تسريبات الامتحانات هي شعار المرحلة الحالية في وزارة التربية والتعليم. فبعد أن كانت قاصرة على الثانوية العامة و”جروبات” الغش و”شاومنج” في السنوات الماضية فقد صار التسريب في العام الحالي ظاهرة تضرب الامتحانات والنتائج معا. وذلك في سابقة جديدة حيث انتقلت التسريبات إلى سنوات النقل ثم الشهادة الإعدادية ثم الدبلومات الفنية وأخيرا تسريب النتائج. ما ينذر بأن امتحانات الثانوية العامة آخر الشهر الجاري قد تكون غير مؤمّنة من التسريب.
وظهرت أشكال التسريب في نشر الأسئلة قبل بدء الامتحانات على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشهرها التليجرام. فضلا عن دخول المراقبين ورؤساء اللجان في منظومة التسريب عن طريق مساعدة الطلاب في تصوير الأسئلة وإرسالها لصفحات الغشاشين.
التسريبات ومصداقية التعليم المصري
ووسط تخوفات أولياء الأمور من ضياع حقوق أبنائهم المتفوقين الذين اجتهدوا ومساواتهم بالطلاب الذين نجحوا بالغش والتسريب خرجت وزارة التعليم عن صمتها. لتحذر من الغش والتسريب وأنها على علم بمن ينشرون الأسئلة عبر مواقع التواصل.
ودفع التسريب وكلاء الوزارة إلى الرد أيضا عبر نشر البيانات لتوضيح أخطاء بعض المشاركين في أعمال الامتحانات.
بدوره كشف وزير التعليم أن الوزارة تتابع حالات الغش التي تتم عن طريق استخدام المحمول وتصوير الامتحانات داخل اللجان. سواء الورقية أو الإلكترونية.
وحذر الوزير -الذي أرفق تحذيرا بصور الغشاشين في اللجان- أن الوزارة تعلم الأماكن واللجان والأسماء وأرقام الجلوس لكل من حاول الغش. مشددا على أنه سيطبق عليهم قانون الغش الجديد. وسيتم معاقبة المسئولين في هذه اللجان ممن أخفقوا في عملهم أو ساعدوا على الغش.
وأوضح أن الوزارة لديها نماذج لمئات من مخالفات اللجان وتقارير رواد “تليجرام”. مشيرا إلى أن هؤلاء قلة قليلة من الطلاب والإداريين. لكنهم يهدرون قيمة عمل المجتهدين ويتسببون في ضرر كبير لمصداقية التعليم المصري. لذلك وجب تطبيق القانون عليهم.
وبعد أوامر الوزير بمواجهة التسريب بدأت تحركات وكلاء الوزارة في المديريات التعليمية بالمحافظات.
فوضى الغش
وقرر محمد دسوقي -وكيل وزارة التعليم بأسيوط- إحالة المسئولين عن الامتحانات في إدارة أبوتيج التعليمية للتحقيق. وذلك عقب انتشار نماذج تتضمن تسريب امتحانات الرياضيات للصف الخامس الابتدائي. وإعادة طبع الامتحان الاحتياطي بعد أن رصدت غرفة العمليات ومتابعة الامتحانات في المديرية انتشار نماذج تتضمن أسئلة المادة. فقام بتحرير محضر إداري وطبع الامتحان الاحتياطي الخاص بالمادة.
أما في الجيزة فرفض المسئولون مطالبة أولياء الأمور بإعادة امتحان الجبر للشهادة الإعدادية. وذلك بعد تسريب الأسئلة قبل ساعتين من أداء الامتحان. وأصروا على أن العينة العشوائية من كراسات الإجابة سليمة. وتم إعلان النتيجة بسرعة رغم تأكيدات أولياء الأمور أن ما تم تداوله على “فيسبوك وواتساب وتليجرام” من جانب صفحات الغش الإلكتروني هو الامتحان نفسه.
ودعا المعلمون وأولياء الأمور للضرب بيد من حديد لمنع تلك الظاهرة التي انتشرت هذا العام على نطاق واسع في امتحانات الإعدادية. بعد أن كانت مقتصرة على امتحانات الثانوية العامة.
وأوضحوا أن هناك حاجة مشددة لإعادة النظر في منظومة تأمين أسئلة الامتحانات بزيادة نسبة التغيرات في الكنترولات ومراكز توزيع الأسئلة. مع تشديد الإجراءات على أجهزة المحمول وأدوات الغش الإلكتروني. مشيرين إلى أن الصفحات المشبوهة تهدف لإثارة البلبلة بين الطلاب وتحارب المنظومة التعليمية الجديدة لوقف التطوير.
محاسبة رادعة
وقال إسماعيل عامر -ولي أمر- إنه يجب محاسبة من سرب الامتحانات حتى يكون عبرة لغيره. مضيفا: “ما نلاحظه حاليا عدم وجود عقاب لمسئول سرب أو ساعد على التسريب”.
وقال كريم عبد الله –مدرس- إن وسائل الغش الإلكتروني واستخدام طلاب الإعدادية لمواقع التواصل بمهارة يحتم على الوزارة تخصيص زملاء من إدارات التطوير التكنولوجي بكل محافظة لمراقبة صفحات التواصل الاجتماعي وتحديد اللجان التي حدثت بها التسريبات. مع توقيع عقوبات مشددة على المقصرين.
وأبدى محمود الجهيني -معلم خبير في اللغة العربية بالمعاهد القومية- استياءه من ازدياد عمليات تسريب امتحانات النقل والشهادات في كثير من المحافظات هذا العام. مؤكدا أن هذه الظاهرة في استفحال عاما بعد عام.
وأوضح أن محاصرة الظاهرة تستلزم إحداث تغيرات موسعة في أعضاء الكنترولات ومراكز توزيع الأسئلة بكل محافظة بدل اقتصارها على نسبة 25% التي لم تعد كافية –حسب قوله.
وقال شريف محمود -معلم تاريخ- إن ظاهرة تسريب أسئلة الامتحانات ظهرت مع استخدام الأجهزة الإلكترونية. ورغم التشديد على منع المحمول داخل اللجان يتساهل البعض في الأمر. مشيرا إلى ضرورة التدقيق في اختيار العناصر المشاركة في أعمال الامتحانات والتغييرات المتوالية للأعضاء.
وأكد أن إعادة الامتحان حال تسريبه ليس هو الحل. وذلك لأنه يقضي على طموح فئة من الطلاب اجتهدت وبذلت جهدا.
وأشار طلعت مصطفى -موجه أول لغة عربية- إلى أن أيام الثانوية القديمة كان يتم التحفظ على أعضاء المطبعة السرية حتى انتهاء الامتحانات. ولم نكن نجد هذه التسريبات. ونصح الوزارة بإيجاد حلول وبدائل لمنع تنقل أوراق الامتحانات بين أيادٍ كثيرة. وكذا وضع أوراق الأسئلة في صناديق مؤمّنة. وأن تكون هناك جهة واحدة مسئولة عن تسليم الأوراق للمدارس.
بين الإحباط والعقوبات القانونية
وأشار إلى أن تسريب الامتحانات يصيب الطلاب بالإحباط فيهملون المذاكرة لأنها لم تعد تضمن لهم عدالة.
ويرى الدكتور إسلام السيد -أستاذ المناهج بعين شمس- ضرورة وضع خطة جديدة وحاسمة لمنع تسرب الأسئلة. تتمثل في إعداد الأسئلة قبل ساعات فقط من الامتحان على أن تصل إلى المدارس عبر بريد إلكتروني. مع دخول الطلبة إلى قاعات الامتحان واعتماد نموذجين للأسئلة لكل مادة.
أما الدكتورة راندا الديب -أستاذ أصول التربية- فقالت إن المواقع المشبوهة تهدف لإثارة القلق وتساعد على انتشار الغش. وتقف في وجه تطوير منظومة التعليم. مشيرة إلى أن هذا يظلم المتفوقين وتجعل الغشاش هو الرابح الوحيد.
وطالبت بضرورة التوعية المجتمعية ضد هذه الصفحات ومحاربتها ضمانا لانتظام عملية الامتحانات. ولفتت إلى أن الزيادة المفرطة في تأمين اللجان قد تصيب الطلاب بتوتر غير مقبول.
عقوبات التسريب والغش
وينص القانون رقم 205 لسنة 2020 بشأن مكافحة أعمال الإخلال بالامتحانات على عقوبات صارمة لعمليات تسريب الامتحانات والغش: مـع عـدم الإخـلال بأحكام قـانون الطفـل الصادر بالقـانون رقـم 12 لسنة 1996. ومع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قــانون آخـر. يعــاقب بالحبــس مـدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على سبع سنوات. وبغرامة لا تقل عن مئة ألف جنيه ولا تزيد على مئتي ألف . كل من طبع أو نشر أو أذاع أو روّج بأي وسيلة أسئلة الامتحانات أو أجوبتها أو أي نظم تقييم في مراحل التعليم المختلفة المصرية والأجنبية بقصد الغش أو الإخلال بنظام الامتحانات. |
ويعاقب علي الشروع في ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها في الفقرة الأولي من هذه المـادة بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألف أو بإحدى العقوبتين. |