كتب- عبد الوهاب شعبان
اكتملت قائمة المرشحين لانتخابات نقابة المحامين التكميلية على مقعد “النقيب”. ثلاثة وعشرون مرشحًا يتنافسون على خلافة النقيب الراحل “رجائي عطية”، بعد إغلاق اللجنة المشرفة على الانتخابات، باب التقديم في الساعة الخامسة من مساء الخميس الماضي.
لا مفاجأة في الأسماء المرشحة لشغل المقعد الشاغر؛ من بينهم “سامح عاشور، ومنتصر الزيات، وآخرون خاضوا معركة “مارس/آذار 2020” على مقعد “النقيب”.
ولأنها المرة الثانية في تاريخ النقابة التي تجرى فيها انتخابات تكميلية إثر وفاة نقيب المحامين، حيث كانت المرة الأولى منذ ما يقرب من خمسين عاما إبان رحيل النقيب مصطفى البرادعي عام 1970، فإن هذه المنافسة تجدد بعث غبارها بعد عامين فقط لتضع النقابة تحت مجهر الأحداث في صيف ساخن.
تضم القائمة حسب أسبقية المتقدمين خلال خمسة أيام اعتبارًا من السبت 16 يوليو كلًا من: “سامح عاشور، أشرف محمد فتح الباب، عبد الحليم علام، نبيل حسن عبد السلام، محمد رجب البرديسي، فرج عاشور محمود، أسامة درويش سنة، إبراهيم عبد المعبود، عمر هريدي، شادي طلعت، أحمد علي إبراهيم، علي محمد فتوح، محمد المنتصر الزيات، أحمد سعيد حلاوة، السيد أبوالعينين، فؤاد سعد، ياسر عبد اللاه، منشاوي غانم، عبد الحسيب محمد، ساهر علوان، هشام عياد، خالد حافظ، وفاطمة الزهراء محمد”.
تنحصر المنافسة -حسبما أفاد مراقبون لانتخابات المحامين “التكميلية”- بين أربعة مرشحين هم على الترتيب “سامح عاشور النقيب الأسبق، عبد الحليم علام مرشح جبهة الإصلاح ونقيب الإسكندرية، منتصر الزيات المرشح السابق في الانتخابات الماضية، ونبيل عبد السلام نقيب الإسماعيلية السابق”. على أن تستقبل اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة المحامين الطعون على المرشحين في الفترة من السبت، وحتى اليوم الثلاثاء “23-26 يوليو/تموز”. ويتم الفصل فيها بنهاية الشهر الجاري.
انتخابات المحامين.. بداية المعركة
في مرحلة ما بعد “رجائي عطية” الذي وافته المنية في السادس والعشرين من مارس/آذار الماضي أثناء مرافعة بمحكمة جنايات إمبابة، آلت قيادة النقابة لأقدم الوكيلين “مجدي سخى” طبقًا للمادة 142 من القانون. ولأن الفترة المتبقية للنقيب الراحل تزيد عن عامين، دعت النقابة العامة لإجراء انتخابات تكميلية في مدة لا تزيد عن ستين يومًا من تاريخ توليها. وأوصدت باب الطعن على إجرائها، خشية دخول النقابة في نفق الفوضى.
حين لملم الخاسرون في انتخابات “مارس 2020” أوراقهم، وأعادوا حسابات الكتل الانتخابية، ولعبة الحشد، بدأت مبكرًا، تحديدًا في شهر رمضان الماضي، اجتماعات رأب الصدع، ومحاولات تطييب خواطر الخصوم على موائد إفطار تداولتها محافظات الزخم التصويتي “الصعيد، والإسكندرية على سبيل المثال”. حسب مراقبين، فإن مياها جرت في نهر الأفول الانتخابي للخاسرين في الانتخابات الماضية عبر بيانات ساخنة، وحشود في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، عادت لتشعل صراعًا مكتومًا أطلقته وفاة “النقيب”.
حسابات عاشور وداعمو علام ومراهنة الزيات
بحسابات القوة دخلت “جبهة الإصلاح” الداعمة للنقيب الراحل على خط اجتماعات مكثفة للمرشح الأبرز سامح عاشور. وبين سعيه نحو استعادة المقعد، رأت الجبهة رغم إعلان حلها عقب فوز “رجائي عطية” تكرار التجربة، وتسمية مرشح لإثبات قدرتها على الحسم. بعدها أعلن “عبد الحليم علام”-نقيب الإسكندرية-ترشحه للمقعد، آخذًا في ثنايا إعلانه التلويح بداعميه في المجلس الحالي، وأنصار الجبهة بالمحافظات.
