حالة من الجدل والاستنكار، سببتها شركة التكنولوجيا الأمريكية “آبل” ومحرك البحث الأوسع انتشاراً “جوجل”، بعدما أقدموا على حذف الدولة الفلسطينية من خرائطهما الدولية.

وكان موقع “AS-Source News” الخاص بالأخبار العسكرية في الشرق الأوسط وأمريكا وروسيا قد أورد الخبر في 16 تموز/ يوليو، لافتًا إلى أن محرك البحث الروسي “ياندكس”، هو الوحيد الذي حافظ على موقع فلسطين في خرائطه، وظهرت فلسطين على خرائط ” جوجل” في نتائج البحث تحت عنوان ” بقعة بلا عنوان”.

وأقدمت الشركتان، على تلك الخطوة تزامنًا مع المحاولات الإسرائيلية لضم المزيد من الأراضي المحتلة في الضفة الغربية والمستوطنات غير المعترف بشرعيتها في خطوة وصفها الخبراء والمحللون بأنها قد تؤدي إلى انهيار جهود السلام في المنطقة.

استنكار فلسطيني

وصرح وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، بأن بلاده تبحث الإجراءات القانونية للرد على خطوة “جوجل” و”أبل”.

من جانبها أدانت حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، قيام شركتي “جوجل” و”أبل” الأمريكيتين بحذف فلسطين من خرائطهما الدولية، واعتبرت ذلك انحيازًا للاحتلال الإسرائيلي.

وفي بيان لها، قالت الحركة: إن الإجراء تعد على الحق والعدالة، وانحياز للاحتلال والعنصرية الصهيونية، ومحاولة يائسة لن تغير من الحقيقة شيئًا، ففلسطين في وعي الشعوب والأمم باقية متجذرة لن تمحى بإجراء باطل منافق”.

وثمنت الحركة، موقف من وصفتهم بـ “النشطاء الأحرار” على مواقع التواصل، الذين عبروا عن رفضهم لهذا الإجراء الباطل، ونشروا خارطة فلسطين التاريخية على شبكات التواصل الاجتماعي، وأظهروا رفضهم التام للإجراء العنصري من قبل الشركتين.

تضامن الفنانين

أعرب عدد من الفنانين المصريين والعرب، عن غضبهم عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث غردت الفنانة المصرية شريهان، قائلة: “سلامًا لأرضٍ خُلقت للسلامِ وما رأت يوماً سلاما.. فلسطين”.

وتفاعلت الفنانة السورية نسرين طافش، مع الأزمة، من خلال نشر صورة لخريطة الوطن العربي ودولة فلسطين مزينة بالورود وعلقت عليها “على الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم االنهايات، كانت تسمى فلسطين، صارت تسمى فلسطين، سيدتي استحق، لأنك سيدتي، استحق الحياة”.

https://twitter.com/NESREENTAFESH/status/1284167849746010113

تبرير جوجل

من جانبها بررت شركة “جوجل” عدم وجود فلسطين على خرائطها بالسعي إلى عرض المناطق المتنازع عليها بموضوعية باستخدام خط حدودي رمادي منقط، وأضافت الشركة “لم يتغير نهجنا في تصوير المناطق على الخرائط، لافتة إلى أنها تحصل على المعلومات من المنظمات ومصادر رسم الخرائط عند تحديد كيفية تصوير الحدود المتنازع عليها.

دعم أمريكي

ويرى أحمد بلال، الكاتب الصحفي والباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني، أن قرار حذف اسم فلسطين من على الخرائط بالطبع له مدلول سياسي، فبعيدًا عن الحق العربي والفلسطيني في تلك الأراضي فإنه بموجب القرارات الشرعية الدولية إسرائيل لا تُسيطر على كل هذه القطعة من الأرض.

وأضاف:” فلسطين دولة معترف بها عالميًا وعضوًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليونسكو، وبالتالي أرى أن الأمر ليس مقتصرًا على قرار الشركات وحسب إنما هو قرار ورؤية دولة، فالشركات لا ترسم حدود الدول ولا تسلب الدول حقوقها وإنما هو قرار سياسي قامت به الشركات وهي تعلم أنه سيكون مدعوم من الإدارة الأمريكية ومن الكيان الصهيوني، وهذا القرار يأتي بالتزامن مع رؤية ترامب لتصفية القضية الفلسطينية”.

ويتابع: “جوجل تضمن أن هذا القرار سيمر مرور الكرام ولن تعترض الدول الرأسمالية ولذلك هذا القرار تم اتخاذه بكل سهولة”.

وأكد حامد جبر القيادي بحزب الكرامة، أن هناك اتجاهات سياسية تتعلق بالأراضي الفلسطينية والتعامل معها بمنطق أنها دولة الاحتلال الصهيوني، وأن هناك محاولات مستمرة لإجبار العالم العربي على نسيان قيمة الأرض والإنسان وأنهما ينتميان إلى بعضهما البعض وأخص بالذكر “الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وأضاف: “هناك توجه لاستغلال حالة الضعف التي انتابت الشعوب العربية بسبب السياسيات الاقتصادية والسياسات الاجتماعية التي أنهكت المواطنين بفضل تلك السياسات الخاطئة لحكامها وبالتالي هم يحاولون فرض أمر واقع على تلك الشعوب”.

جوجل والأزمة الفلسطينية

يشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يُحذف فيها اسم فلسطين من على خرائط جوجل، حيث أُثارت نلك القضية ضجة واسعة عام 2011، وهذا ما دفع منتدى الإعلاميين الفلسطينيين إلى إصدار بيان يدين الشركة الأمريكية آنذاك، وعلقت جوجل معترفةً بوجود “خطأ” في تسمية أجزاء من الخريطة ونسبتها إلى إسرائيل، نافيةً أن تكون قد وضعت اسم فلسطين على خريطتها سابقًا.

وقالت متحدثة “جوجل” حينذاك: “لم يكن هناك قط علامة فلسطين على خرائط جوجل، ولكن اكتشفنا خطأً أزال تسميات الضفة الغربية وقطاع غزة، ونعمل بسرعة لإعادة هذه الملصقات إلى المنطقة”.

وكذلك أثارت خطوة مماثلة عام 2016، ردود فعل غاضبة رافقتها حملة توقيعات لعريضة تطالب الشركة الأمريكية بوضع اسم فلسطين على خرائطها.