كشف مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، اليوم الأربعاء، تفاصيل استهداف زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري. والذي قتلته طائرة أمريكية مسيرة بدون طيار عند الساعة 09:48 ليلا بتوقيت شرقي الولايات المتحدة. بتاريخ 30 يوليو/ تموز والذي يصادف الساعة 06:18 فجرا بتوقيت كابول وتاريخ 31 يوليو/ تموز.
وقال المصدر الذي ينتمي إلى وكالة الأمن القومي الأمريكي، في بيان حول الإحاطة الإعلامية التي قدمها البيت الأبيض بشأن نجاح عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة، والذي حصلت “مصر 360” على نسخة منه. إن الرئيس جو بايدن تلقى تحديثات بشأن تطور الهدف طوال شهري مايو/ أيار، ويونيو/حزيران. وأوضح أن المعلومات “كانت حساسة جدا، لذا أشركنا مجموعة مصغرة ومحددة من المسؤولين في الوكالات الرئيسية في العملية والمداولات في هذه المرحلة المبكرة”.
وأوضح البيان أن عدة أقسام من إدارات مكافحة الإرهاب “تعاونت بشكل وثيق للتخطيط لهذه العملية المعقدة وتنفيذها”. لافتا إلى أن الحكومة الأمريكية كانت على علم لعدة سنوات بوجود شبكة تدعم الظواهري، وكشفت هذا العام عن نقل عائلة الظواهري -زوجته وابنته وأولادها- إلى منزل آمن في كابول “ثم كشفنا عن تواجد الظواهري في مكان في كابول من خلال جمع معلومات استخباراتية من عدة مصادر”.
وأكد المصدر أن الفريق المكلف بالعملية تحقق أيضا من المنزل الآمن الذي تواجد فيه زعيم القاعدة الهارب “بغرض أن نجري بثقة عملية نقتل فيها الظواهري بدون تهديد سلامة المبنى الهيكلية ومع تقليل المخاطر على المدنيين، بما في ذلك عائلة الظواهري. قمنا بتشكيل فريق من المحللين المستقلين لمراجعة كافة البيانات ذات الصلة بهوية شاغلي المنزل الآمن، واستبعدنا بشكل منهجي كافة الخيارات المعقولة بخلاف الظواهري بعد مقارنة كافة المعلومات الاستخبارية بالمشكلة”.
اقرأ أيضا: القاعدة مقابل داعش.. الصراع الجهادي على السلطة في أفغانستان طالبان
تتبع الظواهري
كان الظواهري واحدا من الأعمدة الأساسية التي ارتكز عليها تنظيم القاعدة منذ تأسيسه في عام 1989. وكان نائبا لمؤسس التنظيم وزعيه التاريخي أسامة بن لادن عند وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول. وخلفه في يونيو/ حزيران عام 2011 بعد مقتله في خلال عملية أمريكية لمكافحة الإرهاب. قاد الظواهري التنظيم، وواصل إعطاء توجيهات استراتيجية للمجموعات التابعة له في مختلف أنحاء العالم. ودعا إلى شن هجمات ضد الولايات المتحدة والعالم الغربي.
أوضح البيان الأمريكي أنه “تعاونت أقسام عدة من إدارات مكافحة الإرهاب بشكل وثيق للتخطيط لهذه العملية المعقدة وتنفيذها كما هو الحال مع كافة العمليات المماثلة”. مؤكدا أن الحكومة الأمريكية كانت على علم لعدة سنوات بوجود شبكة تدعم الظواهري، وأن مجتمع الاستخبارات الأمريكي تابع، على مدار العام الماضي. مؤشرات على تواجد تنظيم القاعدة في أفغانستان.
وقال المسؤول الأمني: كشفنا هذا العام عن نقل عائلة الظواهري إلى منزل آمن في كابول، وأعني هنا زوجته وابنته وأولادها. ثم كشفنا عن تواجد الظواهري في مكان في كابول من خلال جمع معلومات استخباراتية من عدة مصادر. وزادت مع مرور الأشهر ثقتنا بأن الظواهري متواجد في مكان محدد في كابول وبلغتنا معلومات عن آخرين متواجدين في هذا الموضوع وعن أنشطتهم.
وأوضح: كانت عائلة الظواهري تمارس طرقا إرهابية قديمة. مصممة لمنع أي شخص من الوصول إلى الظواهري من خلالها.
وقد اطلع جون فاينر وليز شيروود-راندال من مجلس الأمن القومي الأمريكي، على هذه المعلومات الاستخباراتية في مطلع شهر أبريل/ نيسان. كما اطلع هذا الأخيران وجايك سوليفان، مستشار الأمن القومي، في وقت لاحق على المزيد من المعلومات الاستخباراتية. و”نقل سوليفان هذه المعلومات للرئيس بايدن بعد فترة قصيرة”.
