في ورقة حديثة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي INSS. يوضح كلا من مئير بن شبات رئيس مجلس الأمن القومي السابق، ورئيس وفود إسرائيل لتوقيع اتفاقيات إبراهيم. وديفيد آرونسون، كبير مستشاري وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي السابق. أن اتفاقيات إبراهيم، بعد عامين من توقيعها. صارت تضم علاقات اقتصادية واسعة، واجتماعات سياسية رفيعة المستوى، وتطوير العلاقات السياحية، بين الدولة العبرية والموقعين أمامها.
تقول الورقة: بعد عامين من توقيع اتفاقيات إبراهيم التاريخية، ازدهرت العلاقات بين إسرائيل والدول الموقعة. في الوقت نفسه، فإن إمكانات هذه العلاقات لم تتحقق بعد، والتحديات لا تزال قائمة، ويجب على إسرائيل أن تلتزم بتعزيز الاتفاقات، وحتى توسيعها.
يلفت الكاتبان إلى أن اتفاقيات إبراهيم جاءت “بعد عدة أسابيع من الجهود الدبلوماسية السرية المتعجلة. في غضون أربعة أشهر من الإعلان، وقعت إسرائيل اتفاقيات دبلوماسية مع أربع دول. كان التقدم حتى الآن منهجياً وسريعاً، والصورة العامة متفائلة وواعدة. مع ذلك، هناك العديد من التحديات المتبقية، ولا يزال الطريق طويلاً قبل أن تتحقق إمكانات الاتفاقات بالكامل.
تشمل الاتفاقيات المجالات المدنية ذات الإمكانات الفعلية الكبيرة. مثل طريق تجارة بري بين إسرائيل ودول الخليج، مشاريع إقليمية، الطاقة والغذاء والماء، الصحة الرقمية والطب، والتعليم والثقافة. وينصح بن شبات وآرونسون القائمين على السياسة الإسرائيلية بـ “تعزيز وتوسيع إطار اتفاقيات إبراهيم. وعلى وجه الخصوص، ينبغي توجيه الجهود لتعزيز الاتفاقات القائمة من أجل منع الزخم السلبي وانسحاب البلدان من الاتفاقات”.
اقرأ أيضا: بعد اتفاقيات إبراهيم.. كيف زاد حجم التجارة بين العرب وإسرائيل؟
مكاسب إسرائيلية
منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم، فتحت إسرائيل مكاتب تمثيلي دبلوماسية في كل الدول الموقعة. الإمارات، والبحرين، والسودان، والمغرب. كما تعمل الخطوط الجوية والرحلات المباشرة بين إسرائيل وأبو ظبي ودبي والمنامة والدار البيضاء ومراكش. أيضا، أجرى الوزراء والشخصيات البارزة زيارات رسمية متبادلة، ووقعوا اتفاقيات تعاون في مجموعة واسعة من المجالات. بالإضافة إلى ذلك، قام رجال الأعمال بتحديد الفرص وصياغة نماذج مشتركة، كما تم إطلاق العشرات من المبادرات المدنية.
يقول بن شبات وآرونسون: أدت المشاريع الاقتصادية التعاونية، والاتفاقيات التجارية، إلى زيادة كبيرة في أرقام التجارة مع دول اتفاقيات إبراهيم. بما في ذلك الاستثمارات المباشرة بين الدول. كما ازداد الطلب على دراسة اللغة العبرية، حيث سجل الطلاب الإماراتيون والمغاربة في دورات وبرامج أكاديمية متقدمة في المؤسسات الأكاديمية ومعاهد البحث في إسرائيل.
وأضافا: كما جعلت اتفاقية الإعفاء من التأشيرة بين إسرائيل والإمارات، ومسار التأشيرات الإلكترونية للإسرائيليين الراغبين في زيارة البحرين والمغرب. رحلات الإسرائيليين إلى هذه الوجهات أسهل بكثير من الرحلات إلى نيويورك أو واشنطن.
علاوة على ذلك، تم توطيد وتوسيع العلاقات الأمنية بين إسرائيل ودول اتفاقية إبراهيم. حيث زار رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هذه الدول، وأقيمت المناورات المشتركة بشكل علني، وتمت تغطيتها على نطاق واسع في وسائل الإعلام المحلية.
وتابعا: إن اتفاقيات الشراكة الدفاعية ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ بقيادة أمريكية تبعث على تفاؤل كبير في دول المنطقة. في ظل القلق من هذه التهديدات، عززت الصناعات الدفاعية في إسرائيل علاقاتها واتفاقاتها في هذا السياق. لقد تجاوزت اتفاقات إبراهيم وتخطت العقبات السياسية والأمنية التي ولّدها الواقع الحالي. التزم قادة الدول العربية الذين وقعوا اتفاقيات مع إسرائيل بسياسة الاحتواء التي تبنوها فيما يتعلق بالاشتباكات في قطاع غزة عملية “حارس الأسوار” في مايو/ أيار 2021 ومؤخراً أثناء عملية “بزوغ الفجر” في الضفة الغربية.
