في زيارة لم تشهد اهتمامًا إعلاميًا في أول أغسطس/آب الجاري زار رئيس دولة فيجي وليام كاتونيفيري مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء. وكانت زيارة أخرى للرجل سبقتها إلى إسرائيل دون اهتمام إعلامي أيضًا. لكن تلك الزيارة تطرح بعض الأسئلة. خاصة أن دولة فيجي لا تتجاوز مساحتها 18.3 ألف كم2 ولا تربطها علاقات اقتصادية مع مصر أو إسرائيل.
وبعد بحث صغير أجريناه اكتشفنا أن دولة فيجي الصغيرة يُشارك من جنودها في قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في سيناء وإسرائيل ما نسبته أقل من 20% من القوات البالغ عددها 1154 فردًا.
ووفقًا للبيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني لقوات حفظ السلام يبلغ عدد أفراد دولة فيجي العسكريين في سيناء نحو 170 فردًا. وتأتي في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة التي تُشارك بـ452 فردًا ثم كولومبيا بـ275 فردًا.
كيف نشأت؟
خلال الفترة التي سبقت توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في مارس/آذار 1979 أدركت البلدان الثلاثة مصر وإسرائيل والولايات المتحدة صعوبة الحصول على موافقة مجلس الأمن لنشر قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة في سيناء.
لذا وفي يوم توقيع المعاهدة في كامب ديفيد وعد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في وثيقة باتخاذ بلاده خطوات لضمان إنشاء قوة بديلة متعددة الجنسيات. حال فشل الأمم المتحدة في إتمام دورها في مراقبة الحدود بين مصر وإسرائيل.
وفي يوليو/تموز 1979 انتهت ولاية قوة الطوارئ الثانية الدولية التابعة للأمم المتحدة “UNEFI”. فيما لم تنظر الأمم المتحدة في تفويض جديد لهذه القوات في سيناء. وذلك رغم نص معاهد السلام المصرية الإسرائيلية على دور لقوات الأمم المتحدة في عملية الانسحاب التدريجي.
وعلى الفور وافقت الولايات المتحدة على أن تتولى بعثتها الميدانية الموجودة في سيناء. والتي كانت مشاركة في قوات الأمم المتحدة المنتهية ولايتها. عملية الانسحاب الإسرائيلي من سيناء.
وخلال العامين التاليين بُذلت مجهودات كبيرة من جانب الولايات المتحدة لحض الأمم المتحدة على توفير قوة حفظ سلام في سيناء. لكن في 18 مايو/أيار أعلن رئيس مجلس الأمن الدولي عدم قدرة الأمم المتحدة على إنشاء قوة حفظ سلام في سيناء.
من يدفع؟
وعلى هذا الأساس وبعد مفاوضات عقدت مصر وإسرائيل والولايات المتحدة اتفاقًا لإنشاء قوة حفظ سلام خارج إطار الأمم المتحدة. وفي أغسطس/آب 1981 وقعت البلدان الثلاثة على اتفاقية لإنشاء قوات دولية على أن تتحمل البلدان الثلاثة التكاليف المالية لإنشاء هذه القوة. إضافة لبعض المساعدات التي تتلقاها من بلدان مختلفة.
وسميت الاتفاقية المنشئة لتلك القوة الدولية “بروتوكول روما”. حيث يوجد المقر الرئيسي للقوات الدولية الموجودة في مصر وإسرائيل. فضلاً عن وجود مقرين إداريين للقوة واحد في القاهرة والآخر في تل أبيب.
ووفقًا للمواد 24 و25 و26 من اتفاقية إنشاء القوة الدولية التي أطلق عليها MFO تتحمل مصر وإسرائيل والولايات المتحدة نسبا متساوية لتحمل تكاليف هذه القوات. والتي بلغ عدد أفرادها عند إنشائها نحو 2690 فردا عام 1982. إلى أن وصلت حاليًا في 2022 إلى 1154 فردا.
وبعد مراجعة الميزانيات المالية المخصصة المنشورة للقوة الدولية دفعت مصر منذ عام 2000 إلى 2021 نحو 482.72 مليون دولار. وإسرائيل والولايات المتحدة تحملتا تلك المبالغ نفسها تقريبًا. لكننا لم نتوصل إلى حجم المبالغ المصروفة على القوة الدولية قبل عام 2000.
وتكشف الميزانيات تدرج حدث في المبالغ المالية التي تتحملها كل دولة، ففي عام 2000 كانت مصر تتحمل حوالي 16.35 مليون دولار ومثلهم لإسرائيل والولايات المتحدة كل على حدة. وفي عام 2010 ارتفع المبلغ بنسبة 34.6%، حيث بلغ 24.98 مليون دولار لمصر وحدها ومثلهم لكل من إسرائيل والولايات المتحدة.
