دخلت أزمة عمال مصنع “بشاي للصلب”، المضربين عن العمل طلبًا لإعادة هيكلة أجورهم أسوة بالعاملين في الشركات المماثلة، مرحلة جديدة من التوتر، ليلة أمس الثلاثاء، بعد أن اندلعت اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن المركزي أمام مقر الشركة بمدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية شمالي العاصمة القاهرة.

العمال أكدوا -في استغاثات- أن قوات الأمن منعتهم من دخول مقرات عملهم خلال الوردية الليلية. وقد تجمهروا احتجاجًا أمام المصنع وزادت أعدادهم حتى وصلت إلى قرابة 2000 محتج. الأمر الذي تعاملت معه القوات بفض التجمهر، مستعينة بـ 5 من سيارات الأمن المركزي وسيارتي شرطة أحاطت مقر الشركة، وفق شهود عيان.

أكد العمال أيضًا أن 60 منهم تعرضوا لاعتداءات وطردوا بالقوة إلى خارج مقر الشركة. فيما ألقي القبض على آخرين، لم يتأكد “مصر 360” من حقيقة عددهم. بينما غطت أدخنة القنابل المسيلة للدموع المشهد المشتبك طوال ساعات الليل وحتى صباح اليوم الأربعاء.

أحد العمال – رفض ذكر اسمه- قال: هذه ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها الأمن محاولًا إنهاء احتجاجاتنا والضغط علينا. مشيرًا إلى استدعاء 6 من زملائه يوم 27 أغسطس/ آب الماضي إلى أحد مقرات الأمن في مدينة السادات للتحقيق، الذي بدأ في الساعة 6 مساءً وانتهى في الواحدة صباح اليوم التالي.

صورة أرسلها العمال لأحداث مصنع بشاي
صورة أرسلها العمال لأحداث مصنع بشاي

أزمة “بشاي”.. ما قبل الاشتباكات

مؤخرًا، التقى العمال لجنة من القوة العاملة والنقابة العامة للصناعات المعدنية ومكتب العمل بمدينة السادات. وانتهت المفاوضات وقتها إلى وعود بزيادة رواتب العمال بقيمة 1300 جنيه لكل عامل، مقابل أن يسمح العمال بخروج المنتجات من المصنع.

وقد وافق العمال على عرض اللجنة، مع إضافة مطلبين آخرين: بوليصة تأمين على الحياة ضد الوفاة والإصابات وتأمين صحي.  وتم استثناء زيادة المرتبات بنسبة 20% سنويًا، الذي تمسك به العمال من قبل كأحد المطالب الرئيسية ورفضته الإدارة.

صعّد العمال اعتصامهم قبل فترة بإغلاق جميع بوابات المصنع باستثناء ثلاث بوابات فقط تسمح بخروج إنتاج الأكسجين للمستشفيات.

وبموجب الاتفاق الأخير تم فك لحام البوابات والسماح بمرور الإنتاج إلى خارج المصنع، في انتظار تجاوب الإدارة مع ما تم الاتفاق عليه مع لجنة التفاوض. لكن الإدارة ماطلتهم ولم تبدي تجاوبًا حقيقًا مع الاتفاق الجديد.

في مقابل ذلك، صعّد العمال احتجاجهم مرة أخرى قبل ثلاثة أيام، وأوقفوا خطي إنتاج خط بالصهر والدرفلة.

“بشاي”.. أزمة عقد من الزمن

أزمة عمال “بشاي للصلب” بدأت منذ العام 2011 مع مطالبات بصرف مستحقات متأخرة للعمال، الذين طالبوا وقتها بزيادة رواتبهم من 500 إلى 1500 جينه. وهي مطالب واجهوا عدم الاستجابة لها بالإضرابات، حتى أن الأمر وصل إلى البرلمان حينها، ومنه إلى مكتب النائب العام حتى تمت الاستجابة للمطالب.

ومنذ ذلك الحين تتصاعد أزمات العمال والإدارة، التي اتسمت سياستها بـ”التقطير” في صرف الحوافز والأرباح. وفي العام 2017 ومع زيادة التوتر استدعت الإدارة الدكتور يوسف كمال بشاي، المتخصص في هندسة الميكانيكا، من لندن لإدارة المجموعة، والذي يصف العمال فترة إدارته بـ”الذهبية”.

اقرأ أيضًا: “بشاي للصلب”| عمالة تبكي “عصر يوسف”.. وإدارة تفتقد الثقة

إذ بدأ الدكتور يوسف بشاي إدارة المجموعة بالتفاوض مع العمال والاستماع إلى مطالبهم. وقد حاول إقناع الشركاء بأن المرتبات متدنية ولابد من تحسينها. لأنها لا تساوى ربع أجور العاملين في الشركات المناظرة.

وقد شملت إجراءات الإدارة -في عهد يوسف بشاي- تحسين ظروف وبيئة العمل وزيادة الحافز مع زيادات الإنتاج، واعتماد زي موحد للعمال عازل للحرارة. كما تعاقدت الشركة مع شركة تأمين خارجية للعلاج وتأسيس بوليصة تأمين ضد الحوادث والوفاة وإصابات العمل.

إلا أنه تحت وطأة الأزمة اضطر للرحيل عن الإدارة. وعادت الاضطرابات مجددًا في 2018 مع رفض الإدارة صرف أرباح العمال، الذين تقدموا بشكاوى في وزارة القوة العاملة.

يقول العمال إن شركاء يوسف حاربوا خطته للإصلاح، حتى اضطر الرجل للتخلي عن إدارة المجموعة والعودة إلى لندن ليتولى رفيق جميل.

مطالب العمال
مطالب العمال

ورقة مطالب واعتصام مستمر

في اعتصامهم الأخير الذي بدأ أواخر الشهر الماضي، قدم العمال ورقة مطالب حددوا بها شروطهم لفض الإضراب.

يقول العمال إن مطالبهم مشروعة وتقضي بمساواتهم بزملائهم في المصانع المناظرة “أركوستيل، والمصريين”، التي يتراوح أجر العامل فيها بين 7 – 15 ألف جنيه.

ويطالب العمال بصرف الأرباح بأثر رجعي، بداية من 2015 وحتى 2022. مع صرف حافز ثابت بما لا يقل عن 15% من إجمالي المرتب. وأيضًا صرف شهر كامل على المرتب في الأعياد والمناسبات وعند بداية المدارس. وكذلك صرف بدل طبيعة عمل.

وتشمل مطالبهم بوليصة تأمين على الحياة، مع صرف شهرين على شامل المرتب عند خروج العامل على المعاش. وأيضًا تجديد عقود من مضى عليه ثلاث سنوات في العمل تلقائيًا، وأن يعوض بأثر رجعي حال عدم تجديده العقد. بالإضافة إلى تعاقدات طبية شاملة، ووقف خصم اليوم الرابع من كل شهر من رصيد الإجازات.

ويواجه مدير المجموعة رفيق جميل حكمًا بالحبس ثلاث سنوات وغرامة 2000 جنيه. ذلك لرفضه تنفيذ حكم بالتعويض لعدد من العمال كانوا أعضاء باللجنة النقابية، تعرضوا للفصل التعسفي، وحكمت المحكمة بتعويضهم. بينهم المهندس أحمد فهيم (173 ألف جنيه)، ومحمد عبد الرازق دبش (280 ألفًا)، وآخرين تمتنع الشركة عن سداد تعويضاتهم.