تصريحات مهمة خص بها الدكتور فخري الفقي، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، “مصر 360” حول تقديراته لأحوال الاقتصاد المصري وموعد صرف قرض صندوق النقد الدولي. وأهميته خلال المرحلة الحالية. وذلك في حديثه المطول للموقع. والذي تطرق خلاله إلى توقعاته حول سعر الدولار خلال الفترة المقبلة. والشركاء الذين تعتمد عليهم مصر لدعمها في المرحلة الحالية من العرب والأفارقة والأوروبيين.
بداية. كشف رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب عن أن التفاوض المصري على قرض صندوق النقد الجديد “صعب ومعقد”. نظرا لمحاولتنا التقدم ببرنامج يشمل إصلاحات اقتصادية جديدة. فضلا عن معالجة تشوهات هيكلية في جسم الاقتصاد المصري وسد الفجوة التمويلية خلال العام الحالي.
وأكد أنه سيتم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد خلال شهر من الآن. وأنه “يعتقد أن يتم ذلك علي هامش اجتماعات الخريف السنوية لكل من الصندوق والبنك الدوليين التي ستعقد 10 أكتوبر/تشرين الأول ولمدة اسبوع بواشنطن بعدها سيتم صرف الشريحة الأولى من قرض الصندوق.
قرض “النقد” 8 مليارات دولار على دفعات
وأوضح الفقي أن إجمالي ما سوف تحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي قد يصل إلى 8 مليارات دولار. وتفصيلها كالتالي: من 5 لـ7 مليارات سنحصل عليها من نافذة تمويلية في الصندوق تعرف بتمويل الصندوق الممدد. وهي متعلقة بالاقتراض العادي والطبيعي لجميع الدول. وحصتنا في الصندوق تسمح باقتراض هذا المبلغ من تلك النافذة. وأن هناك نافذة تمويلية أخرى جديدة في الصندوق يجري استحداثها خصيصا لمساعدة الدول التي تعثرت بسبب تداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية تعرف بتمويل الصلابة والاستدامة. وأنها ستكون جاهزة بنهاية عام 2022.
وأشار الفقي إلى أن الصندوق سبق وأن قام باستحداث نافذة تمويلية لمعاونة الدول على تخطي آثار فيروس كورونا. وأنه رأى الآن ضرورة لاستحداث نافذة تمويلية جديدة بسبب تداعيات حرب روسيا-أوكرانيا. والتي يمكن من خلالها أن تحصل مصر على نحو مليار ونصف المليار دولار.
واستطرد رئيس لجنة الخطة والموازنة أنه حال حصلت مصر على قرض الـ8 مليارات من الصندوق فسيكون ذلك عن طريق “برنامج تمويلي ممدد”. بحيث لن يتاح أمامنا الحصول على المبلغ كاملا دفعة واحدة. وإنما على دفعات نصف سنوية على مدار 3 أو 4 سنوات. وربما يتفهمون ما تمر به مصر من ظروف اقتصادية وتكون الدفعة الأولى ضخمة وأكبر من باقي الدفعات.
حقوق مصر في سحب قرض “النقد”
وأكد رئيس موازنة النواب أنه في أعقاب أزمة روسيا-أوكرانيا وتأزم الوضع الاقتصادي العالمي وجدت مصر أنها في حاجة إلى أن تمارس حقها كعضو في الصندوق. وذلك عبر الحصول على تمويل ثالث لمعالجة الاختلالات المالية.
وحرصت مصر أن يعكس سعر الصرف للعملة المحلية قيمتها الحقيقية. وأن يكون عجز الموازنة في الحدود التي تملك الحكومة تمويلها. مع إجراءات للسيطرة على الدين العام. وأن إعداد هذا التصور استغرق قرابة عام ونصف العام قبل التقدم به.
وأوضح أن هناك قواعد حاكمة في الصندوق لمنح القروض. فلدينا حصة عضوية حالية تقدر بـ2.8 مليار دولار. وهي حصة تكون مقومة بـ”حقوق السحب الخاصة”. وهي الوحدة الحسابية المعتمدة من الصندوق.
وبالنظر لإجمالي ما اقترضناه حتى الآن فهو يقدر بـ20 مليار دولار. وهو ما يعادل “7 أمثال” الحصة المصرية. والمتوسط المتعارف عليه هو اقتراض ما يعادل 4 أمثال حصتك فقط. ونظرا للسجل الجيد لتعاملات مصر السابقة في التعاون مع الصندوق سمحوا لنا بالوصول إلى ما هو أكثر من 4 أمثال حصتنا. وهنا نذكر أن الأرجنتين قد اقترضت 10 أمثال حصتها المودعة في الصندوق.