ومنذ عام 2011 وحتى 2021، لم يزد المبلغ الذي تدفعه البلدان الثلاثة عن 25 مليون دولار كلا على حدة، إلا في عامين حيث ارتفع المبلغ إلى 26 مليون دولار، وذلك كان في عامي 2016، و2017.
وخلال تلك السنوات أيضًا ارتفعت الميزانيات المُخصصة للقوة الدولية سنويًا.
ففي عام 2000 كانت نحو 49 مليون دولار حتى بلغت في 2021 أكثر من 78 مليون دولار بقليل.
وتُشارك أيضًا بعض الدول في تحمل التكاليف المالية لكن بمبالغ لا تُمثل أكثر من 10% من المبالغ المصروفة على القوة الدولية متعددة الجنسيات سنويًا. وعلى رأسها ألمانيا واليابان.
المهام
تتمثل مهمتها في الإشراف على تنفيذ الأحكام الأمنية لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. فضلاً عن منع أي انتهاك لبنودها. كما تنص المادة الثانية من الملحق الأول لمعاهد السلام على 4 مناطق أمنية. منها ثلاث في سيناء وواحدة في إسرائيل على طول الحدود الدولية.
وبحسب معاهدة السلام واتفاقية روما لإنشاء القوة الدولية يتم تشغيل نقاط التفتيش ودوريات الاستطلاع ونقاط المراقبة على طول الحدود الدولية والخط (ب) وداخل المنطقة (ج). كما يتم التحقق الدوري من تنفيذ أحكام المرفق الأول مرتين في الشهر على الأقل ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. والمقصود بالخطوط مثل “ب” والمناطق مثل “ج” في بنود وملحقات المعاهدة الإشارة إلى توزيعات معينة ومحددة للاختصاصات والصلاحيات والمهام والمسئوليات الموكولة للأطراف في أرجاء شبه الجزيرة.
فضلاً عن عمليات تحقق إضافية تقوم بها القوة الدولية في غضون 48 ساعة. بعد تلقي طلب من أي من الطرفين. وأخيرًا ضمان حرية الملاحة في مضيق تيران. وهذا ما اعترضت عليه السعودية خلال تسلمها جزيرة تيران وصنافير. وتم سحب القوة الدولية إلى معسكر القوة الدولية الموجودة في شرم الشيخ بجنوب سيناء.
حجم الأموال التي صرفتها البلدان الثلاث سنويًا:
العام | مصر/ بالمليون دولار | الولايات المتحدة / بالمليون دولار | إسرائيل / بالمليون دولار |
2000 | 16.35 | 16.34 | 16.31 |
2001 | 16.32 | 16.34 | 16.31 |
2002 | 16.25 | 16.24 | 16.24 |
2003 | 16.35 | 16.35 | 16.35 |
2004 | 16.45 | 16.45 | 16.45 |
2005 | 16.47 | 16.47 | 16.47 |
2006 | 18.86 | 18.86 | 18.86 |
2007 | 20.99 | 20.99 | 20.99 |
2008 | 20.99 | 20.99 | 20.99 |
2009 | 21.73 | 21.73 | 21.73 |
2010 | 24.98 | 24.98 | 24.98 |
2011 | 25 | 25 | 25 |
2012 | 25 | 25 | 25 |
2013 | 25 | 25 | 25 |
2014 | 25 | 25 | 25 |
2015 | 25 | 25 | 25 |
2016 | 26 | 26 | 26 |
2017 | 26 | 26 | 26 |
2018 | 25 | 25 | 25 |
2019 | 25 | 25 | 25 |
2020 | 25 | 25 | 25 |
2021 | 25 | 25 | 25 |
ما هدف “القوة”؟
في سبتمبر/أيلول 2005 تولت القوة متعددة الجنسيات والمراقبون مسئولية إضافية تتمثل في مراقبة انتشار حرس الحدود على طول الجانب المصري من الحدود بين مصر وغزة في أقصى الجزء الشمالي من المنطقة (ج).
ويتوافق هذا مع الشروط التي اتفقت عليها مصر وإسرائيل بصيغتها المعدلة في 11 يوليو/تموز 2007 و30 إبريل/نيسان 2018. بما في ذلك العدد المُحدد وخصائص وموقع أفراد القوة الدولية.
في النهاية يُلخص الجنرال الأمريكي ستيفن بلوم الذي تولى قيادة القوة الدولية متعددة الجنسيات في سيناء مهمة القوة قائلا: “الهدف الدقيق للقوة متعددة الجنسيات هو تجنب أي تعزيز عسكري مصري على طول الحدود المصرية الإسرائيلية”.