“تم حظرك لمدة”، رسالة مُتكررة تعرض لها كافة مُستخدمي موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، لأسباب مُتعددة، كان أبرزها نشر ما يحض على التطرف أو توجيه خطاب يحض على الكراهية، الأمر الذي تطور لشبه مراقبة من التطبيق على حرية الكثيرين في الرأي والتعبير، حتى وصل الأمر إلى قمعهم وتحجيم قدرتهم على التعبير بآرائهم.
صالون السكري وحصار “فيسبوك”
يقدم الصحفي حسام السكري رئيس قنوات ياهو الشرق الأوسط سابقًا، ورئيس القسم العربي في تلفزيون “بي بي سي” سابقًا، برنامج عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تحت عنوان “صالون السكري”، وهو برنامج حواري له العديد من المتابعين في مختلف أنحاء العالم، وعادة ما يشتبك مع القضايا الخلافية المطروحة، مُستعرضًا وجهات نظر رصينة في كل منها.
حسام السكري، في البث الأخير لبرنامجه، ناقش مشكلته الخاصة مع موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، والتي عرض خلالها كارثة حقيقية تُهدد جميع المستخدمين خاصة أن سياسات الموقع الأزرق تحولت إلى وسائل لقمع حرية الرأي وتحث على التطرف بتجاهلها دعواته وفقًا لتوصيفه.
تعرض “صالون السكري”، للحظر 3 مرات متتالية خلال الأسابيع الماضية دون سبب واضح في هذا الشأن بل كانت جميعها سياسات وتعليقات لا أساس لها من الصحة وغير موضوعية ولازال البرنامج تحت الحظر.
ويؤكد السكري، أنه سيخوض معركته بالتعاون مع المتضررين من هذه السياسات القمعية خلال الفترة المقبلة لتحجيم تدخلات “فيسبوك” وحظره لحرية الرأي دون وجه حق، فضلًا عن الوقوف على الأدوار التي يلعبها موظفي هذا التطبيق العالمي على أرض الواقع وتجاهلهم للشكاوى المطروحة.
نشر خطاب الكراهية وقمع الحريات على “فيسبوك”
يوضح حسام السكري، أن هناك آلية لعمل “فيسبوك”، وسياسات لاستخدام القواعد من ناحية حماية الأفكار المختلفة، وحماية الأقليات وحماية الحريات، وتعددية الرأي والحد من خطاب الكراهية، إلا أن هذه القواعد يتم استخدامها بذكاء شديد ويتم التلاعب بها لنشر ما هو عكس تلك السياسات وعلى رأسها نشر خطاب الكراهية وإخلاء المجال له ويتم تحويل هذه القواعد والسياسات للهجوم على محاربي خطاب الكراهية وقمعهم باستخدام عدد من الأدوات في مقدمتها الحظر.
ويضيف السكري، أن إدارة سياسات “فيسبوك” أصبحت شديدة الخطورة لأن التضييق على مساحات الرأي وحرية التعبير جريمة، فضلًا عن وجود مؤشرات شبه مؤكدة على استحواذ صنائع الإرهاب والمتطرفين على الموقع، والتدخل في سياساته.
ولاء بكري أحد ضيوف “صالون السكري” من إنجلترا، أكد أن مصر أكبر دولة عربية مشتركة في موقع التواصل الاجتماعي بنحو 45 مليون مشترك وأن أكبر 4 صفحات “إسلامية” على الموقع من مصر، ويبلغ عدد متابعي الصفحات الأربع نحو 113 مليون متابع.
ويشير بكري، إلى أن “فيسبوك” وضع سياساته في نحو 25 صفحة وتم التأكيد من خلالها أن معايير الحظر تتم على أساس إشعار الغير بالدونية أو التقليل من الإنسانية، مؤكدًا أن قيام المؤسسات بعمل “الريبوت” له ثقله عند إدارة التطبيق ويأخذ في عين الاعتبار بحسب ثقل المؤسسة الشاكية وليس الأفراد وحدهم.
التطرف الديني على فيسبوك
حسام السكري، يؤكد أنه تعرض للحظر 3 مرات في وقائع تستلزم التفكير والمواجهة فالمرة الأولى من حظره جاءت قبل أسابيع والسبب كان مدهش لأنه يرجع لواقعة مر عليها نحو 3 أعوام مرتبطة ببوست قام بنشره عام 2017 تحدث فيه عن الشيخ سالم عبد الجليل الذي كان يتقلد منصب في وزارة الأوقاف وأثناء أحد برامجه على قناة أزهري تحدث عن أسامة بن لادن ووصفه بالشهيد بالإضافة إلى تقديسه له ولأعماله باعتباره محاربًا للأمريكان، هذا الشخص المصنف على أنه زعيم لمنظمة إرهابية والبوست الذي تذكرته إدارة “فيسبوك” فجأة بعد مرور 3 سنوات كان يتحدث عن هذه الواقعة وتم وضع المنصة بعدها تحت الحظر لمدة شهر كامل .
