يوما بعد يوم، تتكشف تفاصيل جديدة حول العالم الآخر لمدعى التدين ورافعي شعار التقوى، ولم يعد الأمر قاصرًا على الرجال منهم فحسب، فالنساء أيضا أصبح لهن نصيب كبير من حكايات التدين الزائف، التى ترويها أفعالهن البعيدة كل البعد عن الدين أو أدبيات الإنسانية.
بطلة قصة اليوم، سلفية منتقبة، من المحسوبات على تيار التشدد الديني، ممن يتسترون خلف أقنعة زائفة تخفى حقيقتها، عاشت الفتاة ذات الـ 26 عامًا طوال حياتها وسط أبناء التيار السلفي بالإسكندرية تردد معهم شعارات التقوى والالتزام، دون تنفيذ حقيقى لها على الأرض، ونتيجة للحياة المنغلقة التى فرضتها عليها أصول هذا التيار، والتى جعلت من العلاقة الجنسية خطًا أحمر لا يجوز الاقتراب منه، لذا انضمت إلى قافلة المتحرشين جنسيًا.
ولأنها وسط بيئة متشددة، كان من الصعب اختيار ضحاياها دون أن ينكشف أمرها، وبالبحث الدقيق وجدت ضالتها فى تلك العيون الصغيرة والأنامل التى لم تكمل نموها بعد، ولأنها تدرك أن الأطفال هم العنصر الأضعف فى معادلة الاستغلال داخل التيارات المتشددة، سواء أكان استغلال جنسي أو سياسي أو ديني، فقد اختارت أن تكون شريحة ممارسة عادتها المقززة هم صغار السن، فهم لن يكتشفوا أمرها بسهولة ولن تشعر بالخجل أمام أطفال لا يعون ما تفعله معهم من سلوكيات منحرفة، كما يمكن السيطرة عليهم ومنعهم من الحديث، بخلاف أنها يمكنها الحصول على ضحاياها بسهولة، فوفقا لرواية زوج شقيقتها، كانت تعمل سكرتيرة بإحدى الحضانات الشهيرة بمنطقة السيوف بالإسكندرية والتى كانت تحت إشراف واحدة من أكبر الكيانات الدينية المتشددة بالإسكندرية، حيث كانت تعمل مع والدتها التى شغلت منصب محفظة قرآن بالدار، كما عملت مشرفة أطفال من ذوى الاحتياجات الخاصة «شادو تيتشر»بإحدى الحضانات النموذجية المتخصصة فى هذا الشأن، وهى الوظيفة التى تجعلها تتعامل مع أضعف حلقة فى سلسلة الأطفال.
ولكن أمل«اسم مستعار» لم تكتفى بهذا، وبحثت فى دائرة أوسع عن ضحايا جدد، واختارت أبناء شقيقتها ليكونوا ضحايا فعلتها المشينة وسلوكها البربرى، وبدأت ممارسة التحرش معهم غير عابئة باستغاثتهم الصامتة ومستقبلهم الذى بات مهدد باستقبال شخصيات غير سوية.
كشف المستور
استمرت «أمل» فى ارتكاب جريمتها مع أطفال شقيقتها على مدار عدة سنوات -كما أفاد والدهم ، الذى كان ينتمى للتيار السلفي، ثم تركه بعد اكتشاف العديد من الأمور التى تتنافى وأحكام الدين.
وروى الوالد الذى رفض ذكر اسمه تفاصيل اكتشاف الأمر قائلا « بدأت القصة منذ كان أبنائي صغارًا، حيث كنت ألاحظ تعامل خالتهم بصورة غير طبيعية معهم، من حيث تقبيلهم بشراهة واحتضانهم فترات طويلة، ولكنى كنت اعتبر هذا الأمر من قبيل الحب الزائد للأطفال، ولم أتخيل أن خالتهم المنتقبة التى تعمل فى دار تحفيظ قرآن وتنتمى لتيار ديني متشدد فى أحكامه وملتزم بالشريعة، أن تكون متحرشة».
تابع الوالد « لاحظت أن تصرفات الخالة تزيد، وأصبح تقبيلها للأولاد لافت للانتباه، فقررت وقف هذا الأمر، ومنعتها من تقبيل الأطفال مرة أخرى، ومع الوقت حدثت مشكلات بيني وبين زوجتى أدت لتركها المنزل وأخذ الأولاد والتوجه إلى منزل والدتها حيث تعيش مع شقيقتها فيما لديهم أخت ثالثة متزوجة.
استطرد الوالد « أردت حضانة أولادى، ولكن زوجتى رفضت وزادت وتيرة الأزمات بيننا، لحين تفاجئت بها منذ 7 أشهر ترسل الأولاد الكبار لى، وتركت معها الطفل الرضيع فقط، وهو الأمر الذى أثار الفضول عندى، خاصة إنها كانت ترفض أن التقى أبنائي، واضطررت للجوء للقضاء لحسم الأمر.
« عقب قدوم الأطفال لاحظت أنهم غير طبيعيين، فالولد الكبير وعمره 15 سنة أصبح صامتا ولا يتحدث كثيرا، أما الأصغر وعمره 10 سنوات أصبح عدوانى وعنيف، تحدثت إليهم، ليفاجئونى بما تعرضوا له من خالتهم على مدار أعوام عدة، حيث قالوا إن خالتهم اعتادت تقبيلهم بشدة وعنف، كما اعتادت احتضانهم طوال الوقت، أما الأمر الاخطر هو تعمدها للمس أجزاء حساسة من جسدهم، وفى البداية لم يكونوا مدركين للأمر واعتقدوا أنه أمر عادى، ولكن استمراره سنوات عدة وزيادته هى التى جعلتهم يتكلمون.
