جدل دائم تشهده مواقع التواصل الاجتماعي، في هذا التوقيت من كل عام، تحت عنوان “خناقة البكيني والبوركيني”، فتشهد مواقع التواصل الاجتماعي آراء تدافع عن حرية الملبس، وحرية ارتداء المحجبات ما يناسبهن، وحقهن أيضا في نزول البحر وحمام السباحة، لتقابلها دعوات برفض ما يطلق عليه “المايوه الشرعي”، أو “البوركيني”، لما يحمله من مظهر غير حضاري.
وفي تعريف قاموس كامبريدج للمصطلح، ذُكر أن البوركيني هو عبارة عن ملابس مخصصة للسباحة خاصة بالمرأة، ويتكون من قطعة أو أكثر ويغطي كامل الجسم ماعدا الوجه، اليدين، والقدمين، والمرادف لمعنى الكلمة هو ملابس سباحة أو ملابس رياضية.
انتشر مؤخرا مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قيل أنه تم تصويره بأحد القرى السياحية بالساحل الشمالي، تظهر خلاله سيدة تطلب من سيدة آخرى الخروج من حمام السباحة، لأنها ترتدي ما يطلق عليه الزي الشرعي، وهو مخالف بحسب قولها للتعليمات، وقبله أثيرت قضية زوجة اللاعب عماد متعب، يارا نعوم، والتي تردد أنها طلبت من خادمة الخروج من المياه، وطالتها اتهامات بالعنصرية، ليوضح زوجها في تصريحات صحفية، أن الاعتراض كان على الملابس غير المناسبة لنزول المياه، وليس الخادمة كما تردد.
الجدل شارك به العديد من الإعلاميين والأسماء المعروفة، منهم المذيعة رضوى الشربيني، التي دافعت عن حق المرأة المحجبة، وأيضا غير المحجبة في اختيار الملبس المناسب لها، وكتبت في تدوينة لها: “زي ما الست اللي مش محجبة حرة، الست المحجبة كمان حرة”.
شروط “لبس البحر”
وضع شروط للباس البحر، أمر جديد في الفنادق والمنتجعات، ففي الماضي كان الأمر أكثر سهولة ويسر، ولكن حديثا وضعت شروط لملابس السباحة للمحجبات وغير المحجبات، فلا يمكن نزول المياه، ويقصد بها هنا حمام السباحة بملابس عادية، ويجب الالتزام بملابس مخصصة للبحر “مايوه”، لأن خامته لا تتفاعل مع الكلور بعكس الخامات الآخرى، مثل القطن مثلا، والتي قد تسبب مشاكل للنزلاء الآخرين.
وعند اللجوء لما يطلق عليه “المايوه الشرعي”، يجب أن يكون من نفس خامة المايوهات العادية المتعارف عليها، كما لا يمكن نزول حمام السباحة، بملابس ثقيلة مثل البنطال أو الجلابية مثلا، أو الجينز، ويحق للفندق تخصيص حمام سباحة منفصل للمحجبات إن أراد، وعلى النزلاء الالتزام بذلك.
“البوركيني”، أو ما يطلق عليه داخل مصر والمجتمعات العربية “المايوه الشرعي”، ليس وليدا لتلك المجتمعات، ولكنه في الأصل ظهر في الدول الغربية، ويطلق عليه “راش جارد”، وهو مصمم لمن يخافون من تغير لون الجلد من أشعة الشمس أو أضرار الكلور، كما أنه يمكن للسيدات اللاتي يرغبن في إخفاء ما يطلق عليه “عيوب الجسد” استخدامه لنزول المياه بحرية.
المايوه الشرعي خارج المجتمعات العربية
وفي صورة متداولة، لكيم كارديشيان، بصحبة والدتها، ظهرتا خلالها وهما يرتديان ملابس بحر، تشبه “البوركيني”، وأيضا ارتدته النجمة العالمية جينفير لوبيز، وفي عام 2004 نشرت صحيفة الجارديان مقالا كتبته الأسترالية اللبنانية الأصل عايدة مسعود زناتي، صاحبة فكرة هذا النوع من ملابس البحر، وقالت إن القصة بدأت حين واجهت ابنة شقيقتها بعض المشاكل في الانخراط ضمن فريق كرة الشبكة في مدرستها، وكان على شقيقتها الكفاح لاحقاً من أجل انتزاع هذا الحق لابنتها المحجبة، وقبلت الفتاة ضمن الفريق الرياضي وذهبت العائلة لتشجيعها، ولكن “عايدة” لم تشعر بالارتياح حين رأت ابنة أختها بلباس غير مناسب للرياضة وتتصبب عرقاً، فخطرت الفكرة ببالها، وتساءلت حين عادت إلى منزلها لم لا تصنع لباساً يناسب النساء المحجبات أكثر لاسيما في الأنشطة الرياضية.
“عايدة” لم تكن تتخيل أن ينال هذا الزي القدر الكبير من الانتشار بمختلف أنحاء العالم، وكانت تتخيل أنه سيكون زيا رياضيا فقط، لكنه تحول لنوع شهير من الملابس يمكن الاعتماد عليها في البحر، للمحجبات وغير المحجبات أيضا.
منة محمد سيدة تبلغ من العمر 33 عاما، تقول: “أنا محجبة ومن حقي أنزل الميه زي غيري، وزي منا مبرفضش إن غيري يلبي بكيني أو مايوه مفتوح من حقي كمان إنهم يقبلوني ويدوني حريتي في اختيار اللي يناسبني”، هكذا عبرت السيدة عن حقها في اختيار الملبس المناسب لها، ووافقتها في الرأي سحر عبد الله 38 عاما: “اللي بيقولوا إن البوركيني بيئة ومش حلو يشوفوا البابليك فيجر في العالم كله وهما بيلبسوه”.
حرية شخصية
عدد كبير من السيدات محجبات وغير محجبات يرين أن اختيار الملبس حرية شخصية للمرأة، مع الالتزام بضوابط الخامة المخصصة للمياة، ولكن الشكل فهو يعود للسيدة نفسها، وعلى الجانب الآخر، ترى سيدات أنه يمكن تخصيص مكان للمججبات، كما ترى إيناس عرفة، البالغة من العمر 34 عاما: “هو طبعا من حقهم يلبسوا اللي هما عاوزينه، بس كمان ممكن يبقى مخصص لهم جزء مقفول عليهم ياخدوا فيه حريتهم أكتر واحنا كمان نكون براحتنا”.
على غنيم، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، قال إنه لا يوجد مانع من نزول السيدات المحجبات بالمايوه المخصص لهن المياه، بشرط ألا تكون خامته قطن، وتكون خامته من الخامة المتعارف عليها للمايوهات، كما أنه تم توزيع بيان على كافة الفنادق والمنتجعات السياحية للسماح بنزول المحجبات حمامات السباحة عند الالتزام بالخامة المخصصة للملابس.
وأضاف عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية أن هناك إجراء حازم لأي شخص يعترض على هذا القرار، وتقديم شكوى لغرفة الفنادق، والتي من شانها أخذ إجراء وقائي قوي جدا مع وزارة السياحة.
العلامات التجارية تشارك
خلاف البوركيني والبكيني، شهدته شواطئ مدينة جرونوبل الفرنسيّة، العام الماضي، حين أعلن رئيس المدينة، إغلاق حمّامي سباحة تابعين للبلدية رغم أن موجة الحر التي كانت تجتاح البلاد في هذا التوقيت، وذلك بعد خلاف حول ارتداء نساء للبوركيني، وذكرت البلدية في بيان لها، أن رجال الإنقاذ طلبوا إغلاق حمامي السباحة لأنهم موجودون هناك للحفاظ على سلامة السابحين ولا يمكنهم فعل ذلك عندما يتعيّن عليهم القلق بشأن الحشود التي نتجت عن ارتداء نساء لملابس سباحة مثيرة للجدل، وفقا للبيان.
كما حدث الأمر نفسه في ألمانيا أيضا، ورفعت محكمة ألمانية الحظر الذي فُرضَ على البوركيني، بسبب منع ارتداء هذه الملابس في حمامات السباحة التابعة لمدينة كوبلنز الغربية، وقال المسؤولون إن ذلك الزي يجعل من المستحيل التحقق مما إذا كان مرتديها يعانون من جروح أو أمراض مفتوحة.
العلامات التجارية أيضا، شاركت في ما يطلق عليه “الترند”، وأطلقت علامة “نايك” التجارية العالمية للملابس، مجموعة من الملابس المخصصة للبحر للسيدات المحجبات، وقالت الشركة، إنها توفر ملابس سباحة تغطي كامل الجسم، وقمصان سباحة قصيرة، وسراويل للسباحة وحجاباً، مصنوعة كلها من قماش بنسيج متشابك وخفيف الوزن ويجف بسرعة.