ويوضح السكري، أن الاجراء كان مرتبطًا بحديثه عن ظاهرة كانت قد انتشرت مرتبطة بحملة إعلانات للتبرع لبناء مساجد في أماكن بعيدة كالنرويج ونيوزيلاندا تقودها بعض الوجوه المشبوهة والمتطرفة والتي كان منهم الشيخ “ذاكر نايك” والمتهم في الهند بغسيل الأموال والممنوع في إنجلترا والهند وكندا وبنجلاديش، وتم توقيع غرامة عليه بقيمة 300 ألف جنيه إسترليني، في إنجلترا، ومنع من دولها في عام 2016، لأنه يبث خطابًا مثيرًا للكراهية وبمجرد التساؤل عن أسباب جمعه لهذه الأموال وأوجه صرفها بدأت حملة الريبوتات وتلاها الحظر.
ينوه السكري، إلى أنه بعد مرور أسبوعين طرق خلالها جميع الأبواب تم رفع الحظر وبمجرد أن قام بمشاركة صورة على صفحته بها فارس إسلامي يقاتل كل الأعداء فيمنيست والتنويرين واليهود والجهاديين والشواذ والملحدين والروافد وأشباه المسلمين، تم حظره بعد ربع ساعة فقط رغم أن الصورة الأساسية كانت موجودة لمدة 14 يومًا ووقتها كانت قد حصلت على 2000 مشاركة من آخرون، لافتًا إلى أنه شارك بوست لصديق يتحدث خلاله عن قبول الإسلام لبعض أصناف السباب والبذاءة في الدعوة للإسلام وتم حظره للمرة الثالثة.
إبراهيم أحد ضيوف برنامج “صالون السكري” من لندن، يقول إن هناك مبادرة قام بها ممثلوا 22 منظمة بتوجيه خطاب لإدارة “فيسبوك”، حول خطاب الكراهية الذي أصبح موجودًا في المنطقة الناطقة باللغة العربية، وهو ما قد يدفع البعض للانتحار وآخرون إلى توطين مشاعر الكراهية، مؤكدًا أن هناك نحو 17 ألف موظفًا يعمل في “فيسبوك” عبر العالم في تقييم ومتابعة تنفيذ سياسات الموقع، مشيرًا إلى أنه انعقد اجتماع مع بعض ممثلي إدارة التطبيق، وتعللوا بكثرة عدد الشكاوى ولكن عند سؤالهم عن وجود تدريبات خاصة بخطاب الكراهية والفئات المستضعفة أكدوا أنهم لا يقومون بهذا النوع من التدريب.
“فيسبوك” يتجاهل الشكاوى ويغلق بابها في وجه البعض
يشدد السكري، على أنه أثناء حظره الأول طرق أبواب جميع المسئولين عن “فيسبوك” وعلى رأسهم جاي روزين رئيس إدارة المنتجات والمصداقية في الموقع، وكذلك توكل كرمان عضو مجلس حكماء التطبيق، وعدد كبير من المُتعاملين مع إدارة الموقع، ولكنهم أكدوا أن تلك السياسات لحماية المُستخدمين من التطرف، لافتًا إلى أنه حاول تقديم شكوى ولكن “فيسبوك” أغلق تلك المساحة ولم يعد متاحًا له التظلم.
وأجمع ضيوف السكري، على أن “فيسبوك” مؤخرًا أغلق الباب في وجه الشكوى، وأن هناك رسالة موجودة تؤكد على ذلك “لا مجال لتقديم الشكوى”، وهو الأمر المخالف لجميع المعايير في مختلف التطبيقات.
شريف ناصر من نيويورك، أحد ضيوف برنامج “صالون السكري”، يؤكد أن التطبيق في النهاية يهدف إلى الربح فهو يحصل على نحو 30 دولار من كل فرد مشترك فيه حول العالم، كما أن صافي أرباحه العام الماضي بلغ نحو 5 مليار دولار، وحرية الرأي والتعبير ومناهضة خطاب الكراهية كلها أمور ثانوية بالنسبة له، فهو يبحث دائمًا عن زيادة عدد مستخدميه والإبقاء على ما يناسب الزوق العام به، وربما يطلق بعض الادعاءات لجذب مزيد من المشتركين.