يبدو أن الحظ أو التوفيق له عامل كبير في كل مجالات الحياة. لكنه في الرياضة وكرة القدم تحديدًا له عامل أكبر. إذ يمكن أن ينصر الخصم الأضعف على الأقوى لحسابات أخرى كثيرة، بعيدًا عن فارق الإمكانات والقدرات. وهو الأمر الذي يلقي بظلاله على مسيرة اللاعبين وكذلك المدربين.
وهناك كثيرون ممن ساعدهم حظهم الجيد فعانقوا قمة المجد، ومنهم من دمر حظه السيء مسيرة مدججة بالألقاب. وهذا هو حال الألماني يورجن كلوب المدرب الحالي ليفربول الإنجليزي.
وقد اعترف بهذا الأمر، بعد إنهاء الموسم في البريميرليج بمركز الوصافة، خلف مانشستر سيتي، بعد سباق طويل مع رجال بيب جوارديولا، انتهى بالجولة الأخيرة. بل بالدقائق الأخيرة من مباراة كلاهما أمام وولفرهامبتون وأستون فيلا على الترتيب، مساء الأحد الماضي. حيث أكد كلوب بأن المركز الثاني يمثل قصة حياته مع عالم كرة القدم.
وبالنظر إلى المسيرة التدريبية لكلوب فهو أشرف على تدريب 3 فرق، ماينز وبوروسيا دورتموند الألمانيين، إضافة إلى ليفربول الإنجليزي حاليًا. وقضى مع الكل 7 سنوات كاملة. لكنه سيكسر هذا الرقم مع الريدز، حيث سيستمر لفترة أخرى بداية من الموسم المقبل بعد تجديد عقده 3 سنوات أخرى.
ومع عدم اعتبار ماينز من الفرق الكبرى المنافسة على الألقاب. حيث لم يفز معه بأي بطولة، بل قدم مستويات جيدة في الدوري الألماني، وحقق مراكز رائعة بجدول الترتيب، يمكن تسليط الضوء على المسيرة التدريبية لكلوب بداية من دورتموند الذي تولى تدريبه في 2008. وحينها كان الفريق يعاني كثيرًا، بعدما أنهى الموسم في المركز الـ13 بالدوري.
كلوب دورتموند.. الإنقاذ ولكن!
نجح كلوب في موسمه الأول مع دورتموند في تحسين وضع الفريق بالدوري، من خلال إنهاء موسم (2008- 2009) بالمركز السادس، وتحسن الأمر خطوة أخرى في الموسم التالي (2009- 2010) بإنهاء الموسم في المركز الخامس.
ومن بعدها تحرك قطار بوروسيا دورتموند رفقة كلوب الذي نجح في التتويج بلقب الدوري الألماني موسمين متتاليين (2010- 2011) و(2011- 2012)، ثم بدأت معاناة كلوب الفعلية مع الوصافة، حيث أنهى الدوري في المركز الثاني في موسم (2012- 2013) خلف بايرن ميونيخ بقيادة يوب هاينكس.
وعاد لاحتلال المركز الثاني في موسم (2013- 2014) خلف بايرن تحت قيادة بيب جوارديولا، وتراجعت نتائج الفريق ليحتل المركز السابع في موسم (2014- 2015).
فيما احتل كذلك وصافة دوري أبطال أوروبا عام 2013 لغريمه التقليدي بايرن ميونيخ كذلك، وذلك بعدما قدم بطولة استثنائية ونجح في ضرب ريال مدريد بطل أوروبا برباعية في نصف النهائي، ولكن حظه العثر تصدى له من جديد في النهائي وخسر أمام العملاق البافاري بهدف قاتل في الدقيقة الأخيرة للجناح الهولندي الطائر اريين روبن.
كلوب.. بطل ليفربول
بعدما حقق كل شيء ممكن رفقة أسود الفيستفاليا، غادر كلوب دورتموند ثم بقي في إجازة لمدة 3 شهور قبل خوض تجربة وتحدٍ جديد رفقة ليفربول في أكتوبر 2015 محاولاً إعادة الهيبة للفريق الإنجليزي العريق الذي عانى الويلات، وكان ذلك خلفًا للأيرلندي برندان رودجرز، وأنهى موسمه الأول ذلك في المركز الثامن وطلب بعض الوقت من الجماهير الحمراء لتنفيذ مشروعه الكبير وقد كان.
وتمكن في الموسم التالي (2016- 2017) من إنهاء الموسم في المركز الرابع المؤهل إلى دوري أبطال أوروبا. وهو نفس المركز الذي أنهى به الموسم التالي. قبل أن يأتي موسم (2018- 2019) المدمر. حيث قدم ليفربول مستوى استثنائي وحصد 97 نقطة. إلا أنها لم تكن كافية لينهي الموسم في المركز الثاني خلف مانشستر سيتي البطل برصيد 98 نقطة لتتواصل لعنته.
ثم توج كلوب بلقب البريميرليج أخيرًا في موسم (2019- 2020). كما تراجع إلى المركز الثالث في موسم (2020- 2021)، قبل أنه ينهي هذا الموسم في المركز الثاني مرة أخرى بعد منافسة شرسة لآخر دقيقة من عمر البطولة الأقوى بالعالم.
كما حصد المركز الثاني كذلك في دوري أبطال أوروبا مع الريدز عام 2018 في مواجهة ريال مدريد الشهيرة بإصابة النجم المصري محمد صلاح بعد تعدي راموس قائد الملكي الشهير عليه آنذاك، لتستمر لعنة الوصافة في مطاردة المدرب الألماني المميز وسيء الحظ.
وبالتالي فإن أكثر مركز أنهى فيه الدوري كلوب رفقة كل من دورتموند وليفربول هو الثاني بواقع 4 مرات، وتوج بلقب الدوري 3 مرات، فيما حل بالمركز الرابع مرتين، بالإضافة لمرتين بوصافة دوري أبطال أوروبا عام 2013 مع دورتموند و2018 مع الريدز، وهو دليل دامغ على سوء حظ كلوب والذي حرمه من مسيرة مدججة بالألقاب لو ابتعد عنه نصف هذا الحظ العاثر فقط، ولكنها كرة القدم والحياة عامة تحكم بأحكامها!