على طرف المعادلة الانتخابية راهن “منتصر الزيات” المرشح المحسوب على التيار الإسلامي داخل النقابة على نحو 15 ألف صوت انتخابي؛ هي حصيلته في انتخابات أجريت قبل عامين. وعلى أنها انتخابات الفرد الواحد منزوعة التربيطات الانتخابية مع مرشحي العضوية، مع ذلك فإن خللًا ما قد يربك حسابات الكشوف المتخمة بأصوات ربما ذهبت للصناديق تأييدًا لمرشح، أو عقابًا لمرشح آخر.
ولا تنفك المنافسة عن رابع أضلاعها المرشح “نبيل عبد السلام” – وهو أيضًا رقم 4 في كشوف المتقدمين للانتخابات التكميلية – بما يشغله حاليًا من موقع مقرر لجنة الحريات، وكونه نقيبًا سابقًا لمحامين الإسماعيلية. وقد سنحت له فرصة الخدمة العامة داخل النقابة العامة خلال عامين ماضيين. وتنامت خلالهما رغبة الصعود إلى مقعد النقيب في ظل انتخابات تحكمها بالمقام الأول كتل المحافظات، وفقط.
انتخابات المحامين.. صراع على كتل “المحافظات”
تتراجع فكرة التحالفات الانتخابية في الانتخابات التكميلية المزمع إجراؤها في الرابع من ديسمبر/كانون الأول المقبل بين 23 مرشحًا حتى الآن. ولحين الفصل في الطعون نهاية يوليو/تموز الجاري، أمام الكتل التصويتية بالمحافظات، فغن خريطة الكتل تخضع لحسابات “زرع” المرشح لأنصاره، وإمكانية “قطاف” المقعد في واحدة من استثنائيات”المحامين”.
ولأنه صراع “تكتل”، فإن صعودًا يشهده “عبد الحليم علام” المحسوب على جبهة الإصلاح. وهي تملك نحو 60 بالمائة من مقاعد مجلس النقابة العامة. كما تسيطر مناصفة مع “سامح عاشور، منتصر الزيات، نبيل عبد السلام” على نقابات فرعية ما بين نقيب، وأعضاء مجلس.
لا جدال- رغم سخونة المعركة على المقعد الأهم في انتخابات فارقة- في قلق المرشحين من ضعف حضور الجمعية العمومية في انتخابات الفرد. لكن رهانًا على كتلتي الصعيد، والوسط”القاهرة، الجيزة، القليوبية”، يفسح الطريق أمام تصاعد سخونة المنافسة، مضافًا إليهما كتلة القطاع العام “الإدارات القانونية بالوزارات، والهيئات”، على رأسها “البترول” التي تضم نحو 6 آلاف محام بالجمعية العمومية.
بهذه الخريطة تخرج النزعة الحزبية من مضمار السباق على مقعد النقيب.
كتلة الصعيد الأكثر تأثيرًا
حسب محللين فإن كتلة الصعيد –الأكثر تأثيرًا- موزعة بنسب على “سامح عاشور” المراهن على مسقط رأسه “سوهاج” إلى جانب “عبد الحليم علام”، و”منتصر الزيات” اللاعب على انتماءات أيديولوجية بمحافظات “الفيوم، المنيا، أسيوط”، في حين سيطرة “نبيل عبد السلام” على قطاع “الدلتا”-بحري-والذي يضم محافظات “الدقهلية، الشرقية”، ومدن القناة ذات الأثر التصويتي الأقل.
ويعتمد عبد الحليم علام مرشح جبهة الإصلاح، على تنوع إقليمي نظير دعم نحو 12 عضوًا بالمجلس الحالي موزعين على عدد من المحافظات ما بين “الدقهلية، دمياط، المحلة، القاهرة، الجيزة”.
وتصنف محافظة المنيا حسب خبراء على أنها المحافظة التي لن ترد أحدًا، أو على الأرجح “محافظة للجميع”. حيث تدعم بعض مناطقها على سبيل المثال “مطاي، العدوة، ملوي” سامح عاشور دعمًا كاملًا. في حين أن “أسيوط” مقسمة لاعتبارات الميول بين سامح عاشور، نبيل عبد السلام، منتصر الزيات، وآخرين ذي ثقل في العلاقات”.
وتقع “بني سويف” على خريطة المحافظات الأكثر سخونة في الانتخابات الراهنة نظير خصومة سامح عاشور مع عدد من النقابيين القدامى هناك، ومع سعيه لتفكيك الوضع، وإعادة بلورته، فإن ثمة تفتيتا قد يجري في الكتلة نظير انقسام متوقع على أرضية انتماءات سابقة.
وتركن محافظات الوجه البحري إلى ماضيها إلا في عدد من المدن، نظير شعبية عبر تعاقب السنوات لـ”سامح عاشور” الذي أمضى سنوات على مقعد النقيب. ذلك في مقابل سيطرة أعضاء جبهة الإصلاح على مجالس النقابات الفرعية هناك، بما يعني تعادل كفة الفريقين تقريبًا.
