لسنين وأنا صغيرة كنت بشوفني وحشة، والانطباع أو الإحساس دا ناتج من إني من عيلة البنات فيها كتير والغالبية بتتبع معايير الجمال الشائعة، الشعر الناعم الطويل، البياض، الطول والجسم المليان بس مش التخين، سماري وشعري الأكرت حسب الوصف، مع مصمصة الشفايف والهمز واللمز علي إني طالعة وحشة لمين، خلوني معنديش أي ثقة في شكلي، ودا حرمني من كل صور الطفولة، بابا اللي كان مجنون تصوير صورنا كتير، لكني كنت باخد الصور وأقطعني منها.
الكلام عن إن الجمال جمال الروح، لما نقوله لحد طول الوقت بنقوله إن شكله وحش، بيبقي كلام فاضي وملوش معنى، لأننا بالأساس غرسنا جواه إنه مش حلو بس معلش نصيبنا وراضيين بيك.
يمكن كنت محظوظة عن بنات تانية إن عندي شوية مهارات ومواهب، وأنا مش شخصية اكتئابية فانشغلت بهواياتي ومهاراتي، ودا انعكس في تفوق دراسي، ومحاولات كتابة أدبية من ابتدائي.
بعد الجامعة حظي السعيد رزقني بمصور صورني صورة رضيت عن شكلي فيها، وفضلت أطبع من الصورة دي سنين.
انضميت للمجتمع في اعتماد معايير الجمال اللي أصلا ملهاش جذور في عينيا، غير إننا طول الوقت كنا بنبص علي الأجانب علي اعتبار إنهم أجمل وأحلى.
حاولت انعم شعري، وفي المحاولات دي شعري ضعف وما بقاش بيطول، لغاية ما زهقت إني أحسن شكلي وقلت خلاص أديني راضية، وكويس إن ربنا رازقني بحاجات تانية حلوة.
شغلي فى الميديا كان دايمًا ورا الكاميرا وكنت أوقات كتير ببقى عيني علي الكادر، وفي كل مرة بندهش جدًا، من تكوين الصورة ودرجة اللون، أبص في الكادر وابص للواقع والاقي اختلافات وحاجات أنا شايفاها بس مش باينة في الكادر، وبدأت اخد بالي من فكرة زاوية الكاميرا اللي هي زاوية الرؤية.
ياه سنين مرت من عمري فى جهل وضلمة، حرمت نفسي من ذكريات الطفولة بس لأنني التزمت زواية رؤية مش بتاعتي وما تخصنيش.
للدرجة دي إحنا ممكن نسجن نفسنا في وجهة نظر الآخرين، ونضيع عمرنا فى أراء مش حقيقية؟
زواية الرؤية اللي احنا طول الوقت بنقولها وجهة نظر، هي أمر مهم جدًا، وهي كمان إشارة إنه مفيش حقيقة واحدة ولا حقيقة كاملة، اللي عيني شايفاه مش بالضرورة إن عين تانية تشوفه، واحنا الاتنين عندنا جزء من الحقيقة.
يمكن أكون مش جميلة في عين بعض الناس، واكون فاشلة في عين ناس تانية، ومتوسطة في عين ناس تالتة، لكن الحقيقة الفعلية إن الإنسان عمره ما بيتقدم طول ما بيشوف نفسه بعيون غيره، الناس اللي راضية عنك النهاردة، ممكن بكرة يتغير رأيها، والميزة اللي كانت فيك ممكن تبقي عيب، والعيب ناس تانية تشوفه ميزة.
الدوران حوالين صورتنا في عيون الناس بيتوهنا، وبيجعلنا مشوهين، ومش حقيقيين، بيجعلنا مجرد إنعاكس لوجهة نظر شخص عاير كنا بنقدره وبنحبه لوقت معين.
الأستاذة رجاء الجداوي الله يرحمها قالت مرة في حديث تليفزيون مفيش حاجة اسمها موضة فيه حاجة اسمها يليق لي ولا لأ، الكلمة دي منورة في دماغي طول الوقت، فيه حاجة تليق لي أو لأ.
كل واحد فينا وهو ماسك موبايله بيلقط صورة بيقعد يحرك الموبايل علشان يلاقي أحلي كادر، فانت دور بنفسك علي صورتك الحلوة وثبتها، مفيش حاجة وحشة ولا حاجة حلوة، مفيش حاجة مطلقة، دايما الأمور نسبية، هو حلو لو قارنته بإيه ووحش لو اتقارن بإيه.
أزمتنا واللي بتضيع علينا فرص الحياة إننا بنلتزم بوجهة نظر الناس، وشوية بشوية بنفقد ثقتنا فى نفسنا، ونصبح مجرد كوباية زجاج تظهر اللي الناس بتملاه فيها، الناس اللي بتعيش حياتها كدا هما اللي بيكونوا وحشين، وثقتهم معدومة في نفسهم، ومع كل حاقد ولا حاسد يهز الثقة زيادة تلاقيهم بيبهتوا أكتر.
الحلو أو الحلوة هو اللي بيقرر من جواه إنه حلو، والناس في الغالب هيعاملوك زي ما بتشوف نفسك، فحاول تشوفها صح.