تختلفة أهداف الحكومات من رفع أسعار السجائر والتبغ. فالدول المتقدمة تقلص به أعداد المدخنين بينما البلدان الفقيرة تضبط به المالية العامة وتواجه اختلالات الموازنة.
كانت حكومة منطقة الأقاليم الشمالية الغربية في كندا آخر المنضمين إلى طابور طويل من المناطق التي رفعت الضريبة على السجائر عالميا. وذلك بعدما رفعتها بنحو 13٪. بما يعادل أربعة سنتات إضافية كضرائب على كل سيجارة. بإجمالي 34.4 سنت على العلبة الواحدة.
سيدفع الناس 21 سنتًا إضافية كضريبة لكل جرام من التبغ السائب لمنطقة الأقاليم الشمالية الغربية بكندا أيضًا ليصبح المجموع 47.3 سنت كضريبة. وهذا يعني أن الضرائب على القصدير 200 جرام سترتفع من 54.40 دولار إلى 94.60 دولار.
المتحدث باسم وزارة المالية ماثيو مالون قال إن الهدف هو استخدام الضرائب المرتفعة كوسيلة لتغيير سلوك السكان وتثبيط تعاطي التبغ. كما أنه يساعد في وضع الأموال في خزائن الحكومة للبرامج والخدمات.
ودعت منظمة الصحة العالمية إلى تشجيع دول العالم لفرض مزيد من الضرائب على التبغ لـ”إنقاذ الأرواح”. وأن تكون الضرائب المفروضة على التبغ لا تقل عن 70% من أسعار التجزئة. بهدف أن يؤدي ذلك إلى زيادات كبيرة في أسعار السجائر ويدفع عديدًا من مستهلكي التبغ الحاليين إلى الإقلاع عن التدخين وردع الشباب الصغير عن تعاطي التبغ.
الفلبين وباكستان وجنوب أفريقيا.. ضرائب السجائر وسيلة لعلاج مشكلات اقتصادية
رفعت الفلبين أسعار السجائر قبل ثلاثة أيام بنسبة تتراوح بين 3 و15 روبية حسب فئات السجائر. مع زيادة ضريبة القيمة المضافة من 3 إلى 15٪ المعلنة في الميزانية المؤقتة هذا الأسبوع. بجانب فرض رسم الضمان الاجتماعي.
علاوة على ذلك تتوقع صناعة السجائر ارتفاعًا في رسوم المكوس (رسوم جبائية إضافية) في ميزانية 2023. والتي من المقرر تقديمها في نوفمبر/تشرين الثاني. وبالتالي من المتوقع حدوث زيادة أخرى في الأسعار.
كما فرضت الحكومة الباكستانية ضريبة إضافية جديدة بقيمة 36 مليار روبية باكستانية على السجائر. بجانب ضريبة بقيمة 2 مليار روبية على معالجة التبغ للحصول على 38 مليار روبية إضافية كضرائب.
بعد هذا التغيير من المرجح أن يرتفع سعر السجائر من العلامات التجارية من “المستوى 1” (ماركات فاخرة) بمقدار 20 روبية باكستانية إلى 30 روبية باكستانية. بينما بالنسبة للعلامات التجارية للمستوى 2 (ماركات أقل) قد يرتفع السعر بمقدار 10 روبيات لكل علبة.
وتشكل السجائر منخفضة الضرائب غالبية السوق في باكستان. فيما يبلغ متوسط حصة الضريبة الانتقائية نحو 45% من سعر التجزئة. وهو أقل بكثير من المعيار المقبول على نطاق واسع. وهو 70% من سعر التجزئة الذي تطالب به منظمة الصحة العالمية.
في جنوب أفريقيا أعلنت وزارة الخزانة الوطنية زيادة الرسوم الضريبية على الكحول ومنتجات التبغ بنسبة تتراوح بين 4.5٪ و6.5٪. لتكلف علبة السجائر الواحدة 1.03 راند إضافية. وصار الـ25 جرامًا من تبغ “الأنابيب تكلف 37 سنتًا إضافيًا. بينما السيجار “23 جرامًا” سيكون أغلى بـ6.77 راند.
كما تدرس الحكومة فرض ضريبة جديدة على منتجات السجائر الإلكترونية لا تقل عن 2.90 راند لكل ملليلتر اعتبارًا من 1 يناير/كانون الثاني 2023.
أمريكا.. ارتفاع النفط يقلص التدخين
في الولايات المتحدة توجد توقعات بأن يؤدي ارتفاع أسعار النفط لتراجع معدلات التدخين بحسب المحلل في بنك باركليز جوراف جاين. والذي يقول إن أي زيادة في أسعار النفط 1٪ تؤدي إلى انخفاض استهلاك السجائر الأمريكية بنسبة 0.1٪.
يقول “جاين” إنه حينما يوفر المستهلكون المزيد من المال في محطة الوقود يشترون سجائر أكثر. وهذا ما أثبتته الفترات السابقة ومع ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يحدث العكس.
يتابع مدخنو السجائر بالفعل ارتفاع الأسعار. حيث تسعى شركات التبغ لحماية هوامش ربحها من التضخم. في حين أن الرؤساء التنفيذيين لشركات السلع المعبأة الاستهلاكية يقولون إنهم لم يروا المستهلكين يختارون بدائل أرخص أو يتخلون عن الشراء تمامًا. فالفئات ذات الدخل المنخفض تشهد تراجعًا في تداول المستهلكين للتبغ ومشروبات الطاقة.
