في زيارته المنتظرة إلى منطقة الشرق الأوسط في منتصف يوليو/ تموز المقبل، والتي تشمل كل من إسرائيل والضفة الغربية والسعودية. يسعى الرئيس الأمريكي، الذي لم يكن موفقًا في علاقته بالمنطقة منذ أن سكن البيت الأبيض. إلى إضافة رابط إلى نظام التحالفات الاستراتيجية التي يعتزم إنشائها لكبح أعدائه وتقوية أصدقاء بلاده.
بنى بايدن تحركاته وفقا للموقف المبدئي للرؤساء الثلاثة الذين سبقوه. أوباما، وترامب، وبايدن. بينما يرى أنه -بعد الحربين الفاشلتين في أفغانستان والعراق- لم تعد الولايات المتحدة قادرة على العمل بمفردها كـ “شرطي العالم”. لذلك، يسعى جاهدًا من أجل التعاون الاستراتيجي وإنشاء تحالفات إقليمية جديدة يمكنها التعامل مع التهديدات القديمة والجديدة.
يستند التحالف الذي يزعم بايدن تقويته إلى حد كبير إلى حزام التحالفات الذي أنشأته الولايات المتحدة لاحتواء الاتحاد السوفيتي في بداية الحرب الباردة. وهم الناتو في المحيط الأطلسي، وسياتو (بالإنجليزية: SEATO) أو حلف جنوب وشرق آسيا (بالإنجليزية: Southeast Asia Treaty Organization) تأسس في 8 سبتمبر 1954 ويعرف بحلف مانيلا عاصمة الفلبين وهدفه حماية المصالح الغربية في المنطقة ومحاصرة المد الشيوعي فيها مقره بانكوك بتايلندا. جرى حل الحلف في 30 يونيو 1977، وحلف بغداد في الشرق الأوسط. وبينما حدد الرؤساء الأمريكيون الثلاثة الصين باعتبارها المنافس الرئيسي للولايات المتحدة للسيطرة والنفوذ على الساحة الدولية في القرن الحالي. تعد الصين في الوقت نفسه عاملاً مهمًا في الاقتصاد العالمي.
لذلك، يمكن تعريف الصين بالنسبة للولايات المتحدة على أنها “الصديق اللدود”. فهي صديق ومنافس في نفس الوقت. وشريك في المجالات الاقتصادية، ومنافس في المجالات الأمنية. وبينما اختار ترامب مواجهة الصين اقتصاديًا، من خلال الحروب التجارية والرسوم الجمركية المرتفعة. يدرس بايدن تخفيف الرسوم الجمركية على الصين لتخفيف الوضع الاقتصادي الصعب في بلاده. وفي نفس الوقت إقامة تحالفات جديدة. لردع طموحاتها العسكرية تجاه تايوان، وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين في آسيا.
اقرأ أيضا: بن سلمان في مصر والأردن وتركيا.. الأمير يرسخ مكانته الإقليمية قبل زيارة بايدن
تحالفات الدفاع الأمريكية
في سبتمبر/ أيلول 2021، شكل بايدن تحالفين دفاعيين مهمين في آسيا: التحالف الناطق باللغة الإنجليزية AUKUS، وهو اختصار لأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. والتحالف الرباعي، والذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند QUAD. حيث جرى تصميم التحالفات لتطوير تعاون هادف في مختلف المجالات العسكرية والأمنية. وقد زعمت الصين أن هذه التحالفات كانت موجهة ضدها، وانتقدتها بشدة.
أشار تحليل حديث عن معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية. ضمن سلسلة منشورات “أوراق الموقف”. أنه خلال زيارة بايدن المرتقبة، من المقرر أن يشكل تحالفًا دفاعيًا إقليميًا في المؤتمر المرتقب انعقاده في مدينة جدة السعودية. والذي تشارك فيه الولايات مع السعودية ودول الخليج، ومصر، والأردن، والعراق.
لن تشارك إسرائيل في المؤتمر، لكنها ستكون دولة رئيسية في التحالف. وبهذا المعنى “يواصل بايدن سياسة ترامب كما انعكست في الاتفاقات الإبراهيمية”، وفق تحليل الدكتور إيتان جلبوع. الذي أشار إلى أن التحالف يهدف إلى صد إيران، وسيعتمد في المرحلة الأولى على نظام دفاع جوي ضد الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية.
يقول جلبوع: من المحتمل أن ينجح بايدن في تحقيق تطور في العلاقات بين إسرائيل والسعودية. الهدف هو إرسال رسالة مزدوجة إلى الأصدقاء والأعداء على حد سواء. على الرغم من إعلانات وأفعال الرؤساء الثلاثة الآخرين -بما في ذلك انسحاب بايدن الفاشل من أفغانستان- فإن الولايات المتحدة ليس لديها خطط لمغادرة منطقة الشرق الأوسط وستستمر في المشاركة في العمليات الرئيسية فيها. الرسالة الثانية لإيران: هناك فرصة أخيرة للتوصل إلى اتفاق نووي. وإلا الثمن سيكون رعاية وإقامة تحالف دفاعي إقليمي ضدها.
