيه، اذن اين الأزمة في عمل رواج للمواطن المصري كسياحة داخلية، دون مزيدا من نظرة انه يقوم بإفساد مرافق الفنادق كما يتم تصوير الأمر.
وأضاف الخبير الاقتصادي: “بالطبع هناك عذر ستقوله شركات السياحة بأن لديها ديون متراكمة ودفع مصاريف لتشغيل فنادق خالية من الحجوزات في الشهور الماضية بالإضافة الي مبادرة البنك المركزي الذي جاء ليكون عائن لهم، ولكن بالطبع هناك حلول كثيرة أمامها حتى تعود للمنافسة العالمية من جديد”.