بالنسبة للعام المالي 2022 يتوقع محللو بنك باركليز انخفاض استهلاك السجائر الأمريكية بنسبة 5٪. وذلك مع ارتفاع الأسعار بنسبة 7٪. وعند البحث عن بدائل أرخص من المحتمل أن يلجأ بعض المستهلكين إلى بدائل التبغ الأخرى لإشباع الرغبة الشديدة في النيكوتين مثل السجائر الإلكترونية أو أكياس النيكوتين الفموية الحديثة.
بريطانيا تؤجل فرض ضرائب جديدة خوفًا على “الرعاية الاجتماعية”
في وقت الأزمات الاقتصادية قد تغير الحكومات تفكيرها حفاظًا على مستوى التضخم. مثلما فعلت بريطانيا التي منحت ضرائب الكحول والسجائر هدنة من الزيادات العام الحالي. مع مخاوف تتعلق لمدفوعات الرعاية الاجتماعية.
فرضت لندن زيادة 50 سنتًا على 20 علبة سجائر في كل من الميزانيات السبع الأخيرة. وذلك لمخاوف تتعلق بالصحة العامة. ولكن من غير المحتمل زيادة ضريبة الكحول بسبب العبء المرتفع بالفعل على المستهلكين.
في الأسبوع الماضي حددت خطة استراتيجية ضريبية خيار زيادة مدفوعات الرعاية الاجتماعية الأسبوعية بمقدار 15 يورو. والتي قد تكلف أكثر من 1.1 مليار يورو لكنها تواجه تحديات على مستوى التنفيذ. ما جعل بريطانيا تعيد التفكير في ضرائب الجمارك.
ازدواجية غريبة في علاقة الأسعار بالإقلاع عن التدخين
تشير الأبجديات إلى أن رفع أسعار السجائر يقلص التدخين. وهو توجه تتبناه منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي في مدونات خبرائه. وأكدته أيضًا دراسة حديثة لجامعة كوينزلاند بالتطبيق على أستراليا. ووجدت أن تكلفة السجائر أصبحت السبب الأول الذي يجعل الأستراليين الذين يدخنون يحاولون الإقلاع عن التدخين. وذلك بعدما ارتفعت ضرائب التبغ في البلاد بنسبة 25% عام 2010 و 12.5%سنويًا بين عامي 2013 و2020.
بحسب كورال جارتنر -أستاذ مشارك كلية الصحة العامة بجامعة كوينزلاند- فإن الأسعار قد تكون وازعًا لبعض الأشخاص الذين يخططون للإقلاع عن التدخين حين يواجهون دفع 40 دولارًا مقابل علبة سجائر.
نسبة 48% من الذين أقلعوا عن التدخين في أستراليا خلال 2019 كان دافعهم الرئيسي ارتفاع أسعار السجائر. مقارنة بنسبة 30% في عام 2007. بينما سببت التكلفة المرتفعة للسجائر في تغييرات أخرى في سلوكيات التدخين مثل تبديل ماركات التبغ أو التحول لسجائر أرخص.
منهج المصريين بعيد عن العالم
لكن في مصر تؤكد نتائج تشير إلى أن تلك القاعدة ليست صائبة دائمًا. رغم أن الحكومة اتجهت نحو رحلة صعود كبيرة لأسعار السجائر في مصر بداية من 2014. وذلك بصدور قانون 58 لسنة 2014 بفرض ضريبة 50% من سعر البيع للمستهلك بالإضافة إلى 175 قرشا لكل علبة لا يزيد سعر بيعها على 9 جنيهات.
وفي 2015 صدر قرار بقانون يقضي بزيادة قيمة الضريبة المفروضة على السجائر. فقفز سعر كليوباترا لـ9 جنيهات. وفي 2017 تم فرض تعديلات على القانون 58 لسنة 2017 تتضمن إضافة 3 جنيهات و50 قرشا لكل علبة سجائر لا يزيد سعرها على 18جنيها. و550 قرشا للعبوة التي يزيد سعر بيعها النهائي على 18جنيها. و650 قرشًا للعبوة التي يزيد سعر بيعها النهائي على 30 جنيهًا. بل ورفع ضريبة المعسل والنشوق والمدغة ودخان الشعر المخلوط وغير المخلوط المستورد إلى 175% بدلا من 150%.
وفي يناير 2018 تم إقرار زيادة بأسعار السجائر تخصص لتمويل التأمين الصحي الشامل بقيمة 75 قرشا على كل علبة.
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في آخر إحصائية له عام 2020 ذكر أن 18 مليون مصري مدخنون. بما يمثل 17.7% من المصريين (15 سنة فأكثر).
وتصل نسبة المدخنين بين الذكور إلى 35.6% مقابل 0.3% بين الإناث. وفي إحصائية الجهاز عن 2018 بلغت نسبة التدخين 17.3% من إجمالي السكان (15 سنة فأكثر) مدخنون. ما يمثل 11.1 مليون نسمة. ما يثير تساؤلات حول مدى تحقيق خفض التدخين عبر رفع الضرائب.
ويشير توجه المدخنين المصريين إلى انتقالهم من فئة أعلى إلى أقل مع كل ارتفاع في الأسعار. وهو الأمر الذي كان سببًا في تخارج شركة “بريتيش أمريكان توباكو” المنتجة للسجائر بالسوق المحلية وتصفية أعمالها داخل مصر. مع تراجع الإقبال على منتجاتها مرتفعة الثمن.
وتعتبر وزارة المالية التبغ من الوسائل الأساسية في الإيراد الضرييبي. إذ تستهدف تحقيق ضرائب على التبغ والسجائر بقيمة 86.4 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 20222/2023. مقابل 78.8 مليار جنيه العام السابق. ما يجعل التبغ ثاني أكبر مورد للإيرادات العامة المصرية بعد ضريبة المرتبات التي من المستهدف أن تسجل 107 مليارات جنيه العام الحالي.