خلال زيارته الأولى للمملكة العربية السعودية الأسبوع المقبل، يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، في خطوة وصفت بأنها محاولة أمريكية لإضفاء الشرعية الدولية على المجلس الذي تسلم القيادة خلفا للرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي في أبريل الماضي.
ويجتمع الرئيس الأمريكي بمجلس الرئاسة اليمني لمدة 15 دقيقة لمناقشة تمديد الهدنة القائمة بين الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية وجماعة الحوثي المدعومية إيرانيا، بحسب مصدر دبلوماسي يمني مطلع.
ويشير المصدر إلى أن إدارة بايدن ستقترح على التحالف (الخليجي- اليمني) القبول بهدنة طويلة الأجل قد تمتد إلى 6 أشهر بعد انقضاء الهدنة الحالية التي ستنتهي في الثاني من أغسطس المقبل، لافتا إلى أن واشنطن تسعى إلى فرض تهدئة على الجبهة اليمنية لإتاحة الفرصة أمام تطور مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مع طهران، وهو ما تشجعه الرياض التي تعمل من جهتها على تبريد حدة الأزمة مع إيران تمهيدا لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد قطيعة دامت نحو 6 سنوات.
يأتي هذا فيما أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج اتفاق الأطراف اليمنية على فتح طرق تعز ومحافظات أخرى، وذلك بعد اختتام المشاورات مع وفد الحوثيين في العاصمة الأردنية عمان.
كما أعلن المبعوث الأممي عن تثبيت الهدنة القائمة بمناسبة العيد الأضحى المبارك وقال في بيان له: «يوافق ضباط الارتباط الممثلون للأطراف في لجنة التنسيق العسكري، على تثبيت الهدنة الحالية من خلال تجديد التزامهم بوقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه وتجميد الأنشطة العسكرية في الميدان».
ووجهت الرئاسة اليمنية بفتح طرق رئيسة في البلاد، لم تكن تتضمنها مقترحات فتح الطرق في مفاوضات الأردن، مع جماعة الحوثي. وبعد يوم من إعلان «الحوثي» فتح طريق (الخمسين الستين) في تعز، من جانب واحد، أعلنت، قوات الحكومة الشرعية، فتح طرق رئيسية في محافظتي تعز والضالع، وهي طرق هامة تختصر وقت التنقل بين مناطق البلاد.
وشهد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، قيام القوات المشتركة في الساحل الغربي بفتح طريق (المخا -البرح – تعز).
وكان مسئولون في الخارجية الأمريكية قد أكدوا أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة يعملون على تمديد الهدنة بين الأطراف المتنازعة في اليمن وتوسيعها وجلب اليمنيين إلى طاولة الحوار للبحث عن تسوية الصراع الذي لم يتوقف منذ عام 2015.
وتوقع المسئولون أن يكون اليمن من أبرز القضايا التي سيناقشها الرئيس بايدن خلال زيارته المرتقبة للسعودية، وفقا لما نقله موقع قناة الحرة الأمريكية قبل أيام.
ويعرب المسؤولون، عن أملهم في أن يقدم السعوديون في المرحلة المقبلة على تقديم التزام بتمديد وتوسيع الهدنة ودعم عناصرها وتقديم الدعم المالي الكافي لمجلس القيادة الرئاسي كي يستمر.
كما ترغب الإدارة الأمريكية، بحسب مطلعين على الملف اليمني، في رؤية فتح محطات أخرى لخطوط الطيران اليمنية، إضافة إلى عمان والقاهرة وتكثيف الرحلات، ومواصلة تدفق سفن النفط إلى الحديدة، وفتح طرقات أكثر داخل اليمن، وتوسيع الهدنة وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية. ويشعر المسؤولون بوجود انفتاح من قبل الطرفين حيال هذا الأمر.
وحول التسوية السياسية التي ترغب الولايات المتحدة في رؤيتها في اليمن، يأمل المسؤولون الأميريكيون في رؤية انخراط سياسي أكبر بين الحوثيين والحكومة اليمنية، وكذلك بين الحوثيين والسعودية حيث تنشط مؤخرا قنوات الاتصال بين الطرفين من أجل بناء الثقة.
