مفارقة ساخرة تركت بصمتها على الشبكة العنكبوتية، فقد كانت كلمات أغنية “بستاني” للشاعر مرسي جميل عزيز. التي لحّنها محمد الموجي، وغنّتها صباح. هي آخر ما تركه أيمن عبد المعطي في مدونته المُبهجة “اكتب كي لا تكون وحيدًا“. قبل أن يُغادر بيته مُكبلًا، بعد أن صار مُتهمًا بالكذب.
عبد المعطي، الذي صارت ابنته شمس في الرابعة من عمرها الآن، دون أن تقع عينا أحدهما على الآخر إلا مرتين فقط. عاد ليفقد مجددًا الأمل في رؤيتها لوقت آخر. بعد أن جددت محكمة الجنايات (الدائرة الثالثة جنايات إرهاب)، قرار حبسه لمدة 45 يومًا، على ذمة القضية رقم 880 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا.
يواجه عبد المعطي اتهامات، أبرزها الانتماء إلى جماعة إرهابية، والاشتراك في تجمهر. ونشر أخبار كاذبة، واستخدام موقع على شبكة التواصل الاجتماعي لهذا الغرض.
اقرأ أيضا: يحيي حسين عبد الهادي.. سنوات من النضال حبيسة الجدران
من هو أيمن عبد المعطي؟
من مواليد 30 يوليو 1970 بمنطقة قايتباي بحي الجمالية، وتربي في حي شبرا الخيمة. حاصل على ليسانس الإعلام من جامعة القاهرة. عرف منذ بداية شبابه بأن لديه ميول اشتراكية ثورية، كما أنه كان من المهتمين بالقضايا العمالية والحقوقية والتثقيف ونشر الوعي من قبل ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011. وبعد الثورة، شارك في تأسيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ثم لم يلبث أن استقال منه في عام 2012.
قبل أن يتولى مسؤولية دار المرايا، عمل أيمن عبد المعطي في أكثر من وظيفة. فقد عمل موظفاً بوزارة العدل، ثم في مؤسسة كتب عربية للنشر، ثم مراجع في وكالة الأنباء الإسبانية، وفي عام 2011 عمل في الوحدة الإعلامية للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حتى عام 2016.
في بداية عام 2017 عمل عبد المعطي في دار المرايا للنشر والتوزيع، وأعطى كل تركيزه وجهده لتأسيس دار النشر، ليبتعد عن أي عمل سياسي. بجانب مدونته التوثيقية “اكتب كي لا تكون وحيداً” والتي تجمع الكثير من الأعمال الكلاسيكية من الموسيقى والكتب -خاصة الكتب اليسارية- كنوع من أنواع توثيق للتراث الثقافي والفني.
4 أعوام من الحبس الاحتياطي
في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2018 ألقت قوات الأمن القبض على الباحث والمصحح اللغوي أيمن عبد المعطي. كان متواجدًا -آنذاك- في مقر عمله بدار المرايا للنشر. ظل أيمن رهن الاختفاء ليومين، إلى أن ظهر داخل نيابة أمن الدولة العليا في 20 أكتوبر/ تشرين الأول.
فوجئ أيمن بالاتهامات التي وجهتها له النيابة. حيث تم ضمه إلى القضية رقم 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة. ليُتهم بـ “مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها، ونشر أخبار وبيانات كاذبة”. صدر قرار بحبسه احتياطيًا، وتوالت جلسات تجديد الحبس الى أن صدر قرار من محكمة جنايات القاهرة باستبدال الحبس الاحتياطي بتدبير احترازي بتاريخ 23 أغسطس/آب 2020.
إلا أن القرار لم ينفذ، وظل أيمن عبد المعطي رهن الاحتجاز غير القانوني بأحد مقرات الأمن الوطني. حتى ظهر في 17 سبتمبر/أيلول 2020 داخل نيابة أمن الدولة مرة أخرى. ليتم التحقيق معه في القضية 880 لسنة 2020 حصر أمن دولة. والمعروفة إعلاميا بـ “قضية أحداث 20 سبتمبر”.
ورغم أنه سجين منذ ما يقرب من عامين، لكن وجهت النيابة لأيمن عبد المعطي اتهامات عدة. الانضمام إلى جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، نشر أخبار وبيانات كاذبة والتحريض على التجمهر. ليتم تدويره وحبسه احتياطيا مرة أخرى.
خالد علي: متهمين في نفس القضية خرجوا على فترات متباعدة
في عيد ميلاده الأول داخل السجن، كتبت الصحفية زينب مصطفى، زوجة أيمن عبد المعطي. على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “النهاردة 30 يوليو عيد ميلاد أيمن. على قد ما كان العشم كبير في إخلاء سبيله في جلسة الأسبوع دا، الإحباط والوجع كبار بقرار تجديد حبسه 45 يوم كمان”.
أضافت: ” كان نفسي نحتفل بخروجه وبعيد ميلاده ويرتب هو احتفال بعيد ميلاد شمس الأول. زي ما قالي في آخر زيارة ويقضي معانا العيد. دلوقتي مش بفكر غير في أنه في ميعاد جلسة التجديد الجاية هيكون كمل 11 شهر حبس احتياطي. وفي ترتيبات الرحلات الأسبوعية الشاقة (زيارات السجن) اللي بتهون عشان تلت ولا نص ساعة بنطمن فيها عليه. الله غالب”.
لكن، بعد أربع سنوات ظل فيها الوضع كما هو، من عمليات تدوير. طالب المحامي الحقوقي خالد علي، في تدوينه على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. بسرعة الإفراج عن الناشر أيمن عبد المعطي، مع اقترابه من إكمال عامه الرابع في الحبس الاحتياطي. مشيرًا إلى أن القضية 621 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، والتي كانت تضم أيضا، المحاميين أحمد صبري أبو علم وسيد البنا. بالإضافة إلى آخرين تم حبسهم على ذمة القضية، هم المدون شادي أبو زيد، والنشطاء أمل فتحي ووليد شوقي وشادي الغزالي حرب. جميعهم تم إخلاء سبيلهم على فترات متباعدة.
وأوضح علي في تدوينته أمس الأربعاء، أنه “بعد أن حصل عبد المعطي على إخلاء سبيل بعد مرور عامين على حبسه الاحتياطي. لم يتم تنفيذه، وظل بقسم الشرطة، حتى أعادوه مرة أخرى للنيابة للتحقيق معه على ذمة القضية 880 لسنة 2020 وظل محبوس احتياطيا على ذمتها حتى تاريخه”.