مقارنة المعلومات الاستخبارية
أكد البيان أن شخصيات رفيعة المستوى في شبكة حقاني -التابعة لحركة طالبان- كانت على علم بتواجد الظواهري في كابول “ولم يغادر هذا الأخير المنزل الآمن منذ وصوله إليه على حد علمنا. وتعرفنا على الظواهري في عدة مناسبات، ولفترات طويلة من الوقت، وهو على الشرفة التي تعرض عليها للضربة في النهاية”.
وأضاف: تمكنا من رسم نمط حياة الظواهري من خلال مصادر معلومات متعددة ومستقلة لجمع معلومات للعملية. حققنا أيضا في بناء المنزل الآمن الذي تواجد فيه وطبيعته بغرض أن نجري بثقة عملية نقتل فيها الظواهري بدون تهديد سلامة المبنى الهيكلية ومع تقليل المخاطر على المدنيين، بما في ذلك عائلة الظواهري.
واصل الظواهري تصوير مقاطع فيديو بعد وصوله إلى المنزل الآمن، وبالنظر إلى كيفية إنتاج تنظيم القاعدة لمقاطع الفيديو. لذلك “يجب ألا نتفاجأ إذا كان الظواهري قد صور المزيد من المقاطع التي ستنشر بعد مقتله بتاريخ 30 يوليو /تموز”، وفق البيان.
وأوضح المصدر أنه تم تشكيل فريق من المحللين المستقلين لمراجعة كافة البيانات ذات الصلة بهوية شاغلي المنزل الآمن. وأنه -بشكل منهجي- تم استبعاد كافة الخيارات بخلاف قنص الظواهري، بعد مقارنة كافة المعلومات الاستخبارية بالمشكلة “ونتجت عن ذلك سلسلة من الإحاطات والاجتماعات عن كثب. لمراجعة المعلومات الاستخباراتية، وتقييم الخيارات الواضحة، بهدف عرضها على الرئيس”.
وأوضح أن المعلومات “كانت حساسة جدا. لذا، أشركنا مجموعة مصغرة ومحددة من المسؤولين في الوكالات الرئيسية في العملية والمداولات في هذه المرحلة المبكرة. وجب أن نتأكد من صلب معلوماتنا، ووضعنا لخيارات واضحة للرئيس، تأخذ في الاعتبار تداعيات توجيه ضربة مماثلة في وسط مدينة كابول. ووجب أن نتأكد أيضا من أساس العملية القانوني”.
اقرأ أيضا: التنظيمات الجهادية في غرب أفريقيا.. تنافس داعش والقاعدة على الإرهاب
الإعداد للضربة الجوية
مع زيادة مستوى ثقة الأمريكيين بأنهم حددوا مكان الظواهري، وأن باستطاعتهم توجيه ضربة محددة وموجهة. عقد الرئيس جو بايدن عدة اجتماعات مع مستشاريه الرئيسيين، وأعضاء مجلس الوزراء، على مدار الأسابيع القليلة الماضية. للتدقيق عن كثب في المعلومات الاستخباراتية، وتقييم أفضل مسار للتحرك واستهداف الظواهري.
قال البيان: “تلقى الرئيس تحديثات بشأن تطور الهدف طوال شهري مايو/ أيار، ويونيو/ حزيران. وفي 1 يوليو/ تموز، اطلع الرئيس على العملية المقترحة في غرفة العمليات في البيت الأبيض من أعضاء رئيسيين في حكومته. بمن فيهم مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، وخبراء في مجال مكافحة الإرهاب، ومديرة المخابرات الوطنية أفريل هينز. ومديرة المركز الوطني لمكافحة الإرهاب كريستين أبي زيد، بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي سوليفان، والنائب الرئيسي لمستشار الأمن القومي، فاينر ومستشار الأمن الداخلي شيروود راندال.
خلال الاجتماع، تفحص بايدن عن كثب نموذج منزل الظواهري “الذي بنته مختلف أقسام المعلومات الاستخبارية الأمريكية. وأحضرته إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض لإيجاز الرئيس حول هذه المسألة. وطلب تفسيرات بشأن الإضاءة والطقس، ومواد البناء، والعوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على نجاح هذه العملية”.
طلب بايدن المزيد من المعلومات حول خطط المبنى والآثار المحتملة للضربة. وأعطى توجيهات لمجتمع الاستخبارات، لإعداد سلسلة من تحليلات التأثير. حتى يتمكن الرئيس من فهم الموضوع بشكل كامل ولنكون مستعدين لإدارة تداعيات الضربة في المنطقة وخارجها.
وقال المسؤول الأمني: ضغط علينا الرئيس أيضا للنظر في كيفية تخفيف المخاطر على الأهداف الأخرى. بما في الجهود المستمرة لنقل شركائنا الأفغان إلى خارج أفغانستان، والوصول عن طريق الجو إلى أفغانستان لاحتياجات مكافحة الإرهاب في المستقبل.
قنص الظواهري
على مدار شهري يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز. اجتمع مدراء الأجهزة الأمنية الأمريكية ونوابهم عدة مرات في غرفة العمليات في البيت الأبيض. وذلك “لاختبار الصورة التي رسمها المجتمع الاستخباراتي، والتأكد من أننا مستعدين لمختلف الخيارات بشكل كاف. وذلك مع التفكير في كيفية التخفيف من أي مخاطر، أو تكاليف ذات صلة، في حال المضي قدما بالضربة”.
أيضا، قامت دائرة ضيقة جدا من كبار المحامين المشتركين بين الوكالات بفحص التقارير الاستخباراتية، وأكدت الأساس القانوني للعملية. كما أكدت أن الظواهري “كان هدفا قانونيا، بالنظر إلى دوره القيادي المستمر في تنظيم القاعدة. ومشاركته في هجمات التنظيم، ودعمه العملياتي له.”.
وفي 25 يوليو/ تموز، دعا الرئيس جو بايدن أعضاء مجلس الوزراء الرئيسيين والمستشارين. لتلقي إيجاز نهائي ومحدث حول التقييم الاستخباراتي “والذي ما انفك يتعزز يوما بعد يوم”، وفق تعبير المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته. وأوضح أن بايدن “تلقى تقريرا تشغيليا محدثا ومفصلا بشكل دقيق. وسأل مرة أخرى عن أي خيارات قد تقلل الخسائر في صفوف المدنيين أو الخسائر الجانبية. وأراد أن يفهم المزيد عن تصميم الغرف خلف الباب والنوافذ في الطابق الثالث من المبنى”.
أيضا أجرى بايدن مناقشة مستفيضة حول التأثير المحتمل على العلاقة مع حركة طالبان وسلوكها بشكل عام، بما في ذلك جهود مواصلة نقل الأفغان والأقليات الخاصة وأفراد الأسر من المواطنين الأمريكيين إلى خارج البلاد. وتأثير العملية على قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى أفغانستان لأداء مهام مكافحة الإرهاب المستقبلية. وعلى المصالح الأمريكية الأخرى في المنطقة وخارجها.
وفي ختام ذلك الاجتماع، طلب بايدن الاستماع إلى رأي كل مشارك، وأوصى الجميع بشدة بالموافقة على هذا الهدف. هنا “سمح الرئيس بشن غارة جوية دقيقة ومحددة. بشرط أن تقلل الضربة إلى أقصى حد ممكن من خطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين. ويعني هذا التفويض أن الحكومة الأمريكية تستطيع شن غارة جوية بمجرد أن تتاح لها الفرصة”.
تم توجيه الضربة في نهاية المطاف عند الساعة 09:48 ليلا بتوقيت شرقي الولايات المتحدة يوم 30 تموز/يوليو بواسطة طائرة بدون طيار أطلقت صاروخان من طراز هيلفاير على أيمن الظواهري وتسببت بمقتله.
اقرأ أيضا: بلاد المغرب.. مخاوف من عودة نفوذ “القاعدة” بعد انحسار “داعش”
التأكد من الهوية
في ختام تصريحه، أكد مسؤول الأمن القومي الأمريكي أن من تم استهدافه هو زعيم تنظيم القاعدة “نحن واثقون من خلال مصادرنا الاستخبارية وأساليبنا -بما في ذلك تيارات استخباراتية متعددة- أننا قتلنا الظواهري وليس أي شخص آخر”. موضحا أن أفراد عائلة الظواهري كانوا متواجدين في أجزاء أخرى من المنزل الآمن عند توجيه الضربة. ولم يتم استهدافهم عمدا ولم يصابوا بأذى.
وفي أعقاب الغارة، راجع فريق مستقل آخر المقتنيات للتأكد من هوية من قتل في المنزل الآمن. وخلصت النتائج التي توصلوا إليها وبثقة كبيرة إلى أن الظواهري هو الوحيد الذي قتل في الضربة “نعرف أن أعضاء شبكة حقاني -التابعة لطالبان- قد اتخذوا إجراءات بعد الضربة لإخفاء تواجد الظواهري في الموقع في وقت سابق. ولقد حددنا جهودا متضافرة لتقييد الوصول إلى المنزل الآمن والمنطقة المحيطة لساعات بعد الضربة”.
ولفت إلى أن “المنزل الآمن الذي استخدمه الظواهري فارغ الآن. وقد تحرك أعضاء شبكة حقاني بسرعة لنقل زوجة الظواهري، وابنته وأطفالها، إلى مكان آخر. بما يتفق مع جهد أوسع للتستر على أنهم كانوا يعيشون في منزل آمن.