150 من صيادي بحيرة المنزلة من أبناء المطرية بمحافظة الدقهلية -شمال شرق مصر-عاقبهم القضاء العسكري أمس الأول -بمحاكم المنصورة والإسماعيلية والإسكندرية- بالحبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ ومصادرة الشباك وأدوات الصيد.
كان معظم هؤلاء الصيادين قد تم حبسهم منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي بأوامر النيابة العسكرية. وذلك بدعوى وجودهم بمياه بحيرة المنزلة -المحظورة على المدنيين. فضلا عن ارتكابهم “جريمة الصيد دون ترخيص”. وذلك تطبيقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 294. والذي جعل القضاء العسكري مختصًا بالفصل في مخالفات وجرائم تقع في المياه والشواطئ والطرق المحيطة ببحيرات المنزلة والبردويل والبرلس وإدكو ومريوط وناصر.
إخلاء سبيل 66 صيادا
وبعد صدور الحكم أخلي سبيل 66 من المحكومين من النيابات العسكرية بمحافظتي الدقهلية وبورسعيد أمس. فيما لا يزال ينتظر الباقون إجراءات إخلاء سبيلهم.
الحكم الصادر ضد الصيادين أثار تخوفهم من القبض عليهم مجددا خلال رحلات صيدهم بنطاق بحيرة المنزلة.
يقول شيخ الصيادين بمريوط: “الصيادين قاعدين في البيت بقالهم أكتر من شهر خايفين ينزلوا البحيرة. حتي اللي معاه رخصة سليمة وكارنيه صياد خايف يمشي على طريق البحيرة. طيب نشتغلوا فين ومين يأكل عيالنا؟. وبعدين هو الصياد عمل إيه عشان يتحبس وعياله يتبهدلوا ويستلفوا عشان يكفوا مصاريف السجن والبهدلة؟ وهو أكل العيش والشغل الحلال بقى جريمة؟”.
ولنفهم الحكاية من أولها ففي يوليو/تموز الماضي ألقت شرطة المسطحات المائية على 60 صيادًا في الدقهلية. و26 في بورسعيد و39 في دمياط. جميعهم من أبناء المطرية. وتمت إحالتهم لمحكمة عسكرية.
وتم توجيه اتهامات لهم بالصيد دون ترخيص وعدم حيازة بطاقة صيد والعمل في نطاق المنطقة المتاخمة للحدود. والتي تخضع للأحكام العسكرية. ووفق القانون تسري العقوبة ذاتها على الصيادين العاملين بأي من البحيرات الأخرى حال مخالفتهم.
صياد بالمنزلة يقول: “شواطئ البحيرة والطرق اللي محاوطاها والدواخل ممنوع نمشي عليها. لأن كلها بقت تبع الجيش. واللي هيتمسك عليها هيتحال للمحاكم العسكرية”. وتساءل: “أين نذهب إذا كنا تقدمنا بشكوانا للرئاسة والبرلمان والاتحاد التعاوني وهيئة الثروة السمكية لإلغاء القرار؟”.
سكان المطرية 70% منهم صيادون
وتعد مهنة الصيد وتجارة الأسماك شريان الحياة لنحو 70% من سكان المطرية. وذلك لوجود مدينة المطرية على شاطئ بحيرة المنزلة. حيث يعمل نحو 25 ألف صياد بالمهنة. إلى جانب وجود نحو 5000 مركب شراعي تعمل داخل البحيرة. منها مراكب صغيرة وكبيرة.
أحمد جمال -من المطرية- خرج كعادته بحثًا عن رزق أسرته في صباح 3 يوليو/تموز الماضي. واتجه إلى بورسعيد للصيد. لكن تم ضبطه من قوات شرطة المسطحات لاتهامه بالصيد دون تصريح وحيازة غزل.
وجبة سبب الأزمة
مكالمة هاتفية من والدة “أحمد جمال” تطالبه فيها بصيد كابوريا لتعد الوجبة المحببة لعائلتها كانت سببًا في القبض عليه. تهرول العجوز وراء ابنها البكر إلى محافظة بورسعيد بعد القبض عليه هناك.
وتحكى السيدة “سهير” والدة “أحمد جمال” لـ”مصر 360″: “باتصل به أطمن فلقيته بيبلغني القبض عليه. استلفت فلوس من جيراني عشان أسافر له. وفضل محجوز شهور و4 أيام. ودي أول مرة يبعد فيها عني. كل دا عشان طلبت منه يجيب لنا شوية جمبري. مراته من حزنها عليه والله أجهضت طفلها التاني. والمحكمة صادرت عدة الصيد اللي تمنها 18000 جنيه مع وقف تنفيذ حكم حبسه”.
تطالب “أم أحمد” الجهات المعنية بالإفراج عن معدات صيد ابنها. خاصة أنه اشتراها “بالآجل” ولم يسدد ثمنها: “والله ابني ما كان يعرف شرط حيازة تصريح صيد. فبينزل البحيرة عادي من سنين زي أبوه وأعمامه ولم يعلم بالقانون الجديد. وبعد اللي حصل دا مش هنخليه ينزلها تاني البحيرة دي. بس نعيش منين؟”.
رمى الشهادة وراح اصطاد في المنزلة
“محمد الشرقاوي” -33 عاما صياد مقيم بمنطقة المطرية: “اتولدت صياد ماعرفش غير البحر”.
ورغم حصوله على شهادة دبلوم ترسانة بحرية شعبة محركات فإنه لم يعمل بها. وتخرج ليستكمل رحلته مع البحر.
6785 مركبا تعوم فوق مياه المنزلة
وتعد المنزلة أكبر بحيرة طبيعية مصرية. تبلغ مساحتها الكلية 125 ألف فدان. منها 70 ألف فدان بمحافظة دمياط.
والبحيرة هي المصدر الرئيسي للدخل بمركز المطرية وأحد أهم معالمها. ويبلغ عدد المراكب المرخصة في بحيرة المنزلة 6785 مركبا. منها 4349 مركبا في المطرية و1754 في دمياط و682 في بورسعيد.
ووفقا لإحصائيات حصل عليها موقع “مصر 360” فقد زاد إنتاج بحيرة المنزلة عام 2019. ليقدر بـ80038 طنا مقارنة بـ65113 طنا عام 2018. محققا زيادة قدرها 22.92%.
وقد تقلص حجم البحيرة نتيجه أعمال الردم والتجريف في مناطق كبيرة منها. فبعد أن كانت تطل على خمس محافظات أصبحت تطل الآن على ثلاث محافظات فقط.
حسن الملهاط -محامي صيادي المنزلة والمطرية– يقول لـ”مصر 360″: ” المتهمون الصادر بشأنهم حكم حبس 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ من أبناء محافظة الدقهلية. من مراكز المطرية والمنزلة والجمالية. وكلهم خرجوا كعادتهم في رحلات صيد”.
ووفقًا لـ”الملهاط” فالصيادون غير مسموح لهم بالعمل في مناطق البواغيز. حيث إن القرار الجمهوري يعتبر بحيرة المنزلة منطقة عسكرية. وبناء عليه تم إلقاء القبض على المتهمين ومحاكمتهم أمام القضاء العسكري على ذمة قضايا تحمل أرقاما 131 و132 و134 و136 لسنة 2022.
مطلوب محاكم مدنية للصيادين
ويرى “الملهاط” أنه من الضروري تعديل القرار الجمهوري الصادر عام 2019. أو الإبقاء على البند الأول منه مع إحالة المتهمين بارتكاب مخالفات للمحاكمة أمام القضاء المدني وليس العسكري. مع العمل على تعديل قانون الصيد الصادر من البرلمان المصري. والذي بات قاصرا على زيادة الغرامات والعقوبات للمخالفين، على حد تعبيره.
ويحظر قانون حماية البحيرات والثروة السمكية المصري استعمال مركب صيد بدون رخصة. كما حظر القانون استعمال أي مركب صيد دون ترخيص من جهاز حماية البحيرات والثروة السمكية مع حظر مزاولة أي شخص مهنة الصيد إلا إذا كان حاصلا على بطاقة صيد. وتحدد اللائحة التنفيذية بيانات بطاقة الصيد وشروط وإجراءات الحصول عليها.