ويشدد المسؤولون، أن الولايات المتحدة ستوفر الدعم الدولي لليمنيين لتحديد الخيارات التي يريدونها في ما يتعلق بتشكيل حكومة وحدة وطنية في مرحلة لاحقة. ولكن ما تتمسك به واشنطن بحسب المسؤولين هو عدم رؤية «القاعدة» و«داعش» يتجولون بحرية ويتوسعون في اليمن، وفرض حكومة توسع سيطرتها على الأراضي التي تشملها محادثات السلام في اليمن والحفاظ على حرية الملاحة، ورؤية اللاعبين الأجانب مثل إيران يفتحون سفارة في صنعاء ولا يكون لهم نفوذا على الحوثيين ولا وجود لحزب الله.
ويتحدث المسؤولون، عن توجه لدى الإدارة الأميريكية لجعل مصر منخرطة بشكل أكبر في المحادثات حول حل النزاع وإحلال السلام في اليمن، حيث أن لمصر تاريخ ومصالح في اليمن، وتريد الإدارة إشعار المصريين بأنهم جزء من اللعبة.
وكان بايدن قد أعلن في وقت مبكر من إدارته إن إنهاء الحرب يمثل أولوية قصوى، وهو تحول رئيسي وصحيح في السياسة عن أسلافه، وفقا لتحليل كتبه، بروس ريدل، بمركز سياسات الشرق الأوسط ومدير مشروع الاستخبارات بمعهد «بروكينجز».
ويرى الكاتب أنه من غير المرجح لم شمل اليمنيين في أي وقت في المستقبل المنظور، لكن يجب على الأقل استعادة وحدة أراضيها من القوات الأجنبية.
ويمكن للرئيس بايدن أن يشجع دول الخليج على بذل المزيد من الجهد لإعادة بناء البنية التحتية لليمن للمساعدة في التراجع عن أضرار الحرب، كما يجب أن يركز مشروع كبير على تحديث الميناء في عدن الخارج عن سيطرة الحوثيين.
واعتبر ريدل أن الحوثيين جزء صعب للغاية من المشكلة في اليمن على اعتبار أنهم معادون للولايات المتحدة ولديهم ارتباط وثيق بإيران وحزب الله وغالبا ما يكونوا عنيدين في المفاوضات.
ويرغب الخصمان الإقليميان (السعودية وإيران) في الوصول إلى تهدئة طويلة الأجل في اليمن وبدء حوار (يمني يمني) لبحث تسوية سياسية تنهي الصراع الذي قسم البلاد وأنزل بها كارثة إنسانية هي الأسوء في التاريخ الحديث، حتى يتسنى لهما تطوير محادثاتهما حول تطبيع علاقتهما الدبلوماسية.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد زار قبل أيام طهران محملا برسالة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بهدف استئناف المحادثات بين البلدين والتي ترعاها بغداد، «الكاظمي توج الحوارات السعودية الإيرانية الخمسة في بغداد برسالة مهمة نقلها من الرياض إلى طهران مفادها إعادة العلاقات بشكل رسمي بين الدولتين والمضي بفتح سفارتي البلدين وانتهاء الوساطة العراقية»، قال الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي لوسائل إعلام عراقية الأسبوع الماضي.
ورغم تعدد الملفات التي ستطرح على مائدة مباحثات بايدن وزعماء الشرق الأوسط، إلا أنها ترتبط جميعها بملف زيادة إنتاج النفط الذي تأثر بشكل كبير بالحرب الروسية في أوكرانيا، ويسعى الرئيس الأمريكي إلى إقناع دول الخليج بضخ كميات أكبر من البترول في السوق العالمي كما يحاول إنجاح المفاوضات النووية مع إيران لإدخالها مجدد إلى سوق النفط ما يساعد على تخفيف حدة الأزمة المتصاعدة.