معيار اطمئنان اقتصادي
هناك معيار نطمئن منه على الوضع الاقتصادي المصري -بحسب الفقي- وهو حجم الأموال التي لدينا ونستطيع من خلالها التعامل مع الواردات. وأكد أن ما لدينا من اعتمادات يسمح بغطاء 4 أشهر ونصف الشهر واردات مستقبلية. وهو أعلى بكثير من حد الخطر (3 أشهر). ولكننا كنا قد وصلنا إلى نحو 7 أشهر واردات قبل الأزمة الحالية. وهو مستوى مريح لأي اقتصاد في العالم. لذا نحن نسعى للتوصل إلى صيغ تطمئن الصندوق على قدرتنا على الوفاء باحتياجاتنا. وهو السر وراء طول الفترة المستغرقة في المفاوضات مع وفد الصندوق للحصول على قرض تمويل البرنامج.
وواصل: “لدينا عجز يقارب 22 مليار دولار. وقرض صندوق النقد الذي يتطلب مفاوضات موسعة ونقاشات مستفيضة لن يتجاوز 8 مليارات دولار. سيتم صرف دفعات من النافذة التمويلية العادية والنافذة المستحدثة لظروف الحرب الروسية. وسيتعين علينا أن نقوم بتدبير الباقي من مصادر متعددة. وهو 15 مليار دولار إضافية. وهنا سيتدخل الصندوق أيضا ليقود مهمة مساندة مصر في الحصول على التزامات عدد من الدول والمؤسسات المالية (شركاء التنمية) بملء باقي الفجوة التمويلية. وهي أطراف تنتظر موافقة صندوق النقد الدولي على ما طرحته مصر من برنامج للإصلاح الاقتصادي لتقوم بالمساعدة هي الأخرى”.
وأوضح الفقي: قد نطرق باب شركاء التنمية. ومنهم البنك الدولي والبنك الأوروبي للإعمار والتنمية والبنك الأفريقي للتنمية. ونحن ثاني أكبر المشاركين فيه. وصندوق النقد العربي. بخلاف ما سنقوم بتدبيره أيضا من دول عربية. بحيث نحصل من 15 إلى 17 مليار دولار. بجانب قيمة القرض. وذلك من أجل تغطية الفجوة التمويلية للاقتصاد المصري.
الدولار لن يتخطى 20 جنيها
وفيما يخص التحرير الكامل لسعر صرف الجنيه قال “الفقي”: “لا أعتقد أن يكون هناك تحرير كامل لسعر الصرف. ولكن هناك محاولات لإقناع وفد الصندوق باستمرار البنك المركزي المصري في سياسته الحالية بتحريك سعر الصرف تدريجيا. مع قيام الصندوق بصرف الشريحة الأولى من القرض حتى لا يتسبب ذلك في تفاقم معدلات التضخم فوق ما هي عليه بسبب التضخم. مشددا على أن التهويل الزائد في هذا الأمر قد يكون له أثر سلبي أشبه بمن يقوم بـ”تحضير العفريت”.
وتابع: “أرض الواقع تقول إن الدولار حتى بعد صرف قرض الصندوق لن يتخطى 20 جنيها. فلا داعي أبدا لما تم ذكره في بعض القنوات الفضائية من أنه سيصل 30 جنيها. وأن رغيف الخبز سيصبح بـ4 جنيهات. هذا كلام عار تماما عن الصحة”.
يشار إلى أن هناك أشواطا من المفاوضات قطعتها مصر منذ أسابيع للحصول على قرض جديد من صندوق النقد. وذلك بعد انتهاء جولة مشاورات ومباحثات فنية بين بعثة من الصندوق والحكومة المصرية للتباحث بخصوص برنامج تمويلي جديد.
وبحسب متحدث الحكومة -نادر سعد- فإن المشاورات بين مصر وصندوق النقد الدولي مستمرة في الأسابيع القادمة للتوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الجانبين.
وكانت مصر قد حصلت على مدار السنوات الماضية على 3 قروض من صندوق النقد الدولي. وذلك على مدار 6 سنوات. الأول في عام 2016 بقيمة 12 مليار دولار لتمويل برنامج للإصلاح الاقتصادي. والثاني بقيمة 2.77 مليار دولار لمواجهة تداعيات جائحة كورونا. وأضافت مصر بعده قرضا ثالثا بقيمة 5.2 مليار دولار ضمن برنامج الاستعداد الائتماني.