كتب – عبد الوهاب شعبان:
التزم د. أيمن إبراهيم، رئيس جامعة بورسعيد، الصمت حيال أزمة كليات الحقوق بالجامعات الإقليمية حديثة النشأة، حين لاحت في الأفق تصريحات مسربة من المجلس الأعلى للجامعات، بشأن تخفيض أعداد المقبولين، بعد مقترح بإغلاقها نظير عدم كفاية أعضاء هيئات التدريس.
في عام 2016 أصدرت لجنة القطاع بالمجلس الأعلى للجامعات تقريرًا يحذر من فوضى إنشاء كليات حقوق جديدة بالجامعات الإقليمية المستحدثة بسبب انخفاض أعضاء هيئة التدريس، وعدم حاجة المناطق لكليات حقوق.
ورفض رئيس جامعة بورسعيد -إحدى الجامعات المعنية بأزمة كلية الحقوق- التعقيب على حاجة الكلية بجامعته لأعضاء هيئة تدريس. ولفت إلى أنه ينتظر قرار المجلس الأعلى المزمع صدوره في الخامس والعشرين من يوليو/تموز الجاري.
وقال في تصريح لـ”مصر360″: “إنه لا يستطيع تقييم جامعته، كونه منفذًا، وفقط، في حين أن التقييم بيد المجلس الأعلى للجامعات”.
بداية أزمة كليات الحقوق
يقول الدكتور إيهاب رمزي، أستاذ القانون بجامعة بني سويف، وعضو مجلس النواب، إنه يشعر بالأسى عندما يتذكر أزمة كليات الحقوق القائمة منذ 6 سنوات دون أن تسترعي انتباه وزير التعليم العالي -على حد قوله-، مشيرًا إلى أن المشكلة عميقة، وأن ثمة كليات أوقفت قبول طلاب الدراسات العليا لعدم وجود وكيل كلية للشأن ذاته.
يتساءل: “كيف تفتح كليات حقوق جديدة، وتقبل طلابًا دون وجود (عميد)، ولا مجلس كلية؟ التعليم منهار”.
ضرب أستاذ القانون مثلًا بـ”كلية الحقوق” -جامعة المنيا-، نافيًا تضمين هيئة التدريس رؤساء أقسام، خاصة القانون التجاري، والإداري، لافتًا إلى أن الكليات حديثة النشأة تعتمد على أساتذة زائرين.
هيئات التدريس بكليات الحقوق
تراكميًا، أدى استئثار الأجيال القديمة بكليات الحقوق على مستوى الجامعات الكبرى برئاسة الأقسام، ورفضهم قبول معينين جدد إلى بلورة الأزمة. حسبما يرى د. إيهاب رمزي، فإن عدم تعيين معيدين، وتعمد إغلاق باب التعيين منذ 15 عامًا تسبب في عجز بهيئات التدريس، ولجأت الكليات –وقتئذ- إلى استقدام أساتذة من خارجها، تحت ستار مجاملات في الاختيار، حتى أصبحت كليات الحقوق بلا أساتذة.
يضيف رمزي، في تصريحه لـ”مصر360″، أن الجامعات الخاصة “البريطانية، والألمانية” افتتحت ضمن خطتها كليات حقوق، تقبل طلابًا بتكلفة عالية. لكنها في الوقت ذاته تجذب طلابًا وافدين من البلاد العربية، وتؤثر سلبًا على وضعية الجامعات الحكومية التي أصبحت طاردة للوافدين.
شهادات على ورق والمحصلة صفر
عبر 6 سنوات من إصرار الجامعات الإقليمية على المضي قدمًا في تدريس “الحقوق” على أرضية انخفاض أعضاء هيئة التدريس، مقابل استقدام طلاب، أملًا في جذب الوافدين العرب، فوجئت الجامعات ذاتها بتحذير بعض الدول العربية طلابها من الدراسة بهذه الكليات المأزومة.
حيال ذلك، وصف أستاذ القانون -عضو مجلس النواب- مستوى شهادات الخريجين بأنها صحيحة علميًا-رديئة جدًا على الصعيد العملي. وحذر من استمرار هذا النهج التعليمي المفسد لطلبة الحقوق.
رمزي الذي استنكر غياب الأسئلة المقالية، التعبيرية عن امتحانات “الحقوق”، تساءل عن قدرة الطلبة -خريجي الجامعات الإقليمية المشار إليها-على كتابة مذكرات دفاع، وقد أمضوا أربع سنوات في أسئلة اختيار متعدد، و”صح أم خطأ”.
