قبل أيام قليلة من انقضاء مدة الهدنة الإنسانية بين طرفي النزاع في اليمن والتي دخلت حيز التنفيذ مطلع إبريل/نيسان الماضي. بدأت أجواء الحرب تلوح مجددا في الأفق، إثر تعرقل الجولة الأولى من مباحثات رفع الحصار عن محافظة تعز. والتي استمرت 3 أيام واختتمت مشاوراتها أمس السبت في العاصمة الأردنية عمان بين ممثلي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي.
وفيما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج ختام الجولة الأولية من النقاشات بين وفدي الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي. لفتح الطرق الرئيسية المؤدية إلى تعز ومحافظات أخرى، بموجب اتفاق الهدنة. كشف مصدر يمني مسئول أن طرفي النزاع بدآ في حشد قواتهما على كل الجبهات تحسبا لجولة جديدة من الحرب. لكنها ستكون شاملة هذه المرة في حال تم الإعلان عن فشل المباحثات الجارية.
وفي محاولة لتهدئة الأزمة التي اندلعت إثر رفض مليشيا الحوثي فتح الطرق والمعابر المؤدية إلى محافظة تعز جنوب غربي اليمن. تقدم المبعوث الأممي باقتراح لـ«إعادة فتح الطرق بشكل تدريجي، يضمن آلية للتنفيذ وضمانات لسلامة المسافرين المدنيين. بناءً على النقاشات التي استمرت لثلاثة أيام والخيارات التي طرحت من قبل الطرفين». بحسب البيان الصادر عن جروندبرج أمس السبت.
المبعوث الأممي الذي حاول جاهدا على مدار 3 أيام أن يُخمد شرر الحرب المتصاعدة، دعا الحكومة اليمينة وجماعة الحوثي في ختام المداولات إلى تحقيق نتائج إيجابية يلمسها الشعب اليمني. وقال إن «أهمية رفع القيود عن حرية حركة الناس والبضائع لا تقتصر على الأثر الإيجابي المتمثل برفع وطأة المعاناة عن اليمنيين وإنعاش اقتصادهم. بل سيساعد على تعزيز الثقة في العملية السياسية أيضاً».
الجولة الأخيرة
وكان من اللافت حضور ممثلي ميلشيا الحوثي الجولة الأخيرة من مشاورات عمان أمس وهم يرتدون الزي العسكري. وهو ما أثار حفيظة واستفزاز ممثلي الحكومة اليمنية الذين أعلن بعضهم عن خيبة أمله من «رسالة التأهب العسكري التي أصر الطرف الآخر على إعلانها رغم رغبة الحكومة الشرعية في بدء مشاورات التسوية السلمية استجابة للدعوات الإقليمية والدولية. ولتخفيف المعاناة المستمرة عن الشعب اليمني»، على ما قال مسئول يمني مطلع على سير المحادثات.
وعبر المسئول اليمني عن تشاؤمه من أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة الإنسانية التي ستنتهي بعد 4 أيام. وأشار إلى أن مليشيا الحوثي التي كان وفدها يتفاوض في الأردن لفتح الطرق المؤدية إلى تعز. بدأت عناصرها في تنفيذ عمليات زرع ألغام وعبوات ناسفة على طريق كلابة -أحد الطرق المؤدية إلى تعز-. لافتا إلى أن الحوثيين كثفوا من حشد قواتهم على كافة جبهات مناطق التماس، وهو ما يعتبره إعلان مبكر لاستئناف الحرب من جهتهم.
في المقابل شكل مجلس القيادة الرئاسي اليمني اللجنة العسكرية المشتركة التي نص عليها إعلان نقل السلطة قبل نحو شهرين. وتم توزيع المهام العسكرية على أعضاء المجلس وأعضاء اللجنة، بحسب مصدر يمني أخر.
وتنص المادة الخامسة من إعلان نقل صلاحيات الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي. على تكليف الأخير بـ«تشكيل اللجنة الأمنية والعسكرية المشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار من خلال اعتماد السياسات التي من شأنها أن تمنع حدوث أي مواجهات مسلحة في كافة أنحاء الجمهورية. وتهيئة الظروف واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون. وإنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، وإنهاء جميع النزاعات المسلحة. ووضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية، وأي مهام يراها المجلس لتعزيز الاستقرار والأمن».
اختراق جديد
ويستطرد مسئول يمني أخر قائلا، «رغم الاستعدادات المتلاحقة من طرفي النزاع لحرب واسعة. إلا أنه قد يحدث اختراق جديد ويتم التوافق على تمديد اتفاق الهدنة قبل أن تنتهي مدتها المعلنة بعد أيام». مرجحا أن تبذل الأطراف الدولية جهودا في الضغط على إيران لإقناع وكلائهم في اليمن (جماعة الحوثي) بالقبول بهدنة جديدة بعد إتمام الاتفاق على رفع الحصار عن تعز ووضع ضمانات بعدم استخدام الطرق التي سيتم فتحها لأغراض عسكرية من الطرفين.