خوف الأب وقرار التحرك رسميًا
تمكن الخوف من الوالد المصدوم فى الخالة المتجردة من إنسانيتها، خاصة أن والدتهم لم تجب على محاولات التواصل معها لمعرفة حقيقة الأمر «الذى طالما كان مثار شك داخله» ولكنه لم يتوقع أنه مأساة يتعرض لها أبناؤه الصغار.
وأكد الوالد أن صورة أبنائه ونظرة المجتمع لهم كانت أكثر ما يؤرق حياته ويمنعه من كشف الأمر، حتى جاءت اللحظة التى قرر فيها كشف الأمر، عقب حملة البلاغات ضد المتحرشين التى قادتها مجموعة من السيدات على مواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى أن البيان الذى أصدره النائب العام، وتشجيعه لمن تعرض للتحرش أن يقدم إفادته وأنه سيحصل على كافة حقوقه، كانت الدافع الذى شجعه على جعل أبنائه يتحدثون عن حقيقة الخالة المتحرشة.
وقال الوالد « توجهت إلى نيابة المنتزه ثالث بالإسكندرية، وقدمت بلاغ يفيد بتعرض أبنائي للتحرش من خالتهم.
وتابع «وكيل النيابة كان متعاطف جدا مع الأبناء، خاصة بعد سماع اقوالهم وما تعرضوا له من أفعال مشينة، وحاول تهدئتهم واستمع لكل واحد منهم على حدة، لمدة ساعة ونصف بينما استمر الأمر لمدة 7 ساعات.
وذكر الوالد أن وكيل النيابة أرسل لها لسماع أقوالها، كما قام مسئول مكتب حقوق الإنسان التابع لوزارة الداخلية بأخذ بياناتها وأكد أنه سيتم التعامل معها وإيقافها عن ممارسة عملها والتأكد من عدم ممارستها للتحرش ضد الأطفال الذين تعمل على رعايتهم.
وأفاد الوالد أنه قدم شكوى لخط حماية الطفل التابع للمجلس القومى للطفولة والأمومة خلال فبراير ومارس الماضيين حملت رقم «9408»، وبالفعل أصدروا تقرير يفيد بضرورة ضم الأولاد لحضانة جدتهم من الأب بعد تأكدهم من تعرض الأطفال للتحرش، ولكن لم يتم اتخاذ أى إجراء عقابي ضد الخالة المتحرشة.
الوضع النفسي للأطفال
لم يكن الأطفال الصغار يتخيلوا أن خلف رداء خالتهم الأسود، قلبا أكثر سوادا، وإنسانة تجردت من معانى الإنسانية وقررت إشباغ غرائزها المريضة بأحط الوسائل مستغلة عدم فهم الأطفال لطبيعة ما يتعرضون له، من استباحة لبراءتهم.
وحكى الوالد عن الحالة النفسية لأبنائه، قائلا« يعانى الأولاد من حالة نفسية غير مستقرة، تم ملاحظتها فى المدرسة، حيث أكد الاخصائيين النفسيين بالمدرسة أن طفلي الصغير صار أكثر عدوانية مع زملائه ويفضل العزلة، ولا يحب التعامل مع النساء نهائيا، الأمر الذى ظهر فى رسمه لحيوانات تقتل نساء، أو تسبب لهم أضرار جسدية، أما أخيه فهو لا يتعامل مع أحد وصار عدوانى فى رد أفعاله.
وأكد الوالد أن كل السلوكيات مسجلة فى تقرير المدرسة الذى انتهى أن أطفالي يعانون من سلوك غير معتاد، وظهر فى تعاملهم مع المدرسات وزملائهم
وعن الوضع حاليا، قال الوالد إن كشف الأولاد عن الواقعة وحديثهم عما تعرضوا له وتحركنا القانونى جعل سلوكهم أفضل من الأول وبدءوا يستجيبوا ويتعاملوا مع المجتمع بصورة تقترب من طبيعية.
نشأة الخالة
وحول نشأة الخالة قال الوالد، إن نشأتها جاءت فى أسرة منغلقة وكانت عضوة بالدعوة السلفية بالإسكندرية، وبحكم عملها فى الدار التابعة لهم كانت محاطة بأفكارهم وطقوسهم الحياتية المتشددة والملتزمة بقواعد الشرع، فهى سلفية النشأة والتكوين.
أفاد كذلك بأن الخالة ظهر عليها بعض السلوكيات التى لا تتوافق والنقاب الذى ترتديه، حيث ادعت على زميلة لها إقامة علاقة مع شاب، وبعد البحث تبين أنها هى من كانت على علاقة معه عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وإدعت ذلك لإبعاد الشبهات عنها، كما إنها انفصلت عن خطيبها الذى اعترض على سلوكياتها معه ورفض الاستمرار فى العلاقة، هذا بخلاف تعاملها مع الأطفال الذي يثير الشكوك حولها.
وأكد الوالد أنه سيكمل المشوار، وأنه لا أزمة بينه وبين الملتحين أو المنتقبات، لاأها طقوس دينية تحترم، ولكن وجب عقاب هذه الخالة التى تتستر خلف نقابها لتخفى أفعالها المخزية، مشيرا إلى أنه يخشى أن يلقى طفله الرضيع المتواجد مع والدته فى منزلها مصير أخواته ويتعرض لنفس التجربة القاسية، خاصة أن والدة الأطفال لم تأخذ أى إجراء ضد شقيقتها، وتعمدت زيادة المشاكل بيننا لالهائي عن كشف ستر شقيقتها.