مجالات التعاون
توضح الورقة أن هناك العديد من المكاسب الأخرى التي يمكن ضمها عن طريق اتفاقيات إبراهيم. منها، فتح طريق تجارة بري عبر -أو من- إسرائيل إلى دول الخليج. حيث “تعمل العشرات من الرحلات الجوية المباشرة اليومية على تعزيز التجارة وتسهيل تسليم البضائع بين إسرائيل ودول اتفاقية إبراهيم، ولكن على نطاق محدود. الشحن الجوي مكلف وغير مناسب للمنتجات الكبيرة جدًا أو الثقيلة. قوانين المقاطعة المطبقة سابقًا ضد إسرائيل والإمارات والبحرين منعت تسليم الشحنات عبر إسرائيل”.
وأضافت: لسنوات، اضطرت الدول الأوروبية إلى إرسال صادراتها البرية إلى الخليج عبر تركيا أو لبنان أو قناة السويس. الآن، وبعد أن تم إلغاء قوانين المقاطعة بعد اتفاقيات إبراهيم، فُتح الطريق أمام طريق تجارة بري فعال وأرخص من إسرائيل إلى الخليج.
وأوضحت أن “الطلب على حركة التجارة البرية -والذي يتزايد بالفعل- سوف يفرض توسيع البنية التحتية في نهر الأردن عند معبر الشيخ حسين الحدودي. هذه خطوة أساسية لتعزيز التجارة بين دول اتفاقية إبراهيم، ومن المحتمل أيضًا أن تساهم في الاقتصاد العالمي”.
كذلك، يطمح الإسرائيليون إلى تعزيز المشاريع الإقليمية بمشاركة مصر ودول الخليج. والتي “يمكن أن تحل بعض المشاكل الأساسية لقطاع غزة في البنية التحتية والاقتصاد، دون زيادة المخاطر الأمنية لإسرائيل”. مع التركيز على إمكانية أن تلعب الدولة العبرية دورا في تخفيف أزمات الطاقة والغذاء والماء. حيث تجبر الحرب في أوكرانيا العالم الغربي -وفي مقدمته الدول الأوروبية- على إيجاد مصادر إضافية للطاقة والغذاء.
يقول الكاتبان: يمكن لدول الخليج، خاصة بعد التقارب بين الولايات المتحدة والسعودية، وقبول محمد بن سلمان ولي العهد السعودي. أن تكون بلاده جزءًا من حل مشكلة نقص النفط. من جانبها، تعتبر إسرائيل مُصدِّرًا محتملاً للغاز الطبيعي. يمكن لاتفاقيات توريد الغاز والشحن أن تضمن حلولاً لأوروبا في هذه المجالات الحرجة. كما تمتلك المعرفة والخبرة الإسرائيلية بدائل اللحوم عالية البروتين. وبالمثل، يمكن إنشاء مصادر بديلة للقمح في البلدان الأفريقية -من بينها السودان- مع المعرفة التكنولوجية والزراعية من إسرائيل والإمارات والمغرب.
اقرأ أيضا: اتفاقيات إبراهيم.. ورقة إسرائيل الرابحة للسيطرة على إدارة بايدن
السعي إلى التطبيع
تشير الورقة الصادرة من معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن جائحة كوفيد 19 سلطت الضوء على أهمية التعاون بين دول العالم في المشاريع المنقذة للحياة. “أثبتت إسرائيل نفسها كقوة في كل من الصحة العامة والتكنولوجيا الطبية. تشجع تحديات الصحة العامة -بما في ذلك مخاطر الأوبئة المستقبلية والفرص المتاحة في مجال الذكاء الاصطناعي- المشاريع التعاونية والعلاقات الممتدة على جميع المستويات”.
وبالنسبة إلى التعليم والثقافة، يؤكد الكاتبان أنه “يجب تعميق وتوسيع المبادرات التربوية والثقافية. من أجل تعزيز المفاهيم الأساسية التي تدعم السلام، وتضعف الآراء الانفصالية، والأفكار المتطرفة. من المهم تعليم قيم التسامح وحرية الدين والتعايش في جميع المجالات، الفن والرياضة والسينما وغيرها.
أما عن التطبيع، يقول بن شبات وآرونسون: الحكومات تأتي وتذهب، ولكن شعوبها باقية. لذلك، من الضروري بناء دعم شعبي للتطبيع مع إسرائيل بين سكان كل دولة من دول اتفاقية إبراهيم. بما في ذلك إنشاء أساس للشرعية الدينية والشعبية للعلاقات مع الدولة اليهودية. المغرب هو البلد الطبيعي لبدء هذا -أو بشكل أكثر دقة لمواصلة ذلك- بالنظر إلى الموقف التقليدي للعرش المغربي تجاه الثقافة اليهودية والمجتمع اليهودي. من المهم أيضًا أن يشعر العرب المسلمون من دول الاتفاقية بالترحيب في إسرائيل. ويشعرون أنه يمكنهم الاستفادة من المجتمع الحر، والعلاقات السلمية بين الأديان.
يلفت الكاتبان كذلك إلى أنه “من المهم دعوة السودان وتشاد -اللذان تم إهمال مكانتهما بين دول الاتفاقية- للمشاركة في كل منتدى ومجموعة عمل في إطار اتفاقيات إبراهيم. من المهم أن ينعم هذان البلدان أيضًا بثمار السلام وقرارهما تطبيع العلاقات مع إسرائيل. خلاف ذلك، قد يظهر زخم سلبي. وينطبق الشيء نفسه على كوسوفو -الدولة الأوروبية ذات الأغلبية المسلمة- والتي أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل، وفتحت سفارة في القدس.