أحيانًا ما تكون سيناريوهات كرة القدم قاسية على بعض النجوم والمدربين. فرغم أنها عادلة في أغلب الأوقات لكن عندما تدير ظهرها لأحدهم تكون بمثابة القتل البطيء أو قتل “بسكين تلم” كما يقال. وهو ما ينطبق على اللحظات القاسية التي عاشها ملك مصر ونجم ليفربول وإنجلترا الأول محمد صلاح منذ بداية عام 2022 الجديد. الذي جاء عليه بكل سوء الحظ المتواجد بكرة القدم وأصبح مثل مدربه الألماني يورجن كلوب يعاني من لعنة المركز الثاني بشكل تعيس للغاية.
كان عام 2022 قحطًا وشحًا على الفرعون الصغير من حيث الألقاب، فبعد أن فعل كل شيء وقدم موسمًا استثنائيًا في نصفه الأول. جاء النصف الثاني الأكثر حسمًا للألقاب وخذله بكل الطرق الممكنة، وتركه وحيدًا في حالة يرثى لها.
فلم يكن صلاح محظوظًا أبدًا منذ انطلاق العام الجديد، حيث وصل 4 نهائيات وخسرهم جميعًا سواء مع ليفربول أو منتخب مصر واكتفى بالوصافة. ولم يحقق الفرعون منه سوى التتويج بلقبي الكأس المحلية في إنجلترا “كأس الرابطة وكأس الاتحاد”. وهما بطولتين ليس لهما قيمة كبيرة مقارنة بالدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.
أما على الصعيد الفردي فحقق لقب هداف البريميرليج، وبشق الأنفس بالدقائق الأخيرة وكاد يخسره لصالح الكوري الجنوبي سون هيونج مين مهاجم توتنهام. وتقاسما الجائزة بـ23 هدفًا، وأفضل صانع ألعاب في الدوري الإنجليزي بـ13 تمريرة حاسمة.
موسم تعيس ومحبط لصلاح رغم التألق الفردي
من الممكن وصف هذا الموسم بالغريب لصلاح فبعد بداية مثالية انتهى بنهاية حزينة وتعيسة للغاية عليه على مستوى الألقاب. فبدأ عام 2022 بخيبة كبيرة مع منتخب مصر الذي وصل معه لنهائي كأس الأمم الإفريقية. بعد معاناة كبيرة في الأدوار الإقصائية والأشواط الإضافية وركلات الترجيح.
ثم تنتهي بنهاية مؤلمة أمام منتخب السنغال بركلات الترجيح في البطولة التي أقيمت بالكاميرون. وشهدت تسجيل زميله بليفربول ساديو ماني الركلة الحاسمة ليتوج أسود التيرانجا باللقب الأول بتاريخهم على حساب الفراعنة وصلاح.
ولم تكتف دراما كرة القدم بهذا القدر لصلاح بل أوقعت قرعة تصفيات الدور الفاصل لكأس العالم 2022. منتخب مصر مع السنغال مجددًا وتستمر منافسة صلاح وماني مرة أخرى على الألقاب القارية داخل إفريقيا والصعود للمونديال حلم أي لاعب.
وقاد صلاح منتخب مصر للفوز في مباراة الذهاب بهدف دون رد وأنهى نصف المهمة بنجاح، قبل أن يتواجهان في داكار بالسنغال بلقاء الإياب. الذي تلقى الفراعنة فيه الهزيمة بهدف نظيف ثم احتكم المنتخبان لركلات الترجيح الحاسمة لحسم بطاقة العبور لقطر 2022. وأخفق صلاح في الركلة التي صوبها وخسر المنتخب ثانية من السنغال وخسر بطاقة المونديال ونجح ماني كذلك في تسجيل ركلة التأهل والفوز. وسط حسرة الفرعون الصغير نجم إنجلترا وفريقه الأول ببلاد الضباب.
حزن ومواساة ونقطة تحول في الموسم
بعد كل هذا الفشل والحسرة مر صلاح بفترة غير سعيدة على الإطلاق عندما عاد لفريق ليفربول. منهكًا بدنيًا بشكل كبير وذهنيًا وحزينًا على ما جرى، حاول مدربه الألماني يورجن كلوب دعمه نفسيًا كثيرًا. خاصة وأن فريقه مقبل على مواجهات مهمة للغاية ترسم شكل موسمه سواء في الدوري الإنجليزي أو دوري أبطال أوروبا.