وكان مجلس القيادة الرئاسي اليمني قد أكد في اجتماعه الذي عُقد بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن أمس السبت. بـ«التزامه بضبط النفس تجاه خروقات مليشيا الحوثي بما يخدم استمرار الهدنة الأممية، وتخفيف المعاناة الإنسانية التي فرضها الحوثيون»، بحسب ما نقلت وكالة سبأ.
واستمع المجلس الرئاسي خلال الاجتماع الذي ترأسه رشاد العليمي رئيس المجلس وبحضور نوابه وأعضاء اللجنة العسكرية إلى تقرير من وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي. حول خروقات المليشيات الحوثية التي «تدفع بمسلحيها إلى مختلف مناطق التماس».
ويتوجه اليوم الأحد المبعوث الأممي هانس جروندبرج إلى عدن على أن يعود في وقت لاحق إلى العاصمة الأردنية عمان لعقد جولة ثانية من المفاوضات. كما توقعت مصادر حكومية يمنية، مشيرة إلى أن جروندبرج سيجري مشاورات في العاصمة اليمنية المؤقتة مع المسئولين الحكوميين. للحصول على موافقتهم على اقتراحه بإعادة فتح الطرق إلى محافظة تعز بشكل تدريجي.
معاناة أبناء تعز
وقال رئيس الفريق المفاوض عن الحكومة اليمنية في الأردن عبد الكريم شيبان إن «النقاش، والمشاورات بشأن رفع المعاناة عن أبناء تعز. وفتح الخطوط الرسمية المعروفة مستمرة في العاصمة الأردنية عمّان».
وأوضح في تصريح صحفي له مساء أمس أن الوفد الحكومي، تقدم برؤية كاملة للمبعوث الأممي. حول فتح الطرق الرئيسية التي تربط تعز ببقية محافظات البلاد، مضيفا: «حتى هذه اللحظة (مغرب السبت) لازلنا ننتظر نتيجة الجهود. التي يبذلها المبعوث الأممي، لإقناع وفد الجماعة الإنقلابية بالموافقه عليها».
وتابع: نأمل أن تكون هناك استجابة لمطالب أبناء تعز وضمان الحصول على حقهم المشروع في التنقل بحرية وكرامة. وهو الحق الذي تكفله كافة الأعراف والقوانين المحلية والدولية.
واتهم الوفد الحكومي اليمني الفريق الحوثي في المفاوضات بالتعنت، وقال إن هناك «مماطلة وعدم جدية من قبل ميليشيات الحوثي. في رفع المعاناة عن 5 ملايين مدني في تعز».
وهدد الوفد في بيان صدر عنه مساء أول أمس الجمعة بالانسحاب من المفاوضات. في حالة لم تفتح الطرقات والخطوط الرسمية المعروفة التي تربط تعز ببقية المحافظات، «سيضطر الوفد التوقف عن النقاش والحوار».
وقال رئيس الوفد إنه بعد يومين من النقاشات الشاقة في الصباح والمساء مع الحوثيين ومحاولة إقناعهم بكافة الوسائل المنطقية والموضوعية. لم يستجيبوا أبداً، لفتح الطرق الرئيسة إلى تعز.
وبحسب شيبان، فإن تصور الفريق الحكومي شمل الطرق الرسمية المعروفة التي كان الناس يتنقلون فيها بشكل روتيني وطبيعي. والتي كانت مفتوحة قبل العام 2015، مضيفا: «كل ما اقترحه الحوثيون هو عبارة عن ممر جبلي حميري قديم كان معداً لمرور الحمير والجمال. ولا يمكن أن تمر فيه سيارة نتيجة ضيقه ووعورته وطوله، وهو معبر يبعد عن المدينة 30 كيلومتراً. ولا يرفع المعاناة عن الناس ولو بنسبة 10 في المائة، وللأسف اعتبره رئيس وفد جماعة الحوثي أنه هدية منهم لأبناء مدينة تعز».
مفاوضات الأردن
وانطلقت الأربعاء الماضي مفاوضات الأردن، لاستكمال مقترح الهدنة الأممية التي أعلن عنها في أول إبريل/نيسان الماضي. بهدف فك الحصار عن المحافظات التي تضم 5 ملايين نسمة. إلا أن ميليشا الحوثي لا تزال حتى الآن «تعرقل ملف تعز المحاصرة منذ سنوات، على الرغم من فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة لدخول المشتقات النفطية»، بحسب مسئول يمني.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت في أبريل الماضي بدء سريان هدنة إنسانية في جميع جبهات القتال في اليمن ولمدة شهرين. على أن تستكمل لاحقاً المباحثات من أجل العودة إلى مسار المفاوضات والتوصل لحل ينهي النزاع.
وقضت بنود الهدنة إضافة إلى تسيير رحلات جوية لمطار صنعاء وتيسير دخول سفن الوقود إلى الحديدة. عقد اجتماع بين الطرفين للاتفاق على فتح الطرق في تعز، لكن هذا الاجتماع تأخر إثر امتناع الحوثيين عن تسمية ممثليهم في اللجنة المعنية بفتح الطرقات. قبل أن يعودوا ويسموا ممثليهم الذين وصلوا العاصمة الأردنية يوم الأربعاء الماضي.