تحقيق المصالحة مع بن سلمان
في مقاله على منصة Project Syndicate، يلفت ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي. إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن جاءت إلى السلطة قبل عام ونصف. وهي مصممة على تغيير هذا النمط، ومعاملة المملكة على أنها “منبوذة”. فقد استنتجت الولايات المتحدة أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -المعروف على نطاق واسع باسم MBS- وهو الحاكم الفعلي للبلاد والوريث الظاهر للعرش. أمر بقتل جمال خاشقجي، الصحفي البارز والمعارض السعودي المقيم في الولايات المتحدة والذي جرى تصفيته في القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.
يشير جلبوع إلى أن العامل الأساسي في التحالف المخطط له هو السعودية. يقول: ليس من قبيل المصادفة أن يزورها بايدن، وأن يعقد المؤتمر التأسيسي على أراضيها. لقد عكس بايدن سياسته بالكامل تجاه المملكة، وكذلك أعضاء حزبه الديمقراطي، وخاصة من يسمون أنفسهم تقدميين. لقد هاجموا بشدة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بسبب تورطه في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي، وانتهاكات حقوق الإنسان. تسبب الانتقاد في أزمة حادة بين البلدين. لكن، تهدف زيارة المملكة إلى تحقيق المصالحة مع بن سلمان.
يُرجع المحلل الإسرائيلي السبب الرئيسي لتغيير السياسة الأمريكية تجاه السعودية هو الحرب في أوكرانيا وعواقبها الاقتصادية. تسببت العقوبات المفروضة على روسيا في ارتفاع حاد في أسعار الوقود. وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، حيث وصلت أكثر من 5 دولارات للجالون. كما بلغ معدل التضخم 8.6%، وهو الأعلى منذ أربعين عاما. كذلك أسعار الفائدة وتكاليف المعيشة آخذة في الارتفاع بمعدلات كبيرة.
يرى المراقبون أن كل هذه العوامل تزيد من فرص فوز الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، التي ستجرى في أقل من خمسة أشهر. لذلك، قرر بايدن أن الاقتصاد أهم من الانتقادات التي تلقاها من الجناح التقدمي. وطالب الملك سلمان بزيادة إنتاج النفط لتقليل النقص الناجم عن العقوبات على روسيا.
لكن، سلمان رفض المطالب الأمريكية رفضًا قاطعًا. وطالب بتغيير في سياسة بايدن، بما في ذلك امتناعه عن “الحج إلى المملكة” -وفق تعبير جلبوع- حتى استسلم بايدن للضغوط الاقتصادية.
اقرأ أيضا: الرئيس الأمريكي في السعودية.. هل ينجح بايدن في استرضاء رجل الرياض “المنبوذ”؟
ربط التحالفات الآسيوية بتحالف الشرق الأوسط
خلال جولة بايدن، تظهر الصين في خلفية التحركات الأمريكية. في مارس/أذار 2021. وقع وزيرا خارجية إيران والصين في طهران اتفاقية تعاون استراتيجي مدتها 25 عامًا. تعهدت الصين باستثمار 400 مليار دولار في اقتصاد الطاقة الإيراني، مقابل مشتريات ضخمة من النفط والغاز بسعر مخفض.
تهدف الاستثمارات إلى اكتشاف وتطوير حقول النفط والغاز، وشراء المنتجات البتروكيماوية. في السنوات الأخيرة، تجاوزت الصين العقوبات التي فرضها ترامب على إيران، واشترت منها كميات كبيرة من النفط. كما تسمح الاتفاقية للصين بوضع حوالي 5000 من أفراد الأمن التابعين لها في إيران، التي تعد بالفعل موطئ قدم عسكري.
يلفت جلبوع إلى أنه يجب على تحالف الشرق الأوسط أيضًا أن يوقف اختراق الصين لإيران. لذلك -خلال زيارة المنطقة- ستكون هناك قمة أخرى عبر تطبيق Zoom، على مستوى القادة، تربط تحالفات آسيا مع التحالف الإقليمي القائم.
يقول: هناك مجموعة رباعية أخرى، تتكون من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والهند. يُطلق على التحالف باللغة الإنجليزية I2U2، وهما دولتان يبدأ لفظهما بالإنجليزية بحرف آي وهما إسرائيل والهند، واثنان يبدأ نفطهما بحرف U وهما الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة.
ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أن الولايات المتحدة والهند تسعيان لربط التحالفات الآسيوية بتحالف الشرق الأوسط.
بايدن في إسرائيل
يشير جلبوع كذلك إلى أن التغييرات التكتونية -نسبة إلى الصفائح التكتونية وهي ألواح صخرية تطفو على المواد المنصهرة من الجزء الثاني للكرة الأرضية وهو الوشاح- تحدث في نظام الجيوش في الشرق الأوسط. مؤكدًا أن إسرائيل لها مكانة مركزية فيها.
يقول: أعلن البيت الأبيض أن الزيارة إلى إسرائيل ستتم حتى لو تفكك تحالف بينيت ولبيد أخيرًا. في الأيام التي سبقت الزيارة، امتنع بايدن عن زيارة إسرائيل، وهو ما يمكن تفسيره على أنه تدخل في السياسة الإسرائيلية. لكن بايدن يصل إلى إسرائيل في وقت حساس بشكل خاص. يتضمن الجمود في المحادثات النووية مع إيران وإنتاج اليورانيوم المخصب بالقرب من المستوى العسكري.
ويضيف: لم يعد بإمكان بايدن انتظار حماقة السياسة الإسرائيلية. وجولة أخرى من الانتخابات التي لا يعرف أحد كيف ستبدأ وكيف ستنتهي.