قلق ومخاوف عدة تراود الأمهات، بعد إعلان وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، عن ملامح العام الدراسي الجديد، والمُقرر بدايته في 17 أكتوبر المقبل، على أن تكون كثافة الطلاب في الفصل الواحد 20 طالبًا، وتباينت ردود الأفعال حول موافقة الأهالي على ذهاب أطفالهم إلى المدارس من عدمه، خاصة للفئة التي شملهم قرار الحضور يوميًا.
حضور يومي للصغار
طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أعلن أن الوزارة تدرس توزيع الكثافة الطلابية في الفصول ليكون في كل فصل 20 طالبًا فقط، تطبيقًا لقرار رئيس الوزراء بالتباعد الاجتماعي، لافتًا إلى أنه من “كي جي 1” إلى الصف الثالث الابتدائي لابد لهم من الحضور يوميًا، لكونهم في حاجة إلى التعامل مع المدرس مباشرة، ولا يصح معهم التعليم عن بعد مع هذه السنوات.
وأوضح شوقي، أن الطلاب من الصف الرابع الابتدائي وحتى السادس الابتدائي، وكذلك طلاب الإعدادي والثانوي من الممكن التعامل معهم بأشكال تناسب فئتهم العمرية.
وتابع الوزير، أنه بالنسبة للمراحل العمرية الأكبر يمكن أن يذهبوا للمدرسة يومين في الأسبوع ويتم استكمال العملية التعليمية عبر الإنترنت، من خلال عدد من المواقع التابعة لوزارة التربية والتعليم.
سلوك الأطفال
“حمدية” أم لثلاث أبناء بمراحل تعليمية مختلفة، من بينهم طفلة تستعد لدخول “كي جي 1″، قدمت أوراقها لكنها لا تعتزم حضورها خوفًا من عدوى فيروس كورونا، فيما ستضطر لنزول طفلها بالصف الثالث الابتدائي يومين في الأسبوع فقط، ولن تدعه يذهب الأسبوع كاملًا كما قررت الوزارة.
تقول حمدية: “ابني في الصف الثالث الابتدائي ولن يحضر سوى يومين فقط في الأسبوع، حسب جدول الحصص من المواد الهامة، فالأيام التي بها حصص أنشطة كالرسم والألعاب والموسيقى ستكون مستبعدة”.
تعتزم الأم، إعطاء طفلها مناديل مبللة معقمة، فضلًا عن جيل اليدين فقط، معقبة: “من الصعب أن أعطي لأطفال في سن صغيرة كمامة ستكون خطرًا عليهم، ومن الممكن أن يتبادلها الأطفال مع بعضهم البعض، كما أن الكحول الرشاش من الممكن ان يأذيهم لأنه من المحتمل أن يرشوه على بعضهم البعض ويصيب أعينهم”.
تُشير الأم، إلى أن كثافة الفصول في التعليم الحكومي تصل إلى 88 في الفصل الواحد، متسائلة: “هل ستستطيع المدرسة أن تقسم الفصل الواحد إلى 4 فصول، وكيف سأضمن سلوكيات الأطفال؟”.
وتطالب “حمدية”، بزيادة عدد عاملات النظافة بالمدرسة وتطهير الحمامات، وتهوية الفصول وأن يزيد عدد المدرسات بالفصل لمراقبة الأطفال، وأن يتم منع تبادل الأدوات والأطعمة والمشروبات، متابعة: “سنرسل أطفالنا إلى المدارس داعين الله أن يحفظهم، لكن أي إجراءات مهما كانت مشددة فلن تجدي مع السن الصغير”.
تصريحات صادمة
تصريحات وزير التربية والتعليم، كانت صادمة بالنسبة لـ “نهى”، مؤكدة أن الوزارة لن تستطيع تطبيق قرار الوزير خاصة مع الأطفال في سن صغير، وهو ما تسبب في قرارها بعدم إرسال طفلها ذو الخمس سنوات إلى “كي جي 1” هذا العام، لتقول: “اعتقدنا أن أيام الدراسة للسن الصغير ستكون يومين فقط، ونوينا دفع مصاريف المدرسة الخاصة، وعدم ذهاب ابني إلا بعد استقرار الأوضاع بسبب كورونا، لكن بعد تلك المقترحات لن ندفع مصاريف الدراسة قبل شهر أكتوبر لمعرفة الوضع حينها”.
وعن الأخبار المتداولة حول موجة ثانية من كورونا في نوفمبر المقبل، تقول “نهى”: “كيف سنضحى بأطفالنا خاصة أن الدراسة معظمها في فصل الشتاء، وإصابة الأطفال بالبرد وارتفاع الحرارة أمر معتاد، كما أنه من الصعب السيطرة على الأطفال في هذا السن الصغير، إذ أن التعلم عن طريق الرسم والتلوين والأنشطة كتكوين الأشكال بالمكعبات والصلصال”.
تقف الأم في حيرة من أمرها بين دفع المصاريف، أو عدم دفعها في حالة موجة ثانية من الفيروس، خاصة أنهم لم يستردوا أي جزء من مصاريف الفصل الدراسي الثاني العام الماضي بسبب كورونا.
وتقول “وإذا لم ندفع مصاريف العام وتخلف طفلي عن صفه، هل ستقبل إدارة المدرسة إعادة التحاقه العام المقبل، أم سيتم شطبه من سجلاتها، ونبدأ معاناة جديدة في البحث عن مدرسة جديدة والالتحاق بها مثلما فعلنا في بداية التحاقه”، مطالبة وزارة التربية والتعليم، بإعادة التفكير في قرارتها النهائية.
تأجيل الالتحاق إلى العام المقبل
في المقابل قررت اسراء عدم التقديم لطفلها هذا العام للالتحاق بكي جي وان، بعد تصريحات وزير التعليم، قائلة “لا أريد أن يكون أول تجربة لأبني مع المدرسة مليئة بالخوف والرعب، والاحتياطات والتعليمات ومن ثم سيكره المدرسة، وكيف من الأساس السيطرة عليه بالمدرسة وسط 20طفل وأنا شخصيا لا أستطع السيطرة على تصرفاته داخل المنزل”.
تؤكد إسراء في تصريحاتها لـ”مصر 360″ أن مهما كانت الإجراءات والاحترازات، لن تكون مطمئنة ومرضية بالنسبة لها كأم، خاصة أن لا توجد شفافية بين المدرسة والأهالي، ولا يستطع أحد مراقبة جودة النظافة والتعقيم.
الأم الطبيبة أكثر طمأنينة
أما “رانيا”، وهي أم لثلاثة أطفال بالمرحلة الابتدائية، وبحكم عملها كطبيبة لا ينتابها حالة الهلع التي تُصيب باقي الأمهات، قائلة: “لا يوجد حتى الآن قرارات جازمة، والأمر غير محسوم، ومن الممكن أن تتغير الأوضاع خلال الشهرين المقبلين”.
العقبة التي أمام رانيا كأم هي كيفية توعية صغيرتها التي ستلتحق بـ”KG2 “، أما ابنها بالصف السادس الابتدائي وابنتها بالصف الرابع الابتدائي سيكون الأمر أقل حضورًا وأكثر وعيًا بالنسبة لهم.
تُرجح رانيا، أنه إذا ازداد الوضع سوءً وهاجمت مصر موجة ثانية من فيروس كورونا، لن يُعقد العام الدراسي، أما إذا استمر الوضع الحالي في الانخفاض فتنوي ذهاب أطفالها الثلاثة يومين فقط في الأسبوع، مع أخذ احتياطات التطهير والنظافة وارتداء “فيس تشيلد” لصعوبة ارتداء الكمامة للأطفال على مدار اليوم، فضلا عن تقليل عدد الحصص وعدد ساعات التلاميذ في المدرسة.
تحذيرات على مرضى المناعة والقلب والسكري في الأطفال
ويعلق رئيس قسم المناعة والحساسية بالمصل واللقاح أمجد حداد، قائلًا: “إصابة ووفيات الأطفال من فيروس كورونا وفقًا للإحصائيات العالمية والمحلية ضعيفة، ومن يصابوا هم الأطفال مرضى السكري ومواليد العيوب الخلقية في القلب، ومرضى الكلى، وضعف المناعة والحساسية والربو والالتهاب الرؤي”.
يضيف حداد، أنه من المفترض أن تحصر الدولة عدد الأطفال أصحاب الأمراض المذكورة، ويكون لهم إجراءات استثنائية كالإعفاء من الحضور، أو التواجد بفصول خاصة أكثر اجراءات احترازية.
وينصح حداد، في حالة عودة الدراسة بتقليل الكثافة في الفصول وتهويتها جيدًا، مع مراعاة التباعد بين المقاعد، وتقليل عدد ساعات اليوم الدراسي، فضلا غن نظافة الحمامات وتعقميها وتطهيرها، على أن تكون أوقات الراحة داخل الفصول وليس الحوش لتقليل احتكاك الطلاب ببعضهم البعض وإمكانية السيطرة على تحركاتهم.
الأطفال أقل إصابة بكورونا
يوافقه الرأي أخصائي طب الأطفال مصطفى عادل، من حيث انخفاض عدد الإصابة بكورونا لدى الأطفال مقارنة بالبالغين وكبار السن، مشيرًا إلى أن الأطفال يحملون عدوى الفيروس لأهاليهم دون أن يشعروا بذلك، ودون أن يظهر عليهم أعراض.
يصف عادل بالمشهد الصحي والتعليمي بالضبابي، خاصة في ظل عدم جزم بوجود موجة ثانية من الفيروس، خاصة أن أعداد الوفيات في تصاعد بدول الولايات المتحدة الأمريكية وأسبانيا بعض انخفاض المؤشرات.
ويعتبر الطبيب أن نمط سلوكيات الأطفال في المدارس يزيد من نسب المخاطرة في انتشار العدوى، خاصة أن نظام التعليم في مصر لا يعتمد على الأونلاين في كافة الصفوف التعليمية، مطالبا وزارة التربية والتعليم بحسم قرارتها بعد مراقبة مؤشر الإصابات خلال الشهرين المقبلين.
البرلمان وخطة التعليم بعد
من جهته، يقول النائب فايز بركات عضو لجنة التعليم بالبرلمان، إن اللجنة لم تتواصل مع وزارة التربية والتعليم بشأن شكل العام الدراسي الجديد، بسبب انشغال اللجنة بامتحانات الثانوية العامة، لافتًا إلى أنه سيعقد اجتماعات مشتركة الفترة القادمة لبحث الاقتراحات.
ويضيف بركات: “لو ظهر لقاح للفيروس ستكون الدراسة طبيعية في كافة الصفوف، أما إذا استمر الوضع كما هو الآن، فستلجأ الوزارة لتطبيق الفترات، لتوزيع الطلاب على عدد فصول أكبر، وتقليل الكثافة داخل الفصل الواحد”.
وعن حضور الأطفال الأقل من الصف الثالث الابتدائي يوميًا، يعلق النائب: “هذا السن مطلوب منه أن يتعود على السلوكيات والنظام المدرسي فقط، وغير مطلوب منه دوام كامل أو تعلم مناهج ثقيلة”.
ويؤكد النائب، أن لجنة التعليم بالبرلمان لم تتلق شكاوى حتى الآن من أولياء الأمور بشأن اقتراحات نظام التعليم للعام الدراسي المقبل، قائلًا: “الأهالي على ثقة بإدارة الدولة للأزمة، خاصة بعد امتحانات الثانوية العامة، وإدارة الامتحانات بشكل لائق يحافظ على صحة الطلاب”.