وأعرب عن دهشته إزاء صمت وزارة التعليم العالي طوال 6 سنوات عن الظاهرة، دون إصدار قرار جاد يوازي توصية تقرير لجنة القطاع.
تحرك المجلس الأعلى للجامعات
تخضع تجربة “كليات الحقوق” بالجامعات الإقليمية حديثة النشأة الآن لتقييم لجنة القطاع بالمجلس الأعلى للجامعات. وذلك تحت إشراف د.أنس جعفر. بمحاذاة التقرير المرتقب حول تقييم الوضع الراهن رفض الأمين العام للمجلس د.محمد لطيف الإفصاح عن أي خطوات عملية تجاه الكليات -سالفة الذكر- رغم تداول تصريحات عن مصدر بالمجلس الأعلى تقول بأن ثمة تخفيض في أعداد المقبولين بدءًا من العام المقبل.
وقال ردًا على اتصال هاتفي لـ”مصر360″: “إن ثمة متحدث إعلامي هو المنوط بهذا الأمر”.
على قائمة الجامعات المأزومة بـ”انخفاض عدد أعضاء هيئة تدريس كلية الحقوق” تتربع “المنيا، وأسوان، وبورسعيد”، وغيرها- حسب وصف د.إيهاب رمزي أستاذ القانون-. والذي يستشهد بأن ثمة جامعات أسندت عمادة كلية الحقوق لـ”أستاذ هندسة”. بينما وكيل الكلية “مدرس بالتربية الرياضية”.
طلب إحاطة
ويكشف أستاذ القانون وعضو مجلس النواب عن تقديمه طلب إحاطة بخصوص “وضعية كليات الحقوق” أمام لجنة التعليم بمجلس النواب، لمناقشته في دور الانعقاد المقبل. بينما يعرب عن أسفه حيال فقد مصر لقيمة السياحة التعليمية في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت قبلة الطلاب العرب. ويذكر بأن كلية الحقوق جامعة القاهرة خرجت رؤساء، وأمراء دول عربية.
يلفت رمزي كذلك إلى أن الجامعات المصرية أصبحت طاردة لطلاب مصريين، وليس للوافدين فقط، مشيرًا إلى أن أزمة أوكرانيا الأخيرة كشفت عن وجود 17 آلاف طالب مصري هناك، هذا غير تواجدهم مع جامعات بدول أخرى.
ودعا إلى ضرورة رقابة على جودة التعليم، ودخول الجامعات المصرية حيز المنافسة العالمية لأنها تمتلك نخبة من أفضل الأساتذة يتعرضون طوال الوقت لاستقطاب من جامعات عربية، وأوروبية.
الوضع المالي لأعضاء هيئات التدريس بكليات الحقوق
ترجع د.سوزي عدلي ناشد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الإسكندرية، أزمة هيئة التدريس بكليات الحقوق إلى استقالات المعينين الجدد فور التحاقهم بالهيئات القضائية، لأنها ذات مرتبات أعلى، وترقيات أفضل. فطريق عضوية هيئة التدريس طويل -على حد وصفها-، إذ يحتاج الباحث إلى دراسة لنيل درجة الدكتوراة، وأبحاث مضافة للترقي، وتعديل وضعه المادي.
تضيف: “إذا عينت الكلية 10 معيدين سنويًا، فإننا نتوقع استقالة 5 على الأقل من المتقدمين للهيئات القضائية”.
وإضافة إلى ذلك فإن أعضاء هيئة تدريس قدامى يغادرون للالتحاق بالوزارات، أو الهيئات الخارجية لتحسين الوضع المادي.
ولا تستنكر -سوزي ناشد- فتح كليات حقوق جديدة بالجامعات الإقليمية، لكنها في الوقت ذاته تطلب بتحسين الأوضاع المادية لأعضاء هيئات التدريس، وزيادة أعداد المعينين سنويًا بكادر مالي مقبول تفاديًا لاستقالات مبكرة.
ويدرس المجلس الأعلى للجامعات حاليًا إيقاف الدراسة بكليات الحقوق المستحدثة بالجامعات الإقليمية حديثة النشأة، أو على الأرجح تخفيض أعداد المقبولين، وفق تقرير ساخن للجنة القطاع يستهدف الحفاظ على وضعية كلية الحقوق.