معركة خاصة بين “عاشور” وجبهة الإصلاح
أول المرشحين للمقعد الشاغر كان “سامح عاشور” المرشح الخاسر في الانتخابات الماضية. ويخوض معركته الحالية مستحضرًا ذاكرة خصومة أسقطته لصالح “النقيب الراحل” رجائي عطية. ولأن جبهة الإصلاح أقنعت الفقيه القانوني بالترشح أمام “عاشور”، فإنه لا يفتأ يفكر في تفادي ضربة موجعة في تجربتين متلاحقتين.
يسعى “عاشور”، الذي حصدت قائمته في الانتخابات الماضية عددًا من المقاعد في مجلس النقابة الحالي إلى الثأر. وهو يبحث توجيه ضربة موازية في مواجهة فردية توصف بأنها “وجهًا لوجه”.
بحسب جمال شمس الدين نقيب محامين أكتوبر، فإن “عاشور” يقلب في دفاتره القديمة. ويستعيد منذ فترة حشد مؤيديه للعودة إلى مقعده المفقود. إلى جانب زحف تدريجي لحصد مساحات مشتركة مع كتل جديدة.
شمس الدين أضاف، لـ”مصر360″، أن هذه الانتخابات الاستثنائية بنقابة المحامين لن تحسمها تحالفات بمعناها الدارج. لافتًا إلى أنها معركة فردية، لا مفاجآت بها إلا ترشح “فاطمة الزهراء” في اللحظة الأخيرة.
بمحاذاة اعتماد “عاشور” على أنصاره بالمجلس الحالي، فإن الجبهة – رغم إعلان تفتتها من جانب البعض – أعلنت عن شبكة عنكبوتية تسيطر على مقاليد الأمور في النقابات الفرعية، والمحافظات، تستدعي خلال لقاءاتها ذاكرة موقعة “مارس 2020″، وتذكر بمخالفات كشفها النقيب الراحل محسوبة على مجلس “عاشور”.
وتأتي على ذكر نقاط الضعف خطوة تنقية الجداول التي أقدم عليها “المرشح الحالي سامح عاشور” في فترة ولايته. وهي الخطوة التي فجرت غضب قطاع عريض من شباب المهنة، وجيل الوسط.
على صعيد متصل، قال مصدر قيادي بـ”جبهة الإصلاح” إن أعضاءها مسيطرون على مناطق تكتل بأكملها. ومن بينها على سبيل المثال “دائرة استئناف قنا” التي تضم “أسوان، قنا، والأقصر”. غير أن الأقصر بها أصدقاء بالمجلس الحالي لسامح عاشور، وعبد الحليم علام الذي يعد مرشحًا للجبهة.
ويرى ممدوح رمزي المحامي بالنقض أن “سامح عاشور استوعب درس الانتخابات الماضية”. لافتًا إلى تعرضه لتصويت عقابي خلال موقعة “مارس 2020″ أدى لإسقاطه. وأضاف لـ”مصر360” أن ثمة وضوح في رغبة “عدم اختطاف النقابة”. غير أن المحامين يعلمون الآن من القادر بالضبط على قيادة النقابة.
سيناريو “البطلان”
نحو سخونة الأجواء فيما بعد إغلاق باب الترشح لشغل مقعد النقيب، أحاط القائم بأعمال النقيب الانتخابات المزمع إجراؤها في سبتمبر/أيلول المقبل بسياج من التحصين القانوني خشية البطلان.
وحسبما أفاد محمود الداخلي عضو اللجنة المشرفة على الانتخابات بنقابة المحامين، فإن طعون البطلان ستذهب هباءً. لأن الدعوة إلى انتخابات تكميلية لم تصدر عن هيئة مكتب النقابة الحالي، وإنما عن طريق أكبر الأعضاء سنًا حسب القانون.
وهو ما يعني أن الدعوى المقامة ببطلان هيئة المكتب لا أثر لها في تأجيل الانتخابات التكميلية المقبلة.
وتشهد نقابة المحامين انتخابات تكميلية في الرابع من سبتمبر/أيلول المقبل تحت إشراف قضائي. ذلك بعد تواصل مع هيئتي النيابة الإدارية، و”قضايا الدولة” للإشراف. وتضم قائمة المرشحين 23 مرشحًا لحين الفصل في الطعون بنهاية يوليو/تموز الجاري.
يشار إلى أن النقيب الراحل رجائي عطية انتخب نقيبًا في مارس/آذار عام 2020، وأمضى عامين في موقعه، ورحل في السادس والعشرين من مارس/آذار 2022 مترافعًا أمام هيئة محكمة إمبابة.