وبالفعل نجحت محاولات كلوب في إخراج صلاح من هذا الحزن بعد شهر كامل صام فيه عن التهديف بـ6 مباريات كاملة. كان له أثر كبير في تقدم سون بجدول الهدافين قرب النجم المصري. وعاد “سوبر مو” للتهديف ثانية بهدفين في ديربي إنجلترا أمام مان يونايتد وعادت البسمة لمحياه من جديد بعدما تجاوز أحزان المنتخب الوطني.
ولكن لم تنقشع الغمة واستمر السيناريو الدرامي الحزين في ملاحقته على مستوى الألقاب مع ناديه هذه المرة. فتوج فقط بكأس الاتحاد الإنجليزي أمام تشيلسي بركلات الترجيح وكان قد خرج مصابًا بعد نصف ساعة من اللقاء. وغاب بسببها عن آخر مباراتين في الدوري الممتاز قبل أن يشارك بآخر نصف ساعة من الموسم أمام وولفرهامبتون لينقذ فريقه ويسجل هدف التقدم ثم الفوز.
الذي لم يكن كافيًا بعد عودة منافسه على اللقب مان سيتي في النتيجة بنفس التوقيت أمام ضيفه أستون فيلا. وحول تأخره بهدفين نظيفين لفوز بثلاثة أهداف لهدفين وحصد اللقب بالدقائق الأخيرة وبشق الأنفس.
وخسر صلاح وليفربول ثانية بآخر اللحظات لتكون حسرة وحزن جديد. لكن رغم ذلك كان على وشك خسارة جائزة الهداف لصالح سون الذي تقدم عليه بهدف بتسجيله هدفين أمام نوريتش سيتي بنفس التوقيت. لكن هدف مو الأخير عادل الكفة وتساوى النجمين وتقاسما الجائزة.
نهاية أوروبية محبطة وصلاح تحت القصف
رغم التعثر المحلي لليفربول، ساندت جماهير الريدز فريقها من أجل التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا في المواجهة النارية التي كانت تنتظرهم أمام ريال مدريد. في ملعب “دو فرانس” بالعاصمة باريس مساء السبت الماضي.
وخرج صلاح بتصريح ناري وقال “نريد الانتقام من الريال هذه المرة”. الأمر الذي جعله تحت ضغط كبير وهجوم من الجميع ورد عليه أغلب لاعبي الريال بالاستنكار والتهكم ما جعل المباراة حافلة بالندية للغاية.
وجاء يوم المباراة وظهر صلاح في أفضل حالاته وامتلك ليفربول زمام الأمور تمامًا، وكان الفريق الوحيد الخطير على العشب الأخضر. وتحفظ ريال مدريد كثيرًا ولم يهاجم إلا في المرتدات على أمل خطف هدف الفوز وترك اللعب كاملاً للريدز.
وقد كان له ما أراد بقيادة وسيناريو لمدرب كبير مثل كارلو أنشيلوتي وبراعة حارس بلجيكي استثنائي. في ليلة خاصة للغاية له تيبو كورتوا الذي تصدى لـ9 كرات خطرة على مرماه بشكل لا يصدق.
كان منهم 3 أهداف على الأقل محققة من صلاح نجم المباراة الأول وأفضل لاعب في فريقه. وصاحب الرغبة الحقيقية دائمًا في الذهاب للشباك والتسجيل والانتقام بالفعل من الملكي. ولكن كورتوا أفسد هذا الانتقام ومنعه من زيارة شباك الملكي ووقف ببسالة وتوهج كبير. وتصدى لكل تصويباته وهجماته الخطيرة وزاد عن مرماه ببسالة شديدة.
ليحبط صلاح وليفربول وكلوب ويخرج بفريقه فائزًا بهدف نظيف وباللقب الـ14 التاريخي. وينتهي موسم الفرعون بشكل حزين ومؤلم من جديد ويلقي عام الرمادة بظلاله كرويًا عليه. بدون ألقاب دوليًا أو مع فريقه رغم كل ما قدمه على المستوى الفردي من أداء مميز وكبير.