مع قرب انطلاق جلسات الحوار الوطني المقرر لها الأسبوع الأول من يوليو/تموز المقبل، وبدء اختيار الهيئة التنسيقية لإدارة وترتيب للحوار، أجرى “مصر 360” هذا الحوار مع فريد زهران رئيس حزب المصري الديمقراطي. وكان من أول الداعين للحوار عبر منصة “مصر 360”. وقد تحدث عن تقييمه لما حدث منذ دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للحوار. بالإضافة إلى رؤيته لتعظيم فرصة نجاح هذا الحوار، الذي اعتبره فرصة حقيقة لا بد من التمسك بها والعمل على إنجاحها من طرفي العملية السياسية سواء موالاة أو معارضة.
اقرأ أيضًا: دعوة لحوار وطني يستهدف بناء مجال سیاسي شرعي آمِنٍ ومستقر
أشار زهران إلى أنه منذ إطلاق دعوة الحوار زادت تطلعات الجمهور السياسي. وهو أمر يزيد -في رأيه- من مسئولية طرفي الحوار (السلطة والمعارضة). خاصة السلطة التي دعاها إلى مزيد من سعة الصدر وتحمل تطلعات المعارضة. وقد اعتبر أن عبء نجاح الحوار والخروج منه بنتائج مقبولة يقع على عاتق الحكومة بنسبة 80%، باعتبار أنها من يملك القرار.
كما يلفت زهران إلى الخطوات التي اتخذتها الحكومة بالإفراج عن عدد من السجناء، والانفتاح الإعلامي على رموز المعارضة. ويدعو إلى مزيد من الخطوات يمكن أن تزيد تهيئة الأجواء لنجاح الحوار والبناء على مخرجاته.
ما هو تقييمك للمشهد مع بدء الخطوات التنفيذية للحوار المقرر انطلاقه الشهر المقبل؟
– دعنا نتحدث أننا أمام مشهد إيجابي، ودعوة لاقت ترحيب مختلف القوى سواء المعارضة أو الموالاة. وقد تزامن مع ذلك غنفراجة وتطور إيجابي بشكل أو بآخر في ملف الإفراج عن المسجونين في قضايا سياسية.
أيضًا، شهدنا نوعًا من الانفتاح الإعلامي على المعارضة. وظهرت شخصيات محسوبة على المعارضة لأول مرة في وسائل إعلام تابعة للدولة.. هذا يبشر بتحسن في التعامل مع الأمور.
لكن علينا إدراك أنه منذ إطلاق دعوة الحوار زادت تطلعات الجمهور السياسي، وهذا شيء محفوف بالمخاطر، ويزيد من مسئولية طرفي الحوار؛ الداعي والمدعو إليه من سلطة ومعارضة وأحزاب موالاة.
لذا أدعو السلطة إلى أن يتسع صدرهم ويتحملون الأصوات المختلفة، ولا يكون هناك ضيق من بعض السقوف المرتفعة في المطالب. كما أطالب أحزاب المعارضة بأن تعمل بعقلانية وواقعية. وكذلك أن تتفهم ما يمكن تحقيقه وما لا يمكن تحقيقه؛ للوصول إلى منطقة وسط. فالأطراف كافة معنية بإنجاح هذا الحوار وهو مسئوليتها جميعًا.
وكيف ترى المواقف والآراء المتباينة من الحوار لدى قوى المعارضة.. ألا تظهرها كمن لا يتفق؟
– طبيعي أن يكون هناك اختلاف في الآراء. أحزاب المعارضة كل منها له تصور حول معالجته لقضايا السياسية أو الاقتصادية. ومع ذلك فإنها كلها تتفق على نقاط محددة تمس قضايا الحريات والإصلاح السياسي.
ومثال ذلك أنه بعد دعوة الرئيس للحوار، واختيار الأكاديمية الوطنية للتدريب للتصدر للحوار باعتبارها هيئة تابعة للرئاسة، يشغل رئيس الجمهورية فيها رئاسة مجلس الأمناء، استجابت الأحزاب وقدمت رؤيتها ومقترحاتها حول الحوار. والمفترض الآن أن تبلور الأكاديمية هذه المقترحات في أجندتها.
كيف تُقيم رد فعل بعض الأطراف المعارضة في الخارج لفكرة الحوار مع الدولة؟
– لم أجد في تاريخ الدعوات السابقة للحوار من مختلف النظم مثل هذا الالتفاف الذي نشهده بين القوى السياسية بمختلف أطيافها على ضرورة إجراء هذا الحوار. هناك شبه إجماع وتحمس للحدث.
صحيح أن هناك وجهات نظر حول نقاط بعينها، كالاعتراض على الهيئة المنظمة للحوار، والحديث عن أجندات وجدول زمني محدد، أو الحديث عن ضمانات قبل القبول بالمشاركة. لكن هناك شبه إجماع وطني من مختلف القوى الحزبية على أهمية هذا الحدث.
أعتقد أن هذا حدث فريد، وأننا لأول مرة نجد في الأطراف كافة الحماس لحالة الحوار.
أما فيما يخص الذين هاجموا الحوار من الخارج وخاصة الإخوان ومن يناصرونهم، فهؤلاء غير مدعوين للحوار من الأساس. بل هناك إجماع بين الموالاة والمعارضة على رفض مشاركتهم. لذا طبيعي أن يهاجموا الحوار.
اقرأ أيضًا: قبل بدايته أوائل يوليو.. كل ما تريد معرفته عن الحوار الوطني ومديره
البعض يرى أن أحزاب المعارضة بحاجة لإجادة التفاوض على المطالب.. فما رأيك؟
ـ أحزاب المعارضة لها مطالب مشروعة. لكن يجب التفرقة بين أن أضع مطالب وأريد أن تتحقق كلها بالضربة القاضية الفنية، وأن استشعر الحاجة للوقت والتفاوض.
لابد هنا أن نشير إلى أن على السلطة أن تتفهم مطالب المعارضة وتتعامل معها ولا يكون أفقها ضيق في التعامل مع بعض الأصوات الجانحة في المعارضة.
السلطة مطالبة بتحمل النقد والمطالب المرتفعة. وفي المقابل على المعارضة أن تمتلك من الحكمة والحصافة ما يجعلها تتريس وتنتظر وجود خطوات للإصلاح. ولا تسعى أن تحقق ما تريده مرة واحدة.
إلى أي مدى يمكن للحوار السياسي أن يخلق تكتلات داخل المعارضة.. وهل هذا أفضل لها من حالة التفت الحالية؟
ـ مصر بها عدد كبير من الأحزاب. وهذا أمر طبيعي في بلد تعداده مائة مليون. صحيح أن التجارب الديمقراطية المعروفة لا نجد فيها أكثر من أربعة أو خمسة أحزاب كبيرة، وهناك حزبين فقط. لكن هذه الأحزاب التكتلية تجمع داخلها عشرات الأحزاب الأخرى.
مصر بها مائة حزب، لكن عدد الأحزاب الرئيسية لا يتعدى 15 أو 20 على الأكثر.
التكتلات الحزبية ضرورية وجيدة. وهي ممكنة الحدوث في جانب أحزاب المعارضة والموالاة، على حد سواء. وقد نرى لحظة الانتخابات تحالفات بين أحزاب أو قوائم رئيسية تضم مؤمنين برؤية اقتصادية أو سياسية مشتركة.
هل تتفق مع من يرى ضرورة الحديث عن الإصلاح السياسي كأولوية للحوار إلى جانب الأزمة الاقتصادية؟
ـ لا حل للمشاكل الاقتصادية إلا بإصلاح سياسي.. هذا بالضبط كأن نشرح للجماهير أثناء الدعاية الانتخابية دور النائب في البرلمان، بأنه ما يسعى لتقديمه وليس خدمات وتوظيف وغيرها.
نريد أن نقدم بيئة تشريعية ونسن قوانين تساعد الناس وتحسن من وضعهم الاقتصادي، الذي لن يحدث إلا بتوفير بيئة سليمة للعمل والكسب.
من هنا يمكن القول إن حل المشكلات الاقتصادية لا يأتي إلا بتدعيم آلية التفاوض الاجتماعي ووجود مؤسسات تمكن الناس من الحصول على حقوقهم الاقتصادية. نحن أمام خيارين كبار إما أن نذهب للحديث عن حلول مؤقتة وإما أن نعمل على بناء مؤسسات مستمرة، هي التي تضع الحلول عبر آليات ديمقراطية.
ما هي رؤيتكم للإصلاح السياسي؟
– نرى ضرورة دعم حريات الرأي والتعبير وحريات التنظيم وما يتعلق بحريات الاحتجاج السلمي، وما يتعلق بحريات بتنظيم وإدارة الحقوق السياسية سواء فيما يخص قوانين الانتخابات وطرق التعامل مع الاستحقاقات الانتخابية. هذه أمور مطلوب إصلاحها وندرك أن ذلك يحتاج لوقت وأن الأمر لن ينجز في ليلة وضحاها، مثلا في ملف حرية الرأي والتعبير سوف نتخذ خطوات، سنبدأ في كذا وكذا وبعض فترة زمنية سوف ننجز الباقي وكذلك في القضايا الأخرى والأمر قد يحتاج لسنوات طويلة من العمل والتجويد.
أليس من الأفضل وضع جدول زمني للانتهاء من الحوار الوطني؟
ـ أعتقد من الأفضل أن نجد على الأرض نتائج سريعة، تتمثل في سرعة حسم ملف السجناء في قضايا الرأي وكذلك قانون الحبس الاحتياطي، والعمل أو البدء في إصلاح وتعديل قوانين مباشرة الحقوق السياسية، ومنح المزيد من الانفتاح في الإعلام، ومزيد من الحريات.. وأن نبدأ الحوار لمناقشة باقي القضايا.
أنا ضد فكرة وضع جدول زمني للانتهاء من الحوار، دعنا نبدأ بعد أن نحسم القضايا الجوهرية، ويستمر الحوار إلى ما لا نهاية؛ لأنه لا يجب أن ينتهي الحوار. وعلينا أن نسعى من خلاله لمناقشة القضايا الاقتصادي والاجتماعية والسياسية وغيرها من المستجدات التي تتعرض لها الساحة الوطنية بشكل متواصل.
هناك رأي ينصح بضرورة قطع خطوات مهمة في مسار الديمقراطية قبل استحقاقي الانتخابات الرئاسية والبرلمان.. هل تتفق؟
ـ لو لم ننجح في قطع خطوات فعالة في الإصلاح السياسي قبل عامين، وأتت هذه الاستحقاقات الانتخابية وكان الوضع محتقنا، سندخل في اضطرابات اجتماعية وسياسية نحن جميعًا في غنى عنها.
لكن البعض يرى أن الاضطرابات الاجتماعية ممكنة الحدوث بسبب العوامل الاقتصادية؟
ـ يزيد من حدة الأزمة الاقتصادية أن الوضع السياسي محتقنًا. هذا هو الخطر الحقيقي. لأن كل دول العالم فيها مشاكل اقتصادية، لكن كيف يتم حلها. الطريق الواضح هنا هو الإصلاح السياسي والمشاركة بين القوى السياسية المختلفة وفئات المجتمع.
عند الحديث عن حل المشاكل الاقتصادية هناك طريقين؛ الأول السعي للحل عبر التفاوض الاجتماعي، والثاني أن نترك الأمر لانفجارات تضر الجميع.
المشكلة أننا لو دخلنا الاستحقاقات الانتخابية ونحن في حالة احتقان فكأننا نسكب على النار بنزينا، ولا ننسى أن أحد أسباب زيادة الاحتقان في مصر في نهاية عصر مبارك، هو ما حدث في انتخابات مجلس الشعب 2010.
ما هو الذي تقترحه على النظام للدفع بالحوار إلى النجاح؟
ـ الإفراج عن المزيد من سجناء الرأي وفك الحظر على المواقع الإخبارية المحجوبة، وزيادة في جرعة الحرية الممنوحة للإعلام، وأن تكون الأمانة للحوار في تشكليها تراعي مختلف القوى وتضم شخصيات عليها قبول من مختلف القوى، وكذلك أن نجد أناسا منفتحين على القوى والمطالب السياسية. كما يجب التنسيق عند اختيار الأسماء المرشحة لإدارة الحوار، حتى لا يفاجئ المدعوون للحوار بشخصيات قد يحدث وجودها التباس. وهو ما يمكن تداركه عن طريق المشورة المستمرة للمشاركين في الحوار.
هل أنت متفائل بالمرحلة المقبلة؟
ـ يصعب علينا أن نتوقع. أتمني أن ينجح الحوار. لكن في الحقيقة أوراق الحوار في يد السلطة، هي القادرة على إنجاحه بنسبة 80% لأنها صاحبة القوة. كما أن هناك مسئولية على المعارضة بأن تخلق مواءمات مناسبة ولا تغالي في مطالبها، ويكون لديها نفس طويل في التعامل مع الموقف ولا تتوقع أن تحزر نتائج بسرعة.
أنا في الحقيقة لست متفائلًا بشكل كبير، لأن تحقيق المعادلة بين المعارضة والنظام أمر في منتهي الصعوبة، والحياة السياسية في مصر ليست على درجة كافية من النضج. إلا أنني رغم ذلك أبذل كل جهدي من أجل إنجاح الحوار.
اقرأ أيضًا: انتخابات “المصري الديمقراطي”.. معركة هادئة بين “رئيس الحزب” و”مظلة التغيير”