أشار تقرير حديث بثته بلومبرج إلى أن تزايد الضغط على الاقتصاد المصري في الوقت الحالي. هو ما دفع أكبر البنوك في العالم إلى القول إن الحكومة المصرية “ستحتاج إلى زيادة إضعاف عملتها”، أي تحريك سعر الجنيه مرة أخرى.
وقال: برزت مرونة أكبر في التعامل بشأن الجنيه، حيث تتطلع الحكومة إلى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي. بينما يلفت كلا من دويتشه بنك DBKGn، وجولدمان ساكس، وسيتي جروب، إلى أن العملة المصرية لازالت “باهظة الثمن”. حتى بعد تخفيض قيمتها بأكثر من 15% في مارس/ أذار الماضي.
يوضح التقرير أن زيادة أسعار النفط والسلع أثرت بشكل كبير على مصر. التي تعد أحد أكبر مستوردي القمح في العالم، كما تضررت حركة السياحة، والتي تعتمد في غالبيتها على القادمين من روسيا وأوكرانيا. ولفت إلى “تسارع التضخم في المناطق الحضرية في مصر في يوليو/ تموز، بعد شهر من الهدوء. حيث أدى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والارتفاع المحلي في تكاليف الوقود، إلى مزيد من الضغط على المستهلكين”.
ولفت التقرير إلى أنه “قد يعطي رقم يوليو/ تموز البنك المركزي مزيدًا من الزخم لرفع أسعار الفائدة، عندما يجتمع في 18 أغسطس/ آب الجاري. وستتطلع الأسواق أيضًا إلى أي إشارات على أن البنك المركزي يستعد للسماح للعملة بالانخفاض أكثر. بعد أن قام المستثمرون العالميون بسحب مليارات الدولارات من سوق الدين المصري هذا العام.
اقرأ أيضا: لماذا ثبت البنك المركزي الفائدة على الجنيه رغم استمرار التضخم؟
في غضون ذلك، تتخذ الحكومة خطوات أخرى لدعم مواردها المالية. وتفكر مصر في الحصول على قرض بنحو 2.5 مليار دولار، وتجري محادثات مع بنوك إقليمية ودولية بشأن تفاصيل التمويل.
أيضا، يوفر التمويل من الخليج دعامة أساسية للاقتصاد المصري. بينما استحوذت وحدة من صندوق الثروة السيادية السعودي على حصص مملوكة للدولة في أربع شركات مصرية مدرجة في البورصة مقابل 1.3 مليار دولار، كجزء من التزام المملكة بتوجيه الموارد.
تثبيت سعر الفائدة
في يونيو/ حزيران الماضي، اتجه البنك المركزي المصري، في اجتماع لجنة السياسة النقدية، إلى تثبيت سعر الفائدة الرئيسية على الجنيه، عند مستوياتها -آنذاك- 11.25% للإيداع و12.25% للإقراض لليلة واحدة. رغم قرار البنك الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي بواقع 75 نقطة أساس إلى 1.75%، ضمن إجراءات لمواجهة التضخم.
وكشف البنك المركزي، في بيان، أسباب تثبيت سعر الفائدة، موضحًا أنه على الصعيد العالمي، اتسم النشاط الاقتصادي العالمي بالتباطؤ نتيجة استمرار الأزمة الروسية الأوكرانية. وقد أدت العقوبات التجارية المفروضة على روسيا وما نتج عنها من اختناقات في سلاسل الإمداد والتوريد إلى ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية، وكذا أسعار البترول والقمح. وفي ذات الوقت، تم تقييد الأوضاع المالية العالمية، حيث استمرت البنوك المركزية في الخارج في تشديد السياسات النقدية عن طريق رفع أسعار العائد وخفض برامج شراء الأصول لاحتواء ارتفاع معدلات التضخم في بلادهم، وبالإضافة إلى ذلك، تثير عمليات الإغلاق التي تم إعادة فرضها مؤخرًا في الصين مخاوف بشأن إمكانية تفاقم اضطرابات سلاسل الإمداد والتوريد العالمية.
ولفت إلى أن البيانات المبدئية تشير إلى استمرار النشاط الاقتصادي المحلي في التعافي خلال الربع الأول من عام 2022، وإن كان بوتيرة أبطأ، حيث سجل الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي معدل نمو قدره 5.4% مقارنةً بـ 8.3% خلال الربع الرابع من عام 2021. ويرجع هذا التباطؤ الى عدة عوامل أبرزها تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى تلاشي الأثر الإيجابي لفترة الأساس، والذي استمر خلال تسعة شهور.
خيارات قليلة أمام الجنيه
قبل أسبوع، أشار تقرير آخر لبلومبرج إلى أنه “من المحتمل أن تترك العملة -التي تقول أكبر البنوك في العالم أنها باهظة الثمن- لمصر خيارات قليلة إلى جانب السماح لها بالضعف أكثر.
وقال: برزت مرونة أكبر في سعر الجنيه، حيث تتطلع الحكومة إلى الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي. من وجهة نظر دويتشه بنك إيه جي، وجولدمان ساكس جروب إنك، فإن العملة مقومة بأعلى من قيمتها بنسبة 10%، كما تم قياسها من خلال سعر الصرف الفعلي الحقيقي، في حين أن شركة سيتي جروب لديها تقدير أقل بنسبة 5%.
وأكد التقرير أنه “تتزايد الحاجة الملحة للاقتصاد، الذي تبلغ قيمته 400 مليار دولار، على الرغم من انخفاض قيمة العملة بأكثر من 15% في مارس/ أذار. وألقى ارتفاع الدولار منذ ذلك الحين بثقله على عملات شركائه التجاريين، وغيرهم من أقرانهم من البلدان النامية. في حين تسببت صدمات الطاقة والغذاء من الغزو الروسي لأوكرانيا، في توتر الأوضاع المالية لمصر.
كذلك “يحتاج الجنيه إلى أن يضعف بنحو 23%، لمساعدة الاقتصاد على التكيف، وتقليص فجوة التمويل في مصر”. وفقًا لتقارير بلومبرج الاقتصادية.
وكتب زياد داوود، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في بلومبرج الاقتصادية: “قد يشعر صانعو السياسة بالقلق بشأن الآثار الجانبية لتخفيض قيمة العملة. مثل ارتفاع التضخم، وخطر الاضطرابات الاجتماعية. قد ينتهي الأمر بمصر إلى إضعاف عملتها، لكن بأقل مما يحتاجه الاقتصاد”.
وأوضح أنه “في انعكاس للضغط المتزايد على الشؤون المالية لمصر. انخفض صافي الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي إلى 33.14 مليار دولار في يوليو/ تموز، وهو أدنى مستوى منذ يونيو/ حزيران 2017”. لذلك، فإن التكهنات بأن صندوق النقد الدولي سيطالب بمزيد من المرونة في الجنيه -كجزء من الشروط المرتبطة بحزمة قروض جديدة- دفعت العملة أقرب نحو أدنى مستوى قياسي وصل إليه في عام 2016.
اقرأ أيضا: الجنيه المصري إلى أدنى مستوى في 5 سنوات.. ما خيارات المركزي لـ ”الإنقاذ”؟
المزيد من الانخفاض
يتداول تجار المشتقات أيضًا مزيدا من الانخفاض، حتى بعد أن سجل الجنيه 11 أسبوعًا من الخسائر في السوق الخارجية. وهي “أسوأ سلسلة متتالية للعملة المصرية منذ ما يقرب من عقد من الزمان”، وفق خبراء بلومبرج.
وأوضحوا أنه في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، كان العقد لمدة ثلاثة أشهر حوالي 21 جنيها لكل دولار. أضعف بنسبة 9% من السعر الفوري في الخارج.
قال محللو Citigroup بما في ذلك Lydia Rangapanaiken، في تقرير. إن المبالغة في التقييم “ينبغي أن تثير استياء صندوق النقد الدولي. الذي يبدو أن لديه شروط إقراض أكثر صرامة في معظم الأسواق غير السائلة”. وأوضحوا أن المستثمرين “استمروا في تسعير المزيد من التخفيضات في قيمة العملة”، في ضوء الانخفاض في صافي الأصول الأجنبية.
وقالت آنا فريدمان وكريستيان ويتوسكا، وهما من باحثي دويتشه بنك. في تقرير: “استمرار دورة التشديد سيسهم في تجديد اهتمام المستثمرين بالأسواق المحلية. ويمكن أن يخفف بعض ضغوط أسعار الصرف. نتوقع مزيدًا من الضعف في العملة. لكننا نتوقع المزيد من الانخفاض التدريجي في قيمة العملة، بدلاً من الانخفاض الحاد في قيمة العملة”.