كتب: حمادة عبد الوهاب
يحاول حزب الشعب الجمهوري -أكبر حزب معارض في تركيا- جذب أصوات الناخبين المحافظين عبر تغيير استراتيجيته وطرح وجوه محافظة وأكثر مقبولية لدى الأتراك. على سبيل المثال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو. بالإضافة إلى رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش. فضلا عن عقد تحالفات مع الحزبين المنشقين عن حزب “العدالة والتنمية”. وهما “المستقبل” ويقوده رئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو و”الديمقراطية والتقدم” بقيادة مستشار أردوغان السابق علي باباجان.
وأصبح حزب الشعب الجمهوري أكثر انفتاحا على التعامل مع المحافظين وأكثر تفهما لقضايا المحجبات. بل ودفع بشخصيات ذات خلفيات محافظة إلى واجهة الحزب.
المعارضة تتقدم في تركيا
أعلنت مؤسسة “أوراسيا” لاستطلاعات الرأي نتائج الاستطلاع الذي تم إجراؤه في مقابلات هاتفية مع 1500 مشارك في 26 مقاطعة بتركيا في الفترة “26 مايو/ أيار-1 يونيو/حزيران”. وجاءت نتائج التصويت كالآتي:
أبدى 30.7% من المشاركين في الاستطلاع رغبتهم في التصويت لصالح “الشعب الجمهوري” يليه “العدالة والتنمية” الحاكم بنسبة 29.5%. ثم “الخير” 13% فـ”الشعوب الديمقراطي” -المُوالي للأكراد- 9.2% و”الحركة القومية” 5.4% و”الديمقراطية والتقدم” 4.8% و”المستقبل” 1.8%.
وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة “متروبول” للأبحاث -منتصف مايو/أيار الماضي- أنّ نسبة التصويت لأردوغان كرئيس لتركيا في الانتخابات القادمة لن تتخطى 40%. فيما من المرجح الذهاب إلى جولة إعادة تؤدي إلى فوز مرشح تحالف المعارضة –بحسب استطلاع “متروبول”.
الحجاب وورقة أردوغان المحروقة
الكاتب والمحلل السياسي التركي صاحب كتاب “قصة تركيا بين أردوغان الأول والثاني” ياوز أجار يقول إن حزب الشعب الجمهوري “بدأ يغير نظرته إلى المتدينين بعد تسلم كمال كليجدار أوغلو منصب رئيس الحزب في 2010.
هذا التغير تمت مشاهدته أولا خطابيا ليصل فيما بعد إلى البيت الداخلي للحزب. فقد وجّه كليجدار أوغلو أكثر من مرة دعوة إلى أردوغان لإخراج موضوع الحجاب من كونه أداة سياسية. كما أعلن أنه “ليس ضد من ترتدي الحجاب من النساء”.
وأضاف “أجار” لموقع “مصر 360”: “رغم أن أردوغان بدأ يتبنى خطابًا إسلامويًّا عثمانيًّا بعد تورطه في فضائح فساد ورشوة بعد 2013 وإنشائه خندقا إسلاميا تجاه المعارضين المدنيين والسياسيين. فإن “الشعب الجمهوري” استمر في الانفتاح على المتدينين بترشيح أسماء منحدرة من التيار الإسلامي والمحافظ. بل إنه أعلن استعداده لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب “العدالة والتنمية” تحت “رئاسة داوود أوغلو”. وذلك بعدما فشل حزب أردوغان في تحقيق الأغلبية البرلمانية وتأسيس حكومة منفردة عقب انتخابات 7 يونيو 2015.
سياسة احتضان الجميع
وتابع: “في خطوة غير مسبوقة في تاريخ الحزب العلماني تم ترشيح أسماء تنحدر من أصول محافظة في كبرى البلديات في تركيا. مثل أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش وآتت استراتيجية (احتضان الجميع) أولى ثمراتها في انتخابات 31 مارس/آذار البلدية.
وقدم كليجدار أوغلو إلى واجهة الحزب وجوها جديدة لتترشح لمناصب رئاسة البلديات بمدن إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وأضنة ومرسين. فهذه الأسماء التي تخلت عن الأفكار التقليدية العلمانية المتشددة لحزب الشعب الجمهوري واقتربت من قواعد الأحزاب اليمينية الوسطية هي التي حققت للمعارضة فوزا انتخابيا”.
وأشار إلى تخوف “أردوغان” من أن يكون كليجدار أوغلو بديلًا عن حزبه إذا واصل مسيرته الحالية وتبنى خطابا يجمع الناخبين المعارضين. إلى جانب الناخبين من الطبقة المتدينة والمحافظة التي يخاطبها “أردوغان” وحزبه.
وهذا هو سبب هجوم “أردوغان” على “الشعب الجمهوري” عبر الحجاب الذي يوظفه كأداة سياسية للحفاظ على قاعدته الإسلامية. بينما تحتضن سجونه آلاف المحجبات ويتعرضن للتفتيش العاري بدعوى انتمائهن إلى جماعة فتح الله كولن.
خوف أردوغان
الكاتب والمحلل السياسي التركي -أمر الله أوسلو- قال: “أكثر ما يخيف أردوغان هو انضمام الأحزاب الجديدة. كالمستقبل بقيادة أحمد داوود أوغلو والديمقراطية والتقدم بقيادة علي باباجان إلى تحالف المعارضة في تركيا. حيث يرى أن ذلك عامل يقوّض أرضيته التي توظف الدين والهجوم على المعارضة عن طريقه”.
وأضاف “أوسلو” أن التغيير الحاصل في نظرة “الشعب الجمهوري” لـ”المحافظين” والحجاب تحت قيادة كليجدار وفوز الحزب بكبرى البلديات في انتخابات 2019 عبر مرشحين محافظين أمر أثار غضب أردوغان إلى حد كبير.
وأفاد بأن هذا النهج الجديد لحزب الشعب الجمهوري بدأ يقوّض أساس خطاب أردوغان القائم على توظيف الشعارات الإسلامية والهجوم على الشعب الجمهوري “العلماني” عن طريق الحجاب والأذان والقرآن.
وأشار إلى أن أردوغان قرر أن يشعل حربًا ضد حزب الشعب الجمهوري منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سيسعى للتخلص من حكومة أردوغان عبر الدعم الديمقراطي للمعارضة.
صعوبات تاريخية في تركيا
المحلل السياسي التركي -حسن سيفري- يقول إن حزب الشعب الجمهوري لديه خطة يطبقها تقوم على كسب ثقة الناخبين المحافظين ذوي الميول اليمينية. ولكن هناك عقبة تقف أمام خطته لأن ناخبي اليمين أو المحافظين غالبا ما يكون لديهم موقف من الأحزاب الجمهورية الكمالية ذات الميول العلمانية. ونادرا ما تحصل هذه الأحزاب على أصواتها.
وأضاف “سيفري” لموقع “مصر 360” أن الأزمة الحالية التي يعانيها الأتراك هي تدهور الحالة الاقتصادية. وبالتالي يجب التركيز على المعاناة الاقتصادية عبر خطط بديلة لمحاولة الخروج منها. وهو أمر سينعكس مباشرة على شعبية “الشعب الجمهوري” بين مختلف التوجهات ومنهم الناخبون اليمينيون بالطبع”.