يبدو أن نادي مانشستر يونايتد الانجليزي العريق قد وجد ضالته أخيرًا بعد التعاقد مع المدرب الهولندي المجدد إريك تين هاج. لقيادة سفينة الفريق الغارقة هذا الموسم نحو بر الأمان، مدرب أياكس السابق أصبح يحمل آمال كافة عشاق ومشجعي الفريق الأحمر الشهير. لإعادة هيبته ومجده المفقود منذ اعتزال المدرب الأسطوري السير أليكس فيرجسون في عام 2013.
بكل تأكيد لن يكون هناك أسوأ مما كان خاصة هذا الموسم الكارثي الذي خرج فيه يونايتد خالي الوفاض من أي بطولة. وبشكل وأداء محبط للجميع وحتى دون الحصول على مركز بين الأربعة الكبار للعب في دوري أبطال أوروبا بالموسم المقبل. حيث اكتفى الفريق بالمركز السادس المؤهل لبطولة الدوري الأوروبي فقط.
ويأمل الجميع أن تكون هناك حقبة جديدة يستعد المان يو لاستقبالها مع تين هاج. محملين بتطلعات مستقبلية تبعث بالتفاؤل وفقًا للسيرة الذاتية ومسيرة هذا المدرب صاحب الأداء الهجومي المميز والنجاحات الكبيرة رفقة أياكس الهولندي. بعد فترة طويلة من الانتكاسات بالنادي منذ رحيل فيرجسون.
حيث تعاقب على يونايتد الكثير من المدربين أمثال ديفيد مويس ولويس فان جال وجوزيه مورينيو وأولي جونار سولسكاير وأخيرًا رالف رانجنيك. لكن أيًا منهم لم يكن حلاً لانتشال الشياطين الحمر من كبواتهم المتتالية. فلماذا يعد تين هاج هو الرجل المناسب لمهمة إعادة يونايتد لسابق مجده؟ نستعرضه تفصيلاً في العوامل الآتية.
أسلوب شاق وفلسفة هجومية
المدرب صاحب الـ52 عامًا يتميز بأسلوب شاق للغاية في عمله ومزعج للاعبين. حيث لا يمل ولا يكل من توجيه التعليمات وتصحيح الأخطاء والتدريب الشاق للجميع. تين هاج الذي عمل من قبل كمدرب للفريق الثاني لبايرن ميونيخ الألماني ومدرب لنادي أوتريخت الهولندي. ظهرت ملامح شخصيته بشكل أكبر مع الأخير حيث كان معروف عنه طرقه المزعجة والمرهقة للاعبين.
كشفت صحيفة “ميرور” البريطانية وفقًا لشهود عيان من ساحة تدريبات تين هاج. أن الانفجار الحاد لصافرته كان هو الصوت الأكثر شيوعًا وقتها في فترة تدريبه لأوتريخت. لإصراره المستمر على قطع المران من أجل تغيير بعض الأشياء التي لا يراها صحيحة.
والجلسات التدريبية كانت تمتد لساعات طويلة جدًا، مما جعل بعض اللاعبين يشعرون بإرهاق ذهني وبدني. ولكن الجميع بدأ يتجاهل ذلك مع ظهور الملامح الثورية لأسلوبه التكتيكي والنتائج الإيجابية للفريق.
وأخذت الصحيفة من روبين رويتر الحارس السابق لأوتريخت بعض الكواليس عن تين هاج. قائلًا: “الجلسات التدريبية لم تكن صعبة بدنيًا، بقدر ما هي صعبة عقليًا ومختلفة عن أي شيء عشناه من قبل. كان لدى الكثير من اللاعبين شكوك حول الطريقة التي تدربنا بها”.
وأضاف: “لقد تحولنا من مدرب منحنا الكثير من الحرية والمرح إلى مدرب آخر مثل تين هاج يضعنا في الملعب لمدة 3 ساعات. ولكن بالتدريج أدركنا التحسن الذي حققناه والدفعة الكبيرة التي منحها لنا مشروعه”.
واستمر الأمر معه في أياكس حتى حقق معهم نتائج مذهلة بفضل هذا العمل المضني والشاق في التدريبات من أجل التحسين في كل شيء. هذا هو ما يفتقده فريق يونايتد بشدة في الفترة المقبلة، مع تميزه بالفلسفة الهجومية وكرة القدم الجميلة والتي سيطبقها مع الفريق الانجليزي الذي كان يعيبه الأداء السيء والعقيم طوال الموسم الحالي.
إعادة هوية فيرجسون وثورة تكتيكية
من أهم الأشياء التي افتقدها يونايتد منذ رحيل السير أليكس فيرجسون، كانت الهوية والأسلوب الواضح للعب الذي يرضي الجماهير. فالفريق كان يعتمد على الهجمات المرتدة مع سولسكاير وحقق بعض النجاحات على مستوى النتائج من خلال هذا الأسلوب. ولكن الجمهور لم يكن راضيًا عن هذه الصورة.
ويأتي ذلك لرغبة عشاق يونايتد رؤية الفريق وهو يسيطر ويكتسح الفرق الأقل. بدلًا من الكفاح من أجل الخروج أمامهم بنتيجة إيجابية مثلما حدث مع المدرب النرويجي.
في حين أن تين هاج يتميز في إصراره على بناء أو إعادة هوية وروح وفلسفة الفريق الذي يدربه. وطبيعة مانشستر يونايتد لا يتناسب معها سوى الهيمنة والسيطرة، وهو الأسلوب الذي يعتمده حاليًا مع أياكس الفريق صاحب النزعة التهديفية المبهرة.
الأمر لا يتعلق بالمتعة فقط وتجاهل العناصر الأخرى، لأن الهولندي يحرص على تغيير خططه بين 4-3-3 إلى 4-2-3-1 حسب طبيعة كل مباراة وأسلوب الخصم. فهو مدرب ذو صبغة هجومية واضحة في لعبه وظهر جليًا من خلال ما شاهدناه مع أياكس في الدوري الهولندي ودوري أبطال أوروبا. والرهان الأكبر سيكون تكرار ذلك مع فريق أكبر بطموحات أعلى مثل يونايتد مع عدم الإخلال بالنواحي الدفاعية.
أياكس يحقق أرقام هجومية مبهرة دائمًا مع تكون من الأعلى في أوروبا كل موسم منذ قدومه في 2017. ولكن الأمور قد تكون مختلفة مع مستوى تنافسي أعلى مع يونايتد في الدوري الانجليزي وهو التحدي الأكبر على الإطلاق له.
المؤشرات تؤكد أن تين هاج بقدر المسؤولية، لأن تميزه وتفوقه لم يقتصر على الجانب المحلي فقط. بل تميز أوروبيًا وتأهل لنصف نهائي الأبطال في 2019 وكان قريبًا من التأهل للنهائي لولا الضربة القاضية لتوتنهام في اللحظات الأخيرة.
شكل يونايتد الجديد معه وماذا عن رونالدو؟
يعتبر مستقبل المهاجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أحد أهم الأسئلة التي يتم طرحها الفترة الأخيرة. بخصوص قدوم تين هاج الذي سيعمل على بناء خطة مستقبلية للنادي. وهناك العديد من الأنباء حول رغبة قوية في ضم داروين نونيز مهاجم بنفيكا، كريستوفر نكونكو مهاجم لايبزيج وباولو ديبالا مهاجم يوفنتوس. وغيرهم من اللاعبين بمركز المهاجم الصريح والأجنحة وهو الأمر الذي قد يهدد وجود رونالدو.
ولكن السيناريو الأقرب حاليًا، هو بقاء صاحب الـ37 سنة للاستفادة من خبرته حتى نهاية عقده. ليتم إفساح الطريق بعدها إلى عنصر آخر يفيد الفريق على المدى البعيد من الأسماء المطروحة.
بالنسبة إلى الخطة الأقرب للاعتماد عليها في مانشستر ستكون 4/3/3 بتواجد دافيد دي خيا، ومن أمامه رافاييل فاران وهاري ماجواير ولوك شاو. مع إمكانية استعانة الهولندي بماكس آرونز مدافع نوريتش سيتي لحل أزمة الظهير الأيمن.
وأما بخط الوسط مع رحيل بول بوجبا، ربما نرى عودة دوني فان دي بيك من إعارته مع إيفرتون، ليعمل مرة أخرى مع مدربه السابق تين هاج. بجوار سكوت مكتوميناي أو ديكلان رايس المستهدف من إدارة الشياطين وبرونو فيرنانديز الذي سيلعب أمامهما كصانع ألعاب صريح.
وفي الهجوم سيكون الاختبار الأصعب هنا لتين هاج، بالاستفادة من جادون سانشو ومساعدته على استعادة بريقه ونفس الأمر بالنسبة لماركوس راشفورد ورونالدو. مع إمكانية إضافة بعض العناصر الأخرى لخط الهجوم، مثل ديبالا القريب للغاية من يونايتد مع صفقات أخرى قوية منتظرة للتدعيم ولإنجاح مشروع تين هاج